قال تعالى: ﴿وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ أَن صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ أَن تَعْتَدُواْ وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُواْ اللهَ إِنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾¹.
 
هذه الآية من سورة المائدة التي كانت آخر ما نزل من سور القرآن وإن كانت في سياق الكلام عن زيارة بيت الله الحرام لكنها تسنّ قانوناً عاماً ليس فقط إسلامياً وإنما يُعدُّ قانوناً إنسانياً وهو مبدأ التعاون بين أبناء الأمة الإسلامية فقد ندبت ودعت إلى ما يلي:
 
1 ـ نبذ الأحقاد وعدم إثارة الحوادث في الأذهان لإيقاظ المشاعر الداعية إلى الانتقام بل إنّ على المسلمين أن يتجاوزوا ما سَلَفَ من الخصومات مع من كان من أعدائهم ثم أسلم، والاتحاد في ميادين العمل في فعل الخيرات والتزام التقوى، وبالتالي دفن المبدأ الجاهلي القائل: "انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً" ليس فقط نظرياً وإنما عملياً من خلال التعاون في سبل الخير وتقوى الله.
 
2 ـ جاء في الآية حثٌ بل أمرٌ على التعاون في أعمال الخير والمشاريع البنّاءة وقد جاء في السياق كلمتا البرِّ والتقوى معاً وبشكل متوالٍ، فالبرُّ كلمة تحمل الطابع الإيجابي وتشير إلى الأعمال النافعة وأما التقوى فتشيرُ إلى الامتناع عن الأعمال المنكرة.
 
3 ـ جاء النهي عن التعاون في ما أسماه القرآن "الإثم والعدوان". فالإثمُ قد يكون المقصود منه ما فيه مخالفة للحكم الشرعي بما قد لا يكون فيه تجاوز  على الآخرين، وأما العدوان فظاهره هنا هو ما فيه تجاوز وظلم للآخرين وأذية لهم.
 
وفي الخلاصة: إن التعاون والتآزر  يجب أن يتم في أعمال الخير ومكافحة الأعمال المنكرة، وهذا المبدأ يُفترض أن يسود المجتمعات الإسلامية دون الإهتمام بالعلاقات والروابط الشخصية والعرقية، وكذلك المصلحية كما يُفترض الامتناع عن مدِّ يد العون لكل من يمارس ظلماً أو عدواناً بغض النظر عن تبعيته وانتمائه.