الهدف العام
التعرف على أحوال
المحتضر وأهوال القبر
والاعتبار منها.
المحاور الرئيسة
- الاحتضار وسكرة الموت
- وصف حال المحتضر
- ظهور علامات الموت على
المحتضر
- هول شدائد الاحتضار
- أهوال القبر
- وحشة القبر وضيقه
وغربته
- القبر بيت الوحدة
- ضغطة القبر
- المساءلة في القبر
تصدير الموضوع
روي عن أمير المؤمنين
عليه السلام: "فَكَفَى
وَاعِظاً بِمَوْتَى
عَايَنْتُمُوهُمْ،
حُمِلُوا إِلَى
قُبُورِهِمْ غَيْرَ
رَاكِبينَ، وَأُنْزِلُوا
فِيهَا غَيْرَ
نَازِلِينَ،
فَكَأَنَّهُمْ لَمْ
يَكُونُوا لِلدُّنْيَا
عُمَّاراً، وَكَأَنَّ
الْآخِرَةَ لَمْ تَزَلْ
لَهُمْ دَاراً،
أَوْحَشُوا مَا كَانُوا
يُوطِنُونَ، وَأَوْطَنُوا
مَا كَانُوايُوحِشُونَ"1.
الاحتضار وسكرة الموت:
قال الله تعالى في محكم
كتابه:
﴿
﴾3.
ابتداء من الاحتضار تبدأ
رحلة الإنسان الأخروية،
وهي عقبة مهولة ومصيرية،
إما إلى الجنّة وإمّا إلى
النار، وحقيق بالإنسان أن
يستعد لها، ويطيل النظر
حولها ليسلم من فزعاتها،
إذ "إِنَّ لِلْمَوْتِ
لَغَمَرَاتٍ هِيَ
أَفْظَعُ مِنْ أَنْ
تُسْتَغْرَقَ بِصِفَةٍ،
أَوْ تَعْتَدِلَ
عَلَىعُقُولِ أَهْلِ
الدُّنْيَا"4.
أ. وصف حال المحتضر:
قال عليه السلام: "فَغَيْرُ
مَوْصُوفٍ مَا نَزَلَ
بِهِمْ، اجْتَمَعَتْ
عَلَيْهِمْ سَكْرَةُ
الْمَوْتِ،
وَحَسْرَةُ الْفَوْتِ،
فَفَتَرَتْ لَهَا
أَطْرَافُهُمْ،
وَتَغَيَّرَتْ لَهَا
أَلْوَانُهُمْ، ثُمَّ
ازْدَادَ الْمَوْتُ
فِيهِمْ وُلُوجاً،
فَحِيلَ بَيْنَ
أَحَدِهِمْ وَبَيْنَ
مَنْطِقِهِ، وَإِنَّهُ
لَبَيْنَ أَهْلِهِ
يَنْظُرُ
بِبَصَرِهِ،وَيَسْمَعُ
بِأُذُنِهِ عَلَى صِحَّةٍ
مِنْ عَقْلِهِ، وَبَقَاءٍ
مِنْ لُبِّهِ، يُفَكِّرُ
فِيمَ أَفْنَى عُمُرَهُ،
وَفِيمَ أَذْهَبَ
دَهْرَهُ،... فَلَمْ
يَزَلِ الْمَوْتُ
يُبَالِغُ فِي جَسَدِهِ
حَتَّى خَالَطَ لِسَانَهُ
وسَمْعَهُ، فَصَارَ
بَيْنَ أَهْلِهِ لَا
يَنْطِقُ بِلِسَانِهِ،
وَلَا يَسْمَعُ
بِسَمْعِهِ، يُرَدِّدُ
طَرْفَهُبِالنَّظَرِ فِي
وُجُوهِهِمْ، يَرَى
حَرَكَاتِ أَلْسِنَتِهِمْ
وَلَا يَسْمَعُ رَجْعَ
كَلَامِهِمْ، ثُمَّ
ازْدَادَ الْمَوْتُ
الْتِيَاطاً بِهِ،
فَقُبِضَ بَصَرُهُ كَمَا
قُبِضَ سَمْعُهُ،
وَخَرَجَتِ الرُّوحُ مِنْ
جَسَدِهِ، فَصَارَ
جِيفَةً بَيْنَ أَهْلِهِ،
قَدْ أَوْحَشُوا مِنْ
جَانِبِهِ، وَتَبَاعَدُوا
مِنْ قُرْبِهِ،
لَايُسْعِدُ بَاكِياً،
وَلَا يُجِيبُ دَاعِياً"5.
