الهدف:
الإضاءة على أهميّة
الإصلاح وفضله, وضرورة
تحقيقه بين المؤمنين, لما
فيه من إيجاد الإلفة
والمحبّة والتعاون بينهم.
تصدير
الموضوع:
قال الله تعالى:
﴿فَاتَّقُواْ
اللّهَ وَأَصْلِحُواْ
ذَاتَ بِيْنِكُمْ
وَأَطِيعُواْ اللّهَ
وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم
مُّؤْمِنِينَ﴾1.
وقال سبحانه:
﴿وَالصُّلْحُ
خَيْرٌ﴾
2.
المقدّمة:
تعرّضت الروايات الشريفة
لفضل الإصلاح بين
المؤمنين, واعتبرته أفضل
الطاعات والعبادات, لما
يحقّقه من أرضيّة مساعدة
تعين الإنسان على طاعة
الله تعالى.
محاور الموضوع
1- فضل الإصلاح:
أ- أفضل من الصلاة
والصيام: عن أمير
المؤمنين عليه السلام في
وصيّته عند وفاته، للحسن
والحسين
عليهما السلام:
"أوصيكما وجميع ولدي
وأهلي ومن بلغه كتابي،
بتقوى الله، ونظم أمركم،
وصلاح ذات بينكم، فإنّ
جدّكما رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم يقول:
صلاح ذات البين، أفضل من
عامّة الصلاة والصيام"3.
وعنه صلى الله عليه وآله
وسلم: "ما عمل رجل
عملاً بعد إقامة الفرائض
خيراً من إصلاح بين الناس
يقول خيراً أو يتمنّى
خيراً"4.
ب- صدقة يحبّها الله: عن
حبيب الأحول قال: سمعت
أبا عبد الله عليه السلام
يقول: "صدقة يحبّها
الله إصلاح بين الناس إذا
تفاسدوا، وتقارب بينهم
إذا تباعدوا"5.
ج- صلّت عليه الملائكة
وثواب ليلة القدر: عن
رسول الله صلى الله عليه
وآله وسلم - في حديث
- قال: "ومن
مشى في صلح بين اثنين صلى
عليه ملائكة الله حتّى
يرجع وأعطى ثواب ليلة
القدر، ومن مشى في قطيعة
بين اثنين كان عليه من
الوزر بقدر ما لمن أصلح
بين اثنين من الأجر،
مكتوب عليه لعنة الله
حتّى يدخل جهنّم فيضاعف
له العذاب"6.
د- من أسباب إتيان الحكمة:
سألت أبا عبد الله عليه
السلام عن لقمان وحكمته
التي ذكرها الله عزَّ وجلّ،
فقال: "أما والله ما
أوتي لقمان الحكمة بحسب
ولا مال ولا أهل، ولا بسط
في جسم ولا جمال، ولكنّه
كان رجلاً قويّاً- إلى أن
قال- ولم يمرّ برجلين
يختصمان أو يقتتلان إلّا
أصلح بينهما، ولم يمض
عنهما حتّى تحاجزا"
الخبر7.
هـ- طوبى: عن عيسى عليه
السلام: "طوبى
للمصلحين بين الناس,
أولئك هم المقرّبون يوم
القيامة"8.
الإمام الباقر عليه
السلام: "ربّ أصلح لي
جماعة إخوتي وأخواتي
ومحبيَّ, فإنّ صلاحهم
صلاحي"9.
و- أفضل من الصدقة: عن
أبي عبد الله عليه السلام
قال: "لأن
أصلح بين اثنين أحبّ
إلي من أن أتصدّق
بدينارين"10.
2- موارد الإصلاح:
أ- بين الزوجين:
﴿وَإِنْ
خِفْتُمْ شِقَاقَ
بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ
حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ
وَحَكَمًا مِّنْ
أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا
إِصْلاَحًا يُوَفِّقِ
اللّهُ بَيْنَهُمَا﴾11.
ب- بين المؤمنين:
﴿إِنَّمَا
الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ
فَأَصْلِحُوا بَيْنَ
أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا
اللَّهَ لَعَلَّكُمْ
تُرْحَمُونَ﴾12.
