الليلة الثالثة

 المحاضرة الأولى:  تجلّي الإيثار في كربلاء

v الهدف

بيان معنى ومقام هذه الفضيلة السامية بين الفضائل ودرجتها في الدنيا والآخرة وحثّ الناس على التحلّي بها.

v تصدير الموضوع
 
قال تعالى:

 ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّؤُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَِ1.


61


المقدّمة

تعتبر فضيلة الإيثار كما ورد في النصوص أعلى المكارم وشيمة الأبرار، وهي أحسن الإحسان وأعلى مراتب الإيمان وأعلى مراتب الكرم، وأفضل الشيم وسجيّة الأبرار، وشيمة الأخيار وأفضل عبادة وأجلّ سيادة وزينة الزهد, وأفضل السخاء بل وكفى بالإيثار مكرمة فهي غاية المكارم، وبه يسترقّ الأحرار وتملك الرقاب، ولذلك كان من أفضل الاختيار التحلّي بالإيثار وحمل النفوس عليه.

وورد عن عليّ عليه السلام: عامل سائر الناس بالإنصاف، وعامل المؤمنين بالإيثار2.

v محاور الموضوع


منزلة الإيثار

موسى عليه السلام: يا ربّ أرني درجات محمّد وأمّته، قال: يا موسى إنّك لن تطيق ذلك ولكن أريك منزلة من منازله جليلة عظيمة فضّلته بها عليك وعلى جميع خلقي...، فكشف له عن ملكوت السماء فنظر إلى منزلة كادت تتلف نفسه من أنوارها وقربها من الله عزَّ وجلَّ قال: يا ربّ, بماذا بلّغته إلى هذه الكرامة؟!


62


 قال: بخلق اختصصته به من بينهم وهو الإيثار. يا موسى، لا يأتيني أحد منهم قد عمل به وقتاً من عمر إلّا استحييت من محاسبته وبوّأته من جنّتي حيث يشاء3.

وروى أبو الطفيل: اشترى عليّ عليه السلامثوباً فأعجبه فتصدّق به، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلميقول: من آثر على نفسه آثره الله يوم القيامة الجنّة4.

الإمام الباقر عليه السلام: لله عزَّ وجلَّ جنّة لا يدخلها إلّا ثلاثة - إلى قوله:- ورجل آثر أخاه المؤمن في الله عزَّ وجلّ5.

فضل المؤثرين

صفة أهل الكمال: الإمام الصادق عليه السلام- في وصف الكاملين من المؤمنين -: هم البررة بالإخوان في حال العسر واليسر، المؤثرون على أنفسهم في حال العسر كذلك وصفهم الله فقال:
﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ َِ.6

أفضل الناس: الإمام عليّ عليه السلام: من آثر على نفسه استحقّ اسم الفضيلة.7


63


منتهى المروءة: عنه عليه السلام: من آثر على نفسه بالغ في المروة.8

وقد مدح الله عزَّ وجلَّ صاحب القليل، فقد روى أبو بصير عن أحدهما عليه السلام قلت له: أيّ الصدقة أفضل؟ قال: جهد المقلّ، أما سمعت قول الله عزَّ وجلّ:
﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنفُسِهِمْ َِ ترى هاهنا فضلاً؟. 9

عنه عليه السلام: ليس البرّ بالكثرة وذلك أنّ الله عزَّ وجلَّ يقول في كتابه:
﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى...َِ ومن عرفه الله عزَّ وجلَّ بذلك أحبّه الله. 10

أهدي لرجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رأس شاة فقال: إنّ أخي فلاناً وعياله أحوج إلى هذا منّا، فبعث به إليهم فلم يزل يبعث به واحداً إلى آخر حتّى تداولها أهل سبعة أبيات حتّى رجعت إلى الأوّل فنزلت
﴿وَيُؤْثِرُونَ ... 11

وروت عائشة: ما شبع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثلاثة أيّام متوالية حتّى فارق الدنيا، ولو شاء لشبع ولكنّه كان يؤثر على نفسه. 12


64


إيثار عليّ

بات عليّ بن أبي طالب عليه السلامعلى فراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأوحى الله إلى جبرئيل وميكائيل: إنّي آخيت بينكما وجعلت عمر الواحد منكما أطول من عمر الآخر، فأيّكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كلاهما الحياة. فأوحى الله عزَّ وجلَّ إليهما: أفلا كنتما مثل عليّ ابن أبي طالب، آخيت بينه وبين محمّد فبات على فراشه يفديه بنفسه فيؤثره بالحياة... فأنزل الله تعالى:
﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ.13

الإيثار في كربلاء

عند الإيثار على النفس تتبيّن جواهر الكرماء ومعادن الناس وحقائق النفوس، وهذا ما تجلّى بأبهى صوره في كربلاء.

