الشيخ عبد الحسين إبن الشيخ إبراهيم إبن الشيخ صادق العاملي والمتقدم ذكر جملة من اسرته. ولد في النجف الأشرف في حدود سنة 1282 هـ. وفيها نشأ ثم خرج إلى جبل عامل وعاد إلى النجف الأشرف بعد وفاة أبيه فأخذ عن علمائها مثل الشيخ ميرزا حسين إبن ميرزا خليل ، وهو في الطبقة الأولى من الشعراء. قال السماوي في الطليعة : رأيته يتفجر فضلاً ويتوقد ذكاء إلى أخلاق كريمة. توفي في أوائل ذي الحجة سنة 1361 هـ. في النبطية ودفن فيها
قال ولده الشيخ حسن رأى أبي ليلة أحد الصادقين عليهما السلام ـ الشك منه ـ فقال لأبي أجز هذا البيت
وللحشاشة إن لم تنفطر حرقا
|
لا عذر للعين إن لم تنفجر علقا
|
فنظم القصيدة الحسينية الآتية في الترجمة وشهرته العلمية وملكته الأدبية مما لا ينازع فيه وشهد العالمان الكبيران الملا كاظم الآخوند صاحب الكفاية والحاج ميرزا حسين ميرزا خليل له بالاجتهاد ، وأدبه عريق أخذه عن أب عن جد وهذه دواوينه المطبوعة بلبنان وهي سقط المتاع عرف الولاء عقر الظباء وكلها من الشعر العالي وولاؤه أهل البيت عليه السلام يذكر فيشكر ونجد بلدة النبطية ـ اليوم ـ ونواحيها كالنجف الأشرف في شعائر أهل البيت عليه السلام ، فالمأتم والمواكب التي تقيمها مؤسسته التي تسمى بـ الحسينية هي ركن من أركان التشيع ولا عجب فهو من اسرة شعارها الولاء وأنجبت الشعراء والعلماء وهذه باقة فواحة من شعره في الإمام الحسين أما باقي ألوان شعره فحسبك أن ترجع إلى دواوينه التي ذكرت أسماءها وترى خياله الواسع وأفقه النيّر أمثال قصيدته التي يصف بها الباخرة وأخرى في وصف التلغراف وثالثة في صفة القطار ورابعة في وصف السيارة أو تقرأ له البدويات والأعاريب وملحمته الكبرى الشمس وبنو عبد شمس ففيها الوصف الكامل للشمس وخواصها وآثارها في الكون ثم يأتي على ذكر بني عبد شمس وأتباعهم في الجاهلية والإسلام وما جروه على الإسلام والأمة الاسلامية من المنكرات والفظايع ، ومن غرر أشعاره مدائحه النبوية ومطارحاته ورثاؤه لجملة من أعلام معاصريه.
توفي بالنبطية في 12 ذي الحجة الحرام عام 1361 هـ. ودفن هناك ورثاه الشعراء بقصائد كثيرة تعرب عن مقامه الرفيع وأبّنته الصحافة العربية ومن مخلفاته العلمية كتاب سيماء الصالحين وهو على صغر حجمه موفق في اسلوبه كل التوفيق.
قال يرثي علي بن الحسين شهيد كربلاء عليه السلام
ونـدّيه يفتر بالروض الندي
ومـحا محاسن خدّه المتورد
فـي رائح للنائبات ومُغتدي
تـفلي الـفلاة بمتهِم وبمنجِد
بجوانحي عن حبس دمعي مقعدي
ولـحرّ أحـشائي أثـافي مَـوقَد
بـطـلوله لـمصوب ومُـصعّد
مـا بـين غِرّيد وصيداح شَدي
شـتان نَـوح شجٍ وسجع مُغرّد
والمهجة الحراء والقلب الصَدي
مـن بـعد نـازلة بعترة أحمد
واغـتالها بصروفه الزمن الردي
سُـمّا ومـنحور وبـين مُـصفّد
نُـهبت بها وكم إستجذبت من يد
جـثمان قُـدسٍ بـالسيوف مُبدّد
عـبراته حُـزناً لأكـرم سـيّد
عـبقت شـمائله بطيب المحتد
جـفّت بـحر ظَما وحرّ مُهند
إن الـذبول لآفة الغصن الندي
فـيه ولاهـب قـلبه لم يخمد
بـين الـكماة وبالأسنّة مرتدي
ويـشيم أنـصلها بـجيد أجيَد
فـاحمرّ ريـحان العِذار الأسود
مـن كل غطريف وشهم أصيد
بإبا الحسين وفي مهابة أحمد
وبـليغ نـطق كالنبي محمد
فـي مـثلها من عزمه المتوقد
فـي بأسٍ عِرّيس العرينة مُلبد
