الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في خطبتَي صلاة عيد الفطركلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من الطلّاب الجامعيّينكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في اللقاء الرمضانيّ مع مسؤولي البلادبِهذا جُمِعَ الخَيرُ

العدد 1612 07 شوال 1445 هـ - الموافق 16 نيسان 2024 م

لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ

العامل الأساس للنصر مراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِن
من نحن

 
 

 

التصنيفات
السهرة الخامسة: الموعظة
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

من الجدير بالذكر أن أكثر الخلافات التي يمكن أن تحصل بين الرجل والمرأة يرجع سببها إلى الطرفين. وكذا لا يمكن أن نعتبر المرأة فقط السبب الأساسي في الخلافات المنزلية ولا الرجل لوحده هو المخطئ، ويمكن أن نعزو السبب إلى عدم رحابة الصدور إلى حب الذات والتنكر للطرف المقابل وهذا قد يشمل الطرفين [الزوج والزوجة] على السواء.

ومن بديهيات الحياة أنه لا يوجد اثنان يتفقان اتفاقاً فكرياً وأخلاقياً، ومن الجملة الرجل وزوجه، لأن هذا التوافق يحصل بين الأنبياء والأولياء فقط لما لأرواحهم من اتحاد وتسليم محض لأمر الباري تعالى.

ومن هنا لا يتوقع أن يتفق الزوج والزوجة على كل الجزئيات فالاختلاف هو أحد الأمور الطبيعية التي لا ينبغي أن تؤثر في الأسرة تأثيراً سيئاً وتزلزل استقرارها.

إن الحل لمسألة الاختلاف في الأسرة هو التحمل وتقبل ما يقال برحابة صدر، فالزوج أو الزوجة يجب أن يضعا في ذهنيهما الابتعاد عن الحدة والصراخ أو الانتقاد الهدام، ويسعيا للتفاهم بكل هدوء ورحابة صدر وبالوعي وضبط النفس، يمكن أن تتضح الأمور ويزول الخلاف بسرور فإذا صفا الجو يشهدان الله ـ تعالى ـ على ما كان السبب الأساسي في بروز ذلك الخلاف.


وظيفة الرجل حيال المرأة غير المطيعة

لقد جاء في القرآن الكريم: ﴿وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ1. وعليه فالموعظة أولى وساءل العلاج التي ينبغي على الزوج استخدامها ، والموعظة هي الإرشاد الممزوج بالتلطف والتحبب إلى الشخص المراد نصحه فيجب أن تكون كالشمس التي لا تبخل بنورها الذي تبعثه من كل جوانبها، وأن تنبعث من الدليل السهل الجميل.

ويختلف النصح باختلاف الإنسان المنصوح له، فإذا كان امرأةً استدل الناصح بالقضايا العاطفية والنفسية، وهذا ما أشار إليه القرآن بقوله الحكيم: ﴿وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً. أي أنه لا داعي للوعظ العقلي المستند للبراهين المنطقية الجافة.

فإذا قصرت المرأة في واجباتها خوطبت بلطف ومحبة يوقظان عواطفها، فإذا دخلت، واستقبلتك زوجك بلباس الطبخ وعليها البرم والنصب يجب أن لا تصرخ في وجهها وتطلق لسانك عليها. وإنما عليك أن تعاملها بلطف وهدوء ومحبة، وتذكرها بألطف قول أن مثل هذا يخفض حرارة الود في الأسرة.


شروط تأثير النصيحة

ذكرنا سابقاً أن النصيحة أو الموعظة يشترط في تأثيرها ثلاثة شروط:
1ـ  التلطف: فالموعظة يجب أن تكون بتلطف وتودد وأن تكون خارجةً من صميم القلب.
2ـ  الاستدلال: القصد من ذلك أن يكون للنصحية سند صحيح وتعتمد على أساس قوي من الدلائل والبراهين الواضحة.
3ـ  رحابة الصدر: هذا الشرط يحظى بحصة الأسد في أهميته فهو من النعم الكبيرة التي أنعم الله بها على عباده، ولهذا ركز عليه القرآن الكريم في قوله المبارك للرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم:
﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ﴾2 .

وقد عنى ـ سبحانه وتعالى ـ بشرح الصدر رحابته للأمور وقدرته على استيعابها بحكمة وطمأنينة تقربه من النفوس وتزيده جلالاً في العيون.


أنموذج للتعامل الإسلامي

نضرب لك مثلاً على التعامل الإسلامي فافترض أنك شاهدت المنزل ساعة دخولك غير نظيف أو غير مرتب، ولا يليق بحياة إسلامية. ماذا تفعل؟

يجب أن تعظ امرأتك موعظة حسنة، وتنبهها على النواقص بلطف مذكراً أن النظافة من الإيمان، ثم تشير إلى تأثير الجو النظيف في تربية الأبناء وسلامتهم ورشدهم متحدثاً عن واجب الأبوين في هذا الصدد.

