الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتشهر الفُرصكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء أعضاء مجلس خبراء القيادةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في يوم التشجير وأسبوع الموارد الطبيعيّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء القائمين على مؤتمر تكريم شهداء محافظة خوزستانسيّدةُ قريش

العدد 1607 03 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 14 آذار 2024 م

البعد الاجتماعيّ في خطبة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)

سُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَ
من نحن

 
 

 

التصنيفات
في لقائه جمعًا من الرواديد ومدّاحي أهل البيت (عليهم السلام)
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

كلمة سماحة الإمام الخامنئي في لقائه جمعًا من الرواديد ومدّاحي أهل البيت (عليهم السلام) بمناسبة ذكرى ولادة بضعة النبي الأكرم(ص) 08/03/2018م

بسم الله الرحمن الرحيم[1]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيّدنا ونبيّنا أبي القاسم المصطفى محمّد، وعلى آله الأطيبين الأطهرين المنتجبين، لا سيّما بقية الله في الأرضين.

عيدكم مبارك أيها الإخوة الأعزّاء والأخوات العزيزات؛ إن شاء الله تكونون دومًا في خدمة أهل بيت النبوة والولاية، والصرخة العالية المطالبة بالحقّ في زمن غلبة الظُلمة والباطل؛ كما أنتم اليوم هكذا بِحمد الله. شبابنا المؤمن، أعزاؤنا، هذا الجمع من مدّاحي أهل بيت العصمة والطهارة،هم بحق صرخة الحقّ العالية في هذا العالم المليء بالظلم والطغيان.

الزهراء (ع) سيّدتهنّ جميعًا
 بالنسبة للمقام السامي والذي لا يمكن وصفه لابنة الرسول الأعظم، إنّ لساني أنا العبد وأمثالي قاصر؛ لا يستطيع البشر وصف المراتب المعنويّة والعظمة الروحيّة للناس الإلهيّين والسماويّين العِظام، ومن جملتهم السيّدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها)؛ يجب الاستماع والتعلُّم من الله تعالى ومن عباد الله العظماء والأولياء الإلهيّين، ينبغي تصوّر هذه المقامات في حدود قدرات فهمنا. قال الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله وسلّم) حول فاطمة الزهراء (سلام الله عليها): «سيّدة نساء أهل الجنّة»[2]، وبالطبع ثمّة روايات أخرى «سيّدة نساء العالمين» و«سيّدة نساء الدنيا»[3]، وهذه كلّها روايات منقولة بأسناد متقنة عن طرق الشيعة والسنّة؛ ليس الشيعة وحدهم هم الذين نقلوها. ولكنّي أعتقد أن الأهمّ هو «سيّدة نساء أهل الجنة». لاحظوا أنَّ الله تعالى يقول في الآية القرآنية، هذه الآية التي تلاها القارئ المحترم اليوم «وضَرَبَ‏ اللَّهُ‏ مَثَلاً لِلَّذينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْن»[4] [امرأة فرعون] نموذج لكلّ المؤمنين وليس للنساء [منهم] وحسب، بل «لِلَّذينَ آمَنُوا» أي إنَّ الله تعالى جعل امرأتين نموذجين لكلّ المؤمنين. «وضَرَبَ‏ اللَّهُ‏ مَثَلاً لِلَّذينَ آمَنُوا امْرَأَتَ فِرْعَوْن» إحداهما زوجة فرعون - السيّدة آسيا -التي يقول عنها عدة جُمل، ثم يقول «مَرْيَمَ‏ ابْنَتَ عِمْران»[5] والثانية هي السيّدة مريم. حسنًا، هاتان المرأتان نموذجٌ لكلّ البشريّة؛ ولكلّ مؤمني العالم. هاتان المرأتان وكلّ النساء البارزات من الأولياء الإلهيّين كلّهنّ في الجنة، فمكانهنّ الجنة، ثم إنّ السيّدة فاطمة الزهراء هي «سيّدة نساء أهل الجنة»[6]، إنّها سيّدتهن جميعًا. إنّنا لا نستطيع إدراك تلك المراتب والدرجات أكثر من هذا.

بالتأكيد، لقد ألقى شعراؤنا الأعزّاء والمدّاحون والمنشدون المحترمون والأعزّاء أشعارًا وكلمات، وقد كانت جميلة وجيّدة جدًا، لكنّها كلّها أقلّ من ذلك الحدّ السامي للصدِّيقة الطاهرة (سلام الله عليها)؛ بيان الرسول وكلامه وكلام الله أبلغ من كل هذا.

