الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
كلمة الإمام الخامنئي دام ظله في عيد المبعث النبوي الشريف
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

كلمة الإمام الخامنئي في لقائه مسؤولي النظام الإسلامي وسفراء البلدان الإسلامية في عيد المبعث النبوي الشريف-05-05-2016

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، والصلاة والسلام علي سيدنا ونبينا أبي القاسم المصطفي‌ محمّد وعلي آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، لا سيما بقية الله في الأرضين.

مباركٌ عيد المبعث
أتقدم بالتهاني والتبريك، بمناسبة يوم المبعث، لكم أيها الحضور الكرام، وللإخوة والأخوات الأعزاء، وللمسؤولين المحترمين في البلد، ولسفراء البلدان الإسلامية الحاضرين في هذه الجلسة، ولكل أبناء الشعب الإيراني، وللأمة الإسلامية كافة، وللبشرية جمعاء. فإن البشرية في الوقت الراهن حقاً أحوج ما تكون إلى إدراك معنى البعثة وحقيقتها من أي وقت آخر.

لقد وجّه القرآن الكريم خطابه في هذه الآية الشريفة: ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ، إلى البشرية كلّها، ثم يقول في آخرها: ﴿بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ1. آلام البشر، والشدائد الـمُلمّة بحياة الناس وبالمجتمعات البشرية، إنما هي عبءٌ ثقيلٌ على نفس النبي الأعظم، فإنه ﴿حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ، ومتشوّق لهدايتهم وسعادتهم؛ فالبعثة جاءت لجميع الناس. والـلافت مواساة القرآن للنبي الأكرم في تتمة هذه الآية نفسها: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ2؛ تَوجّه بخطابك إلى البشرية، وحُثَّ الخطى في سبيل صلاحهم وإصلاحهم، وتوكَّلْ على الله الواحد الأحد، فالأمور كلها في قبضته، والسنن الإلهية مسخَّرة لخدمة هذه الحركة. فنحن اليوم بحاجة إلى معنى البعثة ومفهومها، والبشرية بحاجة إليها كذلك، ولا سيما الأمة الإسلامية.

المبعث؛ عودة إلى الفطرة وإثارة العقل
إن عيد المبعث هو عيد النهوض والانبعاث لإزالة الآلام والمحن عن البشر، وعليه فهو حقاً يوم عيد. غالبية الآلام والشدائد التي تعاني منها البشرية على امتداد التاريخ، ما زالت مستمرة إلى يومنا هذا بأشكال مختلفة، هي: عبودية غير الله، وانتشار الظلم والجور، والاختلاف الطبقي، ومصائب الضعفاء، وغطرسة المتسلطين الأقوياء، هذه آلام  تعاني منها البشرية باستمرار، وقد فرضها الجبابرة العتاة على البشر دوماً بدوافع فاسدة ومُفسدة، البعثة جاءت لإزالة هذه الآلام والقضاء عليها. في الحقيقة يوم المبعث هو يوم الرجوع إلى الفطرة الإلهية، لأن كل هذه الشدائد والآلام والمحن والاضطرابات مرفوضة في الفطرة الإلهية التي أودعت في نفوس البشر. لقد فَطَر الله الناس في فطرته على مناصرة الحق والعدل والجهاد في سبيل المظلومين؛ هذه هي الفطرة الإنسانية.

