الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات

منبر المحراب- السنة الخامسة عشرة- العدد:890- 2رجب 1431 هـ الموافق 15 حزيران2010م
الإمامة في القرآن (إمامة النبي إبراهيم) شهادة الإمام الهادي

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

تحميل

محاور الموضوع الرئيسة:
- في رحاب الآية الكريمة.
- الفرق بين النّبوة و الإمامة و الرسالة.
- الإمامة آخر مراحل مسيرة إبراهيم التكاملية.

الهدف:
التعرّف على مفهوم الإمامة في القرآن من خلال إمامة النبي إبراهيم .

تصدير الموضوع:
قال الله تعالى: ﴿وَ إِذِ ابْتَلى‏ إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ1.

1- في رحاب الآية الكريمة:
- قوله تعالى: ﴿وَ إِذِ ابْتَلى‏ إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِماتٍ فَأَتَمَّهُنَّ. هذه الفقرة تشير إلى الاختبارات المتتالية التي اجتازها إبراهيم عليه السلام بنجاح، و تُبين من خلالها مكانة إبراهيم و عظمته، و بعد أن اجتاز هذه الاختبارات بنجاح استحق أن يمنحه اللّه الوسام الكبير قالَ ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا.

و هنا تمنى إبراهيم عليه السلام أن يستمرّ خط الإمامة من بعده، و أن لا يبقى محصوراً بشخصه قالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي، لكن اللّه أجابه: قالَ ﴿لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ، و قد استجيب طلب إبراهيم عليه السلام في استمرار خط الإمامة في ذريّته، لكن هذا المقام لا يناله إلّا الطاهرون من ذريّته لا غيرهم.

- من الظّالم؟ المقصود من "الظلم" في التعبير القرآني: لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ لا يقتصر على ظلم الآخرين، بل الظلم (مقابل العدل)، و قد استعمل هنا بالمعنى الواسع للكلمة، و يقع في النقطة المقابلة للعدل: و هو وضع الشي‏ء في محله.فالظلم إذن وضع الشخص أو العمل أو الشي‏ء في غير مكانه المناسب.و لما كانت منزلة الإمامة و القيادة الظاهرية و الباطنية للبشرية منزلة ذات مسئوليات جسيمة هائلة عظيمة، فإن لحظة من الذنب و المعصية خلال العمر تسبب سلب لياقة هذه المنزلة عن الشخص.عن الإمام الصادق عليه السلام قال: "قد كان إبراهيم نبيّا و ليس بإمام، حتّى قال اللّه: ﴿إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قَالَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي، فقال الله لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ، من عبد صنما أو وثنا لا يكون إماما"2.

- قوله تعالى: "بكلمات": المقصود من الكلمات هو مجموعة المسؤوليات و المهام الثقيلة الصعبة التي وضعها اللّه على عاتق إبراهيم عليه السلام، فحملها و أحسن حملها، و أدّى ما عليه خير أداء، و هي عبارة عن: أخذ ولده إلى المذبح و الاستعداد التام لذبحه، إطاعة لأمر اللّه سبحانه. وإسكان الزوج و الولد في واد غير ذي زرع بمكة، النهوض بوجه عبدة الأصنام و تحطيم الأصنام، و الوقوف ببطولة في تلك المحاكمة التاريخية، ثم إلقاؤه في وسط النيران. و ثباته و رباطة جأشه في كل هذه المراحل، كان كل واحد من هذه الاختبارات ثقيلا و صعبا حقّا، لكنه بقوة إيمانه نجح فيها جميعا، و أثبت لياقته لمقام "الإمامة"3.

