الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مسؤولي البلاد وسفراء الدول الإسلاميّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في خطبتَي صلاة عيد الفطركلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء جمع من الطلّاب الجامعيّينكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في اللقاء الرمضانيّ مع مسؤولي البلادبِهذا جُمِعَ الخَيرُ

العدد 1612 07 شوال 1445 هـ - الموافق 16 نيسان 2024 م

لَا تُطَوِّلْ فِي الدُّنْيَا أَمَلَكَ

العامل الأساس للنصر مراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِن
من نحن

 
 

 

التصنيفات
غزوة بني النضير
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

غزوة بني النضير22 / ربيع الأول/ السنة 3 هـ

قال تعالى: ﴿هُوَ الّذِيَ أَخْرَجَ الّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِن دِيَارِهِمْ لأوّلِ الْحَشْرِ مَا ظَنَنتُمْ أَن يَخْرُجُواْ وَظَنّوَاْ أَنّهُمْ مّانِعَتُهُمْ حُصُونُهُم مّنَ اللهِ فَأَتَاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُواْ وَقَذَفَ فِي قُلُوبِهِمُ الرّعْبَ يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُواْ يَا أُولِي الأبْصَارِ.

كانت غزوة بني النضير من أهم الأحداث التي تحمل في طياتها الكثير من الدروس والعبر، وقد تركت آثاراً بارزة على منحى وعمق الفكر الإنساني والرسالي، وعلى الفهم الدقيق للمسار العام في خط الرسالة، فهي حدث فريد ومتميز لا يقل في أهميته عن أي من الأحداث الكبرى في العهد النبوي، ومما يكشف عن ذلك أن سورة الحشر بتمامها قد نزلت في هذه المناسبة، وهذا يبرهن على الأهمية البالغة لهذه الواقعة، وعلى أنها تمثل تحولاً كبيراً وإيجابياً في مسيرة العمل والعاملين في سبيل الله سبحانه وتعالى من جهة، كما أنها تعتبر من الجهة الأخرى ضربة قاسية وقاصمة لأعداء الله وأعداء دينه من الكافرين.

فقد كان بنو النضير أقوى اليهود شوكة، وأشدّهم شكيمة، وأعزّهم عزةً، يعيشون في قلب الدولة الإسلامية وكان بإمكانهم الإطلاع على أدقّ دقائقها، وعلى كل الواقع الذي كان قائماً في داخل المجتمع الإسلامي، سواءً على مستوى العلاقات والارتباطات فيما بين فئات ذلك المجتمع، أو سائر المجالات ومختلف المواقع.
كما أنهم كانوا يملكون أذرعة ظاهرة وخفية، ممتدة هنا وهناك، وفي عمق المجتمع الإسلامي، حتى على مستوى بعض قيادات الدولة الإسلامية التي كانت تساهم بشكل فعّال في صنع القرار، أو في عرقلته وتعطيله1.

وكانوا يملكون قوة كبيرة من الثروات والأموال، ويكفي أنهم كانوا يملكون من الحلي الشيء الكثير، حتى قال بعضهم: إنهم كانوا يعيرونه للعرب من أهل مكة وغيرهم2 ، وكذلك كان لهم ديون على الناس كثيرة وإلى آجال مختلفة3، فكان وجود بني النضير واحداً من أهم مصادر القوة والتحدي لدى أعداء الإسلام والمسلمين، وبالأخص بالنسبة إلى المشركين، وكل من يتعاطف معهم من القبائل والطوائف في المنطقة العربية.

متى كانت غزوة بني النضير؟
اختلف المؤرخون في زمن غزوة بني النضير، فذهب جمع إلى أنها كانت قبل غزوة أحد، كما حكاه البخاري عن الزهري، وذهب آخرون كابن إسحاق إلى أنها بعد حرب أحد، ولعل الظاهر هو القول الثاني لما يأتي من سبب هذه الغزوة.

