السيد كاظم الامين بن السيد احمد بن السيد محمد الامين ابن السيد أبي الحسن موسى ولد سنة 1231 وتوفي في بغداد في 27 ربيع الثاني سنة 1303 ونقل الى النجف الاشرف ودفن في حجرة آل كبة في الصحن الشريف قرب باب الطوسي، كان عالما فاضلا حافظا متقنا مؤرخا واحد زمانه في الاحاطة والضبط وحفظ التواريخ والآثار ودقائق العربية وكان شاعرا مطبوعا منشأ بليغا وواعظا زاهدا عابدا، هاجر من جبل عامل الى النجف الاشرف لطلب العلم في حياة والده السيد احمد وكان عمره قريب خمس عشرة سنة مع ابن عمه السيد محسن بن السيد علي بن السيد محمد أمين. وقرأ على الفقيه الشيخ مشكور الحولاوي وتزوج ابنته وبقي مكبا على طلب العلم حتى فاق أقرانه بعلوم كثيرة منها اللغة والتاريخ، وترك بخطه من فرائد التفسير واللغة والتأريخ ودقائقها شيئا كثيرا وجل شعره في المواعظ والنصائح والآداب والحكم والمراسلات، ذكر أكثر شعره صاحب الاعيان. ومن شعره ـ وهو يشكو من الزمان ويذكر مصائب أهل البيت عليهم السلام ـ ومصيبة الحسين خاصة وقد أرسلها الى ابن عمه السيد محمد الامين:
لـعمرك مـا للدهر عهد ولا أمن | ولا ذو حـجى حر به عيشه يهنو |
وهـل مـن أمـان لـلزمان ووده | وأحـداثه فـي كـل يوم لها لون |
وكيف يطيب العيش فيها الذي نهى | تـرحل عـنه الاب والأم والابن |
وان امـرءا أصـلاه ماتا، وفرعه | لـميت وان لم يعله الترب واللبن |
وهـل بعد عد المرء خمسين حجة | من العمر في الدنيا يروق له حسن |
وبعد اشتعال الرأس بالشيب ينبغي | بـلوغ المنى والعظم قد نابه وهن |
فـهب انـك ناهزت الثمانين سالما | فـهل انـت الا في تضاعيفها شن |
وان نـازعتك الـنفس يوما لشهوة | فقل وهت الاحشاء واستوهن المتن |
أتـأمل فـي الـدنيا القرار سفاهة | وقد أزف الترحال واقترب الظعن |
وأنـا بـني حواء أغصان روضة اذا | ما ذوى غصن ذوى بعده غصن |
وهـل نحن الا كالاضاحي تتابعت | أو البدن ما تدري متى يومها البدن |
نـراع اذا مـا طـالعتنا جـنازة | ونـلهو اذا ولـت وما جاءنا أمن |
كـثلة ضـأن راعـها الذئب رتعا | فـلما مضى عادت لمرتعها الضأن |
نروح ونغدو في شعوب من المنى | وعـين شعوب نحونا أبدا ترنو1 |
نـحوم على الدنيا ونبصر بطشها | ونعشو عن الاخرى وهذا هو الغبن |
وأعـجب شـيء وهي ألئم جارة | غـدا كـل حتر وهو عبد لها قن |
ولـو أنـنا نـخشى المعاد حقيقة لما | اعتادنا غمض ولا ضمنا ركن |
ولـكننا عن مطلب الخير في عمى | تـحول بـنا عـن نيله ظلل دجن |
لنا الوهن والاغفال في طلب التقى | وفي طلب الدنيا لنا الحزم والذهن |
وتـخـدعنا الـدنيا ونـعلم أنـها | بـغي لـها فـي كـل آونة خدن |
ونـهوى بـها طـول المقام جهالة | على أنها في عين أهل النهى سجن |
وانـا بـها كـالضعن عرس ليلة | بـقفر فـلما أسفترت سافر الظعن |