2- من هو الإمام؟
 يتبين من الآية الكريمة، أن منزلة الإمامة الممنوحة لإبراهيم عليه السلام بعد كل هذه الاختبارات، تفوق منزلة النّبوة و الرسالة.و لتوضيح ذلك نقول: إن للإمامة معاني مختلفة:
- الإمامة بمعنى الرئاسة و الزعامة في أمور الدنيا، (قال بذلك فريق من علماء أهل السنة).
- الإمامة بمعنى الرئاسة في أمور الدين و الدنيا، (قال بذلك فريق آخر من علماء أهل السنة).
- الإمامة بمعنى تحقيق المناهج الدينية بما في ذلك منهج الحكم بالمعنى الواسع للحكومة، و إجراء الحدود و أحكام اللّه، و تطبيق العدالة الاجتماعية، و تربية الأفراد في محتواهم الداخلي و في سلوكهم الخارجي. و هذه المنزلة أسمى من منزلة النّبوة و الرسالة، لأن منزلة النّبوة و الرسالة تقتصر على إبلاغ أوامر اللّه، و البشارة و الإنذار، أمّا الإمامة فتشمل مسؤوليات النّبوة و الرسالة إضافة إلى‏ ما ذكر.ولا شك أن المراد من الإمامة في الآية التي نحن بصدد تفسيرها هو المعنى الثالث للإمامة، لأنّه يستفاد من آيات متعددة أن مفهوم "الإمامة" ينطوي على مفهوم "الهداية"، كقوله تعالى: ﴿وَ جَعَلْنا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنا لَمَّا صَبَرُوا وَ كانُوا بِآياتِنا يُوقِنُونَ4.

هذه الهداية لا تعني إراءة الطريق، لأن إبراهيم عليه السلام كانت له قبل ذلك مكانة5 النّبوة و الرسالة، أي مكانة إراءة الطريق.

روي عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه السلام يقول: "إنّ اللّه تبارك و تعالى اتّخذ إبراهيم عبدا قبل أن يتخذه نبيّا، و إنّ اللّه اتّخذه نبيّا قبل أن يتّخذه رسولا، و إنّ اللّه اتّخذه رسولا قبل أن يتّخذه خليلا، و إنّ اللّه اتّخذه خليلا قبل أن يجعله إماما، فلمّا جمع له الأشياء، قال: إِنِّي جاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِماماً قال: فمن عظمها في عين إبراهيم قال: ﴿وَ مِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ قال: لا يكون السّفيه إمام التّقيّ"6.

3- الفرق بين النّبوة و الإمامة و الرسالة:
 يفهم من الآيات الكريمة و المأثور عن المعصومين، أن حملة المهمات من قبل اللّه تعالى لهم منازل مختلفة:
1- منزلة النّبوة: أي استلام الوحي من اللّه، فالنبي هو الذي ينزل عليه الوحي، و ما يستلمه من الوحي يعطيه للنّاس إن طلبوا منه ذلك.
2- منزلة الرسالة: و هي منزلة إبلاغ الوحي، و نشر أحكام اللّه، و تربية الأفراد عن طريق التعليم و التوعية. فالرّسول إذن هو المكلّف بالسعي في دائرة مهمته‏ لدعوة النّاس إلى اللّه و تبليغ رسالته، و بذل الجهد لتغيير فكري عقائدي في مجتمعه.
3- منزلة الإمامة: و هي منزلة قيادة البشرية، فالإمام يسعى إلى تطبيق أحكام اللّه عملياً عن طريق إقامة حكومة إلهية و استلام مقاليد الأمور اللازمة. و إن لم يستطع إقامة الدولة يسعى قدر طاقته في تنفيذ الأحكام.
من نافلة القول أن كثيرا من الأنبياء كنبيّ الإسلام صلى الله عليه وآله وسلم حازوا على المنازل الثلاث، كانوا يستلمون الوحي، و يبلغون أوامر اللّه، و يسعون إلى إقامة الحكومة و تنفيذ الأحكام، و ينهضون- بما لهم من تأثير روحي- بمهمة تربية النفوس.
4- الإمامة آخر مراحل مسيرة إبراهيم التكاملية: بما تقدم يتضح أنه من الممكن أن تكون لشخص منزلة النّبوة و تبليغ الرسالة، بينما لا تكون له منزلة الإمامة. و هذه المنزلة تحتاج إلى مؤهلات كثيرة في جميع المجالات. و هي المنزلة التي نالها إبراهيم عليه السلام بعد كل هذه الامتحانات و المواقف العظيمة، و كانت آخر مرحلة من مراحل مسيرته التكاملية.

