الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1609 17 شهر رمضان 1445 هـ - الموافق 28 آذار 2024 م

أوصيكُم بتقوى الله

الأيّامُ كلُّها للقدسِخطاب الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مختلف فئات الناساغتنام فرصة التوبةمراقباتسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات

العدد 1355- 10 رمضان 1440 هـ - الموافق 16 أيار 2019م
الاعتكاف، فضله وحكمته

تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق


محاور الخطبة
- الاعتكاف، محطّة لاستعادة النشاط المعنويّ
- فضل الاعتكاف
- ما هي أفضل أوقات الاعتكاف؟
- شروط الاعتكاف
- الاعتكاف واجب أو مستحبّ؟
- توصيات للمعتكفين والقيّمين على الاعتكاف

مطلع الخطبة
الصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وآله الطاهرين.
قال الله -تعالى- في محكم كتابه: {وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِّلنَّاسِ وَأَمْناً وَاتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَن طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ}[1].

الاعتكاف، محطّة لاستعادة النشاط المعنويّ
أيّها الأحبّة، إنّ من حكمة الله -سبحانه وتعالى- أن شرّع لنا ما يجعلنا دوماً في طريق الحقّ والصواب، وطريق الخير والفلاح، أكان على صعيد ديننا أم دنيانا.

ولأنّ الإنسان قد يغرق في متعلّقات هذه الدنيا الزائلة والفانية، حتّى يصبح قلبه بعد حين غافلاً عن ذكر الله -عزّ وجلّ-، فإنّه يحتاج في ذلك إلى ما يدفعه للارتباط بالله أكثر، ويحتاج إلى ما يعيد تلك اللحمة التي ينبغي أن تكون بين الإنسان وربّه، من حيث التفكّر والتوجّه القلبيّ.

ولهذا فإنّ هناك العديد من الأعمال والعبادات التي تضمن ذلك للإنسان، كالصلاة والصيام والحجّ وغيرها العديد من العبادات.

ومن تلك العبادات والأعمال هو الاعتكاف، الذي شرّع في أساسه ليسترجع الإنسان نشاطه الروحيّ والمعنويّ، حيث يقضي أيّاماً ضمن شروط وأحكام محدّدة، يعيش فيها حالة من التفكّر بالله -تعالى-، منقطعاً فيها عن متعلّقات الدنيا وانشغالاتها، وهذا ما دأب عليه الرسول الأكرم محمّد (صلّى الله عليه وآله) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام)، كما سوف يتبيّن إن شاء الله.

وقد عُرّف الاعتكاف لغةً بأنّه الإقامة على الشّيء في المكان، أمّا في المصطلح الشرعيّ فهو المكث أو اللبث في المسجد بقصد التعبّد فيه للّه وحده -عزّ وجلّ-.
 
فضل الاعتكاف
ورد العديد من الأحاديث الشريفة ما يدلّ على فضل الاعتكاف وأهمّيّته، منها:
- ما ورد عن رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: "اعتكاف العشر الأواخر من شهر رمضان يعدل حجّتين وعمرتين"[2].
- وعنه (صلّى الله عليه وآله) كذلك أنّه قال: "اعتكاف عشر في شهر رمضان يعدل حجّتين وعمرتين"[3].
- وقد ورد في سيرته (صلّى الله عليه وآله) أنّه عمل بهذه السنّة وداوم عليها، فعن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال: "كان رسول اللّه (صلّى الله عليه وآله) إذا دخل العشر الأواخر، ضُربت له قبّة شعر"[4].
- بل ونجد حرصه (صلّى الله عليه وآله) بعدم فوات هذا العمل، وإن فات عنه فإنّه يعمد إلى قضائه، فعن الإمام الرضا (عليه السلام) أنّه قال: "كانت بدر في رمضان، فلم يعتكف النبيّ (صلّى الله عليه وآله) فلمّا كان من قابل، اعتكف عشرين يوماً من رمضان، عشراً لعامهِ، وعشراً قضاءً لما فاته"[5].
- وممّا جاء في اعتكافه (صلّى الله عليه وآله): أنّه قام أوّل ليلة من العشر الأواخر من شهر رمضان، فحمد اللّه وأثنى عليه، ثمّ قال: "أيّها الناس، قد كفاكم اللّه عدوّكم من الجنّ والإنس، ووعدكم الإجابة، فقال: {ادعوني أستجب لكم} ألا وقد وكّل اللّه –تعالى- بكلّ شيطان مريد، سبعة أملاك، فليس  بمحلول حتّى ينقضيَ شهركم هذا. ألا وأبواب السماء مفتّحة من أوّل ليلة منه إلى آخر ليلة منه. ألا والدعاء فيه مقبول"، ثمّ شمَّر (صلّى الله عليه وآله) وشدَّ مئزره، وبرز من بيته واعتكفهنّ، وأحيا الليل كلّه وكان يغتسل كلّ ليلة بين العشاءين"[6].
 
ما هي أفضل أوقات الاعتكاف؟
يصحّ الاعتكاف في كلّ وقت يصحّ فيه الصوم، وأفضله شهر رمضان المبارك، وأفضله العشر الأواخر منه كما جاء في السُنّة المباركة لرسول اللّه (صلّى الله عليه وآله).
 
