الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في خطبتَي صلاة عيد الفطركلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من الطلّاب الجامعيّينكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في اللقاء الرمضانيّ مع مسؤولي البلادبِهذا جُمِعَ الخَيرُ

العدد 1612 07 شوال 1445 هـ - الموافق 16 نيسان 2024 م

لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ

العامل الأساس للنصر مراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِن
من نحن

 
 

 

التصنيفات

منبر المحراب -العدد 1012-29 ذو القعدة 1433هـ الموافق 16 تشرين الأول 2012م
حِكمة الحجّ وأسراره

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق


تحميل


"لن يطفئوا نور محمد صلى الله عليه وآله"

محاور الموضوع:
1- تبيين معنى"ليشهدوا منافع لهم"
2- تبيين فلسفة الحج وبعض أسراره
3- التنبيه من الاقتصار على الحج الظاهري

الهدف:
تبيين أهمية الحج وبعض أسراره

تصدير الموضوع:
﴿وَإِذْ بَوَّأْنَا لِإِبْرَاهِيمَ مَكَانَ الْبَيْتِ أَن لَّا تُشْرِكْ بِي شَيْئًا وَطَهِّرْ بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْقَائِمِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ  (26)وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ  (27)  لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ  (28)1.

تمهيد:
"رجال"جمع"راجل"أي"ماشي".
"الضامر"تعني الحيوان الضعيف.
و"الفج"في الأصل تعني المسافة بين جبلين، ثم أطلقت على الطرق الواسعة و"العميق"تعني هن"البعيد".

تناولت الآية"ليشهدوا منافع لهم"فلسفة الحج في عبارة موجزة. وقد ذكر المفسرون لكلمة المنافع الواردة في الآية عدة معان، فهي تشمل جميع المنافع والبركات المعنوية والمكاسب المادية، وكلّ عائد فردي واجتماعي وسياسي واقتصادي وأخلاقي. وعلى هذا ورد في الكافي عن الإمام الصادق عليه السلام في الرد على استفسار ربيع بن خيثم عن كلمة المنافع...: منافع الدنيا أو منافع الآخرة؟ فقال عليه السلام:"الكل"2.

فلسفة الحج وأسراره العميقة

إنّ لشعائر الحج بركات كثيرة جداً في نفسيّة الفرد والمجتمع الإسلامي. ويمكنها أن تُحدث في الفرد والمجتمع الإسلامي تغييراً مُهمّاً. وتمتاز هذه المناسك بأربعة أبعاد مهمة:

1 – البُعد الروحي والأخلاقي للحج:
أهمّ جانب في فلسفة الحج التغيّر الروحي والأخلاقي نحو الأحسن الذي يحصل عند الناس، فمراسم الإحرام تُبعد الإنسان بشكل تامّ عن الأمور المادية والامتيازات الظاهرية والألبسة الفاخرة، ومع تحريم الملذات وبناء الذات، إذ يبتعد الفرد عن عالم المادة، ويدخل إلى عالم النّور والصفاء والتسامي الروحي. وترى الإنسان قد ارتاح فجأة من عبء الامتيازات الموهومة، والدرجات والرتب والنياشين.

ثم تلي عملية الإحرام مراسم الحجّ الأخرى تباعاً، وفيها تتوطد علاقة الإنسان الروحية مع خالقه - لحظة بعد أخرى - وتتوثق. فينقطع عن ماضيه الأسود المملوء آثاماً وذنوباً، ويتصل بمستقبل واضح كله نور وصفاء. خاصة أنّ مراسم الحج تثير في الإنسان اهتماماً كبيراً - في كل خطوة يخطوها - بإبراهيم عليه السلام مُحطِّم الأصنام، وإسماعيل عليه السلام ذبيح الله. وأمه هاجر عليها السلام. ويتجلّى للحجاج جهادهم وتضحياتهم.

إضافة إلى كون أرض مكة عامة، والمسجد الحرام وبيت الكعبة ومحل الطواف حولها خاصة، تُذكِّر الحاج بالرسول صلى الله عليه وآله وسلم وقادة الإسلام العِظام وجهاد المسلمين في صدر الإسلام، فيتعمق أثر هذه الثورة الأخلاقية بدرجة. ففي الرواية عن أبي عبد الله عليه السلام في تحديد بعض فلسفات الحج واسراره:"...و لتُعرف آثار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتعرف أخباره ويذكر ولا ينسى...."3، حيث كل معلم في الحج وكل نسك يذكر برسول الله صلى الله عليه وآله وجهاده وآله وأصحابه.

ليبقى ذكر محمد صلى الله عليه وآله والاقتداء به
وما أحوجنا اليوم الى تَذكّر رسول الله محمد بن عبد الله حبيب الله وصفيه، الى تذكر جهاده في سبيل الله تعالى وفي سبيل النّاس جميعاً، فهو الرحمة المهداة للعالمين جميعا ﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِين.

