الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
الوصي (عليه السلام) في كنف النبي (صلى الله عليه وآله)
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

ورد في رواية يزيد بن قعنب: أن فاطمة بنت أسد ولدت علياً "عليه السلام" ولرسول الله "صلى الله عليه وآله" ثلاثون سنة، فأحبه رسول الله "صلى الله عليه وآله" حباً شديداً. وقال لها: اجعلي مهده بقرب فراشي.

وكان "صلى الله عليه وآله" يلي أكثر تربيته، وكان يطهّر علياً "عليه السلام" في وقت غسله، ويوجره اللبن عند شربه، ويحرك مهده عند نومه، ويناغيه في يقظته، ويجعله على صدره، ويقول: هذا أخي، ووليي، وناصري، وصفيي، وذخري، وكهفي، وصهري، ووصيي، وزوج كريمتي، وأميني على وصيتي، وخليفتي.

وكان يحمله دائماً، ويطوف به جبال مكة، وشعابها، وأوديتها1.

وقال المعتزلي: "عن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين "عليه السلام": سمعت زيداً أبي يقول: كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" يمضغ اللحمة والثمرة حتى تلين، ويجعلهما في فم علي "عليه السلام"، وهو صغير في حجره"2.

وفي خطبته "عليه السلام" المسماة بالقاصعة يقول عن رسول الله "صلى الله عليه وآله": "وضعني في حجره وأنا ولد، يضمني إلى صدره، ويكنفني في فراشه، ويمسني جسده، ويشمني عرفه. وكان يمضغ الشيء ثم يلقمنيه. وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل..".

إلى أن قال: "ولقد كنت أتبعه اتِّباع الفصيل أثر أمه، يرفع لي في كل يوم من أخلاقه علماً، ويأمرني بالإقتداء به. ولقد كان يجاور في كل سنة بحراء، فأراه ولا يراه غيري".

ونقول:

لاحظ ما يلي:

لماذا في غار حراء؟!:
وقد ذكر "عليه السلام" أنه كان مع النبي "صلى الله عليه وآله" حين يكون في حراء فيراه ولا يراه غيره، لم يكن "عليه السلام" مجرد متفرج على رسول الله "صلى الله عليه وآله"، بل كان يشاركه في تعبده وتخشعه.

والذي نراه: أن تعبده "صلى الله عليه وآله" هو وعلي "عليه السلام" بحراء لم يكن عفوياً، بل كان له سبب هام جداً، وهو أن الأصنام قد وضعت حول الكعبة وفيها وعليها، فلم يكن يتعبد عندها أو فيها كراهة أن يتخيل أحد أنه إنما يسجد للأصنام، أو يخضع لها، أو أنه يُكِنُّ لها في نفسه شيئاً من الإحترام الذي يزعمونه.

ويلاحظ: أن بني هاشم وعلى رأسهم عبد المطلب وأبو طالب لا يُذْكَرُون في جملة المترددين على الكعبة، أو في جملة الذين يجلسون عندها، أو في جملة من كان يعظم تلك الأصنام، ربما لأنهم كانوا أيضاً على دين الحنيفية، ويريدون أن ينأوا بأنفسهم عن أن يتوهم في حقهم أي تقديس لتلك الأصنام.

لو ولدت الزهراء (عليها السلام) قبل البعثة!!:
وقال "عليه السلام": "ولم يجمع بيت واحد يومئذ في الإسلام، غير رسول الله "صلى الله عليه وآله" وخديجة، وأنا ثالثهما، أرى نور الوحي والرسالة، وأشم ريح النبوة"3.

ويدل هذا الكلام على: أن فاطمة الزهراء "عليها السلام" قد ولدت بعد البعثة، إذ لو كانت قد ولدت قبل البعثة بخمس سنين كما يزعمون لم يصح قوله "عليه السلام": لم يجمع بيت واحد يومئذٍ في الإسلام غير رسول الله "صلى الله عليه وآله" وخديجة وأنا ثالثهما.

كما أن قوله "عليه السلام": إنه سمع رنة الشيطان حين البعثة يدل على عدم صحة قولهم: إن الوحي نزل على النبي "صلى الله عليه وآله" وهو في حراء، وكان وحده، فرجع إلى خديجة يرجف.