شروط الاعتكاف
ولا بدّ أن نذكر الشروط التي ذكرها الفقهاء في صحّة الاعتكاف، وها إنّنا نذكرها هنا باختصار:

الشرط الأوّل: العقل
فلا يصحّ من المجنون ولو في دور جنونه، ولا من أيٍّ من فاقدي العقل، كالسكران مثلاً.
وإنّ البلوغ في الاعتكاف ليس شرطاً في صحّته ، فلو اعتكف الصبيّ المميّز صحّ منه.

الشرط الثاني: النيّة
ويعتبر فيها القربة والإخلاص كسائر العبادات الأخرى، ولا يعتبر فيها التلفّظ.

الشرط الثالث: الصوم
فلا يصحّ الاعتكاف دون الصوم، ويكفي في الصوم مطلقه واجباً كان أم مندوباً، عن نفسه أم عن غيره.

الشرط الرابع: أن لا يقلّ عن ثلاثة أيّام
أن لا يقلّ عن ثلاثة أيّام بلياليها المتوسّطة، ويجوز أزيد من ذلك إذ لا حدّ لأكثره. نعم القاعدة هي: وجوب ثالث لكلّ يومين، فإذا اعتكف يومين وجب الثالث، وإذا اعتكف خمسة وجب السادس، وإذا اعتكف ثمانية وجب التاسع على الأحوط وجوباً، وهكذا. هذا في غير الواجب ابتداءً.
ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أنّ اليوم المعتبر هو اليوم الشرعيّ، الذي يبدأ من طلوع الفجر الصادق وينتهي بزوال الحمرة المشرقيّة، وبه يتحقّق الغروب الشرعيّ.
وعليه فلو اعتكف من طلوع الفجر إلى غروب اليوم الثالث كفاه ذلك وصحّ منه.

الشرط الخامس: أن يكون الاعتكاف في أحد المساجد الأربعة
أن يكون الاعتكاف في أحد المساجد الأربعة وهي: المسجد الحرام، ومسجد النبيّ (صلّى الله عليه وآله)، ومسجد الكوفة، ومسجد البصرة.
وأمّا المساجد الأخرى، فالأحوط وجوباً إتيان الاعتكاف برجاء المطلوبيّة.

الشرط السادس: الإذن
يعتبر في صحّة الاعتكاف إذن من يعتبر إذنه بالنسبة إلى المعتكف، وهم:
1- الأجير؛
فلو أراد الاعتكاف، وصادف وقوعه أيّام إجارته لنفسه، اعتبر في صحّة اعتكافه إذن المستأجر؛ لأنّه مالك لمنفعته في هذه الأيّام.
2- الزوجة، تحتاج إلى إذن زوجها إذا كان الاعتكاف منافياً لحقّه على الأحوط وجوباً.
3- الولد، يحتاج إلى إذن والديه إذا كان اعتكافه مستلزماً لإيذائهما.

الشرط السابع: استدامة اللبث في المسجد
فلو خرج اختياراً من دون سبب مجوّز للخروج بطل اعتكافه، بلا فرق بين العالم بالحكم والجاهل به.
هذا وهناك تفاصيل لا يمكننا ذكرها كاملةً هنا، ذكرها فقهاؤنا في رسائلهم العمليّة.
 
الاعتكاف واجب أو مستحبّ؟
الاعتكاف في الأصل مستحبّ، وهو ما تبرّع به الإنسان تقرباً إلى اللّه -تعالى- دون إلزام، ولكن يصبح واجباً إذا ما تعلق به نذر أو عهد أو يمين أو إجارة.
 
توصيات للمعتكفين والقيّمين على الاعتكاف
أيّها الأحبّة، إنّ من أراد أداء هذه السنّة الطيّبة، فمن الجميل أن يتقيّد ببعض النصائح التي تساعد على نيل النتائج المرجوّة منها، وإنّا هاهنا نذكر بعض التوصيات للذين يقومون بتنظيم الاعتكاف في المساجد، وكذلك للمعتكفين أنفسهم.

أمّا للقيّمين عليها:
 - في بعض المساجد، يُصار إلى تنظيم الاعتكاف، من حيث عدد المعتكفين، وتأمين حاجياتهم، وما شاكل ذلك، فلا بدّ هنا من التنبّه إلى أن لا يكون في العمل التنظيميّ هذا ما يعيق حركة المعتكفين وأداء ما عليهم من أعمال عباديّة، وأن يُعطوا الوقت الكافي للاختلاء بالله -تعالى- ومطالعة ما ينبغي مطالعته من تلاوة القرآن الكريم ونهج البلاغة وكتب الأدعية المباركة.
- تهيئة المساجد لتسهيل حركة المعتكفين وأعمالهم العباديّة.

أمّا للمعتكف نفسه:
- استغلال الوقت قدر الإمكان بالعبادة.
- الابتعاد عن المباهاة والمراء والجدال.
- الابتعاد عن الجلسات التي تلهي عن ذكر الله، والتي قد توقع المعتكف بالحرام، كالغيبة وما شاكل ذلك.
- الاهتمام بالقرآن الكريم والصحيفة السجّاديّة.

والحمد لله ربّ العالمين


[1]  سورة البقرة، الآية 125.
[2]  من لا يحضره الفقيه، الشيخ الصدوق، ج2، ص188.
[3]  بحار الأنوار، العلامة المجلسيّ، ج94، ص 130.
[4]  المعتبر، المحقّق الحليّ، ج2، ص726.
[5]  من لا يحضره الفقيه، ج2، ص184.
[6]  مستدرك وسائل الشيعة، المحدّث النوريّ، ج7، ص 560.

16-05-2019 | 12-10 د | 1594 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net