وهـيهات لا يـبقى جـواد مؤمل | ولا بـطل يـخشى بـوادره قرن |
ولا سوقه من سائق الموت هارب | ولا مـلك يـوقيه جيش ولا خزن |
فـأين أنـو شـروان كسرى وقيصر | ومـن طـوف الدنيا وقامت به المدن |
تـبين بـذي الـقرنين كم قبله انطوت | قـرون وكـم من بعده قد مضى قرن |
وأيـن الـذين اسـتخلفوا مـن أمـية | ودوخـت الـدنيا جـيوشهم الـرعن |
وأيـن بـنو الـعباس تـلك ديـارهم | بـلاقع بـالزوراء أرسـى بها الدمن |
وفـي الـتاج مـنها عـبرة وعجيبة | غـداة الـيه قـوض الابـيض الجون |
فـأحـكم أس الـتاج مـن شـرفاته | وأعـلاه من أدناه فأعجب لصما افتنوا |
عـفا وكـأن لـم يصطبح فيه مترف | يـرنحه مـن صوت عذب اللمى لحن |
وهـارون من قصر السلام رمى به | الـحمام الـى أقـصى خراسان والبين |
وتـلـك بـسامرا مـواطنهم غـدت | يـبابا مـغانيها الـوحش الـفلا وطن |
فـآكـامها لـلـعفر والـعصم مـوئل | ولـبـوم والـغربان آطـامها وكـن |
تـخطى الـيهم فـي مـعاقل عـزهم | رسـول بـأشخاص النفوس له الاذن |
فـذا هـادم الـلذات لا تـنس ذكـره | والا تـكـن مـن لا يـقام لـه وزن |
مـنغص شـهوات الانـام فـكم بـه | قـد انـطرفت عـين وسكت به اذن |
فـلا يـأمن الـدنيا امـروء فهي أيم | وفـي الـبيض من أنيابها السم مكتن |
ومــا هـي الا لـجة فـلتكن بـها | لـك الـباقيات الصالحات هي السفن |
فـقصر فـما طـول الـدعاء بـنافع | مـعاشر لا تـصغي لـداع ولا تـدنو |
تـعودت الـسوءى ومـا المرء تاركا | عـوائـده حـتـى يـواريه الـدفن |
فـكم عـظة مـرت ولـم نـنتفع بها | وفي وعظ من لا يرعوي تخرس اللسن |
ومــن لــم يـرعه لـبه وحـياؤه | فـليس بـموروع وان عـلت الـسن |
ولـلـه فـي بـعض الـعباد عـناية | فـجـانبه هـيـن لـصـاحبه لـين |
صــروف الـلـيالي لا تـكدر وده | ولا وجــوده يـومـا يـكدره مـن |
حـمـيد الـسجايا لا يـشاكس قـومه | ولا هــو لـلساعي الـيه بـهم اذن |
اخـو كـرم يـولي الـجميل صديقه | وفـي نـفسه ان الـصديق لـه المن |
لـعمر أبـي والـناس شـتى طباعهم | فـمنهن زيـن والـكثير لـهم شـين |
ومـن عـجب فـرخا نـقاب الى أب | وأم وفــي الاخـلاق بـينهما بـون |
وكـم مـن بـعيد وده لـك صـادق | قـريـب ودان وده شـاحـط مـين |
ورب أخ أولاك دهـــرا صـفـاءه | فـطابت بـه نـفس وقـرت به عين |
جـرى طـلقا حـتى اذا قـيل سابق | تـداركه عـرق ولـيس بـه اين 2 |
فـبات عـلى رغـم الـمكارم والعلى | يـغض عـلى الاقـذاء من عينه جفن |
ويـزعم ان الـسيل قـد بـلغ الزبى | لـذاك وان قـد ثـل من عرشه ركن |
فـيـا نـائيا والـرحل مـنه قـريبة | وذا شـرف فـي الـقوم أخلاقه خشن |
أمـثل شـقيق الـمرء يـسلى اخاؤه | لـك الـخير لولا رغبة النفس والضن |
ومـثل عـميد الـقوم يـنسى ظهيره | عـلى الـمجد وهو الناقد الجهبذ القرن |