نموذجٌ إسلاميّ مقابل نموذج انحرافي
لقد مضى الوقت، كنت قد سجَّلت نقاطًا هنا لأذكرها؛ ولكنّ الوقت قريب الظهر، لذلك سأذكرها على نحو الإجمال. يوم ولادة الصدّيقة الزهراء (سلام الله عليها) هو يوم المرأة. للمرأة في منطق الإسلام وفي المعرفة الإسلامية نموذجها، هناك إطار تمّ تعيينه للمرأة؛ هذا الإطار هو إطار كامل؛ بمعنى أنَّ المرأة الإسلامية عبارة عن ذلك الكائن الذي يتحلّى بالإيمان ويمتاز بالعفاف ويتصدّى لأهم قسم في تربية الإنسان، وهو يؤثّر في المجتمع، ويمتاز بالرشد العلمي والمعنوي، وهو مدير لمؤسّسة بالغة الأهميّة هي مؤسّسة الأسرة، وهي مبعث استقرار وسكينة الرجل؛ هذا كلّه إلى جانب خصوصيّات الأنوثة مثل اللطافة ورقّة القلب والاستعداد لتلقّي الأنوار الإلهيّة؛ هذا هو نموذج المرأة المسلمة. ما قاله الرسول الأكرم (صلّى الله عليه وآله) في كلمات ومناسبات عديدة في تمجيده لفاطمة الزهراء (سلام الله عليها) أو خديجة الكبرى، أو بخصوص المرأة بشكل عام؛ هذا هو النموذج الإسلامي.

 وفي مقابله، يوجد نموذج انحرافي كان مختلفًا على اختلاف فترات الزمن، وهذا النموذج الانحرافي اليوم هو نموذج المرأة الغربيّة. المرأة الغربيّة في هذه الفترة التي نعيشها وبدل كلّ السمات المميزة والبارزة التي شاهدناها للمرأة الإسلاميّة، الميزة الأساسيّة للمرأة الغربيّة اليوم هي أن تستطيع لفت أنظار الرجال وتوفير اللذة لهم. هذه هي خصوصيّتها، لذلك ترون أنَّ مؤشر المرأة الغربيّة اليوم هو التعرّي. في المحافل الرسميّة التي يشارك فيها الرجال والنساء، يتوجّب على الرجل أن يكون مستورًا تمامًا؛ وعلى المرأة أن تتعرّى ما استطاعت، كلُّ هذا في المجالس الرسميّة! أما في الأوساط الاجتماعيّة فالأمر واضح. هذه الحال تتعلّق بالفترات الأخيرة في العالم الغربي، ولم تكن أوروبا وأمريكا في الماضي على هذا النحو. وفق معلوماتنا واطّلاعنا لم يكن هناك إلى ما قبل 150 سنة أو 120 سنة عند المرأة الغربيّة ما يوجد عندها اليوم من تحلّل وعُري وفلتان، وبالطبع لم يكن هنالك الحجاب بالمعنى الإسلامي، فما هي السياسة التي جرّت المجتمع الغربي بهذا الاتجاه وما هو هدفها، هذا يحتاج لدراسات طويلة وتفصيليّة، بيد أنَّ الواقع الآن هو أنَّ المرأة الغربيّة هي مظهر الاستهلاك والتبرّج والإثارة مقابل الرجال ووسيلة للإثارة الجنسيّة لدى الرجل وجنس الرجال. هذا هو الحال. وباقي الأمور التي يطرحونها ويتكلّمون عنها مثل قضيّة العدالة الجنسيّة وما شاكل هي مجرّد كلام وهو ظاهر القضيّة أما باطن القضية فذاك [ما ذكرناه]. سمعتم أنَّ عددًا كبيرًا من السيّدات صاحبات المواقع والمناصب في الغرب؛ قبل أشهر؛ أعلنَّ الواحدة تلو الأخرى أنَّهنَّ خلال فترة شبابهنّ في سياق الأمور الإداريّة التي كنَّ أعضاء فيها تعرضن للاستغلال والتحرّش بالقوّة والعنف، هذا ما قلْنَه بأنفسهنّ، هؤلاء لسن نساءً عاديات بل هنَّ نساء بارزات في الغرب، لقد أغلق الإسلام، بواسطة الحجاب، الباب أمام الطريق الذي ينتهي بالمرأة إلى هذه النقطة من الانحراف، لم يسمح بذلك. إنّ الحجاب الإسلامي وسيلة لصيانة المرأة، الحجاب ليس وسيلة لتقييد المرأة.

