الهدف:
بيان أهمّيّة الزيارة للنبيّ صلى الله عليه وآله وسلم
والأئمّة عليهم السلام ومعانيها والحثّ على ذلك من خلال
بيان مشروعيّتها وثوابها وفلسفتها.
تصدير الموضوع:
عن الرضا عليه السلام: "إنّ لكلّ إمام عهداً في عنق
أوليائه وشيعته، وإنّ من تمام الوفاء بالعهد وحُسن الأداء،
زيارة قبورهم، فمن زارهم رغبةً في زيارتهم وتصديقاً بما
رغبوا فيه كان أئمّتهم شفعاءهم يوم القيامة"1.
مقدّمة: الزيارة وفاء للعهد
ليست زيارة القبور مطلقاً، وزيارة المراقد المطهرّة للنبيّ
صلى الله عليه وآله وسلم والأئمّة عليهم السلام إلّا حالةٌ
أجَازتها الشريعة السمحاء لما فيها من منافع تعود على
الأفراد والأمم.
لأنّ زيارة أهل الفضل على الأمم وعلى البشريّة إضافة إلى
كونها تكريماً في الظاهر لهم واحتراماً واعترافاً بأياديهم
البيضاء.
فهي أيضاً تمثّل حالة إدامة الربط والارتباط بهم وبما
يُمثّلون من قِيمٍ ومبادئ، وهي بابٌ للتفاعل الروحيّ
والنفسيّ بما يؤدّي إلى إيقاظ أسمى المعاني الخُلُقيّة
الرفيعة.
وهذه الزيارات هي حالة من التجسيد العمليّ للوفاء اتجاه
النبيّ وآله صلى الله عليه وآله وسلم وهذا ما عبّرت عنه
الرواية عن الإمام الرضا عليه السلام: "إنّ من تمام
الوفاء بالعهد وحُسن الأداء زيارة قبورهم".
فهذا النصّ السابق في الرواية يندب إلى زيارة قبور
النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم وكلّ الأئمّة عليهم السلام
وكان هذا دأب الصالحين والمؤمنين على طول الزمان. إلّا
أنّه لما كانت كربلاء شهدت تلك الملحمة النادرة في التاريخ
الرساليّ بما حوته من بطولات وتضحيات وقيم وأخلاق ولكونه
عليه السلام أحيا الدّين وذكر النبيّ صلى الله عليه وآله
وسلم والآل عليهم السلام وأضاء بدمه على نورانيّة وطهارة
أهل البيت وأمدَّ كلّ ذلك إضافة إلى الدّين ومعارفه
وقِيَمه وأخلاقه بأسباب الخلود. حاز الإمام الحسين عليه
السلام تلك المنزلة من الشرف والتقديس وألبس
الزمان الذي
استشهد فيه والمكان الذي ثوى فيه قدسيّةً وشرفاً لتصبح
مهوى الأفئدة، وقبلة القلوب، فغدت قلوب الناس أسيرة مشهده،
تهوي إليه كما تهوي إلى البيت العتيق.
ولقد كان لأهل البيت عليهم السلام الدور البارز في التوجيه
والحثّ على زيارة القبر الشريف لسيّد الشهداء، ولزيارته
عليه السلامولو من بعد، فهذا ابن عبّاس ينقل عن النبيّ صلى
الله عليه وآله وسلم أنّه قال له: "يا بن عبّاس, من
زاره عارفاً بحقّه، كُتب له ثواب ألف حجّة وألف عمرة، ألا
ومن زاره فكأنّما زارني، ومن زارني فكأنّما قد زار الله،
وحقّ الزائر على الله ألّا يعذّبه بالنّار"2.
واستمرّ الأئمّة يحثّون الشيعة على زيارته عليه السلامحيث
ينقل عن الإمام الباقر عليه السلام: "مُروا شيعتنا
بزيارة قبر الحسين عليه السلام فإنّ إتيانه مفترضٌ على كلّ
مؤمن يقرُّ للحسين عليه السلام بالإمامة من الله عزَّ
وجلَّ"3.