ويمكن استخلاص بعض مشاهد الإيثار:

إيثار الأصحاب والآل للحسين عليه السلام: وذلك بتقدّمهم للشهادة بين يديه وإيثاره بالبقاء حيّاً ولو لوقت قصير، هذا الإيثار الذي كان خلاصة عشقهم للحسين عليه السلام والذي لم يقووا معه أن يروا الحسين شهيداً قبلهم.


65


إيثار الأصحاب للآل: ففي الرواية أنّ الآل كانوا ينافسون الأصحاب للتقدّم والأصحاب يمنعونهم حتّى يقدموا قبلهم واستشهدوا بأجمعهم.

إيثار العبّاس: وهو من أروع مشاهد الإيثار وهو يرمي الماء من يديه مؤثراً عطش الحسين على عطشه، فحمل إليه الماء قبل أن يشربه.


66


المحاضرة الثانية: الاختلاط المحرّم

v الهدف

التنبيه إلى كون الإختلاط من أكبر المفاسد الاجتماعيّة التي ينبغي محاربتها والحذر منها في مجتمعاتنا وبيوتنا.

v تصدير الموضوع

"لا يخلو بامرأة رجل، فما من رجل خلا بامرأة إلّا كان الشيطان ثالثهما".14


67


المقدّمة:

من الأمور الهامّة التي نبّهت عليها الشريعة في إطار تنظيم العلاقة بين الرجل بالمرأة خارج دائرة الزوجيّة والمحارم، أنها دعت إلى تجنّب الاختلاط المحرّم الذي اعتبرته أرضاً خصبة للوقوع في الكثير من الانحرافات السلوكيّة التي قد يجد فيها الإنسان نفسه في لحظة ما قد فقد كلّ الدفاعات النفسيّة التي تقف في وجه وسوسات الشيطان والهوى والنفس الأمّارة بالسوء ليصبح صريعاً تحت سلطة إبليس.

فأرادت لهذه العلاقة أن تبقى في سموّها الإنسانيّ والإيمانيّ محذّرة من الوقوع في انحدارات الشهوة السلبيّة التي لا تشكّل خطراً على الفرد فحسب بل تدمّر مجتمعاً ودولاً، وهذا ما نشهده في الكثير من بقاع الأرض اليوم.

v محاور الموضوع

مفاسد الاختلاط المحرّم وآثاره

وأكّدت الروايات الشريفة الحنيفة على مراعاة جملة أمور في أيّ مجلس اختلاط حرصاً من الوقوع في الخطأ، بل ويمكن القول أنّ كثيراً من العلاقات المحرّمة والتي قد تصل إلى حدّ الزنا أحياناً واللقاءات المحرّمة والخلوات المحرّمة وما يترتّب عليها


68


 من مفاسد اجتماعيّة تبدأ من الإختلاط المحرّم الذي ينبغي أن ينأى الإنسان بنفسه به حرصاً على نفسه وأهله وعياله.

عدم النظر

قال تعالى:
﴿قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ15. وغضّ البصر خفضه وهو يتحقّق من خلال عدم التحديق والإمعان. وعن الإمام الصادق عليه السلام:

"النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة". 16

وعندما تحذّر النصوص من النظر معنى ذلك أنّه من غير الممكن للإنسان أن يمعن النظر في الطرف الآخر المحرّم دون أن يدخله شكّ أو ريبة أو تلذّذ أو سوى ذلك ممّا يشكّل مقدّمة للحرام لأنّه سيصبح حالةً طبيعيّة واعتياديّة يغفل المرء عن سلبيّاتها وأخطارها.

عدم الخضوع في القول

قـال تعـالى:
﴿ يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا ِ17.


69


ومعنى الخضوع في القول أن تقدّم المرأة نفسها بطريقة مثيرة من خلال ترقيق القول وتلحين الكلام وتحسين الصوت وإبراز الأنا المصطنعة والظهور بمظهر الجمال والكمال المزيّف وكلّ ما من شأنه أن يحرف من في قلبه مرض من الرجال نحو الفساد والرذيلة.