راية الاستقلال بأيدي نسائنا!
إنَّ راية استقلال هوية النساء وثقافتهنّ بيد النساء الإيرانيّات؛ السيّدات الإيرانيّات اليوم بحفظهنّ للحجاب يُعلنَّ عن استقلال هويتهنّ واستقلالهنّ الثقافي، ويُصدّرنه للعالم؛ أي إنّ العالم يسمع الآن كلامًا جديدًا، تستطيع المرأة أن تشارك مشاركة فعّالة في الميادين الاجتماعيّة، ويكون لها تأثيرها الاجتماعي العميق. ولنساء بلادنا في الوقت الحاضر مثل هذا التأثير في القطاعات المختلفة؛ إلى جانب الحفاظ على الحجاب والعفاف ووجه التمايز بين المرأة والرجل، والحدود الفاصلة بينهما، وعدم التعرّض لاستغلال الرجل، وعدم الهبوط بأنفسهنّ وإهانتها إلى مستوى جعلها وسيلة للذّة الرجال الأجانب والطامعين بهنّ، هذه من خصوصيّات المرأة الإيرانيّة والمرأة المسلمة اليوم. نحن طبعًا لدينا هذا النموذج  وهذا الإطار، هناك بين سيّداتنا نساء من هنّ بمستويات جيّدة جدًا والبعض بالمستويات العليا لهذا النموذج، والبعض في الحدود المتوسّطة، على كلّ حال هذا نموذج موجود، وهذا هو أساس وضع المرأة الإيرانيّة.

حسنًا، أولئك الذين يُهينون مؤسّسة الأسرة، يرتكبون الخيانة بحق الشعب وبحق المرأة والمجتمع النسائي كذلك. الذين يتظاهرون بأنَّ العدالة الجنسيّة تعني أنّه يجب أن تخوض المرأة في كلّ الميادين التي يخوض فيها الرجال، إنّما يخونون ثقة المرأة وحرمتها وشخصيّتها وهويّتها. إنّ المرأةّ محترمة، ولم يقل أحدٌ إنّها يجب أن لا تخوض غمار الساحات الاجتماعيّة أو لا تتولّى مسؤوليّات أو لا تكتسب العلم؛ كلّا، إنَّ من أفضل علمائنا اليوم، ومن أفضل كُتَّابنا، ومن أفضل شخصيّاتنا الثقافيّة، نساء كثيرات أعدادهنّ لا تُحصى، متواجدات اليوم في مجتمعنا؛ وهذا هو إبداع الثورة وفنّها أيضًا. اعلموا ذلك، قبل الثورة لم يكن أيّ شيء من هذا! فقد كانت [أعداد] النساء اللواتي استطعن الارتقاء إلى مراتب علميّة وثقافيّة وأدبيّة عالية قليلات جدًّا جدًّا، وهنَّ اليوم كثيرات جدًّا، لقد كان هذا إبداع الثورة أن استطاعت القيام بهذا التحوّل، والسبب هو أنَّ نموذج المرأة المسلمة هو هذا بالأصل؛ لكنّ المرأة في الوقت نفسه هي مديرة العائلة، المرأة هي محور الأسرة، وأهمّ من كلّ مهن ووظائف المرأة، الأمومة و الزوجيّة وتوفير الاستقرار والسكينة «وَخلق مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا»[7] إنّها مصدر هدوء وسكنٍ واستقرار، هذه هي خصوصيّة المرأة في الإسلام، وعلى الإنسان التنبّه إلى هذه الأمور في يوم المرأة. طبعًا نوصي السيّدات الإيرانيّات والمسلمات المحترمات المؤمنات بهذه المفاهيم الإسلاميّة والقرآنيّة، بالحفاظ عليها ومضاعفتها يومًا بعد يوم؛ ليجتنّبن آفاتٍ؛ مثل الإسراف والتفاخر والتباهي- كحالات التنافس السلبيّ والاقتداء بنموذج المرأة الغربيّة المنحرفة - وأن يراقبن أنفسهنّ وينتبهن. إنَّ المرأة المسلمة في بلادنا اليوم عزيزة مرفوعة الرأس، وتمتاز بأنَّ لديها هويّة ثقافيّة مستقلّة ولا تتأثّر بالآخرين. عليكنّ المحافظة على هذا الشيء في أنفسكنّ.

