المحاضرة الأولى:
إحياء
الشعائر الحسينيّة
v
الهدف
الحثّ على تعظيم
كافّة أشكال الشعائر
الحسينيّة وبيان بعض
دلالات ذلك والآثار
الفرديّة لإحياء هذه
الذكرى.
v
تصدير الموضوع
﴿ذَلِكَ
وَمَن يُعَظِّمْ
شَعَائِرَ اللَّهِ
فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى
الْقُلُوبِ﴾1.
المقدّمة
يؤكّد القرآن الكريم أنّ
إحياء الشعائر وتعظيمها
ونشرها من أهمّ السبل
التي تؤدّي بالإنسان إلى
اكتساب الحصانة الثقافيّة
والروحيّة الكاملة في
مواجهة أعتى التحدّيات
الفرديّة والعامّة، وممّا
ينبغي الإلفات إليه أنّ
تعظيم الشعائر لا يعني
مجرّد إقامة هذه
المناسبات الدينيّة
بطريقة طقسيّة فارغة من
المحتوى، بل ضرورة
إحيائها بما يلامس الواقع
الذي نعيشه وضرورة ترجمة
مفاهيمها وتسييلها بحيث
تترك هذه الإحياءات أثرها
البالغ والتغيير الكبير
على الشخصيّة الإنسانيّة.
محاور الموضوع:
تعظيم الشعائر الحسينيّة:
والشعائر هي العلامات
التي يقوّي الإنسان
إيمانه بإقامتها ويرسّخ
تقواه بتعظيمها لمّا
تذكره وتدلّه إلى سبيل
رضوان الله تعالى.
والشعائر الحسينيّة من
أهمّ شعائر الله تعالى
التي ينبغي إحياءها
وتعظيمها، وبشكلٍ جماعيّ
فمثلها كمثل إقامة صلاة
الجماعة أو الإستسقاء أو
أداء مناسك الحجّ أو
غيرها من العبادات التي
تقام جماعةً.
أشكال تعظيم الشعائر
الحسينيّة
1- ذكر مصاب الحسين عليه
السلام: أو رواية السيرة
الحسينيّة فعن الإمام
الصادق عليه السلام: ما
من مؤمن ذَكَرَنا أو
ذُكرنا
عنده
يخرج من عينيه ماء ولو
مثل جناح البعوضة إلّا
بنى الله له بيتاً في
الجنّة وجعل ذلك الدمع
حجاباً بينه وبين
النّار2.
ومن أهمّ أهداف المنبر
الحسينيّ تعريف الناس
بالسيرة الحسينيّة
ومبادئها وأهدافها والقيم
التي حملتها والرسالة
التي أراد الحسين عليه
السلام إيصالها إلى كلّ
الناس وبيان حجم الجريمة
التي أقدم عليها النظام
الأمويّ آنذاك وطبيعة
الحكومات الجائرة
ومفاسدها وأخطارها على
الإنسانيّة.
2- البكاء: وقد أكّدت
الروايات على أهميّة
وضرورة البكاء والتباكي
على الحسين عليه السلام
وأصحابه وأهل بيته، فعن
الإمام الرضا عليه
السلام:... فعلى مثل
الحسين فليبكِ الباكون،
فإنّ البكاء عليه يحطّ
الذنوب العظام3 .
وعن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم: كلّ عينٍ
باكية يوم القيامة إلّا
عين بكت على مصاب الحسين
فإنّها ضاحكة مستبشرة4 .
3- لبس السواد: وهو ما
جرت عليه سيرة المحبّين
والموالين عند دخول شهر
محرّم الحرام, لما له
دلالة من إظهار الحزن على
الحسين وأصحابه، فينبغي
لبس السواد والإتّشاح به
وإبرازه
في المجالس وعدم لبس
ألوان الفرح والبهجة.
ففي المحاسن للبرقيّ
بسنده عن عمر بن عليّ بن
الحسين عليهما السلام,
قال: لمّا قتل الحسين بن
عليّ عليهما السلام لبسن
نساء بني هاشم السواد
والمسوح وكنّ لا يشتكين
من حرّ ولا برد, وكان
عليّ بن الحسين عليهما
السلام يعمل لهنّ الطعام
للمأتم5.
وفي مقتل أبي مخنف عندما
أخبر نعمان بن بشير بمقتل
الحسين عليه السلام لم
يبقَ في المدينة مخدّرة
إلّا وبرزت من خدرها
ولبسوا السواد وصاروا
يدعون بالويل والثبور6.