إن لأمير المؤمنين، في الغاية من بعثة الأنبياء، عبارة وردت في كتاب نهج البلاغة الشريف، ينبغي التدبّر فيها كثيراً، وهي قوله: «لِيستَأدُوهُم ميثاقَ فِطرَتِه»، أي إن الأنبياء يدعون الناس للعمل بميثاق الفطرة الذي أودع في باطن البشر، والإقرار به، فإن الله سبحانه وتعالى قد طلب من البشر أن يكونوا أحراراً، وأن يعيشوا حياة ملؤها العدل والصلاح، وأن لا يعبدوا غير الله. «لِيستَأدُوهُم ميثاقَ فِطرَتِهِ وَيذَکِّروهُم مَنسِيَّ نِعمَتِه». ذلك أننا نغفل عن نعمة الوجود، ونعمة الصحة، ونعمة العقل، ونعمة الأخلاق الحسنة الذي أودعها الله في طبيعة الإنسان، ينسى البشر هذه النعم، والأنبياء يُذكّرون الناس بها. «وَيذَکِّروهُم مَنسِيَّ نِعمَتِه وَيحتَجّوا عَلَيهِم بِالتَّبليغ»، أي إنهم يتموّن الحجة على الناس، ويوصلون إلى مسامعهم كلمة الحق، ويكشفون لهم الحقيقة؛ التبيين والبيان أهم واجبات الأنبياء. أعداء الأنبياء يستغلون حالات الجهل وكتمان الحقائق، ويتستّرون خلف ستار النفاق، الأنبياء يشقّون ستار الجهل والنفاق. «وَيثيرُوا لَهُم دَفائِنَ العُقول»، فقد جاء الأنبياء ليدعوا الناس إلى التعقّل ويحثّوهم على التفكّر والتدبّر، فانظروا يا لها من أهداف كبرى تنشدها البعثة، وكم تحتاجها البشرية في هذا اليوم! بعد إثارة دفائن عقول الناس، «وَيرُوهُم ياتِ الـمَقدِرَة»3، أي إنهم يوجهون عقول البشر نحو التوحيد وآيات الله، ويضعون أمام أنظارهم آيات قدرة الله. فإن العقل الذي لم يتصل بالهداية، لا يستطيع من دون هداية الأنبياء إدراك الحقيقة كما هي. الأنبياء يأخذون بيد العقل الإنساني ويرشدونه، ويقوم العقل بما وهبه الله من قوة وطاقة، بطيّ طريق الحياة الشاق، وكشف الحقائق للإنسان. إن قوة العقل والتفكّر مهمة جداً، ولكن بشرط اتصالها بهداية الله وعونه. حسناً، كل هذا من معاني البعثة.

المبعث؛ سيادة العقل ومصارعة الجهل دائما
والجبهة التي تواجه المبعث، هي جبهة الجاهلية. لا ينبغي اعتبار الجاهلية أمراً مرتبطاً بحقبة تاريخية محددة ومعيّنة ليتسنى لنا القول بأن النبي آنذاك قد تصدى للجاهلية ومضى ذلك اليوم، فإن الجاهلية لا تختص فقط بذلك اليوم، بل هي مستمرة، كما إن البعثة مستمرة كذلك.
 ترجمة شعر
هي شرايين جارية؛ هذا عذب وذاك مالح أجاج
تجري في الخلائق حتى يوم النفخ في الصور
4

إن هاتين الجبهتين موجودتان في أوساط البشر؛ إنّ هذه الجاهلية التي تقف في مواجهة بعثة الأنبياء، لا تعني فقدان العلم، والجهل هذا لا يقابل العلم، بل قد يصبّ العلم في خدمة الجاهلية، كما هي الحال في الزمان الحالي. حيث تقدّم العلم البشري في العالم المعاصر، ولكنه مسخَّرٌ لخدمة تلك الجاهلية نفسها التي بُعث الأنبياء من أجل القضاء عليها. هذه الجاهلية تقف في مواجهة العقل الذي تمت هدايته بواسطة الأنبياء والله تعالى. فإن ساد العقل على حياة البشر؛ العقل المدعوم والمستظل بظلّ هداية الأنبياء، ستكون الحياة طيبة سعيدة، هذا ما يجب السعي من أجله. وأما إذا لم يكن العقل البشري هو السائد، وكانت الشهوة والغضب والأهواء النفسانية هي الحاكمة،  فستحترق البشرية في موقدٍ مستعر من التعاسة والشقاء؛ الأمر الذي شاهدناه على مدى التاريخ، وهذا ما نشاهده اليوم أيضاً.

