الهدف العام
التعرّف على أهمية
الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر ودورهما في تحصين
المجتمع.
المحاور الرئيسة
- أهمية الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر
- سَبِيلُ الْأَنْبِيَاءِ
وَمِنْهَاجُ الصُّلَحَاءِ
- الحكم الشرعيّ
- مراتب الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر
- أسلوب الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر
تصدير الموضوع
رُويَ عن رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم: "لا
تزال أمتي بخير ما أمروا
بالمعروف ونهوا عن المنكر
وتعاونوا على البرّ، فإذا
لم يفعلوا ذلك نُزعت منهم
البركات، وسُلّط بعضهم
على بعض، ولم يكن لهم
ناصر في الأرض ولا في
السماء"1.
مدخل
المعروف في اللغة يعني
العمل الحسن، والمنكَر
يعني العمل القبيح، يقول
الراغب: المعروف اسم لكلّ
فعلٍ يُعرف بالعقل أو
بالشرع حُسنه، والمنكر ما
يُنكر بهما2.
وإنّ الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر من
الواجبات الإسلامية
المهمّة. وهما من أسمى
الفرائض وأشرفها، وبهما
تقام الفرائض، ووجوبهما
من ضروريات الدين،
ومنكرهما مع الالتفات
بلازمهما والالتزام بهما
من الكافرين3.
وإنّ هذه المسؤولية
العالمية الكبرى قد وُضعت
على عاتق المسلمين. قال
الله تعالى:
﴿ الَّذِينَ
إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي
الْأَرْضِ أَقَامُوا
الصَّلَاةَ وَآتَوُا
الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا
بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا
عَنِ الْمُنكَرِ
وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ
الْأُمُورِ﴾4.
أهمية الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر:
بواسطة هذه الفريضة تؤدّى
سائر الواجبات حتّى
الجهاد في سبيل الله،
وتُترك المحرّمات، ولهذا
وردت تأكيدات كثيرة بشأن
هذه الفريضة:
قال الله تعالى:
﴿ الَّذِينَ
إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي
الْأَرْضِ أَقَامُوا
الصَّلَاةَ وَآتَوُا
الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا
بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا
عَنِ الْمُنكَرِ
وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ
الْأُمُورِ﴾5.
﴿الَّذِينَ
إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي
الْأَرْضِ أَقَامُوا
الصَّلَاةَ وَآتَوُا
الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا
بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا
عَنِ الْمُنكَرِ
وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ
الْأُمُورِ
﴾6.
﴿الَّذِينَ
إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي
الْأَرْضِ أَقَامُوا
الصَّلَاةَ وَآتَوُا
الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا
بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا
عَنِ الْمُنكَرِ
وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ
الْأُمُورِ﴾7.
﴿لُعِنَ
الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن
بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى
لِسَانِ دَاوُودَ
وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ
ذَلِكَ بِمَا عَصَوا
وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ
* كَانُواْ لاَ
يَتَنَاهَوْنَ عَن
مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ
لَبِئْسَ مَا كَانُواْ
يَفْعَلُونَ
﴾8.
وقد حذّرت الروايات
الشريفة من إهمال هذه
الفريضة وأن تركها له
عواقب وخيمة:
أ.تسلّط الأشرار:
مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ
بْنِ عَرَفَةَ قَالَ:
سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ
عليه السلام يَقُولُ: "لَتَأْمُرُنَّ
بِالْمَعْرُوفِ
وَلَتَنْهُنَّ عَنِ
الْمُنْكَرِ أَوْ
لَيُسْتَعْمَلَنَّ
عَلَيْكُمْ شِرَارُكُمْ
فَيَدْعُو خِيَارُكُمْ
فَلَا يُسْتَجَابُ لَهُمْ"9.
ب. العذاب الإلهي:
مُحَمَّدِ بْنِ عَرَفَةَ
قَالَ سَمِعْتُ أَبَا
الْحَسَنِ الرِّضَا عليه
السلام يَقُولُ: كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله
عليه وآله وسلم يَقُولُ:
"إِذَا أُمَّتِي
تَوَاكَلَتِ الْأَمْرَ
بِالْمَعْرُوفِ
وَالنَّهْيَ عَنِ
الْمُنْكَرِ
فَلْيَأْذَنُوا بِوِقَاعٍ
مِنَ اللَّهِ تَعَالَى"10.
ج.سلب بركات النعم:
عن رسول الله صلى
الله عليه وآله وسلم: "لا
تزال أمتي بخير ما أمروا
بالمعروف ونهوا عن المنكر
وتعاونوا على البر، فإذا
لم يفعلوا ذلك نزعت منهم
البركات، وسلط بعضهم على
بعض، ولم يكن لهم ناصر في
الأرض ولا في السماء"11.