ب. ظهور علامات الموت على
المحتضر:
ويصف عليه السلام الإنسان
حال كونه طريح الفراش قد
أيس منه أهله وأصدقاؤه: "فَبَيْنَا
هُوَ كَذَلِكَ عَلَى
جَنَاحٍ مِنْ فِرَاقِ
الدُّنْيَا وَتَرْكِ
الْأَحِبَّةِ، إِذْ
عَرَضَ لَهُ عَارِضٌ مِنْ
غُصَصِهِ، فَتَحَيَّرَتْ
نَوَافِذُ فِطْنَتِهِ،
وَيَبِسَتْ رُطُوبَةُ
لِسَانِهِ، فَكَمْ مِنْ
مُهِمٍّ مِنْ
جَوَابِهِعَرَفَهُ
فَعَيَّ عَنْ رَدِّهِ،
وَدُعَاءٍ مُؤْلِمٍ
بِقَلْبِهِ سَمِعَهُ
فَتَصَامَّ عَنْهُ، مِنْ
كَبِيرٍ كَانَ
يُعَظِّمُهُ، أَوْ
صَغِيرٍ كَانَ
يَرْحَمُهُ، وَإِنَّ
لِلْمَوْتِ لَغَمَرَاتٍ
هِيَ أَفْظَعُ مِنْ أَنْ
تُسْتَغْرَقَ بِصِفَةٍ،
أَوْ تَعْتَدِلَ عَلَى
عُقُولِ أَهْلِ
الدُّنْيَا"6.
وقال عليه السلام: "فَيُوشِكُ
أَنْ تَغْشَاكُمْ
دَوَاجِي ظُلَلِهِ،
وَاحْتِدَامُ عِلَلِهِ،
وَحَنَادِسُ غَمَرَاتِهِ،
وَغَوَاشِي سَكَرَاتِهِ،
وَأَلِيمُ إِرْهَاقِهِ،
وَدُجُوُّ أَطْبَاقِهِ،
وَجُشُوبَةُ مَذَاقِهِ"7.
ج. هول شدائد الاحتضار:
وقال عليه السلام أيضاً
في وصف تلك الشدائد: "فَإِنَّكُمْ
لَوْ قَدْ عَايَنْتُمْ
مَا قَدْ عَايَنَ مَنْ
مَاتَ مِنْكُمْ
لَجَزِعْتُمْ
وَوَهِلْتُمْ
وَسَمِعْتُمْ
وَأَطَعْتُمْ، وَلَكِنْ
مَحْجُوبٌ عَنْكُمْ مَا
قَدْ عَايَنُوا،
وَقَرِيبٌ مَا يُطْرَحُ
الْحِجَابُ"8.
أهوال القبر
قال أمير المؤمنين عليه
السلام: "وَاذْكُرْ
قَبْرَكَ، فَإِنَّ
عَلَيْهِ مَمَرَّكَ"9.
ولما كان راجعاً من صفين
مرّ على قبور بظاهر
الكوفة فخاطبهم وقال: "يَا
أَهْلَ الدِّيَارِ
الْمُوحِشَةِ،
وَالْمَحَالِّ
الْمُقْفِرَةِ،
وَالْقُبُورِ
الْمُظْلِمَةِ، يَا
أَهْلَ التُّرْبَةِ، يَا
أَهْلَ الْغُرْبَةِ، يَا
أَهْلَ الْوَحْدَةِ،يَا
أَهْلَ الْوَحْشَةِ،
أَنْتُمْ لَنَا فَرَطٌ
سَابِقٌ، وَنَحْنُ لَكُمْ
تَبَعٌ لَاحِقٌ"10.