حينما تحكم الشهوة والغضب على سلوك الناس، سترون كيف أنه خلال حربين عالميتين، يتضرّج الملايين من الناس بدمائهم، وتفقد روح الإنسان قيمتها، وتزول حرمة الإنسان. إن سيادة الشهوة والغضب، أو في مقابلها سيادة العقل المهتدي على يد الأنبياء، موجودة في جميع المستويات؛ سواءٌ الفردية منها أو الاجتماعية أو الدولية. فعلى الصعيد الدولي، إن كان الحاكم على سلوك الأقوياء الدوليين هو العقل الإلهي المهتدي، لظهر العالم بشكل معين، وإن كانت الأهواء النفسانية والنزوع إلى السلطة وإثارة الفتن هي الحاكمة، لأصبح العالم على شكل آخر. هذه هي بلاءات البشر ومصائبهم. البعثة تواجه هذا التيار الجاهلي، ويمكن أن توجد في كل عصر وزمان، وعلى جميع الناس مسؤوليات وواجبات تجاهها.

إن الاستعمار، وإذلال الشعوب، ونهب ثرواتها المالية، وإفساد مواردها الإنسانية، كلها من نتائج حاكمية تلك الجاهلية وسيطرتها. حين تحكم الجاهلية، سترون كيف تسحق العديد من شعوب العالم تحت وطأة نعال الاستعمار، ونهب ثرواتهم، وإذلالهم، وتخلّفهم لسنوات متمادية. فقد تخلّفت بعض الشعوب المستعمَرة لعشرات السنين، والبعض الآخر لقرون.

نماذج من الجاهلية المعاصرة
يقول جواهر لال نهرو5 في مذكراته؛ إن الهند وقبل أن ترزح تحت هيمنة الإنكليز، كانت تتمتع بحضارة متقدمة، وصناعة متطورة، ومنتجات حديثة، دخل الإنكليز، وأمسكوا بزمام حكم ذلك البلد الكبير الواسع، وقادوا الهند نحو التخلّف، كي يتقدموا هم. فإن دولة الإنكليز الصغيرة والنائية أصبحت قوية مقتدرة بسبب ما نهبته من ثروات بلدٍ كبير كالهند، بحيث ساقت ذلك البلد إلى البؤس والتعاسة. هذا هو الاستعمار، هذه هي سيادة الشهوة والغضب.

وبعد الحربين العالميتين الأولى والثانية، اندلعت - كما قيل وكُتب - عشرات الحروب الداخلية، كلها على يد المتسلطين والجبابرة. ولكم أن تنظروا اليوم، ما الذي يجري في منطقة غرب آسيا؟ وما الذي يحدث في شمال أفريقيا؟ ومن الذي أشعل نيران هذه الحروب؟ ومن الذي زوّد الأشرار والفاسدين بالسلاح والإمكانات، وحرّضهم على إثارة الفتن في عددٍ من البلدان، وعلى هدم بناهم التحتية وتدميرها؟ هذا هو الشيطان. ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورً6. هكذا هم الشياطين، حيث يضعون يداً بيد، ويؤسسون نظاماً، حين يسيطرون على التيارات الحاكمة في العالم، تصل أوضاع البشرية إلى ما تشاهدونه في الوقت الراهن.
 
الجمهورية الإسلامية في مواجهة الطاغوت
إنّ عداء المؤمنين الصادقين، وعداء الجمهورية الإسلامية مع الصهيونية، ناجم من هذه الحقائق. إذ لا يوجد ثأر شخصيّ لنا مع أحد، ولكن حين يبسط الكيان الصهيوني، إلى جانب شبكة الرأسماليين الصهانية الوسيعة، سيطرته على الدول، ويهيمن على دولة كالولايات المتحدة الأمريكية - بحيث لا يتقدم فيها أي أحدٍ، ولا يتسلم زمام السلطة أي حزبٍ أو شخص إلا بدعمهم ومساندتهم - يصل العالم إلى ما تشاهدونه في هذا اليوم. هذه العوامل التي أدت إلى قيام الحركة العظيمة للأمة الإسلامية والشعب الإيراني وإلى انطلاق الصحوة الإسلامية في العالم. والأعداء بدورهم يرون أن  الحلّ يكمن في تشويه سمعة الإسلام وسمعة إيران وسمعة الشيعة.

