إِنْ تَكُنْ كَربَلَا فَحَيُّوا رُباهَا
وَالثِمُوا جَوَّها الأَنِيقَ عَلَى مَا
وَاغْمُرُوهَا بِأَحْمَرِ الدَّمْعِ سَقْياً
قُلْتُ لِلْقَلْبِ حِينَ فَارَقَ مَغْنَاهَا
كُنْتَ وَاصَلْتَهَا مَلِيّاً قَدِيماً
مَا بِأَحْيَائِها عَلِقْتَ فَتَجْفُو
فَعَلَامَ البُعَادُ بَعْدَ التَّدَانِي
بِئْسَمَا أَنْتَ إِذْ تَخَيَّرَتْ أَهْلاً
وَبِنَفْسِي مُوَدِّعِينَ وَلِلْعَيْنِ
رَكْبُهُمْ وَالقَضَا بِأَظْعَانِهِمْ يَسْرِي
وَكَأَنِّي بِهَا عَشِيَّةَ أَلْقَى
يَسْأَلُ القَوْمَ وَهْوَ أَعْلَمُ حَتَّى
إِنَّها كَرْبَلا فَقَالَ: اسْتَقِلُّوا
وَبِها تُؤْسَرُ الكَرائِمُ مِنَّا
|
وَاطْمَئِنُّوا بِنَا نَشُمُّ ثَرَاهَا
كَانَ فِي القَلْبِ مِنْ حَرِيقِ جَوَاهَا
فَكِرَامُ الوَرَى سَقَتْها دِمَاهَا
وَيَشْتَاقُ بَعْدَ ذَاكَ لِقَاهَا
فَلِمَ اخْتَرْتَ بَعْدَ وَصْلٍ جَفَاهَا؟
حَيْثُ مَحْيَاكَ سَاكِنُونَ ثَرَاهَا
مِنْ رُبَاهَا وقَدْ عَشِقْتَ رُبَاهَا؟
مِنْ ذَوِيهَا وَمَنْزِلاً مِنْ سِوَاهَا!
بُكَاهَا وِلِلْقُلُوبِ لَظَاهَا
وَحَادِي الرَّدَى أَمَامَ سُرَاهَا
سِبْطُ خَيْرِ الوَرَى الرِّكَابَ لَدَاهَا
بَعْدَ لَأيٍ أَنْ صَرَّحُوا بِسَمَاهَا
فَعَلَيْنا قَدْ كَرَّ حَتْمُ بَلَاهَا
وَرُؤوسُ الكِرامِ تَعْلُو قَنَاهَا |
(فائزي)
طوَّح الحادي والظعن هاج ابجنينه
وزينب تنادي سفرة الصعبة علينا
صاحت بكافلها شديد العزم والباس
شمِّر زنادك وانشد البيرق يا عباس
كني أعاينها مصيبة تشيب الراس
ما ظني نرجع بجمعتنه المدينة
قلها يزينب هاج عزمي لا تنخّين
ما دام أنا موجود يختي ما تذلِّين
لو تنقلب شاماتهم والعراقين
لاطحن جماجمهم وأنا حامي الضعينة
قالت أعرفك بالحرب يا خوي وافي
وقطع الزند هذا الذي منه مخافي
اليوم بمعزة وبعدكم مدري شوافي
ياهو ليرد الخيل لو هجمته علينه
(أبو ذية)
ينار لما طفت بالقلب ورثي
حزين انعى على بو السجاد ورثي
السبي والسلب والآهات ورثي
وعقب ذيك اخوتي ينقطع بيه
لمّا أراد إمامنا الحسين عليه السلام السفر إلى العراق وجهّز نفسه وعياله ونساءه
وأهل بيته وأصحابه، ودَّع كلّ من بقي في المدينة، ومن بين الذين تركهم الحسين عليه
السلام في المدينة طفلته فاطمة وكانت عليلة مريضة لا يمكنها السفر. تركها عند زوجة
النبيّ عليها السلام أمّ سلمة، يقول الراوي: عندما
ودّعهم جميعاً ومشى متوجِّهاً إلى القافلة وإذا به يسمع صوتاً ضعيفاً "أبي لا
تتركني، أبي خذني معك".
(تغريد
حزين)
ولن صوت العليلة تصيح يهل الظعن تانوني
يهلي وياكم خذوني
وحدي لا تخلوني
فرقاكم هدم حيلي
وروحي المرض سلاها
(عاشوري)
يبويه حسين وياكم خذوني عقبكم ياهلي
يعمن عيوني
وحدي بها لوطن لا تخلُّوني عليلة والجسم يلظم بالسمّ
فحاول الحسين عليه السلام بيان صعوبة السفر عليها وأنّهم سيبعثون عليها إذا استقرّ
بهم المقام وجاءت لهم الأيّام بما يتمنّون ويرجون.
ناداها الحسين ودمعته تسيل
يبعد أهلي سفرنا دربه طويل
يبويه انتي عليله وجسمك نحيل
وعلى المثلك يبويه السفر يحرم
لسان حالها
تقلَّه شلون أتم بالدار وحدي
عليكم مقدر اصبر وحق جدي
يبويه عاد خلِّي الطفل عندي
يسر قلبي من اشوفه يبتسم
ثمّ سار الركب الحزين وهي تنتقل من هودج لهودج ومن محمل لمحمل تتوسّل وتبكي،
فضمّتها أمّ سلمة إليها وأرجعتها إلى البيت، يقولون إنّها كانت تجلس كل يوم أمام
الدار تنتظر خبراً عن أبيها، إلى أن سمعت في يوم من الأيّام منادياً يقول: "يا
أهل يثرب لا مقام لكم
بها...."
وسمعت ضجيجاً سألت ما الذي يجري؟ ما الخبر؟ قالوا لها بأنّ أباها الحسين عليه
السلام قد عاد لكي لا يصدموها. كأنّي بها لم تتوجّه إلى مكان الضجيج والأصوات
توجّهت إلى الدّار جعلت ترتّب دار الحسين عليه السلام دار أبي الفضل العبّاس عليه
السلامكأنّي بها جعلت ترتّب مهد أخيها الرضيع... إلى أن وصلت عمّتها زينب عليها
السلام بالخبر المؤلم بالخبر الحزين سألتها العليلة يا عمّة أين أبي؟ أين عمّي؟ أين
أخي؟
قالت عظم الله لك الأجر، لقد خلّفناهم في أرض كربلا صرعى، وصارت تعدّد لها المصائب
والآلام.
(مجردات)
يا عمة راح الحيل مني
من راح أبوك حسين عني
ولوعة أطفاله لمحنتني
والضعف يا عمه هلكني
وانشعب قلبي بكثر وني
وحكي الشماته اللي قتلني
ميته عني من صغر سني
ولا شوف هالضمة اللفتني
صاحت واأباه واحسيناه...
بِالأَمْسِ كَانُوا مَعِي وَالْيَوْمَ قَدْ رَحَلُوا
وَخَلَّفُوا فِي سُوَيْدَا القَلْبِ نِيرَانَا
نَذْراً عَلَيَّ لَإِنْ عَادُوا وَإِنْ رَجَعُوا
لَأَزْرَعَنَّ طَرِيقَ الطَّفِّ رَيْحَانَا