الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في خطبتَي صلاة عيد الفطركلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من الطلّاب الجامعيّينكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في اللقاء الرمضانيّ مع مسؤولي البلادبِهذا جُمِعَ الخَيرُ

العدد 1612 07 شوال 1445 هـ - الموافق 16 نيسان 2024 م

لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ

العامل الأساس للنصر مراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِن
من نحن

 
 

 

التصنيفات
التبليغ تجلي الحب والعشق
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

تقوم الحياة الاجتماعية للبشر على أساس المحبة المتبادلة والاحترام والرحمة والشفقة، وهي أمور موجودة في فطرة الناس. وأكدت شريعة الإسلام العالمية على موضوع المحبة والصداقة واعتبرت ذلك الركن الأساسي للإيمان. يقول الإمام الصادق عليه السلام: "هل الإيمان إلا الحب والبغض في الله". كم هو جميل هذا الكلام الذي يميز المؤمنين والموحدين.

يقول كمال الدين حسين الكاشفي البيهقي: "الرحمة والشفقة ركن من أركان الدين كما يستفاد من مضمون الحديث الشريف: "التعظيم لأمر الله والشفقة على خلق الله". وقد بني قصر الدين على هذين الركنين (تعظيم أمر الله والشفقة على عباده) فقام بناء الشرع على هاتين القاعدتين"1.

يقول صاحب كتاب "مرآة المكارم": "لا يخفى أن صلاح وتنظيم المجتمع إنما يتم في ظل الالفة والانس والمحبة بين أفراده ويكون المجتمع سعيداً عندما يسود الانس والمودة والالفة بين أفراده... وكان هذا الأمر هدف ارسال الرسل وانزال الكتب أي ايجاد الالفة والانس والتعاون بين البشر..."2.

التبليغ مرآة المحبة التامة:
المحبة أكثر أساليب التبليغ فعالية. وتظهر المعجزة الأكبر للمبلغ في عطفه وطهارة قلبه. وأما أساس التربية الدينية فيعتمد على التربية الأخلاقية والتزكية وتهذيب النفوس والهداية والارشاد... وصداقة الناس واظهار حب الارتباط بهم. وللعلاقة مع الناس علائم وآثار من أبرزها الشفقة، الرحمة، الانس، إرادة الخير، الليونة في الكلام والسلوك، العطف، حسن الأخلاق والابتعاد عن الغضب... مما لا شك فيه فإن التبليغ الذي يرافقه المحبة والشفعة يترك أفضل الآثار وأكثرها دواماً.

ينبغي على المبلغين أن يثبتوا بأقوالهم وسلوكهم أن محاولاتهم التبليغية ليست في طلب المال والمنصب أو العداوة والبغضاء، بل تندرج في اطار الشفقة والرحمة وإرادة الحياة السعيدة والأخلاق المعنوية للناس.

يقول الخواجه نصير الدين الطوسي: "بما أن محبة الأخيار لم تنشأ من انتظار المنفعة واللذة بل هي توجب مناسبة ذاك الجوهر والمقصود منها الخير المحض وطلب الفضيلة، فهي منزهة عن شائبة المخالفة والمنازعة ويحصل على أثرها نصيحة الآخرين والعدالة في المعاملة"3.

وعلى هذا الأساس فإن الذي يحمل في قلبه حباً للآخر لا يمكنه أن يشاهد ضياعه وضلاله وفساده ومعصيته أي دخوله العذاب. بل سيتحرك لتقديم أفضل ما يملك (العلم والمعرفة) ليوصله إلى طريق النجاة والسعادة. وقد بَيّن لنا الرسول الأكرم أن نصيحة المؤمن لأخيه المؤمن وإرادة الخير له أمر واجب4.

وتحتل "المحبة والشفقة" موقعاً هاماً على مستوى القرآن الكريم وكلمات الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم والمعصومين عليهم السلام والعرفاء والعلماء. وقد أشار القرآن الكريم مراراً إلى هذه الخصيصة الحسنة عند الرسول صلى الله عليه واله وسلم واعتبرها سبباً في موفقيته في عملية الهداية: ﴿لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ5.

من جهة أخرى وجه القرآن الكريم تحذيره إلى أن التعامل مع الناس بخشونة وغلاظة قد يؤدي إلى تفرقهم: ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ6.

أقوال العرفاء والعلماء:

يقول الإمام السجاد عليه السلام: "وأما حق المستنصح أن تؤدي إليه النصيحة وليكن مذهبك الرحمة له".
والنصيحة هي الإرادة الخالصة عند الشخص والتي يراد منها الخير لهم وهي الركن الأساس للتبليغ والارشاد، لذلك يجب أن نطلب الخير للآخرين وأن نهتم لمسائلهم.