من السياسات الثابتة للإدارة الأمريكية والحكومات المتحالفة والتابعة لها حالياً، مواجهة الإسلام ومكافحة إيران ومحاربة الشيعة؛ هكذا يتحركون اليوم، وهذه هي سياستهم الثابتة. فإن غفلت الشعوب، تقدّموا هم، وإن صحت الشعوب وتيقّظت، ظهر أمامهم سدٌّ منيعٌ، يؤدي إلى أن تثور ثائرتهم وتتعالى صرخاتهم بأنكم لماذا توجدون في منطقة غرب آسيا؟ ولماذا تحولون دون تحقيق مآربنا؟

قبل يومٍ أو يومين، أعلن المتحدثون باسم أمريكا أن معارضة إيران للسياسات الأمريكية في منطقة غرب آسيا - وعلى حدّ تعبيرهم الشرق الأوسط - هي التي تؤدي إلى أن نفرض العقوبات عليها ونتصدى لمواجهتها. ولكن ماذا يعني ذلك؟ يعني: أيها الشعب الإيراني! يا من تتسمون بالوعي والبصيرة والوقوف على مجريات الأحداث في المنطقة، تراجعوا واسمحوا لنا بأن نعمد إلى إمرار مشاريعنا، وأن نقوم بما يحلو لنا، وهذا يعني مواصلة السياسات الشيطانية. هذه هي أوضاع الجاهلية وهذه الجاهلية موجودة اليوم أيضاً.

فإن سيطرت الجاهلية، وتغلّبت القوى الشيطانية، ظهر الطغيان؛ وهذا هو المراد بالطاغوت. ﴿الَّذِينَ آمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ7، هذا معيار. فإنّ الشخص إذا ما قطع أيّ خطوة في سبيل تقوية الطاغوت، سيدخل في معسكر الطاغوت. والطاغوت عمله: الإفساد والفساد. ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ8. فإن الله يريد صلاح البشر، والطاغوت يريد فسادهم.

الجاهلية نفسها بأدوات حديثة
إنهم يقتلون مئات الآلاف ويبيدونهم في مدينة أو مدينتين بقنبلة واحدة، وبعد مضي سنوات طويلة، يرفضون تقديم أيّ اعتذار، حيث طالبوهم بأن يعتذروا بسبب حادثة هيروشيما، ولكنم رفضوا الاعتذار. ويدمّرون البنى التحتية لبلدٍ كأفغانستان والعراق وسائر بلدان المنطقة، إما بأيديهم مباشرة أو بأيدي عملائهم، من دون أن يرفّ لهم جفن أو يستحوا من أفعالهم، بل ويواصلون الطريق، وهذا هو قوله: ﴿وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ9. هذا التيار وهذا الجبهة جبهة الجاهلية. الجاهلية المعاصرة في الروح والمعنى، هي الجاهلية نفسها التي كانت في عهد بعثة النبي، ولكن بأدوات وشاكلة وتدابير جديدة. وهذه الأوضاع تحمّل المسلمين كافة والأمة الإسلامية جمعاء واجبات حتمية، ألا وهي مهمة المواجهة والتصدي.

إن الجمهورية الإسلامية ومنذ انطلاقها، لم تبدأ بأيّ حربٍ ولم تقم بأي تحرك عسكري ضدّ أي بلد، ولكنها قالت كلمتها ورفعت شعارها بصوتٍ واضحٍ عالٍ. وإمامنا الخميني العظيم قد وضع الإسلام الأمريكي إلى جانب الإسلام المتحجر. فهما معاً يقفان في مواجهة الإسلام الأصيل، ويخافان من الإسلام الأصيل.

تحالف صوري؛
إن هذه الجماعات الفاسدة والمفسدة التي تعيث فساداً في البلدان الإسلامية، وتشوّه الإسلام، وتخرج كبد الإنسان من صدره باسم الإسلام، وتلوكه بأسنانها أمام الأنظار وآلات التصوير، وتقوم باسم الإسلام بإحراق الناس وهم أحياء أمام أنظار الملايين، تحظى بدعم واهتمام وتأييد ومساندة القوى الغربية المريبة. فإنهم يشكّلون تحالفاً ضد داعش بحسب الظاهر، غير أنّ الأنباء والمعلومات الصحيحة تفيد بأن هذا التحالف ليس تحالفاً حقيقياً، وهذا الصراع ليس صراعاً حقيقياً، وإنما هو عملٌ ظاهري وصوري. وحين يريدون التحدث في إعلامهم ضدّ هذه الجماعات المفسدة والفاسدة، يعبّرون عنها بالدولة الإسلامية، وهذا يعني أن أولئك الذين يتعاملون مع الناس بتلك الطريقة، ويبيدون الأطفال بتلك الطريقة، ويخدعون الصغار بتلك الطريقة للنزول إلى ساحة العمليات الانتحارية، هم الدولة الإسلامية؟! هذه هي محاربة الإسلام.
 