أسباب غزوة بني النضير
لما رجع عمرو بن أمية من بئر معونة، والتي قتل فيها أربعون مبلغاً وداعياً من دعاة الإسلام كان النبي قد أرسلهم إلى أهل نجد لينشروا الإسلام ويعلّموا الناس الدين نزولاً عند طلب أبي براء العامري - الذي طلب من النبي ذلك وأجار المبلغين حفاظاً عليهم - لما قدم عليه المدينة، فلما بلغوا بئر معونة، وهي بين أرض بني عامر وحرّة بني سليم، وهم يحملون من رسول الله كتاباً إلى عامر بن الطفيل، وقد كلّف المنذر بن عمرو - الذي كان زعيم البعثة - أحد المسلمين لإيصال الكتاب إلى عامر، فلما أتاه الكتاب لم ينظر فيه حتى عدا على حامل الكتاب فقتله، ثم استصرخ بني عامر على قتال المبلغين، فأبوا أن يجيبوه إلى ما دعاهم، وقالوا: لن ننقض عهد أبي براء، وقد عقد لهم عقداً وجواراً، فاستصرخ قبيلة أخرى من بني سليم فأجابوه فنزلوا عليهم، ودارت بينهم وبين مبلغي الإسلام حرب ضروس كان نهايتها أن قتل جميع المبلغين إلاّ كعب بن زيد الذي جرح وعاد إلى المدينة، وأخبر النبي صى الله عليه واله وسلم بالأمر.

وكان عمرو بن أمية والحارث بن الصِّمَّة قد جعلهما جماعة المبلغين ليرعيا إبلهم ويحافظا عليها، وبينما كان الرجلان يقومان بواجبهما إذ أغار عليهما عامر بن الطفيل فقتل حارث بن الصمة، وأطلق سراح عمرو بن أمية، فعاد عمرو إلى المدينة، وفي أثناء طريقه التقى رجلين من العامريين فرافقهما وأمهلهما حتى إذا ناما وثب عليهما فقتلهما، وهو يرى أنه انتقم لزملائه من المسلمين، ولكنه قد أخطأ في تصوره، لأن بني عامر لم تخفر جوار سيدها أبي براء، ولم تنقض أمانته كما بيّنا4.

فلما رجع المدينة أخبر النبي صى الله عليه واله وسلم بالأمر فقال له: لقد قتلت رجلين لأدينَّهما،فخرج صى الله عليه واله وسلم إلى بني النضير يستعينهم في دية ذينك الرجلين من بني عامر، وذلك طبقاً للعهد الذي كان صى الله عليه واله وسلم أعطاهما، وكان بين بني عامر وبني النضير عهد وحلف، فلما أتاهم صى الله عليه واله وسلم قالوا: نعم يا أبا القاسم نعينك على ما أجبت.

ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا: إنكم لن تجدوا الرجل على مثل حاله هذا، - وكان رسول الله صى الله عليه واله وسلم إلى جنب جدار من بيوتهم قاعداً - فمَن رجل يعلو على هذا البيت فيلقي عليه صخرة ويريحنا منه. فانتدب لذلك عمرو بن حجاش بن كعب، فقال: أنا لذلك. فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال، ورسول الله في نفر من أصحابه، وفيهم علي وأبو بكر وعمر، فأتى رسول الله الخبر من السماء بما أراد القوم، فقام وخرج راجعاً إلى المدينة.

فلما استلبث النبي صى الله عليه واله وسلم أصحابه قاموا في طلبه، فلقوا رجلاً مقبلاً من المدينة، فسألوه عنه فقال: رأيته داخلاً المدينة، فأقبل أصحاب رسول الله صى الله عليه واله وسلم حتى انتهوا إليه، فأخبرهم بما كانت اليهود أرادت من الغدر به.
فبعث رسول الله صى الله عليه واله وسلم محمد بن مَسلمة يأمرهم بالجلاء عن جواره وبلده5 .

أحداث غزوة بني النضير
بعد ما بلغهم أمر النبي صى الله عليه واله وسلم بجلائهم عن جواره، بعث إليهم المنافقون وعلى رأسهم عبد الله بن أبي بن أبي سلول يحرضونهم على المقام في حصونهم ويعدونهم بالنصر فقويت عند ذلك نفوسهم، وحمي حيي بن أخطب، وبعثوا إلى رسول الله صى الله عليه واله وسلم : "أنهم لا يخرجون، ونابذوه بنقض العهود".