المدّاحون؛ وسيلة الإعلام الأهمّ
 حسنًا، إنّ لهذه الحال أعداءها، وأقولها لكم: إنَّ جزءًا مهمًّا من الحرب الناعمة والحرب النفسيّة التي يشنّها العدو في بلادنا موجّهة نحو هذه القضيّة. أنتم الدعاة إلى الحقّ [ناشدو الحق]، يجب أن تنشروا وتروّجوا هذه القضايا في بيانكم وأقوالكم وأشعاركم -لقد كانت هذه القضايا اليوم طبعًا في بعض الأشعار والمدائح التي أنشدت- هذا واجبكم البالغ الأهميّة. أنتم وسيلة إعلام، ومن أهم وسائل الإعلام، وسيلة إعلام مدّاحي أهل البيت (عليهم السلام) والمنشدين الدينيّين الذين ازدادوا في بلادنا اليوم والحمد لله، وسيلة الإعلام هذه مهمّة جداً!

الشعب مستعدّ دائمًا للمواجهة!
وأشير هنا إلى مسألة واستفيد من الوقت وأحاول الاختصار ما أمكن إن شاء الله. لاحظوا أنَّ أعداء الثورة الإسلاميّة يعملون على التآمر بشكل مستمرّ، وهذا مبعث فخرٍ لنا. إنهم يتآمرون بشكل مستمرّ ضدّ النظام الإسلامي وضد إيران الإسلاميّة منذ أربعين سنة، فالأموال تُنفق لأجل ذلك بالمليارات، ورموز الفكر والتخطيط تجتمع حول بعضها من أجل توجيه ضربة لهذا النظام واستئصاله، ولكن منذ أربعين سنة وهذه الشجرة المباركة، هذه الشجرة الطيّبة آخذة بالنمو والرُشد يومًا بعد يوم، هذا مبعث فخر لنا. لو لم يتحرّكوا ضدّنا، لما شعرنا أنّنا موضع لطفٍ إلهي إلى هذا الحدّ. كلُّ هذه الاعمال تُطلَق ضد الجمهوريّة الإسلاميّة، ولم يكن هذا الحجم من المؤامرات ضدّ أيِّ شعبٍ آخر وضدّ أيِّ بلدٍ [في يوم من الأيّام]، ومع ذلك لم يستطيعوا ارتكاب أيّ حماقة، فقد تقدّمت الجمهوريّة الإسلاميّة في طريق رشدها وكمالها، ولا يزال الحال هكذا إلى اليوم. وقبل عدّة أشهر اجتمعت شخصيّاتهم في غرفة فكر – أي المجموعات الخاصّة للفكر والتخطيط - وناقشت وبحثت ووضعت برامج ضد الجمهوريّة الإسلاميّة، وقد عيّنوا زمنًا، شهر دي [ك1]، شهر بهمن [شباط]، شهر اسفند [آذار][8] أي هذه الأيّام التي نحن وإيّاكم فيها. نفعل كذا في شهر دي، ونفعل كذا في شهر بهمن، ونفعل كذا في شهر اسفند، ونُسقط الجمهوريّة الإسلاميّة في آخر السنة. حسنًا كان "حلم الجمل بأكل نبات القطن!"[9]. فهل شاهدتم كيف ردَّ عليهم الشعب الإيراني في شهر دي؟ وهل شاهدتم كيف ردَّ عليهم الشعب في شهر بهمن؟ وفي شهر اسفند الذي نحن فيه اليوم، الشعب الإيراني مستعدّ وجاهزٌ لردع ومواجهة كلّ معتدٍ وكلّ غاشمٍ وكلّ من تسوّل له نفسه ارتكاب أيّ حماقة.
 
