الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
نداء الإمام الخامنئي دام ظله لحجاج بيت الله الحرام - 1437
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم

و الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله الطيبين، وصحبه المنتجبين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أيها الإخوة والأخوات المسلمون في كل العالم؛

إنّ موسم الحج هو للمسلمين موسمُ فخر وعظمة في أعين الخلائق، وموسم نورانية القلوب والخشوع والابتهال أمام الخالق. إن الحج هو فريضة قدسية ودنيوية وإلهية وجماهيرية، فمن جهة صدر الأمر الإلهي: ﴿فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبائكمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرً (1)، و ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ (2)، ومن جهة أخرى كان الخطاب الإلهي: ﴿الَّذِي جَعَلْنَاهُ لِلنَّاسِ سَوَاءً الْعَاكِفُ فِيهِ وَالْبَادِ (3)، لتوضيح الأبعاد اللامتناهية والمختلفة للحج.

في هذه الفريضة المنقطعة النظير، ينيرُ أمنُ الزمانِ والمكانِ قلوبَ الناس كعلامة ظاهرة ونجمة لامعة، ويُخرِج الحاجَّ من حصار عناصر القلق والاضطراب التي يهدِّد بها الظالمون المهيمنون كل الناس دائماً، ويذيقه لذةَ الأمان لفترة معينة.

إن الحج الإبراهيمي الذي أهداه الإسلام للمسلمين، هو مظهر العزة والمعنوية والوحدة والعظمة، فهو يستعرض عظمة الأمة الإسلامية واتكالها على القدرة الإلهية الأبدية أمام أنظار الأعداء وذوي النوايا السيئة، ويُبرز المسافة الفاصلة بين المسلمين وبين مستنقع الفساد والحقارة والاستضعاف الذي يفرضه المستبدّون والمتغطرسون الدوليون على المجتمعات البشرية.

الحج الإسلامي والتوحيدي هو مظهر ﴿أَشِدّاءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ (4)؛ هو مقام البراءة من المشركين، والألفة والوحدة مع المؤمنين.

إن الذين يهبطون بالحجّ إلى مستوى جعله رحلة سياحية، ويخفون عداءهم وحقدهم على الشعب الإيراني المؤمن الثوري تحت عنوان عدم ﴿تسييس الحج، هم شياطين صغار حقراء ترتعد فرائصهم من تعرض أطماع الشيطان الأكبر - أمريكا - للخطر. إن الحكام السعوديون الذين صدّوا عن سبيل الله والمسجد الحرام (5) هذه السنة، وسدّوا طريق الحجاج الإيرانيين الغيارى المؤمنين عن منزل المحبوب، هم ضالّون مسودّو الوجوه يعتبرون بقاءهم على عرش السلطة الظالمة رهناً بالدفاع عن مستكبري العالم، والتحالف مع الصهيونية وأمريكا، والسعي لتحقيق مطالبهم، ولا يتورّعون عن ارتكاب أية خيانة في هذا السبيل.

تمضي اليوم قرابة السنة على أحداث منى العجيبة، التي قضى فيها عدة آلاف إنسان نحبهم مظلومين في يوم العيد، وبثياب الإحرام، تحت الشمس وبشفاه ظامئة. قبل ذلك بفترة وجيزة تضرّج عددٌ من الناس في المسجد الحرام بدمائهم وهم في حال عبادة وطواف وصلاة. إن الحكام السعوديون مقصّرون في كلتا الحادثتين، وهذا شيء أجمع عليه كل الحاضرين والمراقبين والمحللين التقنيين. وقد طُرحتْ ظنونٌ من قبل بعض المختصين حول عمدية الحادث. لكن من المؤكد والقطعي وجود تأخر وتقصير في إنقاذ أرواح الجرحى، الذين تناغمت أرواحهم العاشقة وقلوبهم المشتاقة في يوم عيد الأضحى مع ألسنتهم الذاكرة لله والمترنّمة بالآيات الإلهية. لقد زجّهم الرجال السعوديون قساة القلوب والمجرمون مع الموتى في مستوعبات مغلقة، وأردوهم شهداءً بدل معالجتهم ومساعدتهم أو حتى إيصال الماء لشفاههم الظامئة. آلاف العائلات من بلدان مختلفة فقدتْ أحباءها، وفُجعت شعوبها. كان هناك قرابة الخمسمائة شخص من الجمهورية الإسلامية بين هؤلاء الشهداء. لا تزال قلوب العائلات جريحة ثكلى، ولا يزال الشعب حزيناً غاضباً.

حكام السعودية، وبدل أن يعتذروا ويظهروا ندمهم ويلاحقوا قضائياً المقصّرين المباشرين في هذه الحادثة الرهيبة، تهرّبوا وامتنعوا، بمنتهى الوقاحة وقلة الحياء، حتى عن تشكيل لجنة دولية إسلامية لتقصّي الحقائق. بدل الوقوف في قفص الاتهام وقفوا في موضع المدّعي، وأظهروا بخبث واستهتار أكبر عدائهم القديم للجمهورية الإسلامية ولكل راية إسلامية مرفوعة في مواجهة الكفر والاستكبار.