ما أحوجنا الى تذكر خُلُقه العظيم وصبره وزهده ومحبته ورقّته وحنانه ورأفته:"وانك لعلى خلق عظيم". رسول الله محمد صلى الله عليه وآله الذي يُحاول اليوم تشويه صورته واطفاء نوره بعد أن رأى الاعداء اقبالاً كثيراً من الناس الغربيين على الاسلام، أرادوا تشويه صورته البهيّة- ليُبعدوا النّاس عن نور الاسلام ونبيّه- وهذا مخطط قديم وليس بجديد.

ففي كلام لأحد رجالات إنجلترا المعروفين -"كلودستون"الذي يُعتبر من السياسيين المتفوقين في عصره- قال أمام جمع من المسيحيين: ما دام اسم النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم يُرفع على المآذن، وما دامت الكعبة باقية وما دام القرآن يهدي ويوجه المسلمين، فلا يمكن أن تترسخ قواعد سياسة الإنجليز في الأراضي الإسلامية.سيبقى ذكر محمد صلى الله عليه وآله على ألسنتنا، وسيبقى نوره في قلوبنا، وستبقى أخلاقه في أخلاقنا، وسيبقى اسم النبي محمد صلى الله عليه وآله مرفوعاً على المآذن "أشهد أنّ محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله".

نقول للكائدين للاسلام ونبيّه كما قالت السيدة زينب ليزيد: "فكد كيدك واسع سعيك وناصب جهدك، فوالله لن تمحو ذكرنا ولن تميت وحينا وما رأيك إلا فند وأيامك إلا عدد..."ويأبى الله الا ان يتمّ نوره ولو كره الكافرون

2- البعد السياسي للحج
يقول الإمام الخميني:"إنّ إحدى أكبر فلسفات الحجّ هي البعد السياسيّ الّذي تسعى أيادي الجُناة لاقتلاعه". إن مراسم الحج في الوقت الذي تستبطن أخلص وأعمق العبادات، هي أكثر الوسائل أثراً في التقدّم نحو الأهداف السياسية الإسلامية. فجوهر العبادة التوجه إلى الله، وجوهر السياسة التوجه إلى خلق الله، وهذان الأمران إمتزجا في الحج بدرجة أصبحا كنسيج واحد.

إنّ الحج عامل مؤثر في وحدة صفوف المسلمين. والحج عامل مهمّ في مكافحة التعصّب القومي والعنصري والمذهبي والتقوقع في حدود جغرافية. والحج وسيلة لتحطيم الرقابة التي تفرضها الأنظمة الظالمة، وتدمير هذه الأنظمة المتسلطة على رقاب الشعوب الإسلامية.

والحج وسيلة لنقل الأنباء السياسية للبلدان الإسلامية من نقطة إلى أخرى. وأخيراً الحج عاملٌ مؤثر في تحطيم قيود العبودية والاستعمار وتحرير المسلمين. ولهذا السبب كان موسم الحج زمن الجبابرة كبني أمية وبني العباس الذين كانوا يسيطرون على الأراضي الإسلامية المقدسة، ويراقبون كل تحرك تحرري إسلامي ليقمعوه بقوة، كان الموسم متنفساً للحرية ولاتصال فئات المجتمع الإسلامي الكبير بعضها مع بعض، لطرح القضايا السياسية المختلفة التي تهمّ كل مسلم. وعلى هذا الأساس قال أمير المؤمنين علي عليه السلام في معرض حديثه عن فلسفة الفرائض والعبادات"الحج تقوية للدين"4.

كما أن أحد السياسيين الأجانب المشهورين قال:"الويل للمسلمين إن لم يعرفوا معنى الحج، والويل لأعدائهم إذا أدرك المسلمون معنى الحج! واعتبرت الأحاديث الإسلامية الحج جهاد الضعفاء، إذ يمكن للشيوخ والنساء الضعيفات المشاركة في الحج ليظهروا عظمة الأمة الإسلامية. وليدخلوا الرعب في قلوب أعداء الإسلام بمشاركتهم في صفوف المصلين المتراصة في دوائر تحيط ببيت الله الحرام. وهي توحد الله وتكبره.