.. لكنّ مساعيهم عقيمة
ما أريد قوله الآن ليس هذا، فقد قلناه مرارًا وكلّنا يعلم، والكلّ بما فيهم أعداؤنا يعلمون أنَّ الجمهورية الإسلاميّة تعتمد في قوّتها على الشعب وعلى إيمان الشعب وعلى الشباب المتحمّس الْمُحبّ، وعلى ذلك النهج والطريق القويم الذي رسمه الإمام العظيم، نحن نسير فيه وليفعل الآخرون ما يريدون وليقولوا ما يريدون، فهم لا يستطيعون ارتكاب أيّ حماقة، هذا شيء واضح. أريد الإشارة إلى قضيّة الحجاب؛ إنّهم ينفقون أموالًا كثيرة ويقومون بنشاطات كثيرة ويستخدمون مئات الوسائل الإعلاميّة بأنواعها عسى أن يستطيعوا التأثير في هذه النقطة الحسّاسة؛ نقطة الهويّة الثقافيّة المستقلّة للمرأة المسلمة. إنّهم يبذلون قصارى جهدهم، أعداؤنا خارج البلاد وبطرق مختلفة، وكم من الأموال تُنفَق في سبيل أن يستطيعوا استخدام هذه القنوات التلفزيونيّة والإذاعات والفضاءات الافتراضيّة ومواقع الإنترنت كي يُرَوِّجوا ويكرّروا أقوالهم مئات المرات، من أجل ماذا؟ لتكون النتيجة بالتالي أن تنخدع أربع فتيات مثلًا فينزعن حجابهنّ في الشارع، بضع شابات. كلّ تلك الجهود وهذه الأموال، وكلّ تلك الأفكار وراء هذا الأمر، فهم يعملون ويسعون، ولكنّ مساعيهم عقيمة. النتيجة أن ينخدع بضعة أشخاص-أربع فتيات في بعض الزوايا والشوارع– ولأسباب ودوافع مختلفة، وربما تكسب بعضهنّ المال -لا أدري ولا أستطيع الجزم بذلك- فينزعن الحجاب عن رؤوسهنّ ليقلن إنّنا أصبحنا كذا وكذا! كلُّ تلك المساعي تتلخّص في هذه النتيجة الحقيرة والبسيطة.

المشكلة في عدم التشخيص وضعف البصيرة..
حسنًا، إلى هنا لا يوجد مشكلة معتدّ بها، لكن ما يثير الحساسيّة عندي أنا العبد، أنّكم ترَون فجأة جماعة من الذين يُحسَبون من الخواصّ يطرحون قضيّة "الحجاب الإجباري"، لاحظوا، تنبّهوا. هذا معناه أنَّ هناك عددًا- وأنا أقول الآن إنّهم غير مدركين؛ أسأله تعالى أن يكونوا غير ملتفتين- من الأفراد وبشكل غير واعٍ، يتبعون الخطّ نفسه الذي لم يستطع العدو أن يصل به إلى نتيجة رغم كلّ تلك الأموال والجهود، إنّهم يتبعون الخطّ نفسه، وفيهم صحفيّون، وفيهم من يدّعي الوعي والتنوير الفكري وفيهم معمّمون وعلماء دين، يقولون: "حين قال الإمام الخميني إنَّ النساء يجب أن يتحجّبن لم يكن يقصد كلّ النساء"! هذا كلامٌ لا معنى له ولا قيمة! لقد كنّا حاضرين في ذلك الحين ولدينا اطّلاع ومعرفة بما حدث، فكيف يكون ذلك؟ لقد وقف الإمام كالجبل الشامخ، بوجه منكَرٍ واضح أوجده الشاه البهلوي وأتباعه في البلاد، وقال يجب أن يكون هناك حجاب. ولقد وقف الإمام الخميني هكذا بكلّ صلابة بوجه كلّ المنكَرات. في ذلك الحين كان هناك كلام حول تجارة المشروبات الكحوليّة، وقد كنّا في شورى الثورة ولدينا اجتماعاتنا المشتركة مع الحكومة، وكان هناك من يعتقد أنَّ تجارة المشروبات الكحوليّة فيها فائدة للبلاد، فكيف نغضُّ الطرف عن هذه الفائدة؟ كانوا يرغبون أن تستمرّ هذه التجارة، فيأتون بالمشروبات من الخارج. لكنّ الإمام وقف بكلّ صلابة وقوّة. كان الإمام الخميني الجليل يقف بوجه المحرّمات الإلهية، وقد كان هذا محرّمًا إلهيّا. وإذا بشخص يظهر من جانب ويقول "إنّ هذه المعصية ليست أكبر من الغيبة، فلماذا لا تلاحقون أحدًا بسبب الغيبة وتلاحقون من تنزع حجابها!". لاحظوا الخطأ وعدم التشخيص، ما يؤلم الإنسان هو عدم التشخيص وضعف البصيرة. لم نقل إنَّه إذا نزعت امرأة في بيتها حجابها أمام غير المحارم فسوف نلاحقها، نحن لا نلاحقها فهي في بيتها وهذا عمل شخصي.