التزيّن والتبرّج في المجالس

فإنّ الاختلاط بين الرجل والمرأة إذا رافقه تزيّن أو تطيّب أو لبس ألبسة ملفتة فإنّه من الطبيعي أن يدخل الشيطان إلى هذه المجالس ليجرّ أصحابها إلى النظر الحرام والقول الحرام ومن الممكن إلى الفعل الحرام كذلك.

الخوض في الأحاديث اللهويّة

والمراد أنّ طبيعة الحديث بين الرجل والمرأة غير المحارم إذا تمّ ينبغي الاقتصار فيه على حدّ الضرورة وعدم الدخول في أحاديث جانبيّة وحوارات مصطنعة ونقاشات لا تهدف إلّا لتقوية العلاقة بين الطرفين، ومع الأسف أن يعتبر البعض أنّ هذا المظهر من المظاهر الحضاريّة والتي تزيد من هامش الحرّيّة الفرديّة لدى الإنسان مع أنّ الإسلام اعتبره من أكبر المفاسد الاجتماعيّة وأبعدها عن الرقيّ والحضارة, وإنّ كثيراً ممّا هو شائع اليوم من محادثات على صفحات الإنترنت ومواقع التعارف


70


والأحاديث الخاصّة يندرج في هذا الإطار وتفتح الباب واسعاً أمام العلاقات المشبوهة والمحرّمة.

اجتناب المزاح

فإنّ كثرة المزاح تفتح الطريق للانزلاق في مسائل خاصّة والدخول في تفاصيل قد تؤدّي إلى محرّمات، فقد ورد عن أبي بصير أنّه قال: "كنت أقرئ امرأة كنت أعلّمها القرآن فمازحتها بشيء، فقدمت على أبي جعفر عليه السلام فقال لي: أيّ شيء قلت للمرأة؟ فغطّيت وجهي، فقال: لا تعودنّ إليها"18.

إنّ مراعاة ما ذكرناه من أمور كفيل بالحفاظ على المرأة ومكانتها وصونها عن الامتهان والمذلّة التي قد تتعرّض لها المرأة بفعل الاستغلال الرخيص لها.. وهذا ما أكّد عليه أهل البيت عليهم السلام من خلال تعاليمهم وسيرة نسائهم الفاضلات اللواتي كنّ قدوة لنساء العالمين, كالسيّدة زينب عليها السلام التي كان يحرص أمير المؤمنين عليه السلام عليها- كما نقل- حتّى أنّه كان يطفأ سراج المسجد كي لا يرى أحد خيالها.. ومن هنا يعزّ على آل بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلمما جرى على نسائهم يوم عاشوراء حيث سبيت فيه نساؤهم..


71


المحاضرة الثالثة: الوقوف عند الشبهات

v الهدف

بيان مفهوم الشبهات وبعض أفرادها ومصاديقها التي تعترض الإنسان وكيفيّة التعامل الشرعيّ معها.

v تصدير الموضوع

عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

"الأمور ثلاثة: أمر تبيّن لك رشده فاتّبعه، وأمر تبيّن لك غيّه فاجتنبه، وأمر اختلف فيه فردّه إلى الله عزَّ وجلّ"
19.


73


المقدّمة

حرصت الشريعة على تحصين المؤمن من الوقوع في المحرّمات فرسمت حدوداً لها و دعت الإنسان أن لا يتجاوزها، وتتمثّل هذه الحدود بدائرة الشبهات التي قد يتعرّض لها الإنسان، فلا يدري أنّ هذا الفعل حلال أو حرام. ويشتبه في حرمة الدخول إلى ذلك المكان، ويشكّ في جواز الكلام عن فلان، ولا يعرف تكليفه تجاه بعض الأطعمة أو الأشربة، فيتجرّأ البعض ويقتحم الشبهة، ويفعل ما يشكّ فيه، وهذا قد يؤدّي إلى ضعف في حصانته المعنويّة والروحيّة واحتمال الوقوع في الحرام، وعلى حدِّ تعبير النبيّ الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم: دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فمن رعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه.20

v  محاور الموضوع

ضرورة الوقوف عند الشبهة


أرادت الشريعة حماية قلب المؤمن من التلوّث وإبقاءه على نوره وطهارته فدعت إلى الوقوف عند الشبهات وعدم الاقتحام، فعن الإمام الباقر عليه السلام: الوقوف عند الشبهة خير من الاقتحام في الهلكة، وتركك حديثاً لم تروه خير من روايتك حديثاً لم تحصه.21