3 - البعد الثقافي للحج
يمكن أن يؤدي التقاء المسلمين أيام الحج دوراً فعّالاً في التبادل الثقافي في المجتمع الإسلامي. إن اجتماع الحج العظيم يمثل بشكل حقيقي فئات المسلمين من أنحاء العالم من شتى المجموعات والعناصر والقوميات. لهذا ذكرت الأحاديث الإسلامية أنّ من فوائد الحج نشر أخبار آثار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في أنحاء العالم الإسلامي. يقول"هشام بن الحكم"أحد أصحاب الإمام الصادق عليه السلام المخلصين نقلاً عن هذا الإمام العظيم عليه السلام أنه قال حول فلسفة الحج والطواف حول الكعبة: "إنّ الله خلق الخلق... وأمرهم بما يكون من أمر الطاعة في الدين، ومصلحتهم من أمر دنياهم، فجعل فيه الاجتماع من الشرق والغرب، وليتعارفوا ولينزع كل قوم من التجارات من بلد إلى بلد...، ولتعرف آثار رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وتعرف أخباره ويذكر ولا ينسى"5.

ولهذا السبب كان المسلمون يجدون في الحج فرصة للالتقاء بأئمة الهدى (عليهم السلام) في المدينة المنورة ومكة المكرمة، وبكبار علماء المسلمين، لينهلوا من مناهل القرآن النقية والسنّة النبوية الشريفة. ومن جهة ثانية يمكن أن يكون الحج مؤتمراً ثقافياً إسلامياً يحضره مفكرو العالم الإسلامي في أيام الحج في مكة المكرمة، ليتحاوروا فيما بينهم ويعرضوا نظرياتهم وأفكارهم على الآخرين.

وما أجمل ما قاله الإمام الصادق عليه السلام في ختام الحديث السابق: "ولو كان كل قوم إنما يتكلمون على بلادهم وما فيها هلكوا، وخربت البلاد، وسقطت الجلب والأرباح، وعميت الأخبار"6.

4 - البعد الاقتصادي للحج
فإن مؤتمر الحج العظيم يمكن أن يستفاد منه في تقوية أسس الاقتصاد في البلدان الإسلامية، حيث إنّ التعارف بين الناس من أهم أسباب نجاح التعامل الاقتصادي.ولذا أشار الإمام الصادق عليه السلام في الحديث السابق إلى هذا الموضوع بصراحة. وجاء في حديث آخر للإمام الصادق عليه السلام في تفسير الآية (198) من سورة البقرة ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم. قال عليه السلام: "فإذا أحل الرجل من إحرامه وقضى فليشتر وليبع في الموسم"7. وكما يبدو فإن هذا العمل لا إشكال فيه، بل فيه ثواب وأجر.

فالحج باختصار عبادة عظيمة لو استُفيد منه بشكل صحيح لغيّر من أحوال العالم الاسلامي على الصعيد الفردي والاجتماعي والاخلاقي والثقافي والاقتصادي والسياسي، وقد يكون هو المراد من حديث الإمام الصادق عليه السلام حيث قال: "لا يزال الدين قائماً ما قامت الكعبة"8.

كما قال الإمام علي عليه السلام: "الله الله في بيت ربكم، لا تخلوه ما بقيتم فإنه إن ترك لم تناظروا"9.
ولأهمية هذا الموضوع خصص له باب في الأحاديث الإسلامية تحت عنوان "وجوب إجبار الوالي الناس على الحج"فإذا أراد المسلمون تعطيل الحج في عام من الأعوام، فعلى الحكومات الإسلامية أن ترسلهم بالقوة إلى مكة10.

خاتمة
أيّها الأخوة علينا أن نلتزم بالعبادات ظاهرياً وباطنياً،وندرك معانيها المعنوية، إذ كم من حاج ليس له من حجه الا المشقة الجسدية والمالية فيعود من الحج كما ذهب اليه، فلا يستفيد روحياً أو أخلاقياً أوثقافياً أواقتصادياً أوسياسياً، ولا يزداد معرفة بنبيه محمد صلى الله عليه وآله بل قد يعود من حجه وهولا يذكر نبي الله الاقليلاً واذا ذكره لساناً ولم يذكره عملاً وأخلاقاً وسلوكاً.

عن عبد الرحمان بن كثير: حججت مع أبي عبد الله عليه السلام، فلما صرنا في بعض الطريق صعد على جبل فأشرف فنظر إلى الناس فقال: ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج؟!11.

 


1-سورة الحج
2-تفسير نور الثقلين، المجلد الثالث، الصفحة 488 نقلا عن كتاب الكافي
3 - الوسائل ج11ص14
4-نهج البلاغة، الكلمات القصار، رقم 252.
5- وسائل الشيعة، المجلد الثامن، الصفحة 9
6 - وسائل الشيعة، المجلد الثامن، الصفحة 9.
7 - تفسير العياشي، حسبما جاء في تفسير الميزان، المجلد الثاني، ص 86.
8- وسائل الشيعة، ج 8، ص 14.
9- نهج البلاغة، الوصية 47.
10- انظر: وسائل الشيعة، ج 8، ص 15.
11-البحار: 27 / 181 / 30.

17-10-2012 | 06-01 د | 2418 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net