ومثل هذا الحديث اللين المهذب سيؤثر في الزوجة، ويزيل ما يؤخذ عليها، فالموعظة التي تبدأ باللطف وتنتهي بالبيان لابد أن تكون طيبة الثمار.


تكرار النصيحة

كان أستاذنا المرحوم "آية الله العظمى البروجردي" يكرر ويلح على بعض المسائل التي كانت صعبة الفهم على بعض الدارسين في مدرسته حيث كرر في وقتها "قاعدة الفراغ" سبعة عشر يوماً، والغرض الأساسي من هذا التكرار هو إرساء قواعد الفهم في ذهن الدارس أولاً، وإقناعه بالموضوع المدروس ثانياً.

وفي بعض الأحيان يتطلب التكرار استبدال الألفاظ التي تتناول الموضوع الرئيسي لما له من تأثير في عملية الإقناع. والتكرار للموعظة يستلزم سعة الصدر والترفع على الانفعال والتوتر اللذين يوسعان الهوة بين الناصح والمنصوح له.

فالإنسان المسلط على عقله وقلبه يحظى دوماً بالنصر والوصول إلى أهدافه، حاله حال الكليم موسى عليه السلام الذي طلب من المولى بدعائه أن يساعده في شرح صدره وتيسير أمره فقال: ﴿رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِيوَيَسِّرْ لِي أَمْرِي وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي3 .

فالآية الشريفة تشير بوضوح إلى أن من يملك نفسه عند الغضب ويفتح قلبه للآخرين يستطيع بلوغ غاياته وحل مشكلاته. ويستجيب له الناس.


أثر المودة في الحياة الزوجية

إن إيفاء مسؤولية الأسرة يتطلب الصبر وسعة الصدر والإيثار والعفو والعقل المخطط والاستفادة من المعلومات التي تدخل ضمن هذا المضمار، فإدارة البيت والمحافظة على سلامة الأسرة يوجزها قولهم السائر: "رئيس القوم خادمهم".

لقد ذكرنا أن أقصر الطرق لإدامة البيت السعيد هو استخدام العطف والمودة وإيجاد الانسجام بالتفاهم والتناصح، وإلى هذا أشار القرآن في حديثه عن لقمان عليه السلام: ﴿وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لِابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ4 .

في هذه الآية الشريفة يتجلى لنا مقام الموعظة وأثرها مقروناً بالتلطف والعطف وما يبديه لقمان الحكيم لابنه معتمداً الاستدلال أساساً في التحدث إليه ومجتنباً التحقير أو الانتقاص منه لما للتحقير والانتقاص من أثر سلبي يطيح بالمقاصد السامية التي يرنو إليها، بل وقد يتسبب في خروج الابن على الأعراف والقيم السامية.


الاستنارة بالروايات في الموعظة

لموعظة الأهل يستنار بما ورد عن أهل البيت ـ عليهم السلام بحسب المناسبة.

فيقال مثلاً: ورد في الروايات أن من يطول لسانها على زوجها يجر يوم القيامة حتى يطأه الحشر جميعاً.

أو أن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم رأى ليلة المعراج نساء علقن من ألسنتهن في جهنم، فسأل جبرائيل عليه السلام عن ذلك، فقال: هؤلاء من أطلن ألسنتهن على أزواجهن.

ولابد من عرض هذه الروايات بمنتهى اللطف وعدم المس بإحساس المخاطب بها، وإلا أضرت كثيراً.

طبيعي أن بيان مثل الأحاديث التي تحمل في جنباتها العظة والنصح ينبغي أن تسدى بشكل تشوبه الرحمة والمودة وإسباغ العاطفة والتلطف أثناء سردها والابتعاد عن الحدة والإساءة إلى الشخص الذي يراد نصحه خوفاً من الوقوع في الآثار السلبية التي سوف تتسبب في نتائج لا تحمد عقباها.


إقرار الرجل بخطأه والإعتذار عنه

من الرجولة وكمال الشهامة أن يعتذر الزوج لزوجته حينما يتبين له أنه كان السبب في بروز الخلاف. ولو اتضح للرجل تقصيره وظهر أنه هو السبب الأساسي في الخلاف لتعذر عليه أن ينصح لزوجته إذا قصرت بعدئذٍ، وما كان لمواعظه ونصائحه من أثر مستقبلاً. لأنه هو الأولى بالنصح.

وبصدد هذه القضية تفضل أستاذنا الكبير القائد العظيم للثورة قائلاً: إن المثل الشائع: "كلمة الرجل واحدة" ليس صحيحاً، فالرجل الذي يشتبه في ارتكاب قضية خلافاً للعرف أو الشرع يجب أن يعترف بذلك، لأننا لسنا معصومين، ومن المسلم به أن نقع في الخطأ. فعلينا أن نقر بأخطائنا، فذاك من القوة لا من الضعف، ومن الكمال لا من النقص.

