الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
كلمة الإمام الخامنئي في محفل الأنس بالقرآن الكريم في اليوم الأول من شهر رمضان
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

كلمة الإمام الخامنئي في محفل الأنس بالقرآن الكريم في اليوم الأول من شهر رمضان المبارك في حسينية الإمام الخميني (رضوان الله عليه)_07-06-2016

بسم الله الرحمن الرحیم

الحمدلله ربّ العالمین، والصلاة والسلام علی سیّدنا ونبیّنا أبي القاسم المصطفی محمّد وآله الأطیبین الأطهرین المنتجبین، لا سیّما بقیة الله في الأرضین.

حللتم أهلاً وسهلاً، لقد سُررنا كثيراً اليوم واستفدنا حقاً؛ بحمد الله إنّ هذه الدائرة للأنس بالقرآن وتلاوته، تتوسع وتنتشر أكثر يوماً بعد يوم، وهذا من بركات الثورة والنظام الإسلامي.

الرحمة للقرّاء الشهداء
علماً بأننا نعيش في هذا العام أجواء الحزن والأسی علی فقدان هؤلاء الأعزاء الذين صورهم هنا (من القراء الذين استشهدوا في الماضي في مجزرة منى)[1] وأعتقد بأنهم كانوا بأجمعهم في العام الماضي حاضرين هذه الجلسة معنا، وقد قام البعض منهم بتلاوة القرآن، وشجّعناهم وأيدناهم –نرجو من الله تعالی أن يتغمّد هؤلاء الأعزاء بمراتب رحمته وغفرانه العالية في جوار القرآن وتحت ظله وبشفاعته، وأن يُلهم ذويهم الصبر والسلوان، وأن يتقبل حجّهم الذي لم يتمّوه, بأحسن القبول وتمامه.

..تأخذ بمجامع القلوب
إن جمال القرآن ليس فقط في معانيه ومعارفه، ألفاظ القرآن جميلة أيضاً. هذا الجمال في الألفاظ هو الذي أدّی بأولئك الذين وضعوا الأقفال علی قلوبهم وأغلقوا أبوابها علی القرآن، ولم يكونوا علی استعداد لإدراك المفاهيم القرآنية ورؤيتها والاستفادة منها وقبولها عند نزولها، أدی بهم إلی أن يصابوا بالذهول والحيرة أمام الجمال الإعجازي لهذه الألفاظ، وأن يعجزوا عن القيام بأي شيء مقابله.

إن ألفاظ القرآن وألحانه وأنغامه وأسلوبه، معجرة بحد ذاتها. القرآن ليس شعراً ولا نثراً، ولكنه يمتلك جمال أفضل شعر وجمال أفضل نثر. يوجد وزن في بعض آيات القرآن، لكن جمال القرآن اللفظي ليس بوزنه، ففي الآيات التي ليس فيها وزن كذلك، أما جمال القرآن وألفاظه، تجذب الإنسان إليها، ليس صحيحاً أن نعبّر بأنه يصبح "مسحوراً"، ولكن ينبغي أن نقول بأنه يجذب قلب الإنسان. هكذا هو.

﴿لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْب
حسناً، إنّ هذا الجمال يجب استعماله والاستفادة منه كأداة ووسيلة؛إذ لم يكن المقصود من القرآن، أن يقدّم كلاماً جميلاً ليقوم الفصحاء والبلغاء والشعراء وأمثالهم بتصديقه والخضوع له والاعتراف بأنه كلام جميل حسن؛ ليس هذا هو المقصود وحسب، وإنما المقصود هو أن ندخل نحن من هذه البوابة، بوابة الجمال للوصول إلی أجواء بستان المعارف القرآنية المفعم بالبركة والمجد والعظمة. هذا هو الهدف. مهما كانت ألفاظ القرآن جميلة، فإن معاني القرآن ومعارفه تفوقها في جمالها ألف ضعف - واستخدمتُ عدد الألف لأنه قولٌ شائع، وإلا فلربما تفوقها آلاف الأضعاف، إذ إننا لسنا قادرين علی قياسه-. ولكن من الذي يستطيع فهمها؟ ذلك الإنسان الذي يتدبّر، ويفتح أبواب قلبه، ويسمح لهذه الحقائق أن تدخل للقلب. في أيّ عصر وزمان، إذا كان الإنسان الذي يتعامل مع قضايا الحياة ويولي اهتمامه بها، تربطه بالقرآن هذه الصلة الوثيقة، سيتلقى معجزة القرآن؛ بعض الناس بنسبة أكبر وبعضهم أقل؛ في بعض الأزمنة أكثر وفي بعضها أقل.