سَبِيلُ الْأَنْبِيَاءِ
وَمِنْهَاجُ
الصُّلَحَاءِ:
عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي
جَعْفَرٍ عليه السلام
قَالَ: "يَكُونُ فِي
آخِرِ الزَّمَانِ قَوْمٌ
يُتَّبَعُ فِيهِمْ قَوْمٌ
مُرَاؤونَ يَتَقَرَّؤونَ
وَيَتَنَسَّكُونَ،
حُدَثَاءُ سُفَهَاءُ، لَا
يُوجِبُونَ أَمْراً
بِمَعْرُوفٍ، وَلَا
نَهْياً عَنْ مُنْكَرٍ
إِلَّا إِذَا أَمِنُوا
الضَّرَر،َ يَطْلُبُونَ
لِأَنْفُسِهِمُ الرُّخَصَ
وَالْمَعَاذِيرَ،
يَتَّبِعُونَ زَلَّاتِ
الْعُلَمَاءِ، وَفَسَادَ
عَمَلِهِمْ، يُقْبِلُونَ
عَلَى الصَّلَاةِ
وَالصِّيَامِ وَمَا لَا
يَكْلِمُهُمْ فِي نَفْسٍ
وَلَا مَالٍ، وَلَوْ
أَضَرَّتِ الصَّلَاةُ
بِسَائِرِ مَا
يَعْمَلُونَ
بِأَمْوَالِهِمْ
وَأَبْدَانِهِمْ
لَرَفَضُوهَا كَمَا
رَفَضُوا أَسْمَى
الْفَرَائِضِ
وَأَشْرَفَهَا. إِنَّ
الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ
وَالنَّهْيَ عَنِ
الْمُنْكَرِ فَرِيضَةٌ
عَظِيمَةٌ بِهَا تُقَامُ
الْفَرَائِضُ، هُنَالِكَ
يَتِمُّ غَضَبُ اللَّهِ
عزّ وجلّ عَلَيْهِمْ
فَيَعُمُّهُمْ
بِعِقَابِهِ فَيُهْلَكُ
الْأَبْرَارُ فِي دَارِ
الْفُجَّارِ،
وَالصِّغَارُ فِي دَارِ
الْكِبَار
إِنَّ الْأَمْرَ
بِالْمَعْرُوفِ
وَالنَّهْيَ عَنِ
الْمُنْكَرِ سَبِيلُ
الْأَنْبِيَاءِ
وَمِنْهَاجُ الصُّلَحَاءِ
فَرِيضَةٌ عَظِيمَةٌ
بِهَا تُقَامُ
الْفَرَائِضُ، وَتَأْمَنُ
الْمَذَاهِبُ، وَتَحِلُّ
الْمَكَاسِبُ، وَتُرَدُّ
الْمَظَالِمُ، وَتُعْمَرُ
الْأَرْضُ، وَيُنْتَصَفُ
مِنَ الْأَعْدَاءِ،
وَيَسْتَقِيمُ الْأَمْرُ،
فَأَنْكِرُوا
بِقُلُوبِكُمْ،
وَالْفِظُوا
بِأَلْسِنَتِكُمْ،
وَصُكُّوا بِهَا
جِبَاهَهُمْ وَلَا
تَخَافُوا فِي اللَّهِ
لَوْمَةَ لَائِمٍ، فَإِنِ
اتَّعَظُوا، وَإِلَى
الْحَقِّ رَجَعُوا، فَلَا
سَبِيلَ عَلَيْهِمْ،
إِنَّمَا السَّبِيلُ
عَلَى الَّذِينَ
يَظْلِمُونَ النَّاسَ،
وَيَبْغُونَ فِي
الْأَرْضِ بِغَيْرِ
الْحَقِّ، أُولئِكَ
لَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ،
هُنَالِكَ فَجَاهِدُوهُمْ
بِأَبْدَانِكُمْ،
وَأَبْغِضُوهُمْ
بِقُلُوبِكُمْ غَيْرَ
طَالِبِينَ سُلْطَاناً،
وَلَا بَاغِينَ مَالًا،
وَلَا مُرِيدِينَ
بِظُلْمٍ ظَفَراً، حَتَّى
يَفِيئُوا إِلَى أَمْرِ
اللَّهِ، وَيَمْضُوا
عَلَى طَاعَتِهِ"12.
الحكم الشرعيّ:
الأمر والنهي واجبان على
نحو الوجوب الكفائيّ،
فإذا تصدى لهما من به
الكفاية لإنجاز المهمة
وتحقيق الواجب سقط
التكليف عن الباقين، غير
أن الوجوب مستمر في عموم
حالات المنكر ما دام
المنكر موجوداً والمعروف
متروكاً.
