عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال:
"ما يُعْبَؤُ بِمَنْ يَؤُمُّ هذا الْبَيْتَ إِذا لَمْ يَكُنْ فيهِ ثَلاثُ خِصالٍ: وَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَنْ مَعاصي اللهِ، وَحِلْمٌ يَمْلِكَ بِهِ غَضَبَهَ، وَحُسْنُ الصَّحابَةِ لِمَنْ صَحِبَه".
الهدف:
إلفات النظر إلى الحالة الروحيّة التي ينبغي على الحاجّ المحافظة عليها طيلة فترة أداء العبادات والمناسك.
تصدير الموضوع:
قال تعالى:﴿الحَجُّ أشهرٌ معلوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ في الْحَجِّ﴾ 1.
محاور الموضوع:
حقّ فريضة الحجّ
روي عن الإمام زين العابدين عليه السلام أنّ حقّ فريضة الحجّ يتمثّل في أمورٍ أربعة
أوّلاً: "حَقُّ الحَجِّ أَنْ تَعْلَمَ أَنَّهُ وِفادَةٌ إِلى رَبِّك".
ثانياً: "وَفِرارٌ إِلَيْهِ مِنْ ذُنوبِك".
ثالثاً: "وَفيهِ قَبُولُ تَوْبَتِك".
رابعاًَ: "وَقَضاءُ الفَرْضِ الَّذي أَوْجَبَهُ اللهُ عَلَيْك" 2.
ومن هنا، فلا ينبغي الغفلة عن التأدّب بآداب الوفادة، والتخلّق بأخلاق الله، أثناء أداء هذه الفريضة التي أوجبها الله تعالى، وذلك من خلال التقيّد بالأمور التالية:
1- الورع والحلم وحسن الصحبة: عن الإمام الباقر عليه السلام أنّه قال: "ما يُعْبَؤُ بِمَنْ يَؤُمُّ هذا الْبَيْتَ إِذا لَمْ يَكُنْ فيهِ ثَلاثُ خِصالٍ: وَرَعٌ يَحْجُزُهُ عَنْ مَعاصي اللهِ، وَحِلْمٌ يَمْلِكَ بِهِ غَضَبَهَ، وَحُسْنُ الصَّحابَةِ لِمَنْ صَحِبَهُ" 3.
2- الذكر وحفظ اللّسان: عن الإمام الصادق عليه السلام: ﴿ إِذا أَحْرَمْتَ فَعَلَيْكَ بِتَقْوَى اللهِ وذِكْرِ اللهِ كَثيراً، وَقِلَّةِ الْكَلامِ إلّا بِخَيْرٍ، فَإِنَّ مِنْ تَمامِ الْحَجِّ وَالْعُمْرَةِ أَنْ يَحْفَظَ الْمَرْءُ لِسانَهُ إلّا مِنْ خَيْرٍ﴾ فَإِنَّ الله عَزَّ وَجَلَّ يَقولُ ﴿فَمَنْ فَرَضَ عَلَيْهِنّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ﴾ 4.
3- التذلَّل والتواضع: فقد ورد: "ما عُبِدَ اللهُ بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنَ الْمَشْي"، ولذا "حجّ الحسن بن عليّ عليه السلام عشرين حجّةً ماشياً على قدميه"5.
ويستحبّ للحاجَّ أن يُكَفَّنَ بِثَوْبَيْ إِحرامِهِ، كما كُفِّنَ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.
4- الإعراض عن حاجات الدنيا: فإنّ سفر الحجّ سفر إلى الله ووفاده عليه، وطلب حاجات الدنيا يتناقض مع هذا الهدف، ففي الرواية: "إذا كانَ آخرُ الزمانِ، خَرَجَ النّاس لِلْحَجِّ أَرْبَعَةَ أَصْنافٍ: سلاطينُهُم لِلنُّزَهَةِ، وَأغْنِياؤُهُمْ لِلتّجارَةِ، وَفُقَراؤُهُمْ لِلْمَسْأَلَةِ، وَقُرَّاؤُهُمْ لِلسُّمْعَةِ"6.
5- الذكر: كثرة الذكر أثناء أداء المناسك، وقد ورد في الكتب الخاصّة بأعمال الحجّ أدعية مختلفة عند عزم الحاجّ على الخروج وركوب الراحلة، والنزول منها، ودخول أيّ مكان، والخروج منه، وأداء أيّ عمل، وأثناء الحركة، والإنتقال فضلاً عن الأدعية الخاصّة بالسفر، حتّى يبقى الحاجّ على حالة من الذكر الدائم ما استطاع.
عن الإمام الصادق عليه السلام: "كانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وآله وسلم في سَفَرِهِ إِذا هَبَطَ سَبَّحَ، وَإِذا صَعَدَ كَبَّرَ"7.
وعنه عليه السلام في حديث: "فَإِذا جَعَلْتَ رِجْلَكَ في الرِّكابِ فَقُلْ: بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحيمِ، بِسْمِ اللهِ وَاللهُ أَكْبَرُ"8.
*زاد المبلغ الى بيت الله الحرام، المركز الاسلامي للتبليغ، نشر جمعية المعارف الاسلامية الثقافية، ط1، ت1، 2009م-1430هـ، ص33-36.
1-البقرة، 197.
2-الحجّ والعمرة في الكتاب والسنّة، الريشهري، ص159.
3-الكافي، الشيخ الكليني، ج4، ص286.
4-البقرة، 197.
5-موسوعة أحاديث أهل البيت عليه السلام، الشيخ هادي النجفي، ج4، ص253.
6-الوسائل، ج8، ص55.
7-الوسائل، ج9، ص37.
8-كنز العمّال، المتّقي الهندي، ج5، ص133.