يعتقد العارف الإلهي المرحوم بهاري الهمداني أن الرحمة والشفقة على عباد الله هي الدافع الأساسي إلى التبليغ واعتبر أن هناك فرقة من المبلغين والوعاظ الذين عملوا على تهذيب أخلاقهم وتصفية كدورات أنفسهم وخلصوا ذواتهم من الشواغل والعلائق الدنيوية ووجهوا تعلقاتهم من الخلق إلى الحق وقاموا بارشاد وهداية عباد الله بناءً على الرحمة والشفقة..
."7.

يقول العالم الرباني الملا مهدي النراقي: "ومنهم [من الوعاظ] من هذب أخلاقه وراقب قلبه، وصفاه عن جميع الكدورات، وصغرت الدنيا في عينه، وانقطع طمعه عن الخلق فلم يلتفت إليهم، ودعته الرحمة والشفقة على عباد الله إلى نصحهم واستخلاصهم عن أمراض المعاصي بالوعظ..."8.

واعتبر الراغب الأصفهاني أن من جملة علل وأسباب وجود نظام الخلق واستقامة أمور الناس، المحبة والعدالة.
يقول الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً9. وهذا يعني أن ترويج الأفكار الدينية بين الناس يجري على أحسن وجه من خلال المحبة والصداقة، وذلك على عكس الخشونة، لأن الخشونة تؤدي إلى التنفر، أما المحبة فتؤدي إلى الألفة10.
الواضح أن أثر التبليغ والوعظ سيكون أكبر إذا ما اتخذ حالة الشفقة والرحمة والسبب في ذلك:
1 ـ إن المبلغ محبوب عند الناس.
2 ـ إن التبليغ لا ينطلق من الحقد والحسد والعداوة والبغضاء.
3 ـ لأنه لا يكون لأجل المال والشهرة والدنيا.
4 ـ ولا يكون لإلحاق الأذى أو التحكم والسيطرة.
5 ـ ولا يكون لأجل تحقير الآخرين وتصغيرهم.
6 ـ لا يكون لمجرد انجاز الوظيفة، بل يكون أكبر وارفع من ذلك.
7 ـ وهو أمر إنساني وإلهي ومن نوع المحبة وإرادة الخير.

ويستلزم هذا الأمر أن يبادر المبلغ إلى التبليغ بلسان هادئ لين ملؤه العطف والحنان حتى على المذنبين وهذا يعني الابتعاد عن الخشونة في الكلام وتحقير الآخرين...

يقول العارف المشهور ملكي التبريزي: "ليعمل الواعظ إلى تقريب الحقائق إلى الأذهان خلال كلامه بهدوء ولين ومداراة وبيان سهل كما هي عادة الأنبياء..."11.

ويقول المرحوم المحدث القمي (رحمه الله): "يجب أن يمتاز سلوك المبلغ الديني باللين والمداراة لأن الليونة هي الأصل في جميع الأعمال. جاء في نهاية وصية الخضر لموسى: لا تعيرن أحداً بذنب، وإن أحب الأمور إلى الله عزَّ وجلَّ ثلاثة: القصد في الجدة، والعفو في المقدرة، والرفق بعباد الله، وما رفق أحد بأحد في الدنيا إلا رفق الله عزَّ وجلَّ به يوم القيامة"12.

ومجتمعنا اليوم يتوق إلى المعنويات والأخلاق ويشتاق إلى التعاطي الحسن. وإذا أخذنا بعين الاعتبار ما يتعرض لنا شبابنا من هجمات ثقافية غربية مخربة، فإن أحوج ما يحتاجون إليه العشق والايثار وليس شيئاً آخر.

الشباب ليسوا أعداءً للدين والمعنويات والعلماء، بل الشباب يهربون من الأمر والنهي والاجبار. وإذا كان الكثير من الشباب قد وقعوا في مصائد المفسدين والفاسقين والمغالطين، فلا يمكن الحديث معهم إلا بلسان المحبة والصداقة والليونة، فلا بد من الحديث معهم بفضائل مكارم الأخلاق. يجب أن نصبح أصدقاءً للشباب وينبغي أن نحدثهم بتقديم النصائح وفي هذا الاطار ينبغي أن نتحمل الصعاب والمشقات. ويؤدي هذا الأسلوب إلى ايجاد نوع من الالفة والانس بين الناس وبينهم وبين المبلغين13.

رحيم كاركر


1-الرسالة العملية، ص145.
2- مرآة المكارم، روح الله خاتمي (رحمه الله)، ص71.
3-أخلاق ناصري، الخواجه نصير الدين الطوسي، ص267.
4-علم الأخلاق في الإسلام، ص256.
5-التوبة: 128.
6- آل عمران: 159.
7- من لا يحضره الفقيه، ج2، ص376.
8-تذكرة المتقين، ص104.
9- جامع السعادات، ج3، ص30.
10-مريم: 96.
11- جفاف السعادة ترجمة الوديعة إلى مكارم الشريعة، ج1، ص216.
12-المراقبات (أعمال السنةّ)، ص291.
13- مجلة الحوزة، العدد 47، ص92.

07-12-2012 | 04-23 د | 2113 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net