العلاقة بين النبي (صلى الله عليه وآله) وعلي (عليه السلام):

وعن الفضل بن عباس: سألت أبي عن ولد رسول الله "صلى الله عليه وآله" الذكور: أيهم كان رسول الله "صلى الله عليه وآله" له أشد حباً؟!

فقال: علي بن أبي طالب "عليه السلام".

فقلت له: سألتك عن بنيه؟!

فقال: إنه كان أحب إليه من بنيه جميعاً وأرأف. ما رأيناه زايله يوماً من الدهر، منذ كان طفلاً، إلا أن يكون في سفر لخديجة. وما رأينا أباً أبر بابن منه لعلي "عليه السلام"، ولا أبناً أطوع لأب من علي له4.

وروى جبير بن مطعم، قال: قال أبي مطعم بن عدي لنا، ونحن صبيان بمكة: ألا ترون حب هذا الغلام يعني علياً "عليه السلام" لمحمد "صلى الله عليه وآله"، واتَّباعه له دون أبيه؟! واللات والعزى، لوددت أنه أبني بفتيان بني نوفل جميعاً5.

إن جبير بن مطعم يود أن علياً "عليه السلام" ولده، حتى لو خسر جميع فتيان بني نوفل.

ولادة علي (عليه السلام) قبل زواج خديجة:

اتضح مما سبق: أن النبي "صلى الله عليه وآله" حين ولادة علي "عليه السلام" كان لا يزال في بيت أبي طالب، وقد طلب من فاطمة بنت أسد أن تجعل مهده بقرب فراشه، فكان هو "صلى الله عليه وآله" يتولى أكثر تربيته..

وهذا يعني: أنه "صلى الله عليه وآله" لم يكن قد تزوج بخديجة، إذ لو كان قد تزوجها لكان فراشه في بيته، لا في بيت أبي طالب.. ولكان من غير الطبيعي أن يتولى هو أكثر تربية علي "عليه السلام".

وهذا يعطي: أن الرواية الصحيحة في تاريخ زواج النبي "صلى الله عليه وآله" بخديجة هي تلك التي تقول: إنه قد تزوجها وهو في سن الخامسة أو الثالثة والثلاثين، أي بعد ولادة علي "عليه السلام" بخمس أو ثلاث سنوات، فراجع6.

خصني بالنظر وخصصته بالعلم:

قال ابن شهراشوب: "وسمعت مذاكرة: أنه لما ولد علي "عليه السلام" لم يفتح عينيه ثلاثة أيام، فجاء النبي "صلى الله عليه وآله"، ففتح عينيه، ونظر إلى النبي "صلى الله عليه وآله"، فقال صلوات الله عليه: خصني بالنظر، وخصصته بالعلم"7. أي أنه "عليه السلام" لا يريد أن يفتح عينيه إلا على مصدر الخير والبركات.. كما أنه "صلى الله عليه وآله" حباه بالخير كله حين خصه بالعلم.

ولعل ذلك قد حصل في الأيام التالية للولادة بأن يكون "صلى الله عليه وآله" قد غاب عنه، فلم يفتح عينيه في وجه أحد إلا في وجه رسول الله "صلى الله عليه وآله".

النبي (صلى الله عليه وآله) يخبر بالغيب عن علي (عليه السلام):

ثم إن ما ورد على لسان النبي "صلى الله عليه وآله" من أن علياً "عليه السلام" وصيه وزوج ابنته، وناصره، وخليفته يؤكد ما قلناه أكثر من مرة، من أنه "صلى الله عليه وآله" كان نبياً منذ صغره، إذ لا سبيل إلى معرفة هذه الأمور إلا بالوحي الإلهي.. لا سيما وأن النبي "صلى الله عليه وآله" لم يكن قد تزوج بعد، وإن كان قد تزوج بالفعل، فإن الزهراء "عليها السلام" لم تكن قد ولدت أصلاً بالإتفاق..

علي (عليه السلام) يشير إلى معنى العصمة:

وفي قول أمير المؤمنين "عليه السلام" في خطبته القاصعة: "وما وجد لي كذبة في قول، ولا خطلة في فعل" إشارة إلى عصمته "عليه السلام" منذ صغره.. وهذا يؤكد كمال عقله، وتحليه بالكمالات التي تفرض سلامة الفكر، والقول، والعمل. ويدل أيضاً على أن طفولته لم تكن طفولة طيش، وهوى، بل هي محض الاتزان، والحكمة، والوعي، والإلتزام..

