الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1613 14 شوال 1445 هـ - الموافق 23 نيسان 2024 م

غزوةُ أُحد يومُ بلاءٍ وتمحيص

خيرُ القلوبِللحرّيّة قيودٌ من القِيَممراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
آداب الخروج من ضيافة اللّه‏ عز وجل
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم



يعتبر شهر رمضان المبارك رأس السنة المعنوية للسالك إلى الله عزوجل، كما يعتبر الشهر الأخير من السنة الميلادية رأس السنة المالية للتاجر أو صاحب المال. وعليه، في شهر رمضان تفتح جردة الحساب الكاملة للاعمال والسلوكيات عند أهل الله، فهم يعتبرون أن أفضل وقت في السنة يستطيعون فيه تقييم وتقويم كل ما مرّ معهم خلال سنة كاملة هو في شهر رمضام المبارك. فشهر رمضان يملك شحناً معنوياً دفاقاً، إذا ما استغل جيدا يستطيع الإنسان أن يقوّم انحرافاته النفسية والسلوكية. وهذا الأمر لا نجده في باقي الأشهر بالمستوى المتوفر فيه في شهر رمضان. فصيام النهار، وأجواء قراءة القرآن، والأنس بإحياء الليل، وحلول ليالي القدر المباركة، كلها عبارة عن بيئات حاضنة وملائمة لعملية التقويم للنفس الإنسانية. هذا عدا عن الفيض الإلهي الخاص الذي ينزله على عباده في هذا الشهر، ومن أهمها ان الشياطين فيه مغلولة وأن أنفاسنا فيه تسبيح، ونومنا فيه عبادة.. وغير ذلك أيضاً من المنح الإلهية. ومن هنا عند اقتراب نهاية هذا الشهر الكريم، يبدأ السالك والمستأنس بهذا الشهر بالإحساس بالفقد والغربة، وكأنه على وشك فقدان رفيق وأنيس عزيز عليه جداً.. ولذلك تجده في الليلة الأخيرة كالمفجوع، يبكي ويتألم لفراق هذا المضيف الكريم. واليوم الأخير من شهر رمضان له ترتيباته الخاصة، وينبغي على السالك إلى الله عزوجل أن يلتفت لها ولا يغفل عنها.. لأنها تعتبر من المعايير والضوابط التي يمكن التعرف من خلالها على مدى الاستفادة التي حصلها الإنسان من هذا الشهر على صعيد تقويم وتصحيح سلوكياته وعلاقته مع ربه وخالقه.

وفي هذا السياق يقول السيّد ابن طاووس رضوان اللّه عليه ضمن أعمال اليوم الأخير من شهر رمضان ما نصّه:

(ومنها اعتبار جريدة أعمالك من أوّل الشهر إلى آخر يوم منه وقبل انفصاله... فينظر ما كان عليه من حيث دخل دار ضيافة اللّه جلّ جلاله والحضور بين يديه، ويعتبر معارفه باللّه جلّ جلاله وبرسوله صلى اللّه عليه وآله وبخاصَّته، وبما عرفه من الامور الّتي هي من مهامّ تكليفه في دنياه وتشريفه في آخرته. وهل ازداد معرفة بها وحبّا لها وإقبالًا عليها ونشاطا وميلًا إليها، أم حاله في التقصير على ما دخل عليه في أوَّل الشهر من سوء التدبير، وكذلك حال رضاه بتدبير اللّه جلَّ جلاله هل هو قام في جميع اموره، أو تارة يرضى وتارة يكره ما يختاره اللّه جلَّ جلاله من تدبيره.

وكيف توكُّله على اللّه جلَّ جلالهِ، هل هو على غاية ما يراد منه من السكون إلى مولاه، أو يحتاج إلى الثقة باللّه جلّ جلاله إلى غير اللّه جلّ جلاله من علائق دنياه؟

وكيف تفويضه إلى مالك أمره؟ وكيف استحضاره بمراقبة اطّلاع اللّه جلّ جلاله على سرّه؟ وكيف انسه باللّه في خلواته وجلواته؟ وكيف وثوقه بوعود اللّه جلّ جلاله وتصديقه لإنجاز عداته؟ وكيف إيثاره للّه جلّ جلاله على من سواه؟

وكيف حبّه له وطلب قربه منه واهتمامه بتحصيل رضاه؟ وكيف شوقه إلى الخلاص من دار الابتلاء والانتقال إلى منازل الأمان من الجفاء؟

وهل هو مستثقل من التكليف، أو يعتقد أنّ ذلك من أفضل التشريف؟ وكيف كراهته لما كره اللّه جلّ جلاله من الغيبة والكذب، والنميمة والحسد، وحبّ الرئاسة، وكلّ ما يشغله عن مالك دنياه ومعاده؟

وغير ذلك من الأسقام للأديان الّتي تعرض لإنسان دون إنسان، وفي زمان دون زمان، بكلّ مرض كان قد زال حمد اللّه جلّ جلاله على زواله، وقام بما يتهيَّأ له من قضاء حقّ إنعام اللّه جلّ جلاله وإفضاله.

وليكن سروره بزوال أمراض الأديان أهمّ عنده من زوال أمراض الأبدان، وأكمل من المسارّ بالظفر بالغنى بالدرهم والدينار، ليكون عليه شعار التصديق بمقدار التفاوت بين الانتفاع بالدنيا الفانية والآخرة الباقية.

أقول: فإن رأى شيئا من أمراضه وسوء أغراضه قد تخلّف وما نفع فيه علاج الشهر بعبادته، فليعتقد أنّ الذنب له وإنّما أتاه البلاء من جهته، فيبكي بين يدي مالك رقبته، ويستعين برحمته على إزالته)1.

* فرع إعداد المواد في موقع المنبر


1- الإقبال – ابن طاووس.

16-08-2012 | 04-32 د | 1748 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net