4- الحضور إلى مجالس سيّد
الشهداء عليه السلام: وهو
من أبرز أشكال تعظيم
الشعائر الحسينيّة وذلك
بضرورة الحضور والمشاركة
في إنجاح وتفعيل وتعظيم
هذه المجالس وعدم التراخي
أو التكاسل في حضورها، بل
من المهمّ اصطحاب أولادنا
وعيالنا إلى هذه المجالس
وتعويدهم على حضورها فإنّ
ذلك ممّا يندرج تحت عنوان
إحياء أمر أهل بيت
العصمة، هذا الإحياء الذي
طالما شدّد عليه الإمام
الصادق عليه السلام
بقوله: أحيوا أمرنا رحم
الله من أحيا أمرنا7.
بل
ومن الضروريّ جدّاً لا
سيّما على الأشخاص
المقتدرين مالياً
والميسورين المساهمة
الماديّة في إقامة هذه
المجالس وتعظيمها، لما
لذلك من آثار ثقافيّة
وروحيّة وتربويّة على
هؤلاء الأشخاص.
5- عدم إقامة مظاهر
الفرح: كإقامة مجالس
الزواج أو عقد الزواج أو
الخروج في رحلات ترفيهيّة
أو السفر للصيد واللهو أو
تمضية أوقات الفراغ
بمشاهدة بعض البرامج
العبثيّة والتي لا طائل
فيها أو حتّى إظهار الفرح
بالضحك والمزاح والسخرية
وما شابه.
وشدّدت الروايات على عدم
الاكتحال أو التزيّن أو
التطيّب أو لبس الثياب
البيضاء أو ما تدلّ على
الفرح أثناء العزاء
الحسينيّ.
خصوصاً وإنّ هذا الأمر قد
كان من سيرة أعداء أهل
البيت عليهم السلام, حيث
نقرأ في بعض زيارات
الإمام الحسين عليه
السلام: "أللهمّ إنّ هذا
يوم تبرّكت به بنو
أميّة..".
المحاضرة الثانية:
دور الشباب في بناء
الذات
v
الهدف
التركيز على الجوانب
الأساسيّة لبناء الذات لا
سيّما في مرحلة الشباب
وبيان أهميّة هذه المرحلة
بين مختلف الشرائح
العمريّة..
v
تصدير الموضوع
عن عليّ عليه السلام:
شيئان لا يعرف فضلهما
إلّا من فقدهما: الشباب،
والعافية.8
المقدّمة:
أولت الشريعة السمحاء
عناية خاصّة للفترة
العمريّة التي يمرّ بها
الإنسان في مرحلة الشباب
وخصّتها بمجموعة من
الأحاديث عالجت ميادين
مختلفة وإهتمامات متنوّعة
في العلم والعمل والتوبة
والآخرة والعبادة وغير
ذلك من الموضوعات التي
وجهت فيها هذه الشريعة
هذه الفئة المتوقّدة نحو
المسار الصحيح في محاولةً
لبناء شخصيّة الإنسان قي
بداياتها وتفادياً لخطر
الإنزلاق في متاهات
الضلالة والإبتعاد عن
الله في هذه المرحلة التي
تعتبر من أخطر وأهمّ
المراحل التي يمرّ بها أي
إنسان..
محاور الموضوع
تفسير الفتى
عن الإمام الصادق عليه
السلام - لرجل-: ما الفتى
عندكم؟ فقال له: الشاب،
فقال: لا، الفتى: المؤمن،
إنّ أصحاب الكهف كانوا
شيوخاً فسمّاهم الله عزَّ
وجلَّ فتية بإيمانهم9.
ففترة الشباب فترة عمريّة
يتحلّى صاحبها بهمّةٍ
عالية وإرادةٍ قويّة
وتحدٍّ للصعاب وقدرةٍ على
التغيير والمواجهة، ومع
أنّ أصحاب الكهف كانوا
شيوخاً ولكنّهم لتحلّيهم
بصفات الشباب أسماهم الله
تعالى فتيّة.
أهميّة فترة الشباب
وعن الإمام الصادق عليه
السلام: وصيّة ورقة بن
نوفل لخديجة بنت خويلد
إذا دخل عليها يقول لها:
اعلمي أنّ الشابّ الحسن
الخلق مفتاح للخير مغلاق
للشرّ، وأنّ الشابّ
الشحيح الخلق مغلاق للخير
مفتاح للشرّ.
10
هذه الأهميّة لتلك
الشريحة العمريّة دفعت
الإمام عليّ عليه السلام
ليؤكّد الاستفادة من
الشباب في عمليّة التغيير
ونشر الرسالة فقال عليه
السلام: إنّما قلب الحدث
كالأرض الخالية، ما ألقي
فيها من شيء إلّا قبلته.
