الشيخ ابراهيم بن صادق بن ابراهيم بن يحيى بن محمد بن سليمان بن نجم المخزومي العاملي الطيبي . ولد في قرية الطيبة من قرى جبل عامل سنة 1221 وتوفي بها سنة 1284.
كان من العلماء الافاضل ، خفيف الروح درس في النجف الاشرف وكان سفره اليها سنة 1252 ـ أقام بالنجف سبعا وعشرين سنة وبضعة أشهر قرأ على الشيخ حسن بن الشيخ جعفر صاحب كاشف الغطاء وأخيه الشيخ مهدي وعلي الشيخ مرتضى الانصاري ويروي عنهم بالاجازة ـ له منظومة في الفقه تزيد على الف وخمسمائة بيت وله قصائد عامرة في مدح أميرالمؤمنين علي بن أبي طالب وقد كتب بعضها في الحرم العلوي المطهر وكان شاعرا وناثرا . ومما روى عنه قوله:
وقلت أمدح سيدي ومولاي أمير المؤمنين صلوات الله عليه وعلى أبنائه الائمة الميامين، وقد كتب جملة من هذه القصيدة على دور ضريحه المقدس من الجوانب الاربع في 20 رجب سنة 1271، ذكره سيدنا الحسن الصدر في (التكملة) فوصفه بالعالم الفاضل المحقق والاديب الشاعر المفلق.
وكتب الاديب المعاصر السيد حسن الامين عن شاعرية الشيخ ابراهيم صادق تحت عنوان (علائق شعرية عراقية عاملية) في مجلة البلاغ الكاظمية العدد السادس السنة الثانية وترجم له شيخنا الطهراني في (الكرام البررة في القرن الثالث بعد العشرة) قال: وآل صادق من أشرف بيوت العلم في جبل عامل وأعرقها في الفضل والادب نبغ فيهم أعلام في الفقه والشعر لم تزل آثارهم غرة ناصعة في جبين الدهر ولا سيما شعراؤهم الافذاذ الذين طار صيتهم في الآفاق ، وكانوا يعرفون قبل الشيخ صادق بآل يحيى نسبة الى جدهم الذي كان من صدور علماء عصره وأدبائه . أقول وسبق أن ترجمنا في هذه الموسوعة لجده الكبير الشيخ ابراهيم بن يحيى.
قال في رثاء الحسين عليه السلام
هـل فـي الوقوف على ربى يبرين | بــرء لـداء فـي الـفؤاد دفـين |
وهـل الـوقوف على الاماكن منقع | غـللا وقـد بـقيت بـغير مـكين |
حـتام تـتبع لحظ طرفك مجري ال | عـبـرات اثـر ركـائب وظـعون |
والام تـنفث مـؤصدا الزفرات | عن جـمـر بـأخبية الـحشى مـكمون |
تخفي الأسى وغريب شأنك | في الأسى بــاد يـفـسره غـروب شـئون |
ولـقد بـلوت الـحادثات وكـان | لي فـي الـخطب صبر لا يزال قريني |
وتـجلدي مـا فـي كـعوب قـناته | لـردي يـريد الـغمز مـلمس لين |
ورزيـن حـلمي لا يـطيش لمحنة | جـلت وان قـطع الـزمان وتـيني |
وغـزير دمـعي لا يـزال مصونه | الا لــذل شـامـل فــي الـدين |
وخـطوب آل مـحمد ضـعن | مـن أركــان ديـن الله كـل حـصين |
هـم خـيرة الـباري ومـهبط | وحبه حـقـا، وعـيبة عـلمه الـمخزون |
هـم نـور حـكمته وبـاب نـجاته | أبــدا ومـوضع سـره الـمكنون |