والشخص الوحيد الذي يمكن أن يكون موفقاً في حياته هو ذلك الشخص الذي يتمتع بأخلاق كريمة تساعده على تقبل الحقائق برحابة صدر. وبغير هذا سوف يكون إنساناً مستبداً وغير مقبولاً في المجتمع. ومن علامات المروءة والشهامة إعطاء الحق لأصحابه إذا علم بأنه ليس بصاحب لذلك الحق. وقد ينزغ الشيطان للرجل في أن الاعتراف للزوجة بالحق يجعلها امرأة جسوراً لا توقر زوجها ولا تسمع له.
غير أن منطق الإيمان لا يزن بهذا الميزان، فالإمام الحسن عليه السلام في معرض حديثه لجنادة قال: "من أراد عزاً بلا عشيرة وهيبة بلا سلطنة فليخرج من ذل معصية الله إلى عز طاته".

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا5 .


التغاضي عما مضى

من الصفات الأخرى التي ينبغي أن يتصف بها كل من الرجل والمرأة التغاضي عن الأخطاء السابقة لحفظ مركزية توجيه الأسرة هذه الخصلة الحسنة تتجلى في سيرة الأئمة المعصومين وأنبياء الله عليهم السلام هؤلاء العظام الذين طالما تجاوزوا عن أخطاء الناس وتناسوا ما سلف.

مثال آخر من الروايات:

جاء عن الإمام الصادق عليه السلام أنه قال: "العفو عند القدرة من سنن المرسلين والمتقين".

وكذا قال أمير المؤمنين علي عليه السلام بصدد العفو: "إذا قدرت على ظلم الناس تذكر قدرة الله عليك" و"العفو عند المقدرة"..

وقال لهم: أنتم الذين جعلتم مني أن أكون عزيز مصر، وبعد ملاقاته لأبيه مروراً بسني الهجرة التي جاوزت الأربعين سنة قال لأبيه: "إن الشيطان نزغ بيني وبين أخوتي".

وتجاوز كذلك عن ظلم زليخا التي أدت به على أن يمضي تسع سنين في غياهب السجون.

فليكن التجاوز عن الأخطاء الذي فعله الأنبياء وأولياؤهم ومن سار على نهجهم درساً وعبرةً، وهو ما تفصح به هذه الآية الشريفة:

﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ6 .


تأثيرات الماضي

إذا ما تغاضى الإنسان في محيط الأسرة أو المجتمع بشكل عام عن الأخطاء الصغيرة كان لذلك أثر حسن، وأثمر التصافي والتحابب. المهم في هذا التصرف أنه مدعاة لعفو الله ـ تعالى ـ في الآخرة عن الأخطاء والذنوب التي أقترفها هذا الإنسان المتجاوز عن أخطاء الآخرين. فوجود العفو وغض النظر عن بعض الأخطاء داخل الأسرة يحفظ سلامة الأسرة، ويبعث على الفوز بغفران الله سبحانه وتعالى. فما أطيب أن تنيروا مشاعل الرأفة والعفو لتحرقوا بها الأخطاء فيما بينكم من أجل نثر بذور المحبة داخل أسركم لتتمكنوا من العيش بسلام في ظلم العفو والرحمة.


تأثير التفاهم في الحياة

إن السعادة واللذة المعنوية في الأسرة الواحدة هي رهينة التفاهم، فمنه تنبعث الألفة والانسجام، وبه تحل الثقة والاطمئنان في الأسرة، ويستقر نظامها، ويشرق صفاؤها وسرورها.

روايات أخرى

نذكر نماذج أخرى لما لهذا الموضوع من أهمية خاصة في حياة المجتمع:

نقل عن أحد المعصومين عليهم السلام: أفضل النساء امرأة قالت لزوجها في حال الغضب: يدي بيدك وأمري لأمرك مطاع7.

وكذلك قال عليه السلام: إذا نامت المرأة وبعلها غير راضٍ عنها لعنتها ملائكة الله حتى تفيق من نومها8.

وإذا ما تحدث الرجل مع أهله بهذه الروايات بطريقةٍ كان فيها منشرح الصدر متبسماً طبعت أثرها الحتمي على أهله.


1- النساء: 34
2- الانشراح: 1.
3- طه: 25 ـ 28
4- لقمان: 13
5- مريم: 96
6- النور: 22
7- بحار الأنوار ، ج103 ، باب أصناف النساء.
8- المصدر السابق
.

16-04-2010 | 08-01 د | 1816 قراءة

الإسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
لوحة المفاتيح العربية
رمز التأكيد


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net