الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين
مراقباتشهر الفُرصكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء أعضاء مجلس خبراء القيادةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في يوم التشجير وأسبوع الموارد الطبيعيّةكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء القائمين على مؤتمر تكريم شهداء محافظة خوزستانسيّدةُ قريش

العدد 1607 03 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 14 آذار 2024 م

البعد الاجتماعيّ في خطبة رسول الله (صلّى الله عليه وآله)

سُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَ
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1330 - 14 ربيع الأول 1440 هـ - الموافق 22 تشرين الثاني 2018م
ولادة الرسول (ص) والوحدة الإسلامية

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

محاور الخطبة
1.    الوحدة الإسلاميّة وخطر التفرّق.
2.    الرسول الأعظم مؤسّس الوحدة.
3.    دور المسجد في بناء الأمّة.

بسم الله الرحمن الرحيم
والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين

تصدير الخطبة
﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا وَكُنْتُمْ عَلَى شَفَا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ فَأَنْقَذَكُمْ مِنْهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آَيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ[1].

بدايةً، إلى مولانا صاحب العصر والزمان (عج)، وإلى مراجعنا وقادتنا العظام، وإلى الأمّة الإسلاميّة جمعاء، نرفع أسمى آيات التهنئة والتبريك، بذكرى ولادة رسول الرحمة، الرسول الأعظم محمّد بن عبد الله(ص)، وولادة حفيده الإمام جعفر الصادق (ع).
أيّها الأحبّة،

أيّام قلائل تفصلنا عن ذكرى ولادة نبيّنا الأعظم (ص)، في السابع عشر من ربيع الأوّل، حيث أشرق نور الحقّ في مكّة المكرّمة، نور الرحمة، الذي كان به هداية البشريّة، وعلى يديه بداية خلاصها، من غيّها وظلماتها... وفي اليوم نفسه سنة 83 للهجرة، كانت الولادة الميمونة لسادس أئمّة أهل البيت (ع) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيرا.

وما بين الثاني عشر من ربيع الأوّل والسابع عشر منه، أسبوعٌ أعلنه الإمام الخمينيّ (قدّه) للوحدة الإسلاميّة، منطلقاً من تاريخيّ الولادة المشهورين عند المسلمين، السنّة والشيعة؛ وذلك حرصاً على هذه الأمّة من خطر الاختلاف والتشرذم، والتنافر والتناحر بين أبنائها، والذي تعمل عليه قوى الاستكبار العالميّ بكلّ ما أوتيت من قوّة، من مال وسلاح وعمل مخابراتيّ، حتّى تصبح السيطرة على هذه الأمّة أمرًا سائغاً وسهلاً، وما إن تقع الفتنة ويشتدّ الاختلاف بين أبنائها، بطوائفها ومذاهبها، فإنّ ذلك يفتح الطريق أمام تلك القوى كي تنقضّ على خيراتها ومواردها وثقافتها ومفاهيمها؛ لذلك كلّه ركّز الإمام الخمينيّ (قدّه) في الكثير من توجيهاته وخطاباته على مسألة الوحدة الإسلاميّة.

كما يُصادف اليوم الجمعة، الواقع فيه الخامس عشر من ربيع الأوّل، ذكرى بناء أوّل مسجد في الإسلام، "مسجد قباء"، وهو المسجد الذي بناه رسول الله (ص) في "قباء"، وخلال إقامته فيها، وفيه نزلت الآية القرآنيّة الكريمة: ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ[2].
 
الوحدة الإسلاميّة وخطر التفرّق
أيّها الأحبّة،
في أجواء ولادة الرسول الأعظم (ص)، وهو القائل: "من أصبح لا يهتمّ بأمور المسلمين، فليس بمسلم"[3].

وفي أجواء ولادة حفيده الإمام الصادق (ع)، وهو القائل أيضا: "من فارق جماعة المسلمين قيد شبر، فقد خلع رِبْقة الإسلام من عنقه"[4].