أمـنـاؤه فــي أرضــه خـلفاؤه | فــي خـلقه أبـناء خـير أمـين |
وهـم الألـى عـين الـيقين ولا | هم مـن كـل هـول فـي المعاد يقيني |
مـا لـي مـن الاعـمال الا | حـبهم فــي الـنشأتين وحـبهم يـكفيني |
مـهما أسـأت وقـد نـسأت | رثاءهم بــدر الــولا لـرثائهم يـدعوني |
واذا تـقاعد مـنطقي عـن مـدحهم | نـهضت جـميع جوارحي تهجوني |
أو مـا درت تـلك الـجوارح شفها | رزء الاطـائب مـن بـني يـاسين |
وحـديث فـاجعة الـطفوف أذالـها | دمـعا بـه انـبجست عيون عيوني |
انـي مـتى مـثلتها سـعر الـجوى | مـني بـأذكى مـن لـظى سـجين |
ومـتى أطف بالطف من ذاك العرى | جـعلت أراجـيف الاسـى تعروني |
وذكـرت مـا لـم أنـسه من حادث | مـا زال يـغري بـالشمال يـميني |
حـيث ابـن فـاطمة هناك تحوطه | زمـر الـضلالة وهـو كـالمسجون |
وهـم الألـى قـد عـاهدوه | وأوثقوا عـقـدا لـبـيعته بـكـل يـمـين |
حـتى أنـاخ بـهم بـما يحويه | من آل وأمـــوال وخـيـر بـنـين |
غـدروا بـه والـغدر ديدن كل | ذي احــن بـكـل دنـيـة مـفـتون |
ورمـوه لا عـرفوا الـسداد بـأسهم | مـن كـف كـفر عن قسي ضغون |
ولـديه مـن آسـاد غـالب أشـبل | يـخشى سـطاها لـيث كـل عرين |
وأمـاثـل شـربوا بـأقداح الـولا | صـافي الـمودة مـن عـيون يقين |
سـبـقوا بـجـدهم الـوجـود وآدم | مـا بـين مـاء فـي الوجود وطين |
وهـم الألـى ذخـر الالـه لنصره | فـي كـربلا مـن مـبدأ الـتكوين |
لا عـيب فـيهم غـيأنهم لـدى ال | هـيجاء لا يـخشون ريـب مـنون |
وعـديدهم نـزر القليل وفي الوغى | كــل يـعـد اذا عــدا بـمـئين |
والـكل ان حـمي الوطيس يرى | به قـبض الـلوا فـرضا على التعيين |
مــا رنـة الاوتـار فـي نـغماتها | أشـهى لـديهم مـن صـليل ظبين |
كــلا ولا ألـحان مـعبد عـندهم | في الروع أطرب من صهيل صفون |
ثـاروا كـما شـاء الـهدى وتسنموا | صـهـوات قـب أيـاطل وبـطون |
وعـدوا لـقصدلو جرت ريح الصبا | مـعهم بـه وقـفت وقـوف حرون |
واذا الـهجان جـرت لقصد أدركت | قـصبا يـقصر عـنه جري هجين |
حـتى اذا مـا غـادروا مهج العدى | نـهـبا لـكـل مـهـند مـسـنون |
وفـد الـردى يـبغي قـراه وكـلهم | حـب الـقرى بـالنفس غير ضنين |
فـلذاك قـد سقطوا على وجه الثرى |
مـا بـين مـذبوح وبـين طـعين |
وشـروا مـفاخرهم بـأنفس أنـفس | يـنـحط عـنها قـدر كـل ثـمين |
طـوبى لـهم ربحوا وقد خسر الألى | رجـعوا هـناك بـصفقة الـمغبون |
وغـدا عـميد الـمكرمات عـميدهم | مـن بـعدهم كـالوا لـه المحزون |
ظـامي الـفؤاد ولا مـعين له | على قــوم حـموا عـنه ورود مـعين |
يـرنو ثـغور الـبيد وهـي فسيحة | شـحـنت مـراصدها بـكل كـمين |
