الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1121 - 24 محرم 1436هـ الموافق 18 تشرين الثاني 2014م
الخوف من الله وتجنّب مَعْصِيَتِه "مَنْ عَرَفَ الله خَافَهُ"

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تحميل

محاور الموضوع
تمهيد
من عَرَفَ الله خافَ الله
المؤمن يعمل بين مخافتين
المؤمن يشعر بالتقصير دائماً
سيماء الخائفين
أنواع الخوف
آثار الخوف

الهدف:
بيان ضرورة معرفة الله لحصول الخوف للعبد في الدنيا حتى يدرك الأمن يوم الأهوال

تصدير:
"وعزتي وجلالي لا أجمع على عبدي خوفين ولا اجمع له امنين".

تمهيد:
عندما يبلغ الإنسان سنّ التكليف ويوكّل الله به ملكين في الليل وآخرين في النهار ويشرعان بإحصاء الأعمال له أو عليه فإن بعض الناس يقضون حياتهم باللهو واللعب ويغفلون عما يراد بهم ثم ينتقلون من نشأة الدنيا إلى نشأة الآخرة كانتقالهم من عالم الأرحام إلى عالم الدنيا، هؤلاء الخائبون الذين أنساهم الله أنفسهم كما نسوا الله يوم العمل وهؤلاء الخائفون الخاسرون الذين خسروا أنفسهم لتركهم التجارة في دار الكسب فطال عليهم الأمد، ففي الآخرة خائفون لأنهم في الأولى كانوا آمنين، فخوفهم خوف الذلّ والمهانة لا خوف الخشية والمهابة، وأمنهم أمن النائمين السامدين لا أمن الراجين العاملين، والبعض الآخر اتخذ لنفسه الخوف شعاراً "والحزن دثاراً(1)، قلوبهم محزونة، وشرورهم مأمونة (2)، لقد وفقوا للاستعانة على بعد المسافة بطول المخافة"(3)، فقد بلغوا رأس الحكمة لمعرفتهم إنها لا تكمن إلا في الخوف من الله تعالى، فحينما يأوون إلى فُرشُهم فهم على حذر، وإذا استيقظوا فهم على وجل، وكل ذلك لأنهم عرفوا الله حقاً، فالخوف من الله بقدر معرفته والخشية منه تعالى بمقدار علمه، هنيئاً لهم "تتجافى جنوبهم عن المضاجع" "يدعون ربهم خوفاً وطمعاً(4)"، "وطوبى لنفس أدَّت إلى ربها فرضها... وهجرت في الليل غُمْضَها... افترشت أرضها وتوسّدت كفها في معشرٍ أسهر عيونهم خوفُ معادهم، وتجافت عن مضاجعهم جنوبُهم"(5).

من عَرَفَ الله خَافَ الله:

كلما ازداد الإنسان معرفة بربه كلما ازداد حبّاً له وخوفاً منه، ويكفي من معرفته الحدّ الأدنى كأنْ يعرف بأنه هو خالقه وبارئه ومصوره، منه المبدأ واليه المعاد، ويحصي عليه عمله في دار الدنيا بعد أن جعلها دار عمل، ثم يحشره إليه ويسأله عن كل كبيرة وصغيرة ثم يثيبه على ما صلح من أعماله، ويعاقبه على ما اقترفت يداه من الإثم والمعاصي، وهكذا فكل من كان بالله أكثر معرفة كان من الله أكثر مخافة (6)، وجاء في حكمة آل داوود: "يابن آدم أصبح قلبك قاسياً وأنت لعظمة الله ناسياً فلو كنت بالله عالماً وبعظمته عارفاً لم تزل منه خائفا... "(7).

فكثير من الحالات يترك المرء عملاً لوجود ناظر ينظر إليه ويهجر فعلاً لاحتمال وجود من يطلع عليه أيكون الله سبحانه وتعالى أهون الناظرين إليه واخفّ المُطَّلعين عليه؟ وهكذا لو خافَ تعجيل العقوبة وتسريع الحساب أيكون من المبادرين إلى ارتكاب الذنب واقتراف المعصية؟ بالتأكيد لا، إذن فليعلم انه كما يستحي من وجود ناظر إليه فليستحي من وجود خالقه، وكما يخاف من العقوبة المعجَّلة فليخف من العقوبة المؤجلة لان كلَّ أجلٍ سيصبح عاجلاً، فما أجمل ما صوره لنا الإمام السجاد عليه السلام كما جاء في دعاء أبي حمزة الثمالي حيث يقول عليه السلام: "واعف عن توبيخي بكرم وجهك فلو اطلع اليوم على ذنبي غيرك ما فعلته ولو خفتُ تعجيل العقوبة لاجتنبته لا لأنك أهون الناظرين إلي واخف المطلعين عليّ".

المؤمن يعمل بين مخافتين:

إذا وصل الإنسان في سيره إلى منتصف الطريق فيجب ان ينظر فيما مضى من الأَجَل، وليتأمل فيما احْتَطَبَهُ على ظهره، وكيف يخفف الأثقال ويفكّ الأغلال، وفيما يأتي من الأجل وما بقي له من العمر وليتدبَّر فيما يكتسبه أله أم عليه؟ فهو على كل حال ما بعد الدنيا من مُسْتَعَتب وقد ورد في ذلك عن الرسول الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم قوله: "ألا وان المؤمن يعمل بين مخافتين: بين أجلٍ قد مضى لا يدري ما الله صانع فيه، وبين أجلٍ قد بقي لا يدري ما الله قاضٍ فيه، فليأخذ العبد المؤمن نفسه لنفسه ومن دنياه لآخرته، الشيبة قبل الكبر، وفي الحياة قبل الممات، فوالله الذي نفس محمد بيده ما بعد الدنيا من مُسْتَعْتَب وما بعد ها من دار إلا الجنة والنار"(8).