بحجابهنّ الإسلاميّ وصلنَ إلى أرقى المراتب!
العمل الذي يتمّ في الملأ العامّ وفي الشارع هو عمل عامّ وعمل اجتماعي وتعليم عامّ، وهو يوجِد تكليفًا وواجبًا على الدولة التي تحكم باسم الإسلام، وليس في ذلك حرام صغير وحرام كبير. ما هو حرام شرعي يجب أن لا يحصل في البلاد بشكل علني. أما أن يرتكب شخص سوءًا لنفسه فهذا شيء آخر، بينه وبين الله، لكن من يرتكبه مقابل أعين الناس وفي أجواء المجتمع فالدولة الإسلاميّة- مثل دولة أمير المؤمنين ودولة الرسول الأكرم - واجبها الوقوف بوجهه. المنطق الذي يقول "اسمحوا للناس أن تختار بنفسها" ينسحب على بيع الخمور أيضًا، لنترك الخمور أيضًا حرّة وكلّ من أراد أن يشرب يشرب ومن لا يريد لا يشرب! هل هذا كلامٌ منطقي!؟ هذا كلام يُطرح حول كلّ المعاصي الاجتماعيّة الكبيرة، فهل هو كلامٌ سليم؟ لقد كلَّف الشارع المقدّس الحكومة الإسلامية بأن تمنع رواج الحرام الإلهي في المجتمع. من واجب الحكومة الإسلاميّة الوقوف بوجه الحرام والمعصية. إنّنا اليوم نفخر بالحجاب داخل البلاد، بحجاب نسائنا. النساء الإيرانيّات وهنّ يلبسن التشادور(العباءة)- وهو حجاب إيراني-؛ بالحجاب الإسلامي وصلت نساؤنا إلى أرقى المراتب العلميّة، وصلن إلى أرقى المراتب الفنيّة والثقافيّة، وصرن من أكثر الشخصيّات البارزة، وصرن مؤثّرات في المسائل الاجتماعيّة، وفي الوقت نفسه قمن بواجبات البيت وربّين أولادهنّ وقمن بواجبات الزوجيّة. أن نأتي ونلتفّ هكذا على القوانين من أجل أن نخلق في بلادنا الميول المنحرفة الخاطئة للثقافة الغربيّة فهذا خطأ كبير يرتكبه البعض.

وهناك قضية زيادة عدد السكان، طُرحت في المجتمع قضية زيادة عدد الأولاد والأبناء، وقد واكب المسؤولون ووافقوا [على هذا]، وأنا أسمع أنَّ هناك من يعمل بخلاف هذا الشيء هنا وهناك. هذا شيءٌ يريده الغربيون. الغربيون يعارضون زيادة عدد المسلمين، من الواضح أنَّهم يعارضون زيادة عدد سكان شعبٍ يستطيع شبابه الظهور في الساحات والأخذ بالبلد نحو قمم الكمال. يجب أن لا نعمل بحيث نحقّق أهدافهم. يجب أن تتحرّكوا بحيث تحقّقوا الأهداف الإسلاميّة، هذا هو واجبنا، وهذا هو واجب مسؤولينا.
 ثقافتنا ثقافة إلهيّة، وهذه الثقافة تضمن لنا استقلالنا وتضمن لنا حريّتنا أيضًا. الذين يروِّجون التحلّل في المجتمع باسم الحريّة هؤلاء ليسوا أحرارًا؛ بل هم أسرى مقيّدون بالثقافة الغربيّة. الثقافة الغربيّة هي التي توجّههم، فأيّ حريّة هذه؟ الحريّة أن تكون لكم أهدافكم الخاصّة ويكون لكم إيمانكم ويكون لكم فكركم ويكون لكم قرآنكم ونموذجكم الإسلامي وتقتدوا به، هذه هي الحرية، وهذه هي العظمة، وهذا ما يجب تأمينه.