انطلاقاً من هذين الحديثين، فإنّ كلّ فرد في هذه الأمّة هو مسؤول عن وحدتها، وينبغي عليه أن يعمل للحفاظ عليه، وعلى توحّدها، وعدم حصول النزاعات فيها. على جميع المسلمين أن يتمتّعوا بالوعي والحكمة، وأن يدركوا حجم المؤامرات التي تُحاك ليلَ نهار لهدم هذه الأمّة وتفتيتها وإحداث الفتن والضغائن بين أبنائها.

نعم، إنّ الاختلاف بين فئات المسلمين في الرأي هو أمر واقع وموجود، ولكنّ هذا الأمر لا يشكّل خطورة على الأمّة الإسلاميّة مطلقاً، بل إنّ الخطورة في أن يتحوّل هذا الاختلاف إلى منشأ للعداوة والحروب، من خلال قراءة الاختلاف والتنوّع قراءة رفضٍ للآخر وتكفير له.

ولقد حثّ الإسلام على الوحدة ومنطق الأخوّة في المجتمع الإسلاميّ، وقد جاء الحكم بذلك واضحاً وجليّاً في القرآن الكريم، حيث يقول -تعالى-: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ، ومن هنا يؤكّد الإمام الخمينيّ (قدّه) على أنّ مسألة الوحدة ليست مسألة محصورة بظرفنا الحاليّ، بل هي مبدأ وأمر إلهيّان، وهذا حكم سياسيّ بامتياز، وجميع أفراد الأمّة مكلّفون بالتعامل وفق مبدأ الإخوّة؛ فهذه الأمّة التي يبلغ عددها المليار مسلم تقريباً، لو تعاملت فيما بينها بمبدأ الأخوّة، لما استطاع أحدٌ عبر التاريخ أن يخترقها وأن يعتدي عليها وينهب ثرواتها.

إنّ الاختلاف بين السنّة والشيعة اليوم، يصبّ في صالح من لا يعتقد بالإسلام أصلاً؛ لذا يجب علينا التنبّه، فالإسلام عنواننا، وكلّنا أهل التوحيد وأهل القرآن، وكلّنا ننتمي إلى هذا النبيّ العظيم محمّد (ص)، وما يجمعنا أكثر ممّا يمكن أن يفرّقنا.
عن أمير المؤمنين (ع): "إِنَّ يَدَ اللَّه مَعَ الْجَمَاعَةِ، وإِيَّاكُمْ والْفُرْقَةَ!"[5].

يقول الإمام الخمينيّ (قدّه): يا مسلمي العالم المؤمنين بحقيقة الإسلام، انهضوا، وتجمّعوا تحت لواء التوحيد، وفي ظلّ تعاليم الإسلام... اعتمدوا على ثقافة الإسلام، وحاربوا الغرب والتغرّب... اعلموا أنّ قدرتكم المعنويّة تفوق القدرات كلّها، وبعددكم البالغ مليار إنسان، وبما تملكونه من خزائن طائلة، قادرون على تحطيم جميع القدرات، انصروا الله كي ينصركم"[6].

الرسول الأعظم مؤسّس الوحدة
نعم، أيّها الأحبّة
إنّ ما يجمعنا أكثر ممّا يفرّقنا، ومراكز التوحّد في الإسلام عظيمة وجليّة، وهناك نقاط تجمع المسلمين كافّة، نقاط لا يمكن الاختلاف فيها، وأبرزها العنوان الأعظم، العنوان الجامع، نبيّ هذه الأمّة محمّد (ص)، كيف لا؟! وهو الذي أقدم، عند دخوله المدينة، على التأسيس لنموذج إنسانيّ حضاريّ، ما زال شاخصاً في تاريخ الأمّة الإسلاميّة، ألا وهو المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار؛ فهذا هو الإسلام، وهذه دعوته إلى التوحّد والتعاون والتعاضد؛ لكي نحفظ ديننا ووجودنا بهذه القوّة التي منشؤها الوحدة والأخوّة، واسم رسول الله (ص) عنوان جامع لنا.