ويـجهل مـسعى مـن أغـذ مهاجرا | الـى بـلد فـي جـوه الـعلم واليمن |
وأشـرف دار جـنة الخلد صحنها ال | مـقدس والـفردوس ما ضمه الصحن |
ضـريح ثـوى فـيه الـوصي، وآدم | ضـجيع له والشيخ نوح له ضمن3 |
وثــم ضـريـح لـلشهيد بـكربلا | ثــراه شـفاء لـلورى ولـهم أمـن |
ومـشـهد مـوسى والـجواد مـحمد | تـنال بـه الـحاجات والـنائل الهتن |
ولـلسادة الـهادين فـي سر من رأى | مـعاهد يـستسقى بـمن حـلها المزن |
حـضائر قـدس جـارها فـي كرامة | مـن الله تـرعاه الـعناية والـصون |
أقــام بـها والـصبر مـلء اهـابه | يـقـدمه فــن ويـعـلو بـه فـن |
ألـست تـرى يـا ابـن الاكارم انما | يـزينك بـين الـقوم فـهو لـنا زين |
وقـد كـان لـي لو شئت أفسح منزل | بـلبنان يـثرى بـالعقار ومـا أقـنو |
لـدى مـعشر تـعزى المرؤة والندى | الـيهم فـمن كـعب بن مامة أو معن |
وان ضـام عـاد جـارهم غضبوا له | حـفاظا وهـبوا لـلنضال ولـم يثنوا |
مـن الـقوم اخـدان الوفا لذوي الولا | وحتف العدى ان قيل يوم الوغى ادنوا |
يـخوضون تـتيار الـمنايا بـأنفس | لـديها مـثار الـنقع ان غضبت هين |
فـان ضـربوا قـدوا وان طعنوا أتوا | بـفوها فـيها يـذهب الزيت والقطن |
ولـكنني وجـهت وجـهي الـى التي | يـشد الـى أمـثالها الـماجد الـفطن |
ولـم أخـتس الاعـسار والله واسـع | غـناه ولا الـحرمان والله لـي عون |
فـيـا عـلما يـرجى لـكل كـريمة | وذا عـزمة والـوهم يـثنيه والـظن |
نـشدتك انـظر سـفح لـبنان راجيا | عـطاء مـلكي كـل يـوم لـه شأن |
فـكم مـن بـيوت لـلعلى رفعت به | عـلى الـعلم والاقوام كالعلم لم يجنوا |
لـه مـورد عـذب الـمذاقة سـائغ | فـمـشربه لـلناس مـتزدحم لـزن |
وبـيتك بـيت الـمجدو العلم والتقى | أحـل بـه مـنك الـتهاون والـوهن |
امـا انـبعثت مـن قلبك الشهم نخوة | الـيه أمـا تـهفو عـليه امـا تحنو |
عـلى أهـل ذاك البيت فليفدح الأسى | وتـنهل مـن عـين العلى أدمع هتن |
كـرام الـى غـير الـمكارم ما ثنوا يـدا | والـى غـير الـفضائل ما حنوا |
سـقى الله أرواحـا لـهم زانها التقى | فـراحت وفـي أعلى الجنان لهم عدن |
ويـاواحد الـسادات مـجدا وفرع | من لـه الـعلم يـعزى والرياسة واللسن |
وخـير ابـن عـم لا فـقدت اعتناءه | كـما أنـني مـعنى بـه واثق طمن |
شـهـدت لان وافـاك نـعي مـهذب | صـحيح الـهوى ما في دخيلته ضغن |
حـريص عـلى عـز الـعشيرة كاره | لها الذل أو يودي به الضرب والطعن |
قـرعت عـليه الـسن مـنك نـدامة | أجـل وعـلى أمـثاله يـقرع الـسن |
واشـهـد ربـي ان قـولي نـصيحة | ومـا فيه من شيء سوى النصح يعتن |
وذلــك حــق فـي أخ أو قـرابة | عـلي اذا الـوى بـه خـلق خـشن |
وقـد عـلم الاقـوام أنـي لـشانىء | لـمن شأنه الازراء في الناس والطعن |
