الخطيب الأديب الورع التقي الشيخ محمد حسن بن عيسى بن مال الله بن طاهر بن أحمد بن محسن بن حبيب بن ياسين الأسدي البصري نال شهرة واسعة في الخطابة. ولد في النجف سنة 1296 هـ. ونشأ بها على أبيه ودرس المقدمات وأخذ الخطابة عن الشيخ علي المعروف بـ (ابن عياش) فكان من ألمع أقرانه وتوالى عليه الطلب من البصرة والمحمرة للخطابة هناك وإحياء مآتم سيد الشهداء وعلى منبره مسحة من قبول فلا يكاد يخطب ويتخلص للمصيبة حتى تجري دمعته، وألّف مجالس العلماء هناك كالسيد ناصر ابن السيد عبد الصمد البحراني ومن بعده السيد عدنان الغريفي ولمع نجم الشيخ دكسن وطلبه أمير المحمرة وحاكمها المرحوم الشيخ خزعل الكعبي فكانت له المنزلة السامية عنده وفي أيام التحصيل يكون النجف الأشرف مقره مهاجراً اليها بعياله وينكب على الدراسة إلى جنب الخطابة وكنت استمع اليه يقرأ القصائد الطوال في رثاء الحسين عليه السلام واكثر ما يقرأ من المراثي للحاج هاشم الكعبي فكان يحتفظ بديوانه المخطوط الذي يحتوي على المراثي والغزل والمديح والتهاني، أما أساتذته في الدراسة فهم كما يلي:
1 ـ العلامة السيد مهدي البحراني في النحو والمنطق.
2 ـ العلامة السيد محمد علي الصائغ في الفقه.
3 ـ العلامة الشيخ محمد رضا كاشف الغطاء معالم الاصول.
4 ـ العلامة الشيخ نعمة الله الدامغاني الأسفار والحكمة.
مضافاً إلى انضمامه في حوزة المجتهد الكبير الشيخ علي الشيخ باقر الجواهري. وله آثار مخطوطة منه: شرح الصحيفة السجادية، مخطوط جمع فيه النوادر والأدب والعلم والذي طبع له (الروضة الدكسنية) وهو ديوانه باللغة الدارجة وكله في مراثي أهل البيت من أرقّ الشعر وأعذبه نستشهد به في مجالسنا الحسينية فيهزّ العواطف ويثير الدمعة، وله ديوان باللغة الفصحى ومنه قوله في النبي الأعظم صلى الله عليه وآله وسلم:
من شعره في رثاء الحسين عليه السلام:
نبك الاولى من أهل ذاك النادي وحـشاشتي وزفـيرها الـوقاد بـالبشر دهـراً جـلببت بسواد أهـل الـحمى و بـنفثة الأكباد فالأمر صعب والخطوب عوادي طـرقته طـارقة النوى بالهادي أشـجى الأنـام اسى إلى الميعاد الله أكـبر أكبر و الدموع بوادي أبـكى الأمـين وفتّ بالأعضاد فـلأبكينك يـقظتي و رقـادي فـالعين عبرى والأسى بفؤادي فـقد الـنبي وفـرحة الـحساد ألـغصب حـقي أم لفقد الهادي قـامت نـوادبها بـسبع شـداد و تـراجعت ثـكلى بـلا أكباد |
عـج بـالنياق ليثرب يا حادي وأذرى الـدموع وخلّني ولواعج ما لي أرى الدار التي قد أشرقت فـأجاب بالدمع الهطول لحادث فـاليك عني لا تسل عما جرى و أمـضّ ما لاقى الحمى يومٌ به مـا مـرّ يـوم مـثل يوم محمد يـوم بـه جـبريل أعـلن قائلاً و يـح الـزمان ويا له من غادر ابـتاه مـن لـي بعد فقدك سلوة كيف اصطباري أن أراك مفارقي لـله صـبر المرتضى مما رأى لـم أدري أي رزيـة أبـكي لها الله أكـبر يـا لـها مـن فجعة وبـقبره قـد أُلـحدت أكـبادنا |
توفاه الله يوم الأحد في قرية الدعيجي من لواء البصرة سنة 1368 هـ. ونقل جثمانه إلى النجف.
وسبب تلقيبه با(الدكسن) يقول هو رحمه الله عندما سئل عن ذلك قال: لما كنتُ قصير القامة جهوري الصوت شبهني الناس بالبندقية المعروفة بـ (الدكسن) لامتيازها بالقصر وقوة الصوت.
وانت على البغضا أقمت على حربي فـكيف تواخيني وما أنت من صحبي وقـلت لـصحبي لا يـهولنكم كربي إلـى أن حـلى عندي ولذّ به شربي رغـبن بـاتلافي تشاركن في سلبي و جـور زمـان حار منه ذوو اللب ولـكن يـوم الـطف روّع لي قلبي وأجـرى دمـاً فـيه له أعين السحب خـطيباً بدرع الصبر واللدن القضب بـحرب و هذا الندب من ذلك الندب بـحرب عـلى كـوفانها وبني حرب يشق غبار الحرب في صدره الرحب فـخرّ بـه مـن صهوة المهر للترب و أعـولت الأمـلاك ندباً على ندب عـطوفاً عـليك حـلؤه عن الشرب ظِـلالاً وفي الشمس الحسين بلا ثوب |
حـتامَ يـا دنـيا الـتصبر لـلكرب كـأنك مـن أعـدى العدى لابن حرة طـبعت عـلى البلوى إلى أن ألفتها تـجـرعتُ لـلدنيا مـرارة كـأسها فـقابلتُ فـي صـبري جهات ثلاثة فـفـرقة أوطــان وفـقـد أحـبة فطرتُ على الضراء ما ريع لي حشى فـلله يـوم طـبق الـدهر شـجوه فـذلك يـوم قـام فـيه ابـن أحـمد أبــوه عـلـي لا يـقاس بـغيره فـلولاه قـضاء الله يـمسكه قـضى فـلم تـره إلا عـلى ظـهر سـابح إلـى أن اتـاه الـسهم من كف كافر فـكوّر نـور الـشمس حـزناً لفقده وقـل لـيتامى الـمسلمين ألا اعولي ويــا زعـماء الـدين لا تـتفيئوا |
* ادب الطف - الجزء التاسع329_ 330