وإن من واجب المسلمين أن
يقوموا بهذه المسؤولية
الكبرى في مجالين:
المجال الأوّل:
فيما بينهم وبالنسبة إلى
سائر المسلمين .. فإنّ
على كل مسلم أن يراقب
سائر المسلمين أيضاً،
يدعوهم إلى القيام
بالأعمال الحسنة وينهاهم
عن الأعمال القبيحة. وقد
أثبت القرآن الكريم أيضاً
ولاية المؤمنين بعضهم
بالنسبة لبعضهم الآخر،
قال
تعالى:
﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ
وَالْمُؤْمِنَاتُ
بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء
بَعْضٍ يَأْمُرُونَ
بِالْمَعْرُوفِ
وَيَنْهَوْنَ عَنِ
الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ
الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ
الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ
اللّهَ وَرَسُولَهُ
أُوْلَئِكَ
سَيَرْحَمُهُمُ اللّهُ
إِنَّ اللّهَ عَزِيزٌ
حَكِيمٌ﴾13.
فالمسلم كما يجب عليه أن
يقوم بالأعمال الحسنة
ويتجنّب ارتكاب المحرّمات
والسيئات كذلك يجب عليه
أن يدعو سائر المسلمين
والمؤمنين إلى الأعمال
الحسنة وينهاهم عن
الأعمال القبيحة والآثام.
المجال الثاني:
بالنسبة إلى سائر سكّان
العالم فإنّ رسول الإسلام
بُعث لجميع البشر، ولينشر
تعاليم الإسلام في العالم
كلّه، ويكون الدّين كلّه
لله. قال تعالى في القرآن
الكريم:
﴿هُوَ
الَّذِي أَرْسَلَ
رَسُولَهُ بِالْهُدَى
وَدِينِ الْحَقِّ
لِيُظْهِرَهُ عَلَى
الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ
كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ﴾14.
مراتب الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر:
إنّ الهدف من الأمر
بالمعروف والنهي عن
المنكر هو فعل الواجب
وترك الحرام. وإنّ القيام
بهذه المسؤولية يجب أن
يتمّ في مراحل وصور عدّة:
المرحلة الأولى:
الإنكار القلبي ..
فالمكلّف في هذه المرحلة
ينزعج من فعل المنكر
قلبياً، ويبدي نفوره
وإنكاره القلبيّ بوسيلة
ما، فإذا كان النهي عن
المنكر بهذه الطريقة
مؤثّراً لا يجوز التمسّك
والتوسّل بالوسائل
الأخرى.
المرحلة الثانية:
الأمر والنهي اللسانيّان
مع مراعاة المراتب
المختلفة، نظير الوعظ
برفق ولين، والعتاب،
والخطاب، والتنديد،
والتهديد.
المرحلة الثالثة:
استخدام القوّة للحيلولة
دون وقوع المنكر، وذلك
أيضاً مع مراعاة المراتب
المختلفة.
عَنْ جَابِرٍ عَنْ أَبِي
جَعْفَرٍ عليه السلام فِي
حَدِيثٍ قَالَ: "فَأَنْكِرُوا
بِقُلُوبِكُمْ،
وَالْفِظُوا
بِأَلْسِنَتِكُمْ،
وَصُكُّوا بِهَا
جِبَاهَهُمْ، وَلَا
تَخَافُوا فِي اللَّهِ
لَوْمَةَ لَائِمٍ، فَإِنِ
اتَّعَظُوا وَإِلَى
الْحَقِّ رَجَعُوا فَلَا
سَبِيلَ عَلَيْهِمْ
﴿ إِنَّمَا
السَّبِيلُ عَلَى
الَّذِينَ يَظْلِمُونَ
النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي
الْأَرْضِ بِغَيْرِ
الْحَقِّ أُوْلَئِكَ
لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾
15
هُنَالِكَ فَجَاهِدُوهُمْ
بِأَبْدَانِكُمْ
وَأَبْغِضُوهُمْ
بِقُلُوبِكُمْ غَيْرَ
طَالِبِينَ سُلْطَاناً
وَلَا بَاغِينَ مَالًا،
وَلَا مُرِيدِينَ
بِالظُّلْمِ ظَفَراً
حَتَّى يَفِيئُوا إِلَى
أَمْرِ اللَّهِ
وَيَمْضُوا عَلَى
طَاعَتِهِ"16.
أسلوب الأمر بالمعروف
والنهي عن المنكر:
قال الله تعالى:
﴿ادْعُ
إِلِى سَبِيلِ رَبِّكَ
بِالْحِكْمَةِ
وَالْمَوْعِظَةِ
الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ
...﴾17.
وقال الله تعالى:
﴿اذْهَبَا
إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ
طَغَى
* فَقُولَا لَهُ قَوْلًا
لَّيِّنًا لَّعَلَّهُ
يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾18.
ويجب أن يكون الأمر
والنهي برفق ولين وهدوء،
فقد روي عن النبيّ صلى
الله عليه وآله وسلم قوله
لعليّ عليه السلام: "يا
عليّ إن هذا الدين متين
فأوغل فيه برفق"19.
وعن الإمام الصادق عليه
السلام: "لا تحملوا
على شيعتنا وارفقوا بهم
فإنّ الناس لا يحتملون ما
تحملون"20.
|