11
أولويّات اهتمام الشباب
وهذه المرحلة من العمر
تكتسب أهميّتها إنْ أحسن
الشاب الإستفادة منها
وترتيب أولويّاته التي
ينبغي ألّا يضيّعها،
ولذلك ركّزت الروايات على
جملة عناوين أهمّها:
التعلّم
فطلب العلم في الصغر
يترسّخ في قلب الشاب ولا
يزول مع الأيّام والسنين،
فعن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم: من تعلّم
في شبابه كان بمنزلة
الرسم في الحجر، ومن
تعلّم وهو كبير كان
بمنزلة الكتاب على وجه
الماء.12
وعن الإمام عليّ عليه
السلام: العلم من الصغر
كالنقش في الحجر13.
أيّوب عليه السلام: إنّ
الله يزرع الحكمة في قلب
الصغير والكبير، فإذا جعل
الله العبد حكيماً في
الصبا لم يضع منزلته عند
الحكماء حداثة سنّه وهم
يرون عليه من الله نور
كرامته.14
وأمّا فضل طلب العلم حال
الشباب فقد رفع رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم
مقامه إلى مصاف الشهداء
فقال صلى الله عليه وآله
وسلم: من لم يطلب العلم
صغيراً فطلبه كبيراً
فمات، مات شهيدا15.
الشاب وترك التعلّم
عن الإمام الصادق عليه
السلام يبين فداحة الخطأ
الذي يرتكبه الشابّ بتركه
لطلب العلم فيقول عليه
السلام: لست أحبّ أن أرى
الشاب منكم إلّا غادياً
في حالين: إمّا عالماً أو
متعلّماً، فإن لم يفعل
فرّط، فإن فرّط ضيّع، فإن
ضيّع أثم، وإن أثم سكن
النّار والذي بعث محمّداً
بالحقّ.16
وعن الإمام الباقر عليه
السلام: لو أتيت بشابّ من
شباب الشيعة لا يتفقّه
[في الدين] لأدّبته.17
العبادة:
فالعبادة في فترة الشباب
لها دلالاتها الكبيرة
التي تجعلها مورد رضا
الله ومحبّته، بل وتجعلها
مورداً يباهي الله بها
ملائكته، فعن رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم:
إنّ الله تعالى يحبّ
الشابّ التائب18.
وعنه صلى الله عليه وآله
وسلم: ما من شيء أحبّ إلى
الله تعالى من شابّ تائب،
وما من شيء أبغض إلى الله
تعالى من شيخ مقيم على
معاصيه19.
وعنه صلى الله عليه وآله
وسلم: إنّ الله تعالى
يباهي بالشابّ العابد
الملائكة، يقول: انظروا
إلى عبدي! ترك شهوته من
أجلي20.
وفي فضل العبادة في فترة
الشباب ومقامها نقرأ عن
رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم: فضل الشابّ
العابد الذي تعبّد في
صباه على الشيخ الذي
تعبّد بعد ما كبرت سنّه
كفضل المرسلين على سائر
الناس21.
وعنه صلى الله عليه وآله
وسلم: سبعة في ظلّ عرش
الله عزَّ وجلَّ يوم لا
ظلَّ إلّا ظلّه:- وعدّ
منهم-: وشابّ نشأ في
عبادة الله عزَّ وجلَّ22.