74


وعن الإمام عليّ عليه السلام: أمسك عن طريق إذا خفت ضلاله، فإنّ الكفّ عن حيرة الضلالة خير من ركوب الأهوال.22

فالشبهات من نسج الأعداء الذين يلبسون الحقّ بالباطل ويعمّوا على الناس الرؤية، كما ورد عن عليّ عليه السلام- من كتاب له إلى معاوية -: وأرديت جيلاً من الناس كثيراً، خدعتهم بغيك، وألقيتهم في موج بحرك، تغشاهم الظلمات، وتتلاطم بهم الشبهات. 23

ووجوب تجنّب الشبهات ناشئ من خوف الوقوع في الحرام فعن الإمام عليّ عليه السلام: إيّاك والوقوع في الشبهات، والولوع بالشهوات، فإنّهما يقتادانك إلى الوقوع في الحرام وركوب كثير من الآثام. 24

وعن الإمام الصادق عليه السلام: إنّما الأمور ثلاثة: أمر بيّن رشده فيتبّع، وأمر بين غيّه فيجتنب، وأمر مشكل يردّ علمه إلى الله وإلى رسوله25 ، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حلال بيّن، وحرام بيّن، وشبهات بين ذلك، فمن ترك الشبهات نجا من المحرّمات، ومن أخذ بالشبهات ارتكب المحرّمات وهلك من حيث لا يعلم. 26


75


كيفيّة التعامل مع الشبهات

طلب اليقين: عن الإمام عليّ عليه السلام: إنّما سمّيت الشبهة شبهة لأنّها تشبه الحقّ، فأمّا أولياء الله فضياؤهم فيها اليقين ودليلهم سمت الهدى، وأمّا أعداء الله فدعاؤهم فيها الضلال ودليلهم العمى.27

ولذلك روي عن عليّ عليه السلام أنّ العلم بالدين يزيح الشبهات: وأشهد أنّ محمّداً عبده ورسوله، أرسله بالدين المشهور، والعلم المأثور، والكتاب المسطور، والنور الساطع، والضياء اللامع، والأمر الصادع، إزاحة للشبهات، واحتجاجاً بالبيّنات، وتحذيراً بالآيات.28

الإمام عليّ عليه السلام- من كتاب له إلى عثمان بن حنيف عامله على البصرة-: أمّا بعد يا ابن حنيف, فقد بلغني أنّ رجلاً من فتية أهل البصرة دعاك إلى مأدبة، فأسرعت إليها... فانظر إلى ما تقضمه من هذا المقضم، فما اشتبه عليك علمه فالفظه، وما أيقنت بطيب وجوهه فنل منه.29

وقد تستغلّ بعض الناس هذه الشبهات لتبرّر أخطاءها بعدم وضوح الحقّ بيّناً ساطعاً كما ورد عن عليّ عليه السلام- لعمّار بن


76


 ياسر، وقد سمعه يراجع المغيرة بن شعبة كلاماً -: دعه يا عمّار، فإنّه لم يأخذ من الدين إلّا ما قاربه من الدنيا، وعلى عمد لبس على نفسه، ليجعل الشبهات عاذراً لسقطاته.30

الصمت عند الشبهات: عنه عليه السلام- من وصاياه لابنه الحسن عليه السلام-: أوصيك يا حسن- وكفى بك وصيّاً- بما أوصاني به رسول الله... الصمت عند الشبهة.31

التوقّف: عن الإمام الباقر عليه السلام- لمّا سأله زرارة عن حقّ الله على العباد؟-: أن يقولوا ما يعلمون، ويقفوا عندما لا يعلمون.32

وعن الإمام الجوادعليه السلام: أقصد العلماء للمحجّة الممسك عند الشبهة.33

الحذر من الفتنة: فعن عليّ عليه السلام: احذروا الشبهة، فإنّها وضعت للفتنة.34

وعنه عليه السلام - من كتاب له إلى معاوية -: فاحذر الشبهة واشتمالها على لبستها، فإنّ الفتنة طالما أغدفت جلابيبها35 ، وأغشت الأبصار ظلمتها.36


77


عنه عليه السلام: إنّ أبغض الخلائق إلى الله رجلان: رجل وكله الله إلى نفسه... ورجل قمش جهلا، موضع في جهّال الأمّة... فهو من لبس الشبهات في مثل نسج العنكبوت، لا يدري أصاب أم أخطأ37.

