الهدف: التنبيه على ضرورة مراقبة النيّة وعدم الشرك في الدوافع والبواعث التي تحرّك الإنسان إلى أيّ عمل قربويّ.
تصدير الموضوع
"ولا تجعل شيئا ممّا أتقرّب به في أناء الليل وأطراف النهار رياء ولا سمعة ولا أشرا ولا بطرا واجعلني لك من الخاشعين".
المدخل
إنّ ما ينبغي استحضاره دائماً أنّ الله تعالى عالم بخفايا النفس الإنسانيّة، وأنّ الثواب والعقاب مرهونان بالإخلاص لله وعدم الشرك في النوايا، وأنّه يجب أن يبقى نصب أعيننا قوله تعالى: ﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾1.
ومن المهم الإلفات أنّ أيّ ذنب قد يصدر عن الإنسان هو قابل للمغفرة إلّا الشرك، قال تعالى: ﴿إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء﴾2.
محاور الموضوع
تعريف الرياء
عن الإمام الصادق عليه السلام في تفسير قوله تعالى: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾3 قال: "الرجل يعمل شيئاً من الثواب لا يريد به وجه الله إنّما يطلب تزكية الناس يشتهي أن يسمع به الناس فهذا الذي أشرك بعبادة ربّه"4.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر، قالوا: وما الشرك الأصغر ؟ قال: الرياء"5.
عدم قبول عمل المرائي
إنّ أوّل ما يُبتلى به المرائي هو حبط عمله، فعن الإمام الصادق عليه السلام: "إيّاك والرياء، فإنّه من عمل لغير الله وكلّه الله إلى من عمل له"6.
وعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنّ الله لا يقبل عملاً فيه مثقال ذرّة من رياء"7.
وعنه صلى الله عليه وآله وسلم: يا بن مسعود: "إذا عملت عملاً من البرّ وأنت تريد بذلك غير الله فلا ترجُ بذلك منه ثواباً فإنّه يقول: ﴿فَلَا نُقِيمُ لَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَزْنًا﴾8".
علامات المرائي
وإذ بيّنت الشريعة علامات المرائي إنّما أرادت فضحه وعدم الستر عليه حتى لا يغشّ الناس أو يتوهمنّ أحد إخلاصه وصفاءه فيتقرّب منه أو يقرّبه.
عن الإمام علي عليه السلام: "للمرائي أربع علامات: يكسل إذا كان وحده، وينشط إذا كان في الناس، ويزيد في العمل إذا أثني عليه، وينقص منه إذا لم يثن عليه"9.
وعلى العكس فقد ورد عن الإمام علي عليه السلام في صفة المؤمن: "لا يعمل شيئاً من الخير رياءً ولا يتركه حياءً"10.
الإبقاء على العمل
وأحياناً ونتيجةً لبعض التنافس الدنيويّ يحبط الإنسان عمله بعد أن فعله قربة الى الله. عن الإمام الباقر عليه السلام: "الإبقاء على العمل أشدّ من العمل، قال -الراوي-: وما الإبقاء على العمل: قال: يصل الرجل بصلة وينفق نفقة لله وحده لا شريك له فتكتب له سرّاً، ثمّ يذكرها فتمحى فتكتب له علانية، ثمّ يذكرها فتمحى وتكتب له رياءً"11.
*زاد المبلغ في شهر الله، نشر جمعية المعارف الاسلامي الثقافية، ط1، 2009م-1430هـ، ص31-34.
1- غافر 19.
2- النساء 48.
3- الكهف 110.
4- الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص294.
5- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج1، ص111.
6- الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص293.
7- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج2، ص1017.
8- مكارم الأخلاق، الشيخ الطبرسي، ص453.
9- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج2، ص1020.
10- ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج2، ص1022.
11- الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص296.