الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1613 14 شوال 1445 هـ - الموافق 23 نيسان 2024 م

غزوةُ أُحد يومُ بلاءٍ وتمحيص

خيرُ القلوبِللحرّيّة قيودٌ من القِيَممراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
كوفي عنان وعهد الإمام علي (عليه السلام) لمالك الأشتر
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم



وصل عهد أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى أذن الأمين العام للأُمم المتحدة، ولكن لم يكن هذا التوصيل بفعل الإعلام الشيعي إنّما وصل إليه، كما ينقل بعض الإخوة المتتبّعين عبر زوجته السويدية، ويقول هذا الأخ: إنّ في السويد يعتمدون في دستورهم في أُمور كثيرة على نهج البلاغة، فالسويديون لهم صلة ثقافية بنهج البلاغة، وزوجة كوفي عنان ذكرت له هذه الفقرة من عهد أمير المؤمنين(عليه السلام) لمالك الأشتر، وقد ذكرتُ في موضع سابق أنّ هذا العهد لا يتناول مباحث التشريعات عامّة، وإنّما هو فقه نظمي، وقد قال الأمين العام للأمم المتحدة: إنّ هذه العبارة من عهد الإمام علي(عليه السلام) لمالك الأشتر يجب أن تعلّق على كلّ المؤسسات الحقوقية في العالم، والعبارة هي: "وأشعر قلبك الرحمة للرعية، والمحبّة لهم، واللطف بهم، ولا تكوننَّ عليهم سَبُعاً ضارياً تغتنم أكلهم، فإنّهم صنفان: إمّا أخٌ لك في الدين، وإمّا نظير لك في الخلق "1، وهذه العبارة من ضمن المقاطع النظمية القانونية استهوت الأمين العام للأمم المتحدة.

كوفي عنان يدعو لدراسة عهد الإمام علي(عليه السلام) لمالك الأشتر:

وهذه العبارة جعلت كوفي عنان ينادي بأن تدرس الأجهزة الحقوقية والقانونية عهد الإمام علي(عليه السلام) لمالك الأشتر، وترشيحه لكي يكون أحد مصادر التشريع للقانون الدولي، وبعد مداولات استمرّت لمدّة سنتين في الأمم المتحدة صوّتت غالبية دول العالم على كون عهد أمير المؤمنين(عليه السلام) لمالك الأشتر كأحد مصادر التشريع للقانون الدولي، وهذا إقرار من البشرية لعملقة أمير المؤمنين(عليه السلام)في القانون بعد مضي أربعة عشر قرناً. وهذا التصويت لم ينجزه العرب ولا المسلمون ولا الشيعة، بل أنجزه كوفي عنان، وهو ليس بمسلم ولا عربي ولا شيعي، وقد تمّ بعد ذلك إضافة فقرات أُخرى من نهج البلاغة غير عهد الإمام علي(عليه السلام) لمالك الأشتر كمصادر للقانون الدولي. وأحد الأخوة المستبصرين المختص في المحاماة أخبرني بأنّ هناك دراسة في الدكتوراه تنصّ على أنّ عصبة الأمم المتحدة التي شكّلت قبل هيئة الأمم المتحدة، قد ذكرت أنّ من مصادر التشريع التي تستند إليها هو كتاب نهج البلاغة، وهذا إن دل على شيء فإنّما يدل على أنّ هذا أحد معاجز أهل البيت(عليهم السلام)، وأنّهم بشر متّصلون بالغيب، وأنّهم مصدر سعادة البشرية، ولكن للأسف نحن مقصّرون كثيراً في نشر علوم أهل البيت(عليهم السلام)، كما قال الإمام الرضا(عليه السلام): "فإنّ الناس لو علموا محاسن كلامنا لاتّبعونا"2.

البابا يبدي إعجابه بالصحيفة السجادية:

السيد مجتبى اللاري، وهو كبير علماء مدينة "لار" في إيران، والشخصية الأُولى في هذه المدينة، هذا السيد لديه مؤسسة لنشر مذهب أهل البيت(عليهم السلام) أُسست منذ أربعين سنة تقريباً، وأنا على صلة ومعرفة به، وطريقته في النشر لا تعتمد على نشر الكتب على عامّة أهل البلدان، بل ينشر كتب أهل البيت(عليهم السلام)للنخب الخاصّة والمختصين، مثل: الحقوقيين والصحفيين والقضاة والسياسيين وأساتذة الجامعات، فهو يحاول أن يراسل أمثال هؤلاء، وفي أحد مراسلاته أرسل رسالة إلى الفاتيكان، والرسالة موجودة لديه، أرسل للفاتيكان الصحيفة السجادية مترجمة باللغة الإيطالية، وقد أتى له الجواب من الفاتيكان مختوم بالختم الرسمي ليس من البابا المعاصر، وإنّما من أحد الباباوات السابقين، وأنا قرأت الرسالة عند السيد اللاري، وعاتبته على عدم نشرها في وسائل الإعلام، وقد جاء في الرسالة اعتراف أنّ المسيحيين يزعمون أنّهم أئمة الناس في العرفان والروحانيات والأخلاقيات، ولكن إمامكم السجاد عنده من المعنويات والأخلاقيات ما لا نملك، وفوق الذي نستوحيه من النبي عيسى (عليه السلام).

وقس آخر يبدي إعجابه بها أيضاً:

وأراني رسالة أُخرى من أحد القضاة الحقوقيين في بريطانيا، أرسل إليه الصحيفة السجادية باللغة الإنجليزية، وقد ردّ عليه برسالة ذكر له فيها أنّ القس الذي يشرف على كلّ البرامج الدينية في "بي بي سي" أعجب بها، وطلب منه نسخة أُخرى، وقال: إنّه يعتمد عليها في برامجه الدينية.