وقد ورد في السنّة الشريفة: "لا تختلفوا؛ فإنّ من كان قبلكم اختلفوا، فهلكوا"[7].

دور المسجد في بناء الأمّة
ومن العناوين الجامعة للأمّة الإسلاميّة، هو المكان الذي نتربّى فيه على مبدأ التوحيد، على مبدأ "لا إله إلّا الله"، وأنّ العبوديّة لا تكون إلّا لله فقط، لا لغيره من المستكبرين والظالمين، ألا وهو المسجد، قال الله -تعالى-: ﴿وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدً[8].

إنّ أوّل ما قام به الرسول الأعظم (ص) بعد دخوله المدينة المنوّرة، هو بناء المسجد، والذي يحتلّ مكانةً عظيمة، فهو أشرف بقاع الأرض، فيه يُذكر اسم الله، وهو خير مكان للتربية، فهو مكان العبادة والطاعة، ومكان طلب العلم، ومكان لقاء المسلمين...
يقول أمير المؤمنين (ع): "من اختلف إلى المساجد، أصاب إحدى الثمان: أخاً مستفاداً في الله -عزّ وجلّ-، أو علماً مستطرفاً، أو آية محكمة، أو رحمة منتظرة، أو كلمة تردّه عن ردى، أو يسمع كلمة تدلّه على هدىً، أو يترك ذنباً خشيةً أو حياءً"[9].
نعم، هذا المسجد الذي يوحّد المسلمين تحت عنوان العبوديّة لله وحده، هو الإله ونحن عبيده ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[[10]؛ فنحن نوحّد الله في العقيدة من خلال المسجد، ونوحّده في العبادة من خلال المسجد، ونوحّده في الطاعة من خلال المسجد.
إنّ المساجد لله، وإذا كانت لله فيعني هذا أنّها لجميع المسلمين والمؤمنين به –سبحانه-، وفيها ينبغي أن تجتمع قلوبهم على حبّه ومرضاته، وهنا ينبغي التأكيد والتشديد على إقامة الصلاة جماعة، حيث إنّ مشهد المصلّين جماعةً في المساجد هو من مشاهد القوّة والعزّة؛ فنحن نعبد الله معاً، ونصلّي معاً، نركع ونسجد ونقوم معاً، وبهذا ندعو إلى الله، ونحتجّ على الخلق...

يقول الإمام الرضا (ع) في علّة جعل الجماعة: "لئلّا يكون الإخلاص والتوحيد والإسلام والعبادة لله إلّا ظاهراً مكشوفاً مشهوراً؛ لأنّ في إظهاره حجّة على أهل الشرق والغرب لله وحده -عزّ وجلّ-، وليكون المنافق والمستخفّ مؤدّياً لما أقرّ به بظاهر الإسلام والمراقبة، وليكون شهادات الناس بالإسلام، بعضهم لبعض، جائزة ممكنة مع ما فيه من المساعدة على البرّ والتقوى والزبد عن كثير من معاصي الله -عزّ وجلّ-"[11].

والحمد لله ربِّ العالمين

[1] سورة آل عمران، الآية 103.
[2]  سورة التوبة، الآية 108.
[3]  الشيخ الكلينيّ، الكافي، ج2، ص163.
[4]  المصدر نفسه، ج1، ص405.
[5]  الإمام عليّ (ع)، نهج البلاغة، ج2، ص8، الخطبة 128.
[6]  من خطاب للإمام الخمينيّ (قدّه)، بعنوان: مكانة الجماهير.
[7]  المحقّق الهنديّ، كنز العمّال، ج1، ص177.
[8]  سورة الجنّ، الآية 18.
[9]  الشيخ الصدوق، من لا يحضره الفقيه، ج1، ص237.
[10]  سورة الفاتحة، الآية 5.
[11]  الشيخ الصدوق، عيون أخبار الرضا (ع)، ج2، ص116.

21-11-2018 | 15-55 د | 1726 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net