الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1613 14 شوال 1445 هـ - الموافق 23 نيسان 2024 م

غزوةُ أُحد يومُ بلاءٍ وتمحيص

خيرُ القلوبِللحرّيّة قيودٌ من القِيَممراقباتالأيّامُ كلُّها للقدسِسُلوك المؤمِنمراقباتفَلا مَنْجَى مِنْكَ إلاّ إِلَيْكَمراقباتالمعُافَاة في الأَديانِ والأَبدان
من نحن

 
 

 

التصنيفات
مبيت الإمام علي عليه السلام في فراش النبي صلى الله عليه وآله وسلم
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

بسم الله الرحمن الرحيم


قال تعالى في كتابه العزيز:
﴿وَمِنَ النّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللهِ وَاللهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ1، في الليلة التي عزم فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم على الهجرة إلى المدينة، حيث أخبره ربه بمكيدة قريش لقتله، وأمره أن يأمر علياً عليه السلام بالمبيت في فراشه، فما كان من علي عليه السلام غير أن سأله: أو تسلم بمبيتي هناك يا نبي الله؟ قال صلى الله عليه وآله وسلم: نعم، فأهوى إلى الأرض ساجداً شكراً لله، فنام على فراش النبي صلى الله عليه وآله وسلم واشتمل ببرده الحضرمي، فخرج صلى الله عليه وآله وسلم2.

وجعل المشركون يرمون علياً بالحجارة، وهم يحسبونه رسول الله، وعلي عليه السلام يتضور - أي يتلوى ويتقلب - وقد لفّ رأسه في الثوب لا يخرجه حتى أصبح، فهجموا عليه، فلما بصر بهم علي عليه السلام قد انتضوا السيوف، وأقبلوا عليه، وثب في وجوههم فأجفلوا أمامه، وتبصروه فإذا علي، فقالوا: وإنك لعلي؟ قال: أنا علي، قالوا: فما فعل صاحبك، فقال: وهل جعلتموني عليه حارساً3.

وقد ورد: أن الله تعالى أوحى إلى جبرائيل وميكائيل: إني آخيت بينكما، وجعلت عمر أحدكما أطول من الآخر، فأيكما يؤثر صاحبه بالحياة؟ فاختار كلاهما الحياة. فأوحى الله إليهما ألا كنتما مثل علي بن أبي طالب، آخيت بينه وبين محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فبات على فراشه يفديه بنفسه ويؤثره بالحياة؟ إهبطا إلى الأرض فاحفظاه من عدوه، فنزلا جبرئيل عند رأسه، وميكائيل عند رجليه، وجبرئيل ينادي: بخٍ بخٍ، من مثلك يا ابن أبي طالب، يباهي الله به الملائكة، فأنزل الله تعالى الآية4 التي ابتدأنا بها، ﴿وَمِنَ النّاسِ مَن يَشْرِي.....

قال الإسكافي: "وقد روى المفسرون كلهم. أن قوله تعالى: ﴿وَمِنَ النّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَآءَ مَرْضَاتِ اللهِ، نزلت في علي عليه السلام ليلة المبيت على الفراش"5.

وقد أنكر ابن تيمية نزول هذه الآية في مبيت علي عليه السلام في فراش النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال على ما نقله عنه الحلبي في سيرته: كذب بإتفاق أهل العلم بالحديث والسير.

وأيضاً قد حصلت له الطمأنينة بقول الصادق له: "لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم"، فلم يكن فيه فداء النفس، ولا إيثار بالحياة، والآية المذكورة في سورة البقرة، وهي مدنية بالاتفاق، وقد قيل: إنها نزلت في صهيب لما هاجر6.

وقد رد على قوله الكثير من الأعلام وخلاصته:

أولاً: إن اتفاق أهل العلم بالحديث والسير على كذب نزول هذه الآية في علي، لا عين له ولا أثر، بل على العكس تماماً حيث تلقاه العلماء والحفاظ والمحدثون من دون غمز فيه أو لمز7، بل إن الحاكم النيسابوري، والذهبي صححاه8.

ثانياً: إن ما ذكره من قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم لعلي عليه السلام حين مبيته: "لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم"، غير موجود في الرواية، فقد علّق على ذلك الحلبي بقوله: "لكنه في الإمتاع لم يذكر أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لعلي ما ذكر، أي لن يصل..، وعليه فيكون فداؤه للنبي بنفسه واضحاً، نعم ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذلك له بعد ما خرج وصاحبه من غار ثور باتجاه المدينة وأمر علياً أن يعود إلى مكة ليؤدي الأمانات إلى أهلها ويأتيه بالفواطم"9.

ثالثاً: إن سورة البقرة وإن كانت مدنية، ولكن هذه الآية باعتراف الجميع مكية، ومجرد كون هذه الآية مكية لا يخرج سورة البقرة عن كونها مدنية، لأن الحكم يكون للغالب10.

رابعاً: أما نزولها في صهيب فخطأ كبير، لأنّ الحادثة التي يروونها فيه، وفي نزول الآية فيه عارية عن الصحة، للاختلاف الكبير في نقلها ومضمونها، ومن أراد الوقوف على المزيد من تفاصيلها فليراجع (الإصابة) في ترجمة صهيب، و(السيرة الحلبية: 2/23 - 24).

معطيات الفداء:

ولفداء علي عليه السلام بنفسه معطيات كثيرة ينبغي الالتفات إليها:

أولاً: إن الدين والإسلام يستحق أبلغ التضحيات، وأعظم وأثمن ما عند الإنسان وهي حياته، وأولاده وكل غال ونفيس، ولذا ورد قوله تعالى: ﴿إِنّ اللهَ اشْتَرَىَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنّ لَهُمُ الّجَنّةَ11.

ثانياً: أن موقف الأمير عليه السلام في فدائه النبي صلى الله عليه وآله وسلم بحياته ووجوده يعطي تحرره من قيود الدنيا وعبوديتها، فإن المانع الذي يحول دون التضحية بالنفس حب الدنيا والتعلق بها، وقد أعطى عليه السلام بمبادرته للمبيت في فراشه أنه متحرر من كباح الدنيا ومفاتنها.

ثالثاً: أن على المؤمن أن يكون على استعداد دائم للقاء الله تعالى، إذ لعله في أي لحظة يدعى للقائه، فلا بد وأن يكون مستعداً للوفادة عليه.


1- سورة البقرة: الآية 207.
2- السيرة الحلبية 2: 34.
3- السيرة الحلبية 2: 35، ومجمع الفوائد 9: 120.
4- أسد الغابة 4: 25، وتاريخ اليعقوبي 2: 39، وكفاية الطالب: 239، وشواهد التنزيل 1: 97، وتذكرة الخواص: 35، وتاريخ الخميس 1: 325، والمناقب للخوارزمي: 74، وينابيع المودة: 92، والتفسير الكبير 5: 204، والجامع لأحكام القرآن 3: 31، والسيرة الحلبية 3: 168، وتفسير البرهان 1: 207.
5- شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 13: 262.
6- السيرة الحلبية 2: 27.
7- راجع للوقوف على من رواه كتاب إحقاق الحق.
8- المستدرك في الصحيحين، وبذيله التلخيص 3: 4.
9- سيد المرسلين 1: 602- 603.
10- السيرة الحلبية 2: 27.
11- سورة التوبة: الآية 111.

07-02-2011 | 07-38 د | 2827 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net