في مجال التربية والتعليم، قضية [وثيقة] 2030[10] هذه التي طرحناها وتابعها البعض وتمّ إنجاز أعمال جيّدة، تصلني حاليًّا تقارير تفيد بأنَّ أعمالًا مخالفة تتمّ وتحصل هنا وهناك، لذا يجب الحؤول دونها ومنعها، من واجب المسؤولين الوقوف في وجه أيّ مخالفة لا تنسجم مع السياسة الإسلاميّة للبلاد؛ في مجال التربية والتعليم، وفي مجال القضايا المتعلّقة بالمرأة.

..إنّما هذه هي العدالة!
 عنوان العدالة الجنسيّة هذا وما شاكل مجرد كلام، هذا كلامٌ قاله الآخرون، قاله الغربيّون، ويقلِّدهم البعض ويتحوّلون إلى مذياع ومكبّر صوت لهم، أيّ عدالة، هل هذه عدالة؟! أكثر حالات الاعتداء والاغتصاب الجنسي بالعنف تحصل الآن في الغرب، تحصل في أمريكا وأوروبا، أكثر بكثير مما في البلدان الأخرى، والحال أنَّ هناك حسب الظاهر وحسب ما يقولون حريّة للمرأة. طبقاً للإحصائيّات الموجودة أكثر حالات عنف الرجال داخل المنازل ضد المرأة تحصل هناك. وتقول الإحصائيّات ذاتها أنَّ الكثير من النساء هناك لا يتجرّأن على أن يشتكين، وهذه الإحصائيات تقتصر فقط على اللواتي يشتكين، وهذه ليست كلّ الحالات. توجد مشاكل هناك، توجد مشاكل حياة، توجد مشاكل ثقافة، توجد مشاكل إدارة مجتمع. أيّ عدالة؟ لا توجد عدالة. يذكرون اسم العدالة، العدالة الجنسيّة، من أجل أن يستطيعوا تحقيق غاياتهم وأهدافهم. كلّّا، العدالة الجنسيّة في الإسلام بأن تكون المرأة محترمة ولا تتعرّض للأذى، ولا يسمح الرجل لنفسه بسبب قواه الجسمانيّة الأقوى من المرأة وبسبب جسمه الأكبر من المرأة أن يعامل المرأة بمنطق القوّة أو يمارس العنف ضدها، هذه هي العدالة.

يجب أن يتمّ سنُّ قوانين في البلاد؛ و بالطبع يجب أن تُراعى هذه الأمور في هذه القوانين. سمعت أنهم يُعدُّون مشروع قانون لهذه القضايا الأسرية والعنف ضد المرأة، فلينتبه المسؤولون الحكوميون ومسؤولو مجلس الشورى ويحذروا من تطبيق الثقافة الغربيّة وإجرائها في هذا القانون؛ بأن يُقال مثلًا إنّه لو تدخّل الوالد في قضية زواج البنت فهذا عنف! ويُعرِّفوا العنف بهذه الطريقة. كلّا، يجب أن لا يتمّ تحديد "ما هو العنف وما هو اللا عنف" من الغرب، إنّما ينبغي أن يُحدَّد ذلك من منطقنا العقلاني ومن فكرنا الإسلامي. إنّنا نواجه اليوم مثل هؤلاء الأعداء الخبثاء لذا يجب الحذر. وأقول هنا في آخر كلامي لكم أنتم تجمّع مدّاحي أهل البيت، عملكم مهمّ كما قلت، وأنتم وسيلة إعلام مهمّة جدًّا، إنّ واجب تجمّع مدّاحي أهل البيت واجب خطير ومسؤوليّتهم ثقيلة. أنتم تذهبون إلى كلّ مكان وتلتقون بكلّ أنواع وفئات الناس ولديكم ميادينكم وساحاتكم للتكلّم والحديث؛ وهناك آذان مستعدّة لسماع أصواتكم، وهذا ما يُضاعف من جسامة واجبكم.

ما سجلته هنا لأقوله لكم؛
أولاً، ارفعوا من مستوى معرفة جمهوركم ومستمعيكم وإيمانهم. اختاروا الأشعار والبيان بحيث ترتفع درجة معرفة الجمهور وإيمانه؛ ترتفع معرفته -عقلانيّته الدينيّة - وأيضًا إيمانه القلبي أي رفع مستوى المعرفة والإيمان.

 التنوير وبث الوعي السياسي، قضايانا السياسيّة المتنوّعة اليوم بحاجة إلى توعية وخطاب واضح ومُقنع، تحتاج إلى هذا الأمر، يجب أن تتقنوا هذه الأمور حتمًا وتنقلوها للناس.