واجبنا نشر ثقافة أهل البيت (عليهم السلام):

المقصود أنّ كتب أهل البيت(عليهم السلام) لو استطعنا أن نوصلها إلى نخبة الشعوب ومثقّفيها بلغاتهم لينظروا فيها، لأدّينا جانباً وقسطاً من المسؤولية الملقاة علينا في نشر هذه الأنوار التي بها تتحقق سعادة البشرية.

ما يوجد في عهد الإمام علي(عليه السلام) ولا يوجد في أدبيات العدالة الدولية:

لا بأس ببيان بعض الإمتيازات التي ذكرها أمير المؤمنين(عليه السلام) لمالك الأشتر، وحسب استقرائي فإنّ في جملة من البنود يمتاز بها هذا العهد وإلى الآن لا توجد في التنظير الدولي للعدالة، ولا في أدبيات العدالة الدولية، وهناك أُمور يرى أمير المؤمنين(عليه السلام) أنّها مصيريّة وحيويّة ورئيسيّة وإعجازيّة لم يتوصّل لها الغرب إلى الآن، وهي أُمور تختص بإقامة صرح العدالة في المجتمع البشري سواء في صفات الحاكمين والمسؤولين، أو في السياسة العامّة لنظام الدولة. وفي العلاقات الدولية يذكر أمير المؤمنين(عليه السلام) عدّة بنود، أحدها: يضمن مصير السلم الدولي، ولا يمكن لغيره أن يحقق السلم الدولي، ويركّز عليه بصورة شديدة، ويذكر في موارد أُخرى العلاقات الدولية، ومشاركة الأُمّة في الحكم، ونفس هذه النظم نظم إعجازيّة، انجذبت إليها البشرية.

الفرق بين فقه النظام والتشريعات العامّة:

وهنا لا بدّ من ذكر مقدّمة وهي تدور حول ما معنى فقه النظام؟ وما الفرق بينه وبين التشريعات العامّة؟ والتشريعات العامّة، تعني: إقامة العدالة أو القصاص أو ما يذكره الفقهاء في الرسائل العملية سواء كانوا فقهاء الإمامية أو فقهاء المذاهب الأُخرى، وهذه الكتب الفقهية فقه وقانون منتشر، وكذلك في القانون الوضعي، فمثلا: كتاب الوسيط الذي يتكوّن من عشرة مجلّدات لمؤلّفه الدكتور عبد الرّزاق السنهورى فقه منتشر، وكذلك باب المعاملات، وما يتعلّق بالفقه الجنائي وما شابه ذلك، سواء كان من وضع البشر أم من التشريع الإلهي فهو فقه عام منتشر، أي: الفقه الذي يتناول أحكام الأُسرة وأحكام الفرد والقوانين العامّة والقانون الجنائي والقصاص، ولكن هذه الأبواب المختلفة في القانون في التشريعات العامّة كيف تتصل مع بعضها البعض في ظل دائرة منظومة يقام صرحها في المجتمع؟
وبعبارة أُخرى: أحد امتيازات فقه النظام عن فقه التشريعات العامّة أنّه يبيّن آليات وأدوات التطبيق، وينبغي على الفقيه الدستوري البرلماني ـ سواء كان إسلامياً أو وضعياً ـ أن يعي القوانين العامّة، ثمّ يعي آليات تطبيق تلك التشريعات، إذن يوجد الفقه الدستوري وفقه النظم.

يجب أن لا تصطدم القوانين مع بعضها البعض:

والفرق الثاني: أنّ الفقه الدستوري يحاول أن يلائم ويوجد الانسجام بين بنود أبواب القانون، وكيفية الحفاظ عليها ـ مثلا ـ على فقه الأُسرة مع القوانين الأُخرى، وبين قوانين المعاملات وقوانين المرور، إذن من المهم أن لا تتصادم القوانين مع بعضها البعض، وليس فقط أن لا تتصادم أبواب القانون، بل يدعم هذا الباب ذاك الباب. إنّ خضوع البشرية لعهد الإمام علي(عليه السلام) لمالك الأشتر يعني أنّ الإمام علي لا يعيش عصره فقط، بل إنّه يلبّي حاجات البشرية جيلا بعد جيل، وهذا هو فرق المعصوم عن الصحابي والفقيه والمجتهد والسياسي والمحارب والداهية وعن رأي الأكثرية والشورى.

البشرية عاجزة عن تسجيل مؤاخذة في قانون علي(عليه السلام):

المعصوم يذعن له نخبة البشر المختصّين في فقه القانون، وهو من أصعب العلوم، ومن المهم الحفاظ على التوازن بحيث لا يكون التقدّم الصناعي على حساب تأثّر البيئة الخضراء الزراعية أو البيئة الترابية أو الثروة الحيوانية، وعلي بن أبي طالب(عليه السلام) قبل أربعة عشر قرناً يدوّن بنود الفقه النظمي، ولا زالت البشرية عاجزة أن تسجّل عليه أيّة مؤاخذة مع تغيّر بيئات البشر وتقاليدهم وطبائع الأرض بعد أربعة عشر قرناً، أين هؤلاء الذين يكرّرون كلام الحداثيين ـ كما تكرّر الببغاء الكلام ـ عن هذا الفكر الأصيل فليسمعوا ماذا يقول علي بن أبي طالب(عليه السلام)؟! وهذا التصويب في الأمم المتحدة كأنّما هو تجديد لبيعة الغدير.

* بحوث معاصرة في الساحة الدولية - سماحة الشيخ محمد سند – بتصرّف


1- نهج البلاغة، رسائل أمير المؤمنين رقم 53.
2- ميزان الحكمة 5: 2074، الحديث 13797.

16-05-2012 | 07-15 د | 5634 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net