باعتقادي إذا كنّا من أهل القلوب، ﴿لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ[2]، ووضعنا آذان الروح على مسمع القرآن، فإن بإمكاننا اليوم إدراك معجزة القرآن ومعجزة معارفه أكثر من أولئكالذين كانوا قبل ألف عام. ففي هذا العالم المعقّد الهائج بالأعاصير، والزاخر بالمشاكل والمعضلات، -مع وجود هذه القوی وهذا التقدم العلمي- في مثل هذا العالم عندماينزل القرآن إلی الساحة، وينطق بكلمته، سيكون ﴿إِنَّ هَـذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ، وهذا ما يشعر به الإنسان، ويدرك حقاً أنه ﴿يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ[3].

في قراءتكم لذّتان..
حسناً، لقداستمتعت حقاً من قراءتكم اليوم؛ سواء القراءات الفردية أو التلاوات الجماعية أو التواشيح والألحان التي تم أداؤها. فالإنسان حقاً يشعر بلذة معنوية قلبية بقراءتكم أنتم يا أصحاب الأصوات والتلاوات الجميلة، بل ويلتذّ لذتين: الأولی لذة نابعة من هذه القراءات والتلاوات والأصوات والعروضات، ولذة أخری - وهي بالنسبة لي أنا العبد الحقير تفوق اللذة الأولی - وهي لذة مشاهدة الرشد والنمو المتزايد يوماً بعد يوم لأهل القرآن في البلاد. فقبل عشرين عاماً أو ثلاثين عاماً لم يكن الوضع هكذا أبداً، قبل الثورة لم يكن لهذه الأجواء من أثر مطلقاً؛ أن يسير شبابنا وكبارنا وأطفالنا وفتياننا وفتياتنا في مسير القرآن وحفظه وتعلّم أساليب تلاوته.

حسناً، إنّ هذا الجمال الذي أبدعتموه وخلقتموه اليوم–وضاعفوا منه ما استطعتم، يجب أن تبدعوا وتخلقوا–يجب أن يكون بوابة للوصول إلی معارف القرآن، يجب أنيعرّفنا الجمال إلى القرآن ويؤنسنا به.

لا تخلطوا بين تلاوة القرآن والغناء، فإن التغني مقولة أخری. علماً بأن هناك وللأسف بين المغنين المصريين اليوم أشخاص هممن قرّاء القرآن، ولكنهم يغنّون. قرّاء الأجيال السالفة من أمثال مصطفی إسماعيل، والشيخ عبد الفتاح الشعشاعي، حتی محمد رفعت. هؤلاء الأعلام كلهم كانوا من علماء الموسيقی، ولكنهم كانوا يقرأون القرآن بالأنغام والألحان القرآنية، ولا يسمحون بأن تختلط تلاوتهم بألحان الكاباريهات والموسيقى المبتذلة. البعض حالياً، لا يهتم بهذه الأصول، وهذا ما يشاهده المرء فيهم. هذا الجماليجب أن يقرّبنا من القرآن، وأن يزيد من أنسنا بالقرآن.
 
جلسات التلاوة أقوى تأثيرًا
من الأمور الحسنة جداً ومن اللازم أن يتم إنجازها في البلد - علماً بأنها موجودة نوعاً ما، كما كانت قبل الثورة أيضاً بشكل، وبعد الثورة طبعاً بشكل أفضل، ولكن لا بد من نشرها وترويجها - هي أن يكون لدينا جلسات تلاوة القرآن. قبل الثورة كانت لنا جلسات قرآنية دورية، وأنا بنفسي كنت أقيم العديد من هذه الجلسات وأحضر فيها وأشارك فيها، ولكن ليس هذا هو المراد، فإنها كانت جلسات لتعليم القرآن، حيث كان الحاضرون يقرأون القرآن فرداً فرداً، من أجل أن يتعلّموا قراءته. إنما المراد من جلسات تلاوة القرآن، هي أن تُقام جلسة، ويشارك الناس فيها، ويقومالقارئ بتلاوة القرآن لمدة ساعة أو أقل أو أكثر، ويجلس المستمعون فيها للاستماع إلی القرآن فقط، يأتون ليستمعوا للقرآن.إن هذا له تأثير كبير، بل قد يفوق تأثيره أحياناً قراءة الإنسان نفسه.