أ. وحشة القبر وضيقه
وغربته: قال أمير
المؤمنين عليه السلام: "وَأَعْلَقَتِ
الْمَرْءَ أَوْهَاقَ
الْمَنِيَّةِ، قَائِدَةً
لَهُ إِلَى ضَنْكِ
الْمَضْجَعِ، وَوَحْشَةِ
الْمَرْجِعِ... وَقَدْ
غُودِرَ فِي مَحَلَّةِ
الْأَمْوَاتِ رَهِيناً،
وَفِي ضِيقِ الْمَضْجَعِ
وَحِيداً... ثُمَّ
أُدْرِجَ فِي أَكْفَانِهِ
مُبْلِساً، وَجُذِبَ
مُنْقَاد اًسَلِساً،
ثُمَّ أُلْقِيَ عَلَى
الْأَعْوَادِ رَجِيعَ
وَصَبٍ، وَنِضْوَ سَقَمٍ،
تَحْمِلُهُ حَفَدَةُ
الْوِلْدَانِ، وَحَشَدَةُ
الْإِخْوَانِ إِلَى دَارِ
غُرْبَتِهِ، وَمُنْقَطَعِ
زَوْرَتِهِ"11.
ب. القبر بيت الوحدة:
قال عليه السلام: "فَكَأَنَّ
كُلَّ امْرِئٍ مِنْكُمْ
قَدْ بَلَغَ مِنَ
الْأَرْضِ مَنْزِلَ
وَحْدَتِهِ، وَمَخَطَّ
حُفْرَتِهِ، فَيَا لَهُ
مِنْ بَيْتِ وَحْدَةٍ،
وَمَنْزِلِ وَحْشَةٍ،
وَمُفْرَدِ غُرْبَةٍ"12.
ج. ضغطة القبر:
قال أمير المؤمنين عليه
السلام: "وَقَبْلَ
بُلُوغِ الْغَايَةِ مَا
تَعْلَمُونَ مِنْ ضِيقِ
الْأَرْمَاسِ...
وَاخْتِلَافِ
الْأَضْلَاعِ،
وَاسْتِكَاكِ
الْأَسْمَاعِ، وَظُلْمَةِ
اللَّحْدِ، وَخِيفَةِ
الْوَعْدِ، وَغَمِّ
الضَّرِيحِ، وَرَدْمِ
الصَّفِيحِ"13.
وقال عليه السلام: "وَكَأَنْ
قَدْ صِرْتُمْ إِلَى مَا
صَارُوا إِلَيْهِ...
وَضَمَّكُمْ ذَلِكَ
الْمُسْتَوْدَعُ"14.
د. تناخر الأجسام:
قال أمير المؤمنين عليه
السلام: "قَدْ
هَتَكَتِ الْهَوَامُّ
جِلْدَتَهُ، وَأَبْلَتِ
النَّوَاهِكُ جِدَّتَهُ،
وَعَفَتِ الْعَوَاصِفُ
آثَارَهُ، وَمَحَا
الْحَدَثَانُ
مَعَالِمَهُ، وَصَارَتِ
الْأَجْسَادُ شَحِبَةً
بَعْدَ بَضَّتِهَا،
وَالْعِظَامُ نَخِرَةً
بَعْدَ قُوَّتِهَا"15.
ه. المساءلة في القبر:
من الشدائد التي تواجه
الإنسان في القبر سؤال
منكر ونكير إياه
ومحاسبته، ولذا يُلقّن
الميّت قبل الدفن وبعد
الدفن. قال أمير المؤمنين
عليه السلام: "حَتَّى
إِذَا انْصَرَفَ
الْمُشَيِّعُ، وَرَجَعَ
الْمُتَفَجِّعُ، أُقْعِدَ
فِي حُفْرَتِهِ نَجِيّاً
لِبَهْتَةِ السُّؤَالِ،
وَعَثْرَةِالِامْتِحَانِ"16.