"بعثة" الخير لكلّ البشرية
إن الواجب الملقى اليوم على عاتقنا نحن المسلمين، هو الوعي بحقيقة البعثة وتوعية العالم كله بهذه الحقيقة. فالبعثة تعني النهوض والقيام من أجل إنقاذ الإنسان وإنقاذ البشرية، والبعثة تعني إقامة نظام الصلاح والسداد في أوساط المجتمع البشري.. هذا هو معنى البعثة. البعثة تعني طلب الخير لجميع البشرية. فإننا نطلب الخير لكل أبناء البشر، بل وندعو حتى لأولئك الرؤساء الفاسدين المفسدين في الأنظمة الطاغوتية بأن يقوم الله سبحانه وتعالى إما بهدايتهم وإرجاعهم عن طريق الباطل، أو تقصير أعمارهم كي لا يغرقوا في الفساد أكثر، ولا يستوجبوا غضب الله أكثر! وهذا حقاً دعاء بالخير. الإسلام يريد الخير للبشرية جمعاء، النبي جاء لخير البشرية.

وإن حركة الأمة الإسلامية هذه، والنهضة التي قامت في العالم بعد تشكيل نظام الجمهورية الإسلامية، والتي لم يتمكّنوا من وأدها رغم كل جهودهم، بل وأخذت تزداد قوة وعُمقاً يوماً بعد آخر، هذه النهضة ستنتصر حتماً، وعداء الأعداء لا يمكنه القضاء على هذه الحركة العظيمة.

"الأمانة الإلهية لها صاحب"!
وهنا يجب علينا العمل بالتوصية والأمر الوارد في هذه الآية القرآنية الشريفة التي تلوتها: ﴿فَقُلْ حَسْبِيَ الله.. إن رأيتَ أنهم يعارضونك، ورأيتَ أنهم يُعرضون عنك، ورأيتَ أنهم يُحيطون بك من كل جانب وبشتى الأساليب، ﴿فَقُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ. وهذا هو توكّل إمامنا الخميني العظيم الذي دلّنا على الطريق، وأوصلنا إلى هذه المكانة، وسوف يواصل الشعب الإيراني الطريق بنفس هذا التوكّل إن شاء الله، وسوف تجسّد الأمة الإسلامية، ومن خلال الصحوة الإسلامية، هذه الحقائق أكثر فأكثر.

وإن نصرة الإسلام ونصرة المسلمين في النهاية أمرٌ محتوم، لكن هناك واجبٌ في أعناقنا، هناك واجب يقع على عاتق الأفراد، وواجب على عاتق الجماعات، وواجب على عاتق النخب السياسية، وواجب على عاتق رؤساء الدول الإسلامية، فمن يعمل بواجبه، يقع أجره على الله تعالى، ومن لم يعمل بواجبه ﴿فَسَوفَ يأتِي اللهُ بِقَومٍ يحِبُّهُم وَيحِبُّونَه10، ولنعلم بأن الأمانة الإلهية لا تبقى مطروحة على الأرض من دون صاحب، وأن هذا الطريق سوف يستمر. سائلين الله أن يجعلنا من أولئك الذين لا يطرحون هذه الأمانة أرضاً على الإطلاق.

والسلام عليکم ورحمة الله وبرکاته‌


1- سورة التوبة، الآية 128.
2- سورة التوبة، الآية 129.
3- نهج البلاغة، الخطبة الأولى.
4- مولوي مثنوي، الجزء الأول.
5- أول رئيس وزراء للهند بعد استقلالها عن الاحتلال الانكليزي
6- سورة الأنعام، الآية 112.
7- سورة النساء، جزء من الآية 76.
8- سورة البقرة، الآية 205.
9- سورة المائدة، جزء من الآية 54.
10- سورة المائدة، جزء من الآية 54.

11-05-2016 | 16-34 د | 1378 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net