فلنتعلّم لغة القرآن!
البعض يعرف مفاهيم القرآن، ويدرك معاني مفرداته. إن من سوء حظنا نحن -غير العرب- أن لغتنا ليست لغة القرآن، وأما العرب، فإن لغتهم هي لغة القرآن، وإذا ما أكّد القارئ علی جملة، وكررها مرتين أو ثلاث أو خمس مرات، ينتبهون ويفهمون ماذا يقول. ولو أردنا تشبيه ذلك تشبيهاً ناقصاً، نقول علی سبيل الفرض بأن الجملات العالقة في أذهاننا جميعاً من كتاب كلستان سعدي، كقوله مثلاً:(ترجمة شعر) «من كان في أعماله نزيهاً دون ارتياب لا يخاف من الحساب»، حينما تتردّد علی الألسن يفهمها الجميع.[أما]الجمل القرآنية التي تفوقها في الحكمةآلاف المرات كماً ونوعاً، حين يتلوها القارئ، يُدركها المستمع العربي، إلا أنّ غير العربي قد يفهمها وقد لا يفهمها. فلنجهدأولاً أن نتعرّف إلی لغة القرآن، أن نعلّم أنفسنا لغة القرآن. وهذه هي واحدة من المزايا الجديرة بأن نقوم بتأمينها في مجتمعنا. لقد تم التأكيد في الدستور وفي قوانين الثورة الأولی علی ضرورة أن نتعلّم اللغة العربية التي هي لغة القرآن. وأولئك الذين لا تتوافر لهم إمكانية تعلّم اللغة العربية أو أنهم غير قادرين علی ذلك، عليهم أن يفتحوا المصحف أمامهم، حين يشرع القارئ بتلاوة القرآن-علماً بأن قراءنا هنا يتلون القرآن لمدة عشر دقائق أو اثنتي عشرة دقيقة مثلاً، وليقرأوا في تلك الجلسات لمدة ساعة أو ثلاثة أرباع الساعة، يقرأ قارئ أو اثنان، وبصوت حسن، وبنفس هذه الأساليب التي هي زينة للتلاوة –ويفتح الحاضرون في تلك الجلسة المصاحف، وينظرون إلی الترجمة إن لم يفهموا المعاني القرآنية، ويستمعون إلی ما یتلوه القارئ.فإن من الأمور التي تنمّي معارف القرآنفي البلاد، هي الجلسات القرآنية؛ فلتكن جلسة فقط من أجل القرآن. مثلما نقيم نحن المجالس محبةًلأهل البيت (عليهم السلام) للرثاء أو الاحتفال، الأئمة (عليهم السلام) هم أحد الثقلين، والثقل الآخر هو القرآن الکريم، فأقيموا المجالس للقرآن. هذه هي واحدة من الأعمال التي إن أُنجزت وشاعت بإذن الله، وشمّرتم أنتم القرآنيين – هذه المهمة مهمتكم - عن ساعد الجدّ لإقامة مثل هذه المجالس، ستزداد سرعة تنامي الحركة القرآنية في البلد، وسيتعرف الناس إلی هذه المعارف.

