السيد مير علي ابن السيد عباس ابن السيد راضي بن الحسن بن مهدي بن عبد الله بن محمد إبن العلامة السيد هاشم ، يرجع نسبه إلى الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام. وهو من اسرة البوطبيخ المعروفة بمحتدها ومكانتها في الشرف. ولد في النجف في غضون العشرة الاولى من القرن الرابع عشر الهجري ، وتوفي في شهر شوال من سنة 1361 هـ. وهو لم يتجاوز الخمسين إلا قليلاً. تدرجت على المنبر والخطابة وأنا ابن اثنتي عشرة سنة فكنت أرى السيد المترجم له ملازماً لدارنا فلا يمر يوم إلا وهو عندنا يتذاكر مع والدي وتجمعهما وحدة الدرس وربما جاءنا صبحاً وعصراً ، وأذكر أن تقريرات المجتهد الكبير السيد محمد تقي البغدادي قد كتبها والدي بخطه فاستعارها السيد مير علي وكتبها أيضاً وبحكم هذه الصلة فقد كنت أعيد عليه ما أحفظه من شعر في الإمام الحسين وأستوضح منه معناه وأطلب منه تشكيل القصيدة فلقد كانت ملكته الأدبية أقوى منها عند أبي ، وكان رحمه الله على جانب عظيم من الورع والتقى وعفة اللسان فما سمعته ذكر مخلوقاً بسوء ويحفظ للمجلس وللجليس كرامته فقد كان يقول : إني لأعجب ممن يجالس الناس وهو حاسر الراس وكنت أشاهده لا ينطق إلا إذا سُئل فإذا أجاب عن المسألة يكون جوابه قدر الحاجة خالياً من الفضول ، ولا زلت أتصوره جيداً عندما يترنم بالشعر على الطريقة المعروفة بـ (المثكل) وهي من الشجاء بمكان وكثيراً ما سأل المغنون والملحنون عنها إذ أنها لم تنتزع من الأطوار المعروفة عند الملحنين وكان يجيدها فكنت أصغي اليه بكلّي ، أما نظمه للشعر فلم يزاوله إلا عندما أصبح مقعداً في بيته بمرض (الروماتيزم) فكان يتسلى به ولم أكن أسمع له من الشعر قبل ذلك إلا نادراً فقد عزم والدي على طبع مؤلف جدنا الأكبر السيد عبد الله شبّر في العقائد وهو كتاب (حق اليقين في معرفة أصول الدين) فنظم السيد بيتين فكانا على صدر الكتاب الذي طبع بلبنان بمطبعة العرفان ، صيدا سنة 1356 هـ. وهما
بمزلق هوّة وضلال دين إذا شاهدته حـق اليقيـن |
إذا ما خفت تسقط فـي عثار وجدتَ به الدلائل واضحات |
وهذا ديوانه الأنواء الذي أصدرته مطبعة الراعي في النجف بعد وفاته بعام واحد ، وقد قدّم له الاستاذ الكبير جعفر الخليلي ، ورتبه إلى ثلاثة أبواب وهي
1 ـ خواطر وأحلام ضمّت جميع شعره الإجتماعي ورأيه الأدبي.
2 ـ عواطف وأنغام متضمنة تقاريضه وتهانيه وعواطفه الأخوية.
3 ـ شجون وآلام وقدضمت مراثيه ومنظوم دموعه الحارة.
وله في رثاء الإمام الحسين عليه السلام
فـكل حـديث فـي معاليك مفترى |
أهـاشم إن لم تمتطي الخيل ضمرا |
وقد تضمن ديوانه جملة من الرثاء للإمام الحسين عليه السلام منها قصيدته التي ختمها بقوله
أهـدى وحلّ مني وخيّف |
يـا بـن النبي وخير مَن |
وهي تزيد على العشرين بيتاً. تغمده الله برحماته وأسكنه فسيح جناته.
*ادب الطف - الجزء التاسع237_ 241
1-عن سوانح الأفكار للمؤلف وهي من الشعر الذي لم ينشر في الديوان