الدعاء: أي التوسّل به تعالى لإزاحة الغشاوة عن عينيه ليرى نور الحقيقة ساطعاً، فعن الإمام زين العابدين عليه السلام- في الدعاء-: ووفّقني إذا اشتكلت عليّ الأمور لأهداها، وإذا تشابهت الأعمال لأزكاها، وإذا تناقضت الملل لأرضاها38.

بركات الوقوف على الشبهات

التوفيق والتسديد: عنه عليه السلام: من التوفيق الوقوف عند الحيرة.39

الورع: الإمام الصادق عليه السلام: أورع الناس من وقف عند الشبهة.40

الحزم: الإمام عليّ عليه السلام: أصل الحزم الوقوف عند الشبهة.41


78


التقوى: الإمام عليّ عليه السلام: إنّ من صرحت له العبر عمّا بين يديه من المثلات، حجزته التقوى عن تقحّم الشبهات42.

ضرورة مراجعة أهل العلم:


عن الإمام الصادق عليه السلام: الأمور ثلاثة: أمر بان لك رشده فاتّبعه، وأمر بان لك غيّه فاجتنبه، وأمر أشكل عليك فرددته إلى عالمه43.

والعلماء الحقيقيّون هم أهل الذكر الذين أمر الله تعالى بالرجوع إليهم بقوله:
﴿ فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَِ44 , وهم الذين بذلوا كلّ ما بوسعهم لإيضاح الطريق وبيان الحقّ من الباطل, وسعوا لإسماع صوتهم حتّى لأعدائهم, كما كان يصنع الإمام الحسين عليه السلام يوم عاشوراء عندما قال: "اسمعوا قولي ولا تعجلوا حتّى أعظكم بما هو حقّ لكم عليّ", وكان يدلّهم على كيفيّة رفع الشبهة- إن كانت- ويحثّهم على سؤال من يجدون عنده الجواب الحقّ: "فإنّ فيكم من إن سألتموه عن ذلك أخبركم سلوا جابر بن عبد الله الأنصاريّ وأبا سعيد الخدريّ وسهل بن سعد الساعديّ..".


79


هوامش

1- الحشر 9.

2- ميزان الحكمة، ج1، ص 16.

3- ميزان الحكمة، ج1، ص 16

4- مستدرك الوسائل، ج7، ص 250.

5- الكافي، ج2، ص 142.

6- مكيال المكارم، ج2، ص295.

7- عيون الحكم والمواعظ، ص 435.

8- ميزان الحكمة، ج1، ص 18.

9- ثواب الأعمال، الشيخ الصدوق، ص 142.

10- ميزان الحكمة، ج1، ص 18.


11- جامع أحاديث الشيعة، ج8، ص 369.

12- ميزان الحكمة، ج1، ص 18.

13- ميزان الحكمة، ج1، ص 18

14- مستدرك الوسائل، ج14، ص 265.

15- النور 30.


16- وسائل الشيعة، ج20، ص 52.

17- الأحزاب 32.

18- وسائل الشيعة، ج20، ص 198.

19- الأمالي، ص 382.

20- ميزان الحكمة، ج2، ص 1405.

21- الكافي، ج1، ص 50.

22- تحف العقول، ص 79.

23- نهج البلاغة، ج3، ص 57.

24- عيون الحكم والمواعظ، ص 99.

25- شرح أصول الكافي، ج2، 334.

26- وسائل الشيعة، ج27، ص 157.

27- عيون الحكم والمواعظ، ص 179.

28- نهج البلاغة، ج1، ص 28.

29- وسائل الشيعة، ج 27، ص 159.

30- نهج البلاغة، ج4، ص95.

31- ميزان الحكمة، ج2، ص 1405.

32- الأمالي، الشيخ الصدوق، ص 506.

33- ميزان الحكمة، ج2، ص 1405

34- ميزان الحكمة، ج2، ص 1404.

35- أي أسدلت بثوبها.

36- نهج البلاغة، ج3، ص 125.

37- نهج البلاغة، ج1، ص 51.


38- الصحيفة السجّاديّة، ص 109.

39- تحف العقول، ص 83.

40- الخصال، ص16.

41- تحف العقول، ص 214.

42- نهج البلاغة، ج1، ص 47.

43- تحف العقول، ص 210.

44- سورة النحل، الآية:43.