إن أبواقهم الإعلامية، من السياسيين الذين تعدّ تصرفاتهم حيال الصهاينة وأمريكا عاراً على العالم الإسلامي، أو المفتين عديمي التقوى وآكلو الحرام الذي يفتون علانية بخلاف الكتاب والسنة، إلى مرتزقتهم الصحافيين الذين لا يمنعهم حتى الضمير المهني من الكذب واختلاق الأكاذيب، تسعى عبثاً إلى اتهام الجمهورية الإسلامية بحرمان الحجاج الإيرانيين من الحجّ هذه السنة. إن الحكام المثيرون للفتن، الذين ورّطوا العالم الإسلامي في حروب داخلية وقتل وجرح للأبرياء عن طريق تأسيس وتجهيز الجماعات التكفيرية والشريرة، وأغرقوا اليمن والعراق والشام وليبيا وبلدان أخرى في الدماء، هم متلاعبون سياسيون لا يعرفون الله، قد مدوا يد الصداقة للكيان الصهيوني المحتل، مغمّضين أعينهم عن آلام الفلسطينيين ومصائبهم المفجعة، ونشروا ظلال ظلمهم وخيانتهم على مدن البحرين وقراها. الحكام ممن لا دين لهم ولا ضمير والذين ارتكبوا مجزرة منى الكبرى، وانتهكوا، باسم خدمة الحرمين، حرمة الحرم الإلهي الآمن، وقتلوا ضيوف الله الرحمن في يوم العيد في منى، وفي المسجد الحرام قبل ذلك، يتشدّقون الآن بعدم تسييس الحج، ويتهمون الآخرين بالذنوب الكبرى التي ارتكبوها هم، أو تسببوا بها. إنهم مصداق تامّ للبيان المنير للقرآن الكريم: ﴿وَإِذا تَوَلّىٰ سَعىٰ فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لا يُحِبُّ الْفَسادَ (6)، ﴿وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهادُ (7).

هذه السنة أيضاً تفيد التقارير أنه، فضلاً عن صدّ سبيل الحجاج الإيرانيين وحجاج بعض الشعوب الأخرى، وضعوا حجاجَ باقي البلدان ضمن نطاق ضبط ومراقبة غير طبيعية بمساعدة الأجهزة التجسّسية الأمريكية والصهيونية، وجعلوا بيت الله الآمن غير آمن للجميع.

على العالم الإسلامي، سواء الحكومات أو الشعوب المسلمة، أن يعرف حكام السعودية، ويدرك بنحو صحيح حقيقتهم المفضوحة وغير المؤمنة والتابعة والمادية. على المسلمين أن لا يتركوا محاسبة الحكام السعوديين على ما تسبّبوا به من جرائم في كل العالم الإسلامي. إن عليهم أن يفكروا تفكيراً جذرياً لحلّ مسألة إدارة الحرمين الشريفين وقضية الحج، بسبب سلوك أولئك الحكام الظالم ضد ضيوف الرحمن. إن التقصير في هذا الواجب سيعرّض مستقبل الأمة الإسلامية لمشكلات أكبر.

أيها الإخوة والأخوات المسلمون! لئن كان موضع الحجاج الإيرانيين المشتاقين المخلصين خالٍ هذه السنة في مراسم الحج، فإنهم حاضرون بقلوبهم، وهم يقفون جنبًا إلى جنب مع الحجاج من كل أرجاء العالم، وهم قلقون على حالهم، ويدعون أن لا تستطيع الشجرة الملعونة للطواغيت أن تنالهم بأدنى أذى.

اذكروا إخوانكم وأخواتكم الإيرانيين في أدعيتكم وعباداتكم ومناجاتكم، وادعوا لرفع المشاكل والبلاءات عن المجتمعات الإسلامية وكف أيدي المستكبرين والصهاينة وعملائهم عن الأمة الإسلامية.

إنني أحيّي ذكرى شهداء منى والمسجد الحرام في العام الماضي، وشهداء مكة في سنة 66 ه.ش [1987 م]، وأسأل الله عزّ وجلّ لهم المغفرة والرحمة وعلوّ الدرجات، وبالسلام على حضرة بقية الله الأعظم (روحي له الفداء) أسال ذاك العظيم الدعاء المستجاب لرفعة الأمة الإسلامية ونجاة المسلمين من الفتنة وشر الأعداء.

وبالله التوفيق وعليه الاتكال
آخر ذي‌ القعدة 1437


1 - سورة البقرة، الآية 200 .
2 - سورة البقرة، الآية 203 .
3 - سورة الحج، الآية 25 .
4 - سورة الفتح، الآية 29 .
5 - [وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ] سورة الحج، الآية 25.
6 - سورة البقرة، الآية 205 .
7 - سورة البقرة، الآية 206 .

09-09-2016 | 10-56 د | 1559 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net