ترك الدنيا والتوجّه
إلى طاعة الله
والمراد أن يتوجّه الشاب
إلى المسؤوليّات الجسام
والتكاليف الهامّة ليقوم
بها ويعمل على إنجازها،
فلا يركن إلى تمضية وقته
في
لهو الدنيا وفراغها وما
لا ينفعه في أمر دينه
وآخرته، فعن رسول الله
صلى الله عليه وآله وسلم:
ما من شابّ يدع لله
الدنيا ولهوها وأهرم
شبابه في طاعة الله إلّا
أعطاه الله أجر اثنين
وسبعين صدّيقا.23
عنه صلى الله عليه وآله
وسلم: إنّ أحبّ الخلائق
إلى الله عزَّ وجلَّ شابّ
حدث السنّ في صورة حسنة
جعل شبابه وجماله لله وفي
طاعته، ذلك الذي يباهي به
الرحمن ملائكته، يقول:
هذا عبدي حقّا.24
عنه عليه السلام: إنّ
الله يحبّ الشاب الذي
يفني شبابه في طاعة الله
تعالى.25
رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم: خير شبابكم من
تشبّه بكهولكم، وشرّ
كهولكم من تشبّه بشبابكم.26
العمل والإنتاجيّة
عن الإمام الصادق عليه
السلام - للأحول -: أتيت
البصرة؟ قال: نعم، قال:
كيف رأيت مسارعة الناس في
هذا الأمر ودخولهم فيه؟
فقال: والله إنّهم لقليل،
وقد فعلوا وإنّ ذلك
لقليل، فقال: عليك
بالأحداث، فإنّهم أسرع
إلى كلّ خير.27
وعليه فإنّ فئة الشباب هي
الفئة الأساس التي ينبغي
الرهان
عليها في فعل الخيرات،
وهي الفئة الفاعلة
والمنتجة والمعطاءة والتي
تقدّم وتضحّي، ومن أكبر
الأخطاء أن تكون فئة
الشباب من الفئات التي
تعيش عبئاً وكلّاً على
العمل وعلى المال العامّ,
فإنّ ذلك من شأنه أن
يشكّل خطراً على المجتمع
الإنساني برمّته, حيث
تصبح شهوات بعض الرجال
وغرائزهم سبباً في ابتلاء
الأمم ومحنة الشعوب,
فشهوة شابّ كزيد وآخر
كابن زياد وأمثالهما
حرّفت مسار التاريخ ومصير
الأمّة وأخذتهما باتجاه
آخر.
المحاضرة الثالثة:
أهميّة ثقافة الجماعة
v
الهدف
التأكيد على أن ما يدركه
المرء من حسنات الجماعة
وإيجابيّاتها ترقى بها
إلى حدٍّ جعلها من
الواجبات الدينيّة
الضروريّة.
v
تصدير الموضوع
عن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم:
ثلاث لا يغلّ عليهن قلب
امرئ مسلم: إخلاص العمل
لله والنصيحة لأئمّة
المسلمين واللزوم
لجماعتهم28.
المقدّمة:
لعلّ من أكبر البركات
التي منّ الله تعالى بها
على الأمّة نعمة الجماعة
وذلك لأنّ التحدّيات التي
تواجه المجتمع والمؤامرات
التي يحيكها أعداء الدين
ضدّ الأمّة لا يمكن
مواجهتها والتصدّي لها
بشكلٍ فردي مهما بلغت
الحصانة التي يتمتّع بها
أيّ فرد, بل من البديهيّ
تداعي سائر المؤمنين الى
لزوم جماعتهم والتعرّف
على مشاكلهم والإستماع
لبعضهم وطرح الحلول
الملائمة لا سيّما أمام
ما تتعرّض له أمّتنا
اليوم من غزو ثقافيّ
وإعلاميّ موجه يستهدف
إماتة الروح الإسلاميّة
في النفوس واستبدالها
بروح استهلاكيّة تابعة.
محاور الموضوع
الجماعة
فالجماعة لا تعني الكثرة
في مقابل القلّة، ولا
تعني القوّة في مقابل
الضعف, ولا تعني القدرة
في مقابل الوهن، فعن
الإمام عليّ عليه السلام-
وقد سئل عن تفسير السنّة
والبدعة والجماعة والفرقة
-: السنّة - والله - سنّة
محمّد صلى الله عليه وآله
وسلم، والبدعة ما فارقها،
والجماعة - والله -
مجامعة أهل الحقّ وإن
قلّوا، والفرقة مجامعة
أهل الباطل وإن كثروا29.
وعن الإمام الصادق عليه
السلام: سئل رسول الله
صلى الله عليه وآله
وسلمعن جماعة أمّته،
فقال: جماعة أمّتي أهل
الحقّ وإن قلّوا.30
وعن رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم- وقد سئل
ما جماعة أمّتك ؟ -: من
كان على الحقّ وإن كانوا
عشرة
31.
والشاهد الأكبر الذي نراه
في التاريخ ما جرى في
كربلاء حيث كان الحسين
وأصحابه يمثّلون الجماعة
وأهل الحقّ على قلّتهم
بينما احتشد عشرات الآلاف
على الباطل والضلالة.
بركات الجماعة
شدّد رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم على
أهميّة الجماعة وأوصى بها
محذّراً من أيّ لون من
ألوان التفرّق والتشتّت
فقال صلى الله عليه وآله
وسلم: أيّها الناس! عليكم
بالجماعة، وإيّاكم
والفرقة32.
يد الله مع الجماعة:
عنه صلى الله عليه وآله
وسلم: يد الله على
الجماعة، والشيطان مع من
خالف الجماعة يركض33.
