السيد محمد حسين ابن السيد كاظم ابن السيد علي بن أحمد الموسوي القزويني الشهير بالكيشوان النجفي . ولد في النجف عام 1295 هـ . مشهور بعلمه وتحقيقه ، ذو نظر صائب وفكر وقاد ، أديب له الصدارة في المجالس والمكانة السامية عند العلماء وأهل الدين ذكره صاحب (الحصون المنيعة) فقال : فاضل مشارك في العلوم سابق في المنثور والمنظوم له فكرة تخرق الحجب وهمة دونها الشهب ، وشعر يسيل رقة وخط يشبه العذار دقة ، إلى حسن أخلاق وطيب اعراق وحلو محاضرة مع الرفاق ، ونسك وتقى بعيد عن الرياء والنفاق ، وله شعر كثير بديع التركيب .
لا زلت أتمثله سيداً وقوراً مربوع القامة حسن الهندام بهي المنظر والعمِة السوداء متناسبة مع وجهه ومنسجمة معه كل الانسجام رأيته عشرات المرات في عشرات من المجالس الحسينية وقد طلب منه أبي مقابلة نسخة (مصابيح الأنوار في حلّ مشكلات الأخبار) للجد الأكبر السيد عبد الله شُبّر على نسخة المؤلف وبخطه ، فأجاب في حين لم تكن بينه وبين أبي صلة قوية أو لأبي عليه دالة تستوجب الاجابة لكنه لخلقه العالي وسجاحة أخلاقه تنازل لرغبته فكان يحضر كل يوم عصراً إلى دارنا وتكون بيده نسخة الأصل ومع الوالد نسخة أخرى فيقرأ أحدهما مرة ومرة فلم أسمع صوته ولا أقدر أن أُميّز نبراته ولكني أتصور كلامه ، لقد كان هادئ الطبع وديع النفس إلى أبعد ما تتصور . وقال لي أحد الأذكياء يوماً ونحن في محفل غاص بالمعممين في دار المرحوم الشيخ مرتضى الخوجه ، والسيد المترجم له في صدر المجلس : هل رأيت ذلك السيد (وأشار عليه) زجّ نفسه في كلام أو خاض في مسألة دون أن يُسأل فيجيب بالرغم من أنه أعلم الموجودين والكل يعلم بذلك ، يقول البحاثة المعاصر علي الخاقاني عنه : لقد أفنى زمناً طويلاً في إحياء كثير من الكتب النادرة بخط جميل وضبط قوي وأتذكر أنه كتب تحرير المجسطي بدوائره وأشكاله فكانت مخطوطته من أروع المخطوطات ، وكتب الأصول الأربعمائة وكثيراً من مؤلفات الشيخ المفيد والصدوق وألّف وصنّف كثيراً منها : تحفة الخليل في العروض والقوافي ورسالة في علم الجبر ، منهج الراغبين في شرح تبصرة المتعلمين في جزئين ، منظومة في علم الحساب تقع في 221 بيتاً وغيرهما مما دوّنها مترجموه ، نشأت وأنا أسمع أساتذة المنبر الحسيني يروون شعره ويعطرون به المحافل ويرون شعره من الطراز العالي ورثاءه من النوع الممتاز على كثرة الراثين للحسين عليه السلام ، وحذراً من أن يقال أن الشاعر لا يحسن إلا الرثاء .
وله في الإمام الحسين عليه السلام
خـيل تـشنّ على العدى غاراتها |
لأصـبر أو تـجري على عاداتها |
أما رسائله وأدبه النثري ونوادره وملحه فمنها يتألف مؤلف قائم بنفسه . توفي ليلة الأحد 28 ذي القعدة الحرام سنة 1356 هـ . ودفن في الصحن العلوي في الجهة الغربية الشمالية رحمه الله رحمة واسعة وبقيت روائعه ترددها ألسنة الخطباء ومنها ما يعتز به مخطوطنا (سوانح الأفكار في منتخب الاشعار) الجزء الأول منه
1 ـ رائعته الحسينية التي تتكون من 72 بيتاً وأولها
ولا روض آمالي بها مورق نضرُ |
هي الدار لاوردي بها ريّقٌ غمرُ |
2 ـ قصيدته في رثاء شهداء كربلاء وتتكون من 42 بيتاً وأولها
معاهد رسم المنزل المتأبد |
لعلّ الحيا حيّا ببرقة ثهمد |
3 ـ الثالثة في الزهراء عليها السلام وهي 57 بيتاً وأولها
منك ولا القلب يذوب جزعا |
مالك لا العين تصوب أدمعا |
4 ـ الرابعة في السبط الأكبر الإمام الحسن بن علي عليهما السلام وتتكون من 58 بيتاً ، ويقول في مطلعها
وارى أنـابيب الـقنا لا تـشرع يـستميل بـها الروى والمرتع |
أترى يسوغ على الظما لي مشرع مــا آن أن تـقـتادها عـربية لا |
الأسر القزوينية المعروفة بالعلم في العراق ثلاث : 1 ـ الاسرة النجفية ، وقد اقام قسم من رجالها في بغداد . 2 ـ الحِلية ، التي ذكرنا منها جملة من الاعلام ومنها السيد مهدي وأنجاله الأربعة وأولادهم ، وهاتان الاسرتان ينتمون للامام الحسين عليه السلام وهما فرع واحد تلتقيان في بعض الأجداد . 3 ـ الكاظمية ، وهي موسوية النسب منها العلامة السيد مهدي نزيل البصرة بعصره وأخوه السيد جواد نزيل الكويت في عصره ولقب بعض رجالها بالكيشوان ومنهم المترجم له
*ادب الطف - الجزء التاسع 163_ 169