الشيخ محمد حسين الاصفهاني نابغة دهره وفيلسوف عصره وفقيه الامة, اتجهت الأنظار اليه وتخرّج على يده جملة من العلماء الأعلام ومن الكمال والأدب بمكان منشأ بليغاً باللغتين العربية والفارسية وخطه من أجمل الخطوط وهذه جملة من مؤلفاته:
1 ـ كتاب في الفقه والأصول بأجمل اسلوب.
2 ـ حاشية على كفاية الاصول أسماها (نهاية الدراية) طبع الجزء الأول منها في طهران.
3 ـ رسالة في الصحيح والأعم.
4 ـ رسالتان في المشتق.
5 ـ رسالة في الطلب والإرادة.
6 ـ رسالة في علائم الحقيقة والمجاز.
7 ـ رسالة في الحقيقة الشرعية.
8 ـ رسالة في تقسيم الوضع إلى الشخصي والنوعي.
9 ـ عدة رسائل في مختلف أبواب الفقه تزيد على الثلاثين , وديوان شعر فارسي في مدائح ومراثي آل بيت الوحي وكل شعره مشحون بالفلسفة والعرفان كما له ديوان ثاني في العرفانيات والحكميات وله أرجوزة بالعربية وهي التي أسماها بـ (الأنوار القدسية) فيها أربع وعشرون قصيدة في تاريخ حياة النبي صلى الله عليه وآله وسلم والأئمة الإثنى عشر وأولادهم صلوات الله عليهم أجمعين.
كان بعد الفراغ من دروسه في الحكمة والفقه والأصول يتلو قطعةمن نظمه فتلتذ العقول وترتاح النفوس وتعدّ تلامذته وجود هذه الذات من أعظم الرحمات مضافاً إلى سيرته التي هي مثال عملي عن خلقه وأدبه.
وانطفأ هذا المشعل النيّر الخامس من شهر ذي الحجة الحرام سنة 1361 هـ. عن عمر يناهز الستة والستين عاماً إذا كانت ولادته سنة 1296 هـ.
قال في أرجوزته الغرّاء المسماة بـ (الأنوار القدسية) المطبوعة بمطابع النجف, في فصل تحت عنوان مولد السبط الشهيد:
أسـفر صـبح الـيُمن والسعادة
أسـفر عـن مـرآة غيب الذات
تـعرب عـن غيب الغيوب ذاته
يُـنبئ عـن حـقيقة الـحقائق
لـقد تـجلّى أعـظم الـمجالي
روح الـحـقـيقة الـمـحمديه
فـيض مـقدّس عـن الشوائب
تـنفّس الـصبح بـنور لم يزل
وكـيف وهـو النفس الرحماني
بـه قـوام الـكلمات الـمحكمة
تـنفّس الـصبح بالاسم الأعظم
بـل فـالق الإصـباح قد تجلّى
فـأصبح الـعلم مـلاء الـنور
ونـار مـوسى قـبس من نوره
أشـرق بـدر من سماء المعرفة
بــه اسـتنار عـالم الإبـداع
بـه اسـتنار مـا يرى ولا يُرى
فـهو بـوجهه الرضي المرضي
فـلا تـوازي نـوره الأنـوار
غــرّتـه بـارقـة الـفـتوّة
تـبـدو عـلى غـرّته الـغراء
بـاديـة مــن آيـة الـشهامة
مـن فـوق هـامة السماء همته
مـا هـامة الـسماء مـن مداها
أم الـكتاب فـي عـلوّ المنزله
تـمّـت بــه دائـرة الـشهاده
لـو كشف الغطاء عنك لا ترى
وهـل تـرى لـملتقى القوسين
فــلا وربّ هــذه الـدوائـر
بـشراك يـا فـاتحة الـكتاب
وآيــة الـتوحيد والـرسالة
بـل هـو قـرآن وفرقان معا
هـو الـكتاب الناطق الإلهي
ونـشأة الأسـماء والـشؤون
لا حـكم لـلقضاء إلا ما حكم
رابـطـة الـمراد بـالإرادة
نـاطقة الـوجود عين المعرفة
فــي يـده أزمّـة الأيـادي
بـل يـده الـعليا يد الافاضة
وفـيه سـرّ الكل في الكل بدا
لك العروج في السماوات العلى
|
عـن وجـه سرّ الغيب والشهادة
ونـسخة الأسـماء والـصفات
تـفصح عـن أسـمائه صـفاته
بـالحق والـصدق بـوجه لائق
فـي الـذات والصفات والأفعالِ
عـقل الـعقول الـكمّل الـعليّه
مـفيض كـل شـاهدٍ وغـائب
بـل هـو عند أهله صبح الأزل
فـي نـفس كـل عارف رباني
بـه نـظام الـصحف المكرّمه
مـحى عـن الوجود رسم العدم
فـلا تـرى بـعد الـنهار لـيلا
وأي فـوز فـوق نـور الطور
بـل كل ما في الكون من ظهوره
بـه اسـتبان كـل إسـم وصفه
والـكل تـحت ذلـك الـشعاع
من ذورة العرش إلى تحت الثرى
نـور الـسماوات ونور الأرض
بـل جـلّ أن تـدركه الأبصار
قــرة عـيـن خـاتم الـنبوّة
شـارقـة الـشـهامة الـبيضاء
دلائــل الإعـجاز والـكرامة
