الشيخ مهدي الظالمي هو أحد الفضلاء المشهورين بالجدّ والفضل والعلم والأدب نظم باللغتين: الفصحى والدارجة وكتبتُ ديوانه يوم كانت كل محفوظاتي هي الشعر والشعر فقط ولا أُدوّن إلا الشعر عثرت على ديوانه فكتبته ولم يزل في مخطوطاتي ولا زلت أتصوّرُه جيداً طويل القامة حسن الهندام هادئ الطبع يزدحم الشباب على حلقة درسه ويشار اليه بالبنان. ترجم له الخاقاني في شعراء الغري فهو المهدي بن الهادي بن جعفر بن راضي بن حمود بن اسماعيل ابن درويش بن حسين بن خضر بن عباس السلامي ، من أسرة علمية نجفية وسبق وأن مرّت ترجمة الشيخ حمود الظالمي ، ولد في النجف سنة 1310 هـ. ونشأ ذواقة للعلم والأدب والدرس والبحث ولم يعمّر كثيراً فقد وافاه الأجل عصر الخميس الثاني من ربيع الثاني عام 1359 هـ. ودفن في الصحن الحيدري الشريف في الإيوان الذهبي ورثاه فريق من تلامذته وعارفي فضله وأبّنوه شعراً ونثرً وخلّف ولداً أديباً لا زالت قريحته تفيض بالأدب الحي.
كانت الهيئة الروحية تقيم مأتم العزاء لذكرى سيد الشهداء الإمام الحسين عليه السلام في مسجد آل الجواهري بالنجف الأشرف في المحرم فكانت هذه القصيدة الحسينية قد خصصت لها ليلة من الليالي
فـتـسمع آذان الـزمـان شـعارها
عـلى الأرض تهدي للسماء غبارها
عـلى الـضيم دهراً لا تملّ قرارها
بـغير وصـال الموت تقطع عارها
حـياض الـمنايا أو تخوض غمارها
حـذاراً مـن الـبلوى تعزز جارها
إذا حـجبت خـيل الـكماة نـهارها
ولا تـجعلي إلا الـرؤوس نـثارها
عـليكِ بـوادي الطف تنسى مدارها
عـلـيه تـشنّ الـعاديات مـغارها
وقـدسلبت أيـدي الـعدو سـتارها
تـفاديه والأحـشاء تـرمي جمارها
تـجـاذبها بـين الـجموع أزارهـا
أعـدّت لـدفع الـضيم عنها شفارها
مـن الـخدر حسرى تستقيل عثارها
أمـاطت يـد الأعـداء عنها خمارها
مـن الـوهم مـهما كـلفته مزارها
تـرى بـين أيـدي الظالمين فرارها
لـيسمع مـنها كـيف تدعو نزارها
أحـاطت بـها لـما استباحت ديارها
أعـارت خدور المحصنات صغارها
فـمَن بعدكم في الروع يحمي ذمارها
عـليها الـعدى قـامت تأجج نارها
أُريعت وعين السبط ترعى انذعارها
أزالـت ضـروب الهائلات قرارها
فـلم تـرَ إلا مَـن يـريد احتقارها
تـجـوب الـفيافي لـيلها ونـهارها
|
مـتى مُـضر الحمراء تطلب ثارها
وحـتى مَ تـستقصي الـبلاد بجولة
إلـى مَ بـدار الـذل تـبقى وما لها
أتحسب أن غضت عن الحرب طرفها
فـلا عـذر حـتى تورد القوم بالظبا
فـيا مـن بها يستدفع الضر والعدى
دعـي الـبيض في ليل القتام سوافراً
وزفّـي لـنيل الـمجد نـفساً أبـية
أديـري رحـى الـهيجاء يوماً لعلّها
غـداة حـسين خـرّ للأرض فانثنت
فـجرّت الـيه الـمحصنات ذيـولها
فـطافت بـه لـما سعت بين قومها
وأهـوت عـليه تـلثم النحر والعدى
أتـستر بـالأيدي الـوجوه وقـومها
فـليت أبـيّ الـضيم ساعة أبرزت
يـرى زيـنباً بـين الأجـانب بعدما
ويـا ليتَ مَن في الليل كان يصونها
يـقوم مـن الأجـداث حـيّاً وعينه
تـمـنّيتُهُ لـما اسـتجارت بـقومها
تـقول لـهم والـخيل من كل جانب
أيـا إخـوتي كـيف التصبر والعدا
فـإن لـم تـقوموا لـلكفاح عوابساً
فـكم طـفلة لـما أُقـيمت بـخدرها
فـيا لـخدور قـد أُبـيحت ونـسوة
فـأمست بـلا حـام عـقائل حـيدر
وأضـحت تحيل الطرف بعد حماتها
وراحـت عـلى عجف النياق أسيرة
|
*ادب الطف - الجزء التاسع211_ 212