الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
كونوا أعزَّ أوليائِه
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق



عن أميرِ المؤمنينَ (عليه السلام): «اِضْرِبْ بِطَرْفِكَ حَيْثُ شِئْتَ مِنَ النَّاسِ، فَهَلْ تُبْصِرُ إِلَّا فَقِيراً يُكَابِدُ فَقْراً، أَو غَنِيّاً بَدَّلَ نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً، أَو بَخِيلًا اتَّخَذَ الْبُخْلَ بِحَقِّ اللَّهِ وَفْراً... أَفَبِهَذَا تُرِيدُونَ أَنْ تُجَاوِرُوا اللَّهَ فِي دَارِ قُدْسِهِ، وتَكُونُوا أَعَزَّ أَوْلِيَائِهِ عِنْدَهُ! هَيْهَاتَ! لَا يُخْدَعُ اللَّهُ عَنْ جَنَّتِهِ، ولَا تُنَالُ مَرْضَاتُهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ»[1].

يشيرُ الإمامُ أميرُ المؤمنينَ (عليه السلام) في كلامِهِ هذا بوضوحٍ إلى أنّ الصُّلَحاءَ وأهلَ الوَرَعِ الذينَ يسعَونَ إلى مجاوَرةِ اللهِ في دارِ قُدسِه، ويطلبونَ عِزَّةَ الأولياءِ عندَ اللهِ تعالى؛ مطالَبونَ بالقيامِ بالوظائفِ الشرعيّةِ والاجتماعيّة، وملاحقةِ احتياجِ الناسِ لردمِ الفجَواتِ والهُوّاتِ الناجمةِ عن الظلمِ والجهل، وعدمِ ردعِ الحاكمِ الظالمِ ومَن يعملُ معه، وهذا يشيرُ إلى أهميّةِ الاعتناءِ بحاجاتِ العباد، واعتمادِ حلِّ مشاكلِ الفقراءِ وسيلةً للوصولِ إلى درجاتٍ رفيعةٍ في العرفانِ والقربِ من اللهِ تعالى.

ولذا، وَجَّهَ الإمامُ خطابَهُ إلى أحدِ عمّالِه، مبيِّناً له أنّ طريقَ الجنّةِ هو بما يقدّمُهُ الإنسانُ مِن عملٍ صالحٍ في حياتِه، فيجدُهُ في آخرتِه، وهو أساسُ الثوابِ والعطاءِ الأخرويّ، فيقول مخاطباً أحد عمّاله: «وتَطْمَعُ وأَنْتَ مُتَمَرِّغٌ فِي النَّعِيمِ، تَمْنَعُهُ الضَّعِيفَ والأَرْمَلَةَ، أَنْ يُوجِبَ لَكَ ثَوَابَ الْمُتَصَدِّقِينَ! وإِنَّمَا الْمَرْءُ مَجْزِيٌّ بِمَا أَسْلَفَ، وقَادِمٌ عَلَى مَا قَدَّمَ[2]«.

ويتعرّضُ الإمامُ (عليه السلامُ) لشواهدَ مِنَ المظاهرِ الاجتماعيةِ التي تحكي عن خصوصياتِ الزمنِ الفاسد، وهذه الأصنافُ هي فرائسُ للشيطان. فالناسُ فيها لا يخلو حالُها إمّا أن تعانيَ الفقر، فهي تعاني من مصاعبِ الفقر، وتعيشُ المشقّاتِ مِن ذلك، فهي لا ترضى بما هي عليهِ من الفقر؛ أو أنّها تعيشُ الغنى، وغناها يَجُرُّها إلى الباطل، فهي تبدِّلُ نعمةَ اللهِ كفراً. فبدلاً مِن أن يَشكُرَ اللهَ على النعمةِ فيتصرَّفَ فيها بما فيهِ طاعةُ الله، تجدهُ يعكسُ الآيةَ فيتصرَّفَ فيها بما يُغضِبُ اللهَ عزَّ وجلَّ؛ أو أنّها تعيشُ البخل، فهو يَبخَلُ بِحَقِّ الله، فلا يؤدّيه، ويَرى أنّ في ذلك توفيراً للمالِ وزيادةً في جمعِه.

وبالتالي، فمواجَهةُ ذلك بتحمُّلِ المسؤوليةِ في البذلِ والعطاء، ولذا حَثَّ أميرُ المؤمنينَ (ع) على ذلكَ في نصوصٍ مختلفةٍ في نهجِ البلاغة، فقالَ (عليه السلام): «فَمَنْ آتَاه اللَّه مَالًا، فَلْيَصِلْ بِه الْقَرَابَةَ، ولْيُحْسِنْ مِنْه الضِّيَافَةَ، ولْيَفُكَّ بِه الأَسِيرَ والْعَانِيَ، ولْيُعْطِ مِنْه الْفَقِيرَ والْغَارِمَ، ولْيَصْبِرْ نَفْسَه عَلَى الْحُقُوقِ والنَّوَائِبِ ابْتِغَاءَ الثَّوَابِ؛ فَإِنَّ فَوْزاً بِهَذِه الْخِصَالِ شَرَفُ مَكَارِمِ الدُّنْيَا، ودَرْكُ فَضَائِلِ الآخِرَةِ إِنْ شَاءَ اللَّه[3]«.

ويؤكِّدُ (عليه السلامُ) على النّظرِ أوّلاً إلى القرابة، والذينَ يتّصلونَ بالإنسان، وأن يقدِّمَ الإنسانُ مِنَ المالِ الذي لن يؤدّيَ بهِ إمساكُهُ إلى الزيادة، ولا عطاؤهُ إلى النقصان، فيقولُ (عليه السلام): «أَلَا لَا يَعْدِلَنَّ أَحَدُكُمْ عَنِ الْقَرَابَةِ -يَرَى بِهَا الْخَصَاصَةَ- أَنْ يَسُدَّهَا بِالَّذِي لَا يَزِيدُه إِنْ أَمْسَكَه، ولَا يَنْقُصُه إِنْ أَهْلَكَه[4]«.

فهؤلاءِ هم حَمَلَةُ الزادِ للمؤمنِ إلى يومِ حاجتِه، يقولُ (عليه السلام): «وإِذَا وَجَدْتَ مِنْ أَهْلِ الْفَاقَةِ مَنْ يَحْمِلُ لَكَ زَادَكَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، فَيُوَافِيكَ بِه غَداً حَيْثُ تَحْتَاجُ إِلَيْه، فَاغْتَنِمْه، وحَمِّلْه إِيَّاه، وأَكْثِرْ مِنْ تَزْوِيدِه، وأَنْتَ قَادِرٌ عَلَيْه، فَلَعَلَّكَ تَطْلُبُه فَلَا تَجِدُه. واغْتَنِمْ مَنِ اسْتَقْرَضَكَ فِي حَالِ غِنَاكَ، لِيَجْعَلَ قَضَاءَهُ لَكَ فِي يَوْمِ عُسْرَتِك[5]«.

وآخرُ دعوانا أنِ الحمدُ للهِ ربِّ العالمين


[1] السيّد الرضيّ، نهج البلاغة، تحقيق صبحي الصالح، ص187.
[2] المصدر نفسه، ص377.
[3] المصدر نفسه، ص198.
[4] المصدر نفسه، ص65.
[5] المصدر نفسه، ص398.

18-11-2021 | 08-12 د | 619 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net