عند ذلك أمر النبي صى الله عليه واله وسلم الناس بالخروج إليهم، فاستعمل على المدينة ابن أم مكتوم، ثم سار إليهم بأصحابه حتى نزل بهم فحاصرهم ست ليال6 ، وقد تحصّنوا في حصونهم وأظهروا المقاومة والإصرار على الامتناع، فأمر رسول الله صى الله عليه واله وسلم بقطع النخيل المحيطة بتلك الحصون، وإلقاء النار فيها لييأس اليهود من البقاء في تلك المنطقة ما دامت بساتينهم أعدمت وأفنيت، فتعالت نداءات اليهود تقول: يا محمد قد كنت تنهى عن الفساد وتعيبه على من صنعه، فما بال قطع النخيل وتحريقها؟!، فرد الله تعالى عليهم بقوله:{مَا قَطَعْتُمْ مّن لّينَةٍ أَوْ تَرَكْتُمُوهَا قَآئِمَةً عَلَىَ أُصُولِهَا فَبِإِذْنِ اللهِ وَلِيُخْزِيَ الْفَاسِقِينَ}7، ومن جهة أخرى خذلهم عبد الله بن أبي بن أبي سلول فلم يأتوهم، كما اعتزلتهم يهود قريظة فلم تعنهم بسلاح ولا رجال، وقد ذكر الله تعالى خذلانهم إذ يقول: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الّذِينَ نَافَقُواْ يَقُولُونَ لإِخْوَانِهِمُ الّذِينَ كَفَرُواْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنّ مَعَكُمْ وَلاَ نُطِيعُ فيكُمْ أَحَداً أَبَداً وَإِن قُوتِلْتُمْ لَنَنصُرَنّكُمْ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنّهُمْ لَكَاذِبُونَ، لَئِنْ أُخْرِجُواْ لاَ يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِن قُوتِلُواْ لاَ يَنصُرُونَهُمْ وَلَئِن نّصَرُوهُمْ لَيُوَلّنّ الأدْبَارَ ثُمّ لاَ يُنصَرُونَ، لأنتُمْ أَشَدّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مّنَ اللهِ ذَلِكَ بِأَنّهُمْ قَوْمٌ لاّ يَفْقَهُونَ، لاَ يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلاّ فِي قُرًى مّحَصّنَةٍ أَوْ مِن وَرَآءِ جُدُرٍ بَأْسُهُمْ بَيْنَهُمْ شَدِيدٌ تَحْسَبُهُمْ جَمِيعاً وَقُلُوبُهُمْ شَتّىَ ذَلِكَ بِأَنّهُمْ قَوْمٌ لاّ يَعْقِلُونَ8.

وأخيراً رضخ اليهود لمطلب رسول الله، وسألوه أن يجليهم، ويكفّ عن دمائهم على أن يكون لهم ما حملت الإبل من أموالهم، إلا السلاح والدروع فرضي النبي صى الله عليه واله وسلم بذلك، فاحتملوا من أموالهم أكبر قدر ممكن حتى أن الرجل منهم كان يخرب داره ويقلع بابه فيضعه على ظهر بعيره، فخرج منهم جماعة إلى خيبر، وجماعة أخرى إلى الشام، وقد خرجوا وهم يضربون بالدفوف، ويزمرون بالمزامير، وقد ألبسوا نساءهم الثياب الراقية، وحلي الذهب مظهرين بذلك تجلداً ليغطوا على هزيمتهم، ويروا المسلمين أنهم غير منزعجين من مغادرتهم تلك الديار9 .

ويرى أكثر المؤرخين أنه لم يسفك في هذه الحادثة أيّ دم، ولكن الشيخ المفيد قدس سره ، يكتب في الإرشاد: بأنه وقع ليلة فتح حصون بني النضير قتال محدود، قتل فيه عشرة من اليهود، وكان ذلك هو السبب في فتح تلكم الحصون10 .

وقال المقريزي: وفُقد علي عليه السلام في بعض الليالي، فقال النبي صى الله عليه واله وسلم : إنه في بعض شأنكم، فعن قليل جاء برأس عزوك، وقد كمن له حتى خرج في نفر من اليهود يطلب غرة من المسلمين، وكان شجاعاً رامياً، فشد عليه علي عليه السلام فقتله وفرّ اليهود11.


1-الصحيح من سيرة النبي الأعظم 8: 10.
2-الأموال: 242، وزاد المعاد 2: 136.
3-المغازي للواقدي 1: 374.
4-السيرة النبوية لابن هشام 2: 1168، وإن كان يرى أن المعتدل الذي كان مع عمرو بن أمية المنذر بن محمد.
5-السيرة النبوية لابن كثير 3: 145 – 156، وتاريخ اليعقوبي 2: 49.
6-وقال الواقدي: فحاصرهم خمس عشرة ليلة.
7- الحشر: 5.
8- الحشر: 11 0- 14.
9-المغازي للواقدي 1: 365 – 383، والسيرة الحلبية 2: 263 – 270.
10-الإرشاد: 47 – 48.
11-إمتاع الإسماع 1: 180.


 

17-02-2011 | 06-43 د | 3984 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net