النبي (صلى الله عليه وآله) تولى تغذية علي (عليه السلام):

قال برهان الدين الحلبي: "فلم يزل علي "عليه السلام" مع رسول الله "صلى الله عليه وآله"..".

وفي خصائص العشرة للزمخشري: أن النبي "صلى الله عليه وآله" تولى تسميته بعلي، وتغذيته أياماً من ريقه المبارك، يمص لسانه، فعن فاطمة بنت أسد، أم علي "رضي الله تعالى عنها" قالت: "لما ولدته سماه علياً، وبصق في فيه. ثم إنه ألقمه لسانه، فما زال يمصه حتى نام.

فلما كان من الغد طلبنا له مرضعة، فلم يقبل ثدي أحد، فدعونا له محمداً "صلى الله عليه وآله"، فألقمه لسانه فنام، فكان كذلك ما شاء الله"8.

وفي نص آخر عن فاطمة بنت أسد: كنت مريضة فكان محمد "صلى الله عليه وآله" يمص علياً "عليه السلام" لسانه في فيه، فيرضع بإذن الله9.

* العلامة المحقق السيد جعفر مرتضى العاملي


1- بحار الأنوار ج35 ص9 و 10وكشف اليقين ص19ـ 21 وبشارة المصطفى ص7 و 8 وكشف الغمة ج1 ص126و 127و (ط دار الأضواء) ص61 وكتاب الأربعين ص61 وحلية الأبرار ج2 ص29 وشجرة طوبى ج2 ص219 وخصائص الوحي المبين ص25 وأعيان الشيعة ج1 ص372 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب في الكتاب والسنة والتاريخ ج1 ص92 وشرح إحقاق الحق (الملحقات) ج5 ص57.
2- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص200 وبحار الأنوار ج38 ص323 و 324 وشرح أصول الكافي ج2 ص298 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ ج1 ص92.
3- نهج البلاغة (بشرح عبده) الخطبة القاصعة رقم 192 ج2 ص157 ومناقب آل أبي طالب ج2 ص180 والطرائف لابن طاووس ص414 415 وشرح مئة كلمة لأمير المؤمنين لابن ميثم البحراني ص220 وكتاب الأربعين للشيرازي ص223 وحلية الأبرار ج2 ص30 وبحـار الأنـوار ج14 ص475 وج15 = = ص361 وج38 ص320 وكتاب الأربعين للماحوزي ص436 والأنوار البهية ص35 وجامع أحاديث الشيعة ج1 ص68 والغدير ج3 ص240 ومستدرك سفينة البحار ج10 ص331 وسنن النبي "صلى الله عليه وآله" للسيد الطباطبائي ص403 والإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" للهمداني ص531 وشرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص197 وأعيان الشيعة ج1 ص335 ونهج الإيمان لابن جبر ص532.
4- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص200 وبحار الأنوار ج38 ص323 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ ج1 ص95 ومناقب أهل البيت "عليهم السلام" للشيرواني ص46.
5- شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج13 ص201 وبحار الأنوار ج38 ص324 وموسوعة الإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" في الكتاب والسنة والتاريخ ج1 ص95.
6- راجع: كتابنا: الصحيح من سيرة النبي "صلى الله عليه وآله" (الطبعة الرابعة) ج2 ص114 و (الطبعة الخامسة) ج2 ص199.
7- مناقب آل أبي طالب ج2 ص179 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص27 وبحار الأنوار ج38 ص294 والإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" للهمداني ص146.
8- السيرة الحلبية (مطبوع مع السيرة النبوية لدحلان) ج1 ص268 و (ط دار المعرفة سنة 1400هـ) ج1 ص432 والسيرة النبوية لدحلان (مطبوع بهامش الحلبية)، والإمام علي بن أبي طالب "عليه السلام" للهمداني ص532.
9- مناقب آل أبي طالب ج2 ص169 و (ط المكتبة الحيدرية) ج2 ص18 وبحار الأنوار ج38 ص318 ومستدرك سفينة البحار ج7 ص378 والأنوار العلوية ص38.

12-05-2014 | 14-11 د | 1455 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net