ترويج الأخلاق والسلوك الإسلامي، تعلَّموا الأخلاق الإسلامية والسلوك الإسلامي من كتب الأخلاق ومن علماء الأخلاق وانقلوها إلى الناس باستخدام الفنّ، فعملكم هو فنّ، - الشعر والإنشاد فنّ- فقوموا بترويج الأخلاق والسلوك الإسلامي الصحيح، أشيعوا الأخوّة بين الناس والمحبّة والعاطفة وأشيعوا الاتحاد الوطني والأنس بالقرآن والأنس بالصلاة والتوجّه إلى الله واجتناب المعاصي والذنوب، وذكّروا جمهوركم بهذه الأمور. هذه التذكيرات لها قيمة كبيرة، لها قيمتها لمستمعيكم ولكم أنتم أيضًا، ولها قيمتها لنا أيضًا، عندما ننصح شخصًا نكون قد نصحنا أنفسنا أيضًا، لذلك فإنّ لها قيمتها بالنسبة إلينا أيضًا.

وهل ينبغي علينا أن نأخذ إذنًا منكم للتواجد في المنطقة؟
يبثُّ الأعداء الشبهات في المجالات السياسيّة باستمرار، وهم اليوم يتحدّثون ويبثّون الشبهات عن سبب تواجد إيران في المنطقة، من هو صاحب الادّعاء في هذا؟ أمريكا التي لها حضورها المفسد والمثير للفتن في كلّ مكان. أينما حلت أمريكا كان الفساد وكانت الفتنة. الحكومة الأمريكية المثيرة للفتن والفساد تقول لنا لماذا تتواجدون في المنطقة. حسنًا، وهل ينبغي علينا أن نأخذ إذنًا منكم للتواجد في المنطقة؟ من أجل التواجد في المنطقة يجب أن نتفاوض ونتحاور مع حكومات المنطقة فلماذا نتحاور معكم؟ نعم، متى ما أردنا الحضور في أمريكا يجب أن نتحاور معكم[11]. وكذا الحال بالنسبة إلى البلدان الأوروبيّة الذين يأتون ويقولون نريد أن نتحاور مع إيران حول تواجدها في المنطقة، وما شأنكم أنتم؟ لماذا تتواجدون أنتم في المنطقة؟ هل هذه منطقتنا أم منطقتكم؟ إذا كانت منطقتنا فماذا تفعلون هنا؟ إنّها منطقتنا ونحن نتفاوض ونتحدّث ونتّفق مع شعوب المنطقة وحكومات المنطقة، وقد اتفقنا والحمد لله ونجحنا وتقدّمنا إلى الأمام والحمد لله، وسوف نتقدّم أكثر بعد الآن إن شاء الله. هذه القضايا السياسية التي أطرحها، ليست مسائل تيّارات وأجنحة وقضايا داخليّة بل هي قضايا سياسيّة؛ ويجب أن يعرفها الناس.

نأمل أن يوفّقكم الله تعالى ويُعينكم لتستطيعوا القيام بواجبكم المهمّ في هذه الأيام إن شاء الله.

والسلام عليكم ورحمة اللّه ‌و‌بركاته.


[1] في بداية هذا اللقاء ألقى عدد من مدّاحي أهل البيت (عليهم السلام) أشعارًا وتواشيح في مدح السيّدة فاطمة الزهراء (سلام الله عليها).
[2] كامل الزيارات، ص 310.
[3] مناقب آل أبي طالب، ج 3، ص 358.
[4] سورة التحريم، الآية 11.
[5] سورة التحريم، الآية 12.
[6] أمالي الصدوق، ص 125.
[7] سورة الأعراف، الآية 189.
[8] [الأشهر الثلاثة الأخيرة من السنة الإيرانيّة والمتزامنة مع الأشهر الميلاديّة ابتداءً من 21 كانون الأول إلى 20 آذار]
[9] مثل عن التوهّم وأضغاث الأحلام؛ او الأحلام الصبيانية.
[10] وثيقة 2030: خطة التنمية المستدامة لعام 2030م التي أقرّتها اليونيسكو ووافقت على إجرائها الحكومة الإيرانية في بادئ الأمر، وأعقبها اعتراض الإمام الخامنئي والمجلس الأعلى للثورة الثقافيّة فتمّ إلغاء العمل بها.
[11] ضحك الحضور.

21-03-2018 | 15-47 د | 1478 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net