ويـرى كـراديس الضلال تراكمت | وكـأنـها قـطـع الـجبال الـجون |
ويـكر فـي تـلك الصفوف مجاهدا | كـر الـوصي أبـيه فـي صـفين |
ويـعود نـحو سرادق ضربت | على أزكــى بـنـات لـلهدى وبـنين |
وكـرائـم عـبث الأسـى بـقلوبها | فـغـدت فـواقـد هـدأة وسـكون |
يـسدي لـها الوعظ الجميل وذاك | لا يـجـدي ذوات لـواعج وشـجون |
ونـوائب عـن حـمل أيـسر نكبة | مـنـها تـسيخ مـناكب الـراهون |
ثـم انـثنى يـلقى الـصوارم والقنا | بـأغـر وجــه مـشرق وجـبين |
قـسـما بـثـابت عـزمه والـيتي | بـثـبات عـزمـته أبــر يـمين |
لـو شـاء اقـراء الردى مهج العدى | طـرأ لأضـحت ثـم طـعم مـنون |
أو شــاء افـنـاء الـعوالم كـلها | قـسـرا لأومـيء لـلمنايا كـوني |
أنــى ومـحـتوم الـمنايا كـامن | مـا بـين كـاف خـطابه والـنون |
لـكن لـسر فـي الـغيوب وحكمة | سـبقت بـغامض عـلمه المخزون |
وخـبا ضـياء الـمسلمين ومحم الذ | كــر الـمبين غـدا بـغير مـبين |
وبـنات خـير الـمرسلين برزن | من دهـش الـمصاب بـعولة ورنـين |
وتـقول لـلحامي الـحمى ومـقالها | كـدمـوعها مــن لـؤلؤ مـكنون |
عـطا عـلي ولا أخـالك ان أقـل | عـطفا عـلي تـغض طرفك دوني |
أو لـست تـنظرني وقد هتك العدى | خـدري وهـدمت الـطغاء حصوني |
مـن بعد أن تركوا بنيك على الثرى | مـا بـين مـذبوح وبـين طـعين |
عـارين مـنبوذين فـي كنف العرا | مــن غـير تـغسيل ولا تـكفين |
تـلك الـرزايا قـد أشـبن مدامعي | بـدم الـفؤاد كـما أشـبن قـروني |
أيـمس عـيني الكرى وعلى الثرى | جـسم الـحسين أراه نصب عيوني |
مـن غـير دفـن وهو أفضل | ميت فــي قـلب كـل مـوحد مـدفون |
قال مستجيرا بالامام الحسين عليه السلام
يـا سـيد الـشهداء يا من حبه | فـرض وطـاعته اطـاعة جده |
وابن الامام المرتضى علم الهدى | سـر الالـه مـبين منهج حمده |
وابن المطهرة البتول ومن عنت | غـر الـوجوه لنور باذخ مجده |
واخا الزكي المجتبى الحسن الذي | نـور الهدى من نور غرة سعده |
وأبـا عـلي خير أرباب العلى | وامـام كـل مـوحد مـن بعده |
وافـاك عـبدك راجـيا ومؤملا | مـنك الحبا ورضاك غاية قصده |
فـاعطف عليه بنظرة توري بها | يـا خـير مقصود شرارة زنده |
وأنـله مـنك شفاعة يمسي بها | مـن لـطف بـاريه بجنة خلده |
وأقـله سطوة حادث الزمن | الذي أخـنى عـليه بـجده وبـجهده |
فـلأنت أكـرم من همت أنواؤه | يـوم الـعطاء لـوفده من رفده |
وله يمدح الامام أمير المؤمنين عليه السلام وهي تزيد على 150 بيتا
هـذا ثـرى حـط الاثـير لقدره | ولـعـزه هـام الـثريا يـخضع |
وضـريح قـدس دون غاية مجده | وجـلاله خـفض الضراح الارفع |