عـلـى أنـنـي والله لـست مـبرئا | لامـارة بـالسوء لـي كـسبها غبن |
لـقد وقـفت بي من ذنوبي على شفا | فـعيني عـلى مـا نابني دمعها سخن |
فـغـفرانك اللهم ذنــب مـقـصر | بـخدمه مـن غـر الـجباه لـه تعنو |
فـأسألك الـرضوان ربـي ونشظرة | لـرضوان فـيها يذهب الغم والحزن |
بـأسمائك الـحسنى أجـب وعصابة | بـهم قـامت الاشـياء وانتظم الكون |
نـبي الـهدى والـغر مـن أهل بيته حمى | المتوالي في الاراجيف والحصن |
وأعـلام حـق لـو تـنور ضـوءها | جـميع الورى ما ضلت الانس والجن |
ولـو بـذراها لاذت الـشمس لم تشن | بـخسف ولا وارى سناها ضحى مزن |
فـأين رسـول الله عـن أهـل بيته | يـهجنهم بـين الـملا مـعشر هجن |
ويـعدو عـليهم مـن أمـية جـحفل به | غص من ذاك الفضا السهل والحزن |
وتـغدوبأرض الـطف ثـكلى نساؤهم | وقـد هـتكت عـنها البراقع والسدن |
فـمن حـرة عـبرى تـلوذ بـمثلها | وحـسرى تقي عن وجهها اليد والردن |
قـضواعطشا بـالطف والماء | حولهم الــى ورده اكـباد صـبيتهم تـرنو |
حـمتها الـعدى ورد الـشريعة | ويلهم امـا فـيهم مـن بـالشريعة مـستن |
يـسـومونهم قـتـلا وأسـرا كـأنما | لـهم بـات ثـار عـند أحمد أو دين |
تـداعوا لـهم فـي كربلاء وجعجعوا | بـهم فـي الـعرا بـغيا ليملكهم قين |
هـنالك ألـفوا لـيث غـاب تحوطه | لـيوث شـرى غـاباتها الاسل اللدن |
تـشـد فـينثالون عـنها طـريدة | وأسـد الشرى تشقى بشداتها الاتن |
فشبت لهم بالطف نار لدى الضحى | يـجلل وجـه الافق من نقعها دجن |
عـلى حين ما للمرء مرأى ومسمع | مـن النقع الا البيض تلمع والردن |
وحيث فراخ الهام طارت بها الظبا | وظـلت سواني نينوى من دم تسنو |
وراحت حماة الدين تصطلم العدى | ولم يبرحوا حتى قضى الله أن يفنوا |
ولم يبق الا السبط في حومة الوغى | ولا عـون الا السيف والذابل اللدن |
وأضـرمها بـالسيف نارا وقودها | جسوم الاعادي والقتام لها عثن4 |
اذا كــر فـروا مـجفلين كـأنهم قـطأ | راعها باز شديد القوى ششن |
فـكم بـطل مـنهم بـراه بضربة على | النحرأوحيث الحيازم والحضن |
وكـم أورد الـخطي فـيهم فـعله | بجائفة 5 حيث الجناجن والضبن |
قـضى وطرا منهم ومذا برم القضا | مضى لم يشن علياه وهن ولا جبن |
أرد يـدا مـني اذا مـا ذكـرتهم | عـلى كـبد حرى وقلب به شجن |
اطـائب يـستسقى الحيا لوجوههم | لـعمري وتـنهل العيون اذا عنوا |
عـليهم سـلام مـا مـر ذكـرهم | وأحـسن فـي اطرائهم بارع لسن |
* ادب الطف ـ الجزء السابع288_ 294
1- شعوب: ضروب والثانية اسم للموت.
2- اعياء وتعب
3- في التأريخ ان الامام علي بن أبي طالب أميرالمؤمنين دفن بالنجف الى جنب النبي آدم والنبي نوح ، وفي الزيارة: السلام عليك وعلى ضجيعيك آدم ونوح وعلى جاريك هود وصالح.
4- هو الدخان.
5- الطعنة الواصلة الى الجوف.