ج- بين طائفتين من
المؤمنين:
﴿وَإِن
طَائِفَتَانِ مِنَ
الْمُؤْمِنِينَ
اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا
بَيْنَهُمَا﴾13.
د- بين الناس:
﴿لاَّ
خَيْرَ فِي كَثِيرٍ مِّن
نَّجْوَاهُمْ إِلاَّ مَنْ
أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ
مَعْرُوفٍ أَوْ إِصْلاَحٍ
بَيْنَ النَّاسِ وَمَن
يَفْعَلْ ذَلِكَ
ابْتَغَاء مَرْضَاتِ
اللّهِ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ
أَجْرًا عَظِيمًا﴾14.
3- مدّة هجر الأخ المؤمن:
عن النبيّ صلى الله عليه
وآله وسلم: "لا يحلّ
لأحد مؤمن بالله أن يهجر
أخاه فوق ثلاثة أيّام،
يلتقيان فيعرض هذا عن وجه
هذا وهذا عن وجه هذا,
فخيرهما الذي يبدأ
بالسلام"15.
4- بذل المال في
الإصلاح:
قال أبو عبد الله عليه
السلام: "إذا رأيت بين
اثنين من شيعتنا منازعة
فافتدها من مالي"16.
عن أبي حنيفة سايق الحاجّ
قال: مرّ بنا المفضّل
وأنا وختني نتشاجر في
ميراث، فوقف علينا ساعة
ثمّ قال: تعالوا إلى
المنزل، فأتيناه فأصلح
بيننا بأربعمائة درهم،
فدفعها إلينا من عنده
حتّى إذا استوثق كلّ واحد
منّا من صاحبه، قال: أما
إنّها ليست من مالي ولكن
أبو عبد الله عليه السلام
أمرني إذا تنازع رجلان من
أصحابنا في شيء أن أصلح
بينهما، وافتدي بها من
ماله، فهذا من مال أبي
عبد الله عليه السلام"17.
5- الكذب في الإصلاح:
معاوية بن وهب أو معاوية
بن عمّار، عن أبي عبد
الله عليه السلام قال: "أبلغ
عنّي كذا وكذا - في أشياء
أمر بها - قلت: فأبلّغهم
عنك وأقول على ما قلت لي
وغير الذي قلت؟ قال: نعم
إنّ المصلح ليس بكذّاب"18.
عن معاوية بن عمّار، عن
أبي عبد الله عليه السلام
قال: "المصلح ليس
بكذاب"19.
عن الصادق عليه السلام
قال: "الكذب مذموم
إلّا في أمرين: دفع شرّ
الظلمة، وإصلاح ذات
البين"20.
قال رسول الله صلى الله
عليه وآله وسلم: "ما
تصدّق الناس بصدقة أفضل
من قول حسن، الكلمة يفكّ
بها الأسير، وتجرّ بها
إلى أخيك خيراً، أو تدفع
عنه مكروهاً أو مظلمة"21.
6- الإنصاف بين
المتخاصمين:
عن أبي عبد الله عليه
السلام قال: "ثلاثة هم
أقرب الخلق إلى الله عزَّ
وجلّ يوم القيامة حتّى
يفرغ من الحساب: رجل لم
تدعه قدرته في حال غضبه
إلى أن يحيف على من تحت
يديه، ورجل مشى بين اثنين
فلم يمل مع أحدهما على
الآخر بشعيرة، ورجل قال
الحق فيما عليه وله"22.
قال أمير المؤمنين عليه
السلام في كلام له: "ألا
إنّه من ينصف الناس من
نفسه لم يزده الله إلّا
عزّاً"23.
7- رضا الإمام عليه
السلام:
الإمام الباقر عليه
السلام: "إنّما شيعة
عليّ المتباذلون في
ولايتنا, المتحابّون في
مودّتنا, المتزاورون
لإحياء أمرنا, الذين إذا
غضبوا
لم يظلموا, وإذا رضوا
لم يسرفوا, بركةٌ على من
جاوروا, سلم لمن خالطوا"24.
|