أنـى يقاس به الضراح علا | وفي مـكنونه سـر الـمهيمن مـودع |
جـدث عـليه مـن الاله سرادق | ومـن الرضا واللطف نور يسطع |
ودت دراري الـكـواكب أنـهـا | بـالدر مـن حـصبانه تـترصع |
والـسـبعة الافـلاك ود عـليها | لـو أنـه لـثرى عـلي مضجع |
عـجبا تـمنى كـل ربـع أنـه | لـلمرتضى مـولى الـبرية مربع |
ووجـوده وسع الوجود وهل | خلا فـي عـالم الامـكان منه موضع |
كـشاف جادية القضاء عن الورى | بـعـزائم مـنها الـقضا يـروع |
هـزام أحـزاب الضلال بصارم | مـن عـزمه صـبح المنايا يطلع |
سـباق غـايات الـفخار بـحلبة | فـيها السواري وهي شهب تطلع |
عـم الـوجود بسابغ الجود الذي | ضـاقت بـأيده الـجهات الاربع |
أنـى تـساجله الغيوث ندى | ومن جـدوى نـداه كـل غـيث يهمع |
أم هـل تـقاس بـه البحار | وانما هـي مـن نـدى أمـداده تتدفع |
فـافزع اليه من الخطوب فان | من ألـقى الـعصا بـفنائه لا يـفزع |
واذا حـللت بـطور سـينا مجده | وشـهدت أنـوار الـتجلي تـلمع |
فـأخلع اذا نـعليك انك في طوى | لـجلال هـيبته فـؤادك يـخلع |
وقـل الـسلام عليك يا من فضله | عـمن تـمسك بـالولا لا يـمنع |
مـولاي جد بجميلك الاوفى على | عـبد لـه بـجميل عفوك مطمع |
يـرجوك احـسانا ويأملك الرضا | فـضلا فـأنت لـكل فضل منبع |
هـيهات ان يخشى وليك من لظى | ويـهـوله يـوم الـقيامة مـطلع |
ويـهوله ذنـب وأنـت لـه غدا مـن | كـل ذنـب لا محالة تشفع |
ويخاف من ظمأ وحوضك في | لـذوي الـولا من سلسبيل مترع |
يـا مـن اليه الامر يرجع في غد | ولـديه اعـمال الـخلايق تـرفع |
ولــه مـآل ثـوابها وعـقابها | يـعطي الـعطاء لمن يشاء ويمنع |
أعـيت فضائلك العقول فما | عسى يـثني بـمدحتك الـبليغ المصقع |
وأرى الألـى لصفات ذاتك | حدودا قـد أخطأوا معنى علاك وضيعوا |
ولأي مـجدك يـا عظيم المجد | لم يـتدبروا وحـديث قدسك لم يعوا |
عـجبي ولا عجب يلين لك الصفا | والـماء مـن صم الصفا لك ينبع |
ولـك الـفلا يطوى ويعفور الفلا | لدعاك من أقصى السباسب يسرع |
ولـك الـرمام تـهب من أجداثها | والـشمس بـعد مغيبها لك ترجع |
والـشمس بـعد مـغيبها ان ردها | بـالسر منك وصي موسى يوشع |
فـهي الـتي بك كل يوم لم تزل | مـن بـدء فطرتها تغيب وتطلع |
ولـك الـمناقب كالكواكب لم تكن | تحصى وهل تحصى النجوم الطلع |
فـالدهر عـبد طـايع لك لم يزل | وكـذا القضا لك من يمينك أطوع |
ولـئن أطاع البحر موسى بالعصا | ضـربا فموسى والعصا لك أطوع |
ولـئن أطاع البحر موسى بالعصا | فـلقد نـجت بك رسل ربك أجمع |
وصفاتك الحسنى يقصر عن | مدى أدنـى عـلاها كـل مدح يصنع |
*ادب الطف ـ الجزء السابع173_ 182