لـظما الـفؤاد وللحديد المجهد
مـاء الـطلا وغـراره لـم يـبرد
ظماء الحشى إلا إلى الضامي الصدي
لـو كـان ثَـمّة ريـقة لـم تـجمد
ولـسـانه ظـمـاء كـشقة مـبرد
والـموت مـنه بـمسمَع وبـمشهد
بـمـثقّفٍ مــن بـأسـه ومُـهنّد
نـهب الـقواضب والـقنا المتقصد
مـنه هِـلال دُجـاً وغـرة فـرقد
وحِـمى الـذمارين الـعُلى والسودد
مـطـرورة الـكـعبين لـم تـتأود
مـا بـعد يـومك مـن زمانٍ أوغد
|
عـهدي بربعهم أغنّ المعهَد
مـا باله درس الجديدُ جديدَه
أفـلّت أهلّته وغابت شهبه
زمّت ركاب قطينه أيدي سَبا
ولـقد وقـفت به ومعتلج الجوى
فـتخالني لضناي بعض رسومه
أرنـوا الـيه ونـاظري مُتقسّم
مـا أن أرى إلا الـحمائم هُـتّفاً
نـاحت ونحت وأين مني نوحُها
لـي لا لها العين المرقرق دمعها
حجر على عيني يمر بها الكرى
أقـمار تـمٍّ غالها خسف الردى
شـتى مـصائبهم فـبين مـكابدٍ
سـل كـربلا كم مُهجَة لمحمدٍ
ولـكم دم زاكٍ أُريـق بـها وكم
وبها على صبر الحسين ترقرقت
وعـلّي قـدر من ذوابة هاشم
أفـديه مـن ريـحانة رَيّـانة
بكر الذبول على نَضارة غُصنه
مـاء الصبا ودم الوريد تجاريا
لـم أنـسه مـتعمما بثبا الضيا
يَـلقى ذوابـلها بـذابل معطفٍ
خـضبت ولـكن من دم وفراته
جمع الصفات الغُرو هي تراثه
في بأس حمزة في شجاعة حيدر
وتـراه في خلق وطيب خلائق
يرمي الكتائب والفلا غصّت بها
فـيردّها قَـسرا عـلى أعقابها
ويـؤب لـلتوديع وهو مجاهدٌ
صـادي الـحشى وحسامه ريّان من
يـشكو لـخير أب ظمآه وما اشتكى
فـانـصاع يُـؤثره عـليه بـريقه
كــل حـشاشة كـصالية الـغضا
ومـذ انـثنى يـلقى الكريهة باسما
لـفّ الـوغى وأجـالها جول الرحا
عـثر الـزمان بـه فـغادر جسمه
ومحى الردى يا بئس ما غال الردى
يـا نـجعة الـحيين هـاشم والعُلى
كـيف ارتـقت هم الردى لك صعدة
فـلتذهب الـدنيا عـلى الـدنيا العفا
|
وقال في رثاء الحسين عليه السلام
مـستحفياً عـن أبيّ الضيم ما فعلا
إبـائه أم عـلى حـكم الـعدا نزلا
لـقاب قـوسين أو أدنـا رقى نزلا
بـذروة الـعرش عن كرسيه حولا
فـساغ فـي فمه صاب الردى وحلا
فـسحاء لا وانـياً عـزما ولا كسلا
ومـن أبـيه عـليٍّ فـي بجاد علا
ذا نـاظـم مـهجاً ذا نـاثر قـللا
أجـل ويـثبت في قرطاسها الأجلا
مـن الـحمام إلـى أعـدائه حـللا
ولـدنه غـير خـياط حـشاً وكـلا
مـا جـلل الأرحبين السهل والجبلا
مـواجـه عـلـقاً وهـاجة شـعلا
نـار تـلظّى ومـاء لـلمنون غلى
حـاليهما يـقسم الأجـسام مـعتدلا
لـم يـبق مـفترضاً مـنها ومنتفلا
تـستغرق الكون ما استعلا وما سفلا
بـالصدر فـاتحة الطعن الدراك تلا
|
سل كربلا والوغى والبيضَ والأسلا
أحـلّقت نـفسه الـكبرى بـقادمتي
غـفرانك الله هل يرضى الدنية مَن
يـأبى لـه الـشرف المعقود غاربه
سـاموه إمـا هـواناً أو ورود ردىً
خـطا لـمزدحم الهيجاء خطوته ال
يـختال مـن جـده طـه ببرد بهاً
فـالكاتبان لـه فـي لـوح حومتها
يـمحو بـهذين مـن ألواحها صوراً
يـحيكُ فـيها عـلى نـولي بسالته
مـا عَـضبه غير فصّال يداً وطلا
هـما مـعاً نـشرا مـن أرجـوانها
تـقلّ يـمناه مـشحوذ الغرار مضاً
مـا بـين مضطرب منه ومضطرم
طـوراً يـقدّ وأحـياناً يـقط وفـي
فـهو الـمقيم صلاة الحرب جامعة
تـأتمّ فـيه صـفوف مـن عزائمه
بـالـنحر كـبّر مـاضيه وعـامله
|
*ادب الطف - الجزء التاسع228_ 231