خاصة وأن الإمام يجب أن يكون معيّناً من قبل اللّه سبحانه لأن: الإمامة ميثاق إلهي، و طبيعي أن يكون التعيين من قبل اللّه، لأنه طرف هذا الميثاق. ولأن الأفراد الذين تلبّسوا بعنوان الظلم، و ما رسوا في حياتهم لحظة ظلم بحقّ أنفسهم أو بحقّ الآخرين، كأن تكون لحظة شرك مثلا، لا يليقون للإمامة7.

شهادة الإمام الهادي عليه السلام: ظلّ الإمام الهاديعليه السلام يعاني من ظلم الحكّام وجورهم حتّى دُسّ إليه السمّ كما حدث لآبائه الطّاهرين، وقد قال الإمام الحسنعليه السلام: ما منّا إلاّ مقتول أو مسموم، والصحيح أن المعتز هو الذي دسّ إليه السمّ وقتله به، التحقيق أنّه عليه السلام استشهد في أواخر ملك المعتزّ كما نصّ عليه غير واحد من المؤرّخين، وبما أنّ أمره كان يهمّ حاكم الوقت، وهو الذي يتولّى تدبير هذه الأمور كما هو الشأن، فإنّ المعتزّ أمر بذلك، ويمكن أنّه استعان بالمعتمد في دسّ السمّ إليه واتفق الكلّ على أنّه استشهد في سنة أربع وخمسين ومائتين للهجرة وذهب المفيد في الإرشاد، والإربلي في كشف الغمّة، والطبرسي في إعلام الورى، إلى أنه قبضعليه السلام في رجب، ولم يحدّدوا يومه.

تجهيزه وحضور الخاصّة والعامّة لتشييعه: ولما قضى نحبه تولّى تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ولده الإمام أبو محمّد الحسن العسكري عليه السلام وذلك لأنّ الإمام لا يتولّى أمره إلاّ الإمام، ولما انتشر خبر رحيله إلى الرفيق الأعلى حتّى هرعت الجماهير من العامّة والخاصّة إلى دار الإمام عليه السلام وخيّم على سامراء جو من الحزن والحداد، قال المسعودي: وحدّثنا جماعة كل واحد منهم يحكي أنّه دخل الدار وقد اجتمع فيها جملة بني هاشم من الطالبيين والعبّاسيين، واجتمع خلق من الشّيعة، ولم يكن ظهر عندهم أمر أبي محمد عليه السلام ولا عرف خبرهم، إلا الثّقاه الذين نصّ أبو الحسن عليه السلام (عندهم) عليه، فحكوا أنهم كانوا في مصيبة وحيرة، فهم في ذلك إذ خرج من الدار الداخلة خادم فصاح بخادم آخر يا رياش خذ هذه الرقعة وامض بها إلى دار أمير المؤمنين وادفعها إلى فلان، وقل له: هذه رقعة الحسن بن علي. فاستشرف النّاس لذلك. ثم فتح من صدر الرّواق باب وخرج خادم أسود، ثم خرج بعده أبو محمد عليه السلام،.. وجلس بين بابي الرّواق، والناس كلهم بين يديه، وكانت الدار كالسّوق بالأحاديث، فلما خرج عليه السلام وجلس أمسك الناس، فما كنّا نسمع شيئاً إلاّ العطسة والسعلة،ثم خرج خادم فوقف بحذاء أبي محمّد فنهض عليه السلام، وأخرجت الجنازة، وخرج يمشي حتى اُخرج بها إلى الشارع الذي بإزاء دارموسى بن بغا، وقد كان أبو محمد عليه السلام صلّى عليه قبل أن يخرج إلى النّاس، وصلّى عليه لمّا اُخرج المعتمد، ودفن في داره بسرّ من رأى.


1- سورة البقرة، 124.
2- "أصول الكافي، ج 1، باب "طبقات الأنبياء و الرسل" حديث 1"
3- (الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج‏1، ص: 368).
4- السجدة، 24.
5- (الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج‏1، ص: 370).
6- "أصول الكافي، ج 1، باب طبقات الأنبياء و الرسل و الأئمة، ص 133.
7- (الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج‏1، ص: 372)

02-07-2010 | 04-54 د | 3204 قراءة

الإسم
البريد
عنوان التعليق
التعليق
لوحة المفاتيح العربية
رمز التأكيد


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net