المؤمن يشعر بالتقصير دائماً:

أخطر المسالك وأعظم المهالك فيما لو اتكل العبد على عمله ووثق به بل على المؤمن أن يشعر نفسه بالتقصير ويصبح وجلاً ويمسي خائفاً، وإلا لوقع في الغرور، ودخله العُجب، وهو من أوثق فرص الشيطان ليمحق ما يكون من إحسان المحسنين، وليكن كما قال أمير المؤمنين عليه السلام: "إن المؤمن لا يصبح إلا خائفاً وان كان مُحسناً، ولا يُمسي إلا خائفاً وان كان مُحسناً"(9). بل عليه ان يعمل وَيَجدّ ويجتهد ثم يأمل الجود الإلهي في الفوز برضوانه ويتكل في النجاة من عقابه على فضله كما جاء في دعاء أبي حمزة الثمالي: "لست اتكل في النجاة من عقابك على أعمالنا بل بفضلك علينا لأنك أهل التقوى وأهل المغفرة" ومما جاء في مناجاة الخائفين لمولانا الإمام زين العابدين عليه السلام "الهي أجرنا من اليم غضبك وعظم سخطك يا حنان يا منان... نجني برحمتك من عذاب النار وفضيحة العار إذا امتاز الأخيار من الأشرار وحالت الأحوال وهالت الأهوال وقرب المحسنون وبعد المسيئون، ووفيت كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون".

سيماء الخائفين:

عندما يدخل الخوف قلب امرئ يجعله في حيرة من أمره ويذهله عن كامل شؤونه، يلوذ مما يخاف منه بالفرار ولم يعقب، ويلوذ بمن يأمنه ملتجأ من دون استئذان، وهذه هي حالة كل خائف مرعوب أو راج مرهوب فكيف إذا كان خائفاً من ربه أو فارّاً من ذنبه فالأحرى به ان يفرَّ إلى ملجئٍ ويأوي إلى مأمنٍ، وتظهر علامات لا يقدر على إخفائها فمنها: ما يبدو على جسمه كالنحول والوهن من شدة المرض والى ذلك أشار أمير المؤمنين عليه السلام وهو يصف المتقين حيث قال: "قد براهم الخوف بري القداح ينظر إليهم الناظر فيحسبهم مرضى وما بالقوم من مرض ويقول قد خولطوا ولقد خالطهم أمر عظيم، لا يرضون من أعمالهم القليل ولا يستكثرون الكثير، فهم لأنفسهم متهمون ومن أعمالهم مشفقون"(10).

ومنها: ما يصيب قلوبهم بالانكسار من خشية الله كما جاء عنه عليه السلام أيضاً حيث قال: "ان لله عبادا كسرت قلوبهم خشية الله فاستكفوا عن المنطق وإنهم لعظماء عقلاء الباء نبلاء، يسبقون إليه بالأعمال الزاكية،لا يتكثرون له الكثير ولا يرضون له القليل، ويرون أنفسهم أنهم شرار، وإنهم الأكياس الإبرار"(11).

ومنها: صفات يتحلى بها كطرد حب الشرف والذكر المبعدين عن الخوف من المولى تعالى كما قال الإمام الصادق عليه السلام: "ان حب الشرف والذكر لا يكونان في قلب الخائف الراهب"(12).

ومنها: ما ينعكس على سلوكه ككف الأذى ووقوع الظلم على الآخرين كما في الحديث عن علي عليه السلام حيث قال: "من خاف ربه كفّ ظلمه".(13)

انواع الخوف:

يعتبر الخوف من الكيفيات النفسانية ومن المفاهيم المشككة فتختلف شدة وضعفاً بحسب الحالة التي يكون عليها الخائف وقد ذكر له أنواع خمسة: خوف وخشية ووجل ورهبة وهيبة، فالخوف للعاصين، والخشية للعالمين، والوجل للمخبتين، والرهبة للعابدين، والهيبة للعارفين، أما الخوف فلأجل الذنوب قال الله عز وجل: "ولمن خاف مقام ربه جنتان". والخشية لأجل المعرفة قال الله عزوجل: "إنما يخشى الله من عباده العلماء". وأما الوجل فلأجل ترك الخدمة قال الله عز وجل: "الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم". والرهبة لرؤية التقصير قال الله عز وجل: "ويدعوننا رغباً ورهباً". والهيبة لأجل شهادة الحق عند كشف الأسرار أسرار العارفين قال الله عزوجل: "ويحذركم الله نفسه"(14).

آثار الخوف:

إن لكل شيء أثراً واثر الذنوب سجن النفس من الذنوب فعن أمير المؤمنين عليه السلام قال: "الخوف سجن النفس من الذنوب ورادعها عن المعاصي"(15) وقال عليه السلام: "نعم الحاجز عن المعاصي الخوف"(16).

والحمد لله رب العالمين


(1) بحار الأنوار ج 7 –ص 382
(2) من كلام لامير المؤمنين في وصف المتقين
(3) بحار الأنوار ج 77- ص 44
(4) السجدة 16
(5) نهج البلاغة ج3- ص 75
(6) بحار الانوار ج70- ص 373
(7) المصدر نفسه ص382
(8) بحار الانوار
(9) بحار الانوار ج70 –ص 382
(10) نهج البلاغة: ج2- ص 162
(11) بحار الانوار -69- ص 286
(12) الكافي ج2-ص 69
(13) تفسير نور الثقلين ج2- ص 69
(14) الخصال ج1- ص 282- وبحار الانوار –ج70- ص 381
(15) غرر الحكم
(16) المصدر نفسه

03-12-2014 | 10-49 د | 3289 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net