الفراغ والجريمة..الحلّ بالقرآن
واعلموا يا أعزائي! بأن العالم اليوم بحاجة إلی القرآن؛ سواء قَبِل واعترف بذلك أم لم يعترف. فالعالم اليوم يعيش فراغاً في هويته، فراغاً فكرياً، فراغاً إيمانياً، الإنسان من دون الإيمان كالفاكهة الخاوية الفارغة في داخلها. ما تشاهدونه من ازدياد القتل والجريمة في البلدان الغربية يوماً بعد آخر، يعود أحد أسبابه إلىذلك.ما ترونه من تصاعد حالات الانتحار، يعود أحد أسبابه إلى ذلك. البشرية لم يعد عندها بضاعة تعرضها لإقناع أذهان الناس وقلوبهم وأرواحهم. فإنهم يقولون وينسجون الأقاويل، ولكن لا تنفذ أقوالهم إلی القلوب. علی خلاف القرآن، إن انتشرت رشحة من رشحات القرآن - لا القرآن كله بل رشحة منه – بالبيان الذي يتناسب ولغة العصر، فستنجذب القلوب إليه، وهذا ما نجرّبه ونراه ونلمسه بأنفسنا؛ البشرية اليوم محتاجة إلی القرآن.

يمكن للقرآن في العالم المعاصر أن يكون" فعالاً لما يشاء"! يمكنه أن يحقق الإنجازات وأن يمضي قُدماً إلی الأمام. لاتستطيع القوى العالمية والقوی الكبرى والقنبلة الذرية والكيان الصهيوني وأمثالهم ارتكاب أي حماقة[4]؛ والمهم أن نقوّي الأسس الإيمانية والقرآنية في أنفسنا يوماً بعد يوم، وأن نتعلّم لغة نشر القرآن، وأن نعلن وننشر مفاهيم القرآن، كالدواء المقوّي الذي تضع قطرة منه في كوب، ليتناوله المريض ويشفى به، ولكن إن وضعت فيه خمس قطرات، قد تلحق به الضرر، ولا يستطيع هضمه. فلا بد من البحث وإيجاد اللغة المناسبة، ولكن ينبغي لنا أولاً إشباع أنفسنا وقلوبنا وأرواحنا وملؤها بالمعارف القرآنية، فنحن أيضاً بأمسّ الحاجة إليها.

..بركاتٌ لا حصر لها
إن بركات القرآن لا تقتصر علی هذه الأمور التي ذكرتها بلساني القاصر، وإنما هي بركات لا نهاية لها. ففي القرآن وبالقرآن توجد العزة، والقوة، والتقدم، والرفاه المادي، والتعالي المعنوي، ونشر الفكر والعقيدة، والفرح وسكينة الروح ، ﴿فَأَنزَلَ اللَّهُ سَكينَتَهُ عَلىٰ رَسولِهِ وَعَلَى الـمُؤمِنينَ وَأَلزَمَهُم كَلِمَةَ التَّقوىٰ وَكانوا أَحَقَّ بِها وَأَهلَه[5]. وحين تحلّ الطمأنينةوالهدوء والسكينة الدينية، تزداد التقوی: ﴿هُوَ الَّذِي أَنزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَاناً مَّعَ إِيمَانِهِمْ. فإن السكينة تؤدي إلی ازدياد الإيمان يوماً بعد آخر، ولكن الإيمان بماذا؟ إنه الإيمان بالله، والإيمان بالقدرة الإلهية، ثم يقول بعد ذلك: ﴿وَلِلَّهِ جُنُودُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ[6]، كل شيء بيد الله، كل شيء جند لله. ويقول في مكان آخر: ﴿وَمَايَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ[7]. هذا هو القرآن؛ قدرة فائقة لا متناهية، والواجب علينا أن نستفيد منها بمقدار طاقتنا ووسعنا إن شاء الله.

نسأل الله أن يحفظكم أنتم الشباب، وأن يحفظكم لنا، موفقون إن شاء الله، تثبتون علىنهج القرآن وتحيون حياةً قرآنية وترحلون عن الدنيا وأنتم من أهل القرآن.

والسلام علیکم ورحمة الله وبرکاته


[1] القرّاء: حسن دانش، محسن حاجي حسني كاركر، محمد سعيد سعيدي زاده، أمين باوي، فؤاد مشعلي.
[2] سورة ق، جزء من الآية 37.
[3]سورة الإسراء، جزء من الآية 9.
[4] تصاعد هتافات التكبير والموت لأمريكا واسرائيل
[5]سورة الفتح، جزء من الآية 26.
[6]سورة الفتح، جزء من الآية 4.
[7]سورة المدثر، جزء من الآية 31.

15-06-2016 | 12-36 د | 1540 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net