وبنفس المعنى قوله صلى
الله عليه وآله وسلم: يد
الله على الجماعة، فإذا
اشتذّ الشاذ منهم اختطفه
الشيطان كما يختطف الذئب
الشاة الشاذة من الغنم34.
البقاء على الهدى:
عنه صلى الله عليه وآله
وسلم: من خرج من الجماعة
قيد شبر فقد خلع ربقة
الإسلام من عنقه35.
الجماعة رحمة: عنه
صلى الله عليه وآله وسلم:
الجماعة رحمة والفرقة
عذاب36.
الظهور على الآخرين: فعن
عليّ عليه
السلام:....فانظروا كيف
كانوا حيث كانت الإملاء
مجتمعة، والأهواء مؤتلفة،
والقلوب معتدلة، والأيدي
مترادفة، والسيوف
متناصرة، والبصائر نافذة،
والعزائم واحدة. ألم
يكونوا أرباباً في أقطار
الأرضين، وملوكاً على
رقاب العالمين37.
استجابة الدعاء: عن
الإمام الصادق عليه
السلام: إنّ الله يستحيي
من عبده إذا صلى في
جماعة، ثمّ سأل حاجته أن
ينصرف حتّى يقضيها38.
ما يناقض الجماعة
الفتن: عنه عليه
السلام- في التحذير من
الفتن -: لا تكونوا أنصاب
الفتن، وأعلام البدع،
والزموا ما عقد عليه حبل
الجماعة، وبنيت عليه
أركان الطاعة39.
التقاطع والجفاء:
فعن عليّ عليه السلام...
وعليكم بالتواصل
والتباذل، وإيّاكم
والتدابر والتقاطع. فإنّ
الله سبحانه قد امتنّ على
جماعة هذه الأمّة، فيما
عقد بينهم من حبل هذه
الألفة، التي ينتقلون في
ظلّها، ويأوون إلى كنفها.
بنعمة لا يعرف أحد من
المخلوقين لها قيمة،
لأنّها أرجح من كلّ ثمن،
وأجلّ من كلّ خطر40.
عدم الإحترام المتبادل:
عن عليّ عليه السلام:
ليردعكم الإسلام ووقاره
عن التباغي والتهاذي،
ولتجتمع كلمتكم، وألزموا
دين الله الذي لا يقبل من
أحد غيره، وكلمة الإخلاص
التي هي قوام الدين41.
التلوّن: عنه عليه
السلام: إيّاكم والتلوّن
في دين الله؛ فإنّ جماعة
فيما تكرهون من الحقّ خير
من فرقة فيما تحبّون من
الباطل، وإنّ الله سبحانه
لم يعط أحداً بفرقة
خيراً، ممّن مضى ولا ممّن
بقي.42
عنه عليه السلام: إنّ
الشيطان يسني لكم طرقه،
ويريد أن يحلّ دينكم عقدة
عقدة، ويعطيكم بالجماعة
الفرقة، وبالفرقة الفتنة،
فاصدفوا عن نزغاته
ونفثاته.43
الخلاف: عن عليّ عليه
السلام: وأيم الله، ما
اختلفت أمّة بعد نبيّها
إلّا ظهر باطلها على
حقّها، إلّا ما شاء الله.44
ويبيّن الإمام عليّ عليه
السلام مساوئ الخلاف
والفرقة قائلاً: فانظروا
إلى ما صاروا اليه في آخر
أمورهم، حين وقعت الفرقة،
وتشتّتت الألفة، واختلفت
الكلمة والأفئدة،
وتشعّبوا مختلفين،
وتفرّقوا متحازبين.
وإنّما أنتم إخوان على
دين الله، ما فرّق بينكم
إلّا خبث السرائر، وسوء
الضمائر، فلا توازرون ولا
تناصحون، ولا تباذلون ولا
توادّون... وما يمنع
أحدكم أن يستقبل أخاه بما
يخاف من عيبه، إلّا مخافة
أن يستقبله بمثله.45
عنه عليه السلام: وإنّي،
والله، لأظنّ أنّ هؤلاء
القوم سيدالون منكم
باجتماعهم على باطلهم،
وتفرّقكم عن حقّكم.46
وقد وقع هذا الأمر يوم
عاشوراء حيث اجتمعوا على
سيد الشهداء عليه السلام,
وقد خطب فيهم قائلاً:
"..وأراكم قد اجتمعتم على
أمر قد أسخطتم الله فيه
عليكم, وأعرض بوجهه
الكريم عنكم, وأحل بكم
نقمته, وجنبكم رحمته..".
|