الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
السهرة الثامنة: العوامل المهمة في نظام الأسرة
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

يرتكز النظام الأسري وروابط الرجل بزوجته على مسألتين مهمتين

الأولى: القوانين والنظم الحاكمة لهذين الاثنين، أعني حقوق المرأة على زوجها، وحقوقه عليها.

الثانية: هي أهم وأدق من الأولى، وهي: التفاهم والمحبة والتعاطف والتعقل.

وإذا حدث أن تخاطب الزوجان بأنا وأنت، ولماذا وكيف وسادت هذه اللغة حياتهما سيادة صارمة تذكر الذنب وتنسى العفو نُكت في صميم الأسرة نكتة سوداء تزداد سواداً كلما ازداد سوء الحساب في تلك الأسرة، حتى ينطمس ضياء تلك الأسرة وتغرق في الظلام.

قسوة القلب

قال الإمام الصادق عليه السلام: "إذا أذنب الرجل خرجت في قلبه نقطة سوداء، فإن تاب انمحت، وإن زاد زادت حتى تغلب على قلبه، فلا يفلح بعدها أبداً"1.

﴿ ثُمَّ كَانَ عَاقِبَةَ الَّذِينَ أَسَاؤُوا السُّوأَى أَن كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَكَانُوا بِهَا يَسْتَهْزِؤُون 2 .


تقسية نظام الأسرة

وتصدق الآية المباركة أيضاً والحديث الشريف السابق لها على الأسرة، فإنها تهتز وتنهار إذا اعتراها الخلاف المستمر دون إصلاح.
ولذا نقرأ في روايات أهل البيت عليه السلام أنه: إذا برزت الخلافات عليكم بإزالتها بدقة، ولا تصلوا صباحكم بمسائكم حتى تنتهوا من حل جميع ما ألم بكم من مشكلات.

إن الاختلافات الجزئية تتعاظم شيئاً فشيئاً، حتى تجر إلى الطلاق فتحدث الكارثة.

والطلاق كما تعلمون من الأمور المبغوضة عند الله3، والحياة إذا كانت على هذه الهيئة من خصام وشجار، أعنف من أي سجن يعذب فيه الإنسان.

وفي كلتا الحالتين وأعني (الحياة المضطربة) أو (الطلاق) يجر الأولاد إلى مخاطر حتمية، فهم حين ينشأون في محيط متخلخل ومضطرب، يكبرون معقدين نفسياً أينما يولوا وجوههم لا يأتوا على شيء.

والفتيات غير المقتدرات على الانسجام مع الحياة الزوجية، غير قادرات على تربية النشء الصحيح.

والسريعو الغضب والسيئو الأخلاق ذوو الحدة والخشونة من الناس هم ممن تربى في أحضان أسر مضطربة قلقة أو كانوا أولاد الطلاق.


التفوه بالكلمات النابية وأثرها على الأولاد

أشرنا إلى أن محيط الأسرة هو كالدولة الصغيرة التي يسعى من في داخلها للحفاظ عليها؛ رئاسة المنزل بعهدة الرجل انطلاقاً من حكم الشريعة والعقل، وعليه أن يسلك سلوكاً يوصله إلى مكان تكون كلمته فيه نافذة، ناهيك عن التحكم في عواطف أفراد أسرته.


تنفيذ التكاليف اشتياقاً

أفراد الأسرة الواحدة، وخاصة الزوجة، عليها أن لا تركب رأسها قبالة أوامر رب الأسرة، وينبغي لها أن تنفذ ما تومر به على الرحب والسعة وتتابع مسؤولياتها من دون إكراه وقهر طبقاً لكون الإنسان مختاراً في الإسلام.

ومن لا تعرف وظيفتها، وتشعر بأنها مرغمة على أدائها تفتر علاقتها بزوجها، ولا تنهض بواجبها إلا حين تراه.

ومن هذا الجهل والشعور الخاطئ تنشأ عوامل فناء الأسرة.

ومسؤولية المرأة داخل حدود المنزل مساوية لمسؤولية زوجها خارج المنزل. فكلاهما ينهض بما تحتاج إليه الأسرة من شؤون.

فيجب أن لا تتكاسل في عملها في إيجاد أسرة نافعة على مستوى المجتمع الكبير.

وضعية القائد والمقود، المرأة وزوجها، الأب والإبن كل هؤلاء حري بهم أن يتعاملوا مع من دونهم أو مع من هم أكبر منهم بكامل الاختيار وصولاً للهدف المرسوم وهو المسؤولية وكيفية إنجازها.

وعلى هذه الشاكلة فقط يمكن أن يكون التوفيق حليف العاملين.

يجب أن يعلم الرجل على الرغم من أنه قائد ورئيس ورب أسرته أن حكومته للأسرة والتوفيق الذي قد يصبغ حكومته هذه سوف يمكنه من النفوذ داخل قلوب أفراد أسرته أو حكومته وسيتمكن من تسخير هذه القلوب فيما يريد.


ائتمار الزوجة والأولاد

على الزوجة والأولاد الائتمار بأوامر رب الأسرة والانتهاء عما نهى انطلاقاً من وجوب احترامه وامتثال ما يريد من الحق، لا من الخوف منه.

فبالتودد تحيا القلوب الميتة، وبالتمرد تموت القلوب الحية. ومن التودد معرفة الواجب وأداؤه، وهو كما نصت عليه الآية المباركة: ﴿ الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء بِمَا فَضَّلَ اللّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُواْ مِنْ أَمْوَالِهِم 4.

فللرجل القيمومة على زوجه وتوجيهها حفاظاً على ما بينهما من المودة والرحمة. وإنما أوتي هذا الحق لما له من وعي وصبر على خدمة أسرته والحرص على سعادتها أبداً.

فهو لا يحاسب حتى يدرك، وإذا حاسب رحم وأنصف. وحسابه تذكير وتنوير لا تسلط وتجبر.

وإذا كانت الزوجة لا سمح الله طويلة اللسان على زوجها اضطرب سير الأسرة، واضطر الرجل إلى البطش لتقويم الإعوجاج. وقد يزداد الوضع سوءاً باستعمال القوة وسيكون الأمر أشد على المرأة العاصية. ولهذا ننظر في مسألتين مهمتين

الأولى: سوء الخلق

إذا كان الرجل سيئ الخلق لأهله يحمل أسرته ما لا طاقة لهم به، عاملاً طبق ما يمليه عليه هواه، فسوف يلقى حسابه في هذه الدنيا على يد الحكومة الإسلامية علاوة على ما ينتظره من ضغطة القبر.

النساء مؤتمنات من قبل الرجال

النساء المسلمات هن المطيعات الحافظات لعهودهن وحقوق أزواجهن ساعة الغياب.

وقد أشار الله سبحانه وتعالى إليهن بالحفاظات سورة النساء، الآية: 34. والمعني هنا حفظ العفة داخل البيت الزوجي وخارجه، وإذا تنكرت المرأة لحفظ عفتها فقد خانت زوجها، لأن عفة المرأة حق أساسي من حقوق الرجل، فالنساء المتبرجات خائنات، ولا يقتصر الابتذال في العفة على خيانة العفاف بشكل عام، بل يتعداه إلى خيانة الزوج والطعن في نظام المجتمع بانتهاك حرمة الحجاب مثلاً وجلب أبصار الغرباء والمحارم ممن لا يحلون عليها.

إذن على المرأة أن تكون حارساً على عفتها، فهي أمانة لزوجها عندها أي أن النساء مؤتمنات من قبل الرجال، لذا عليهن أن يتحملن عبء هذه الأمانة في أعناقهن.

وعلاوة على حفظ العفة، التواضع الذي يجب أن تبديه الزوجة لزوجها، لأنه لابد للمأمور من التواضع من عذاب العاجلة، فعذاب دقيقة في القبر يعدل ألف سنة من عذاب الدنيا.


في الأخبار عن المسيح عليه السلام

جاء في خبر، أن عيسى عليه السلام أحيا بإذن الله فتىً مات لدقائق مضت، وبعد لحظات من دفنه خرج من قبره وقد شاخ وانحلت قواه واسود لونه وذبل وعلته قترة من الغم ومن الحزن.

على هذه الحال سأله المسيح عليه السلام: كم انقضى من الأيام على وفاتك؟

فأجاب: فوق عشرة الآف سنة (على الرغم أنه لم تمض دقائق على وفاته).

سأله ثانية: ماذا لديك من أخبار عالم البرزخ؟

قال: بعد أن غطيت بالتراب وذهب عني الأهل والأحباب وبقيت وحيداً، جاءني الموكلون الإلهيون يناقشون فيما أمضيت؛ وحين أعجز عن الجواب يعملون بي السوط، فامتلأ القبر ناراً، وهكذا مضت عليّ ألف سنة وأنا على هذه الحال أتلوى تحت سياط النار.


رواية أخرى

جاء في مكان آخر أن المسيح عليه السلام كان قد أحيا إذن الله تعالى رجلاً عجوزاً كانت السنون قد أتت عليه وعلى قبره فلم تترك لقبره معلماً وحين بعث من رقدته كان يثير الدهشة بنشاطه وسروره؛ فسأله المسيح عليه السلام: كم لبثت؟

فأجاب: ما هي إلاّ لحظات.

فسأله ثانية: ما الخبر عن عالم البرزخ؟

قال: بعد رد التراب عليّ في القبر فتح لي باب لروضة غناء كبيرة، خضراء فرحت إليها وإذا بحور العين تحثني على إسراع الدخول عليهن وقد هببن لاستقبالي.


تذكير

لا نعني بسوء الخلق السباب والشتائم، التلفظ بالكلمات النابية عمل قبيح وغير محمود، ولا ينبغي للمسلم أن يطعن ويلعن ويتفوه ببذئ الكلام حتى على عدوه. فقد منع أمير المؤمنين عليه السلام في حرب صفين نفراً من جنده كانوا يسبون ويشتمون أفراداً في جيش العدو، وقال عليه السلام: إني أكره ان تكونوا سبابين5.

وعلى المسلمين أن يدعوا لعدوهم، ويطلبوا لهم من الله الهداية إذا كانوا هم أهلاً لذلك.


حكاية عن سوء اللسان (البذاءة)

في خبر عن الإمام الصادق عليه السلام بصدد البذاءة، أن أحد أصحابه عليه السلام كان عنده وقد أوصاه بالذهاب إلى مكان ما.

وإذ مضى كان غلامه يمشي خلفه، فناداه، لكن الغلام لم يرد.

وناداه ثانية، فلم يرد أيضاً.

وناداه الثالثة، فلم يسمع منه جواباً، فسبه قائلاً: "يا ابن الفاعلة، إياك أعني".

يقول الراوي: وعند سماع الإمام الصادق عليه السلام قبيح كلامه وقف عن الاستمرار في سيره، ووضع يديه على خاصرتيه، وقال: ماذا قلت؟


قال: يا ابن رسول الله، هذا الذي قلته للغلام لعلمي أن أبوي الغلام ليسا من الإسلام في شيء وأنهما كان هنديين.

قال الصادق عليه السلام: دعنا من أبويه، أريد أن أقول لك لماذا تسب وتشتم؟

ليس لك بعد الآن حق في صحبتي.

قال الراوي: لم يقبل الإمام الصادق عليه السلام يوماً ضيافة هذا الصحابي ولم يصاحبه في قليل أو كثير على مدى حياته.


رواية أخرى

في خبر آخر جاء: إن اليهود ائتمروا أن يسيئوا القول للرسول صلى الله عليه واله وسلم، فذهبوا إلى داره واحداً بعد آخر للسلام عليه بعبارة "السام عليكم" أي: نتمنى لك الموت.

فأجاب الرسول بكل صلابة "وعليكم".

فاستاءت "عائشة" من قباحة اليهود، وبدأت تكيل لليهود السباب والشتائم، وقالت: "الموت لكم أولاد الخنازير والقرود".

حينها حبس الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم عائشة وقال: "إذا لم تتجسم حقيقة السب واللعن، فلن تكون هناك صورة أقبح من هذا السب وذاك اللعن".


نتيجة

من هذه الروايات والأخبار يمكن أن نخلص إلى نتيجة هي: أن المسلمين ينبغي لهم أن يكونوا متأدبين، ممتنعين عن لغو الحديث وما إلى ذلك من السب والشتم وأن يحفظوا ألسنتهم كما يحفظون أموالهم.

ومراعاة هذا الأمر في الأسرة خصوصاً تحظى بأهمية كبرى، فإذا لم يراع المسلمون هذا الأمر، فلا يمكن لأحد أن يطلق عليه اسم حارس الإسلام وقد يشطب اسمه من سجل النبي الأكرم صلى الله عليه واله وسلم ليخرج بذلك من أمة رسول الهدى صلى الله عليه واله وسلم.

ولا يكون تقصير المرأة في عملها مثلاً داعياً لسبها وباعثاً على إهانتها.

وليس لأحد حق في أن يسب أو يشتم زوجته أو أي شخص آخر، إذا ضيعوا حقه، لأنكم سوف تواجهون بسبابكم هذا شدة عذاب القبر، وستجرون في الغد القريب (يوم القيامة) إلى العذاب بالسب والشتائم.


المسألة الثانية: تأثر الأولاد

المسألة الثانية التي يجب أن نلتفت إليها، هي تأثر الأولاد بسلوك الأبوين من عمل أو قول.

وعلى هذا الأساس لا ينبغي أن يسيئ الوالدان القول أو الفعل في جميع القضايا التي تحدث بمحضر أولادهم؛ لأنها تسجل في أذهانهم وتنعكس على سلوكهم.


حكاية رابعة

تقول إحدى النساء: أثناء الشروع بالخلاف مع زوجها أحياناً والذي فيه يضطرب نظام أسرتها، تعمد إلى إرسال أولادها إلى دار أمها حتى لا يكونوا حاضرين ما قد يحدث من حدة في الكلام أو تعبير يجب أن يبقى خافياً عليهم، لئلا يؤثر في نفوسهم تأثيراً سيئاً.
هذا العمل، عمل جيد إنصافاً، لما للخلافات ولو لساعة واحدة داخل محيط الأسرة من آثار لا تحمد عقباها في تكوين شخصية الأولاد.


1-أصول الكافي ج3، ص373.
2- الروم: 10.
3-قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: "... وما من شيء أحب إلى الله عز وجل من بيت يعمر بالنكاح، وما من شيء أبغض إلى الله عز وجل من بيت يخرب في الإسلام بالفرقة يعني الطلاق". (وسائل الشيعة ج14 ص266).
4-النساء:34
5-نهج البلاغة فيض، ص659، الخطبة 197.

16-04-2010 | 08-13 د | 1676 قراءة

الإسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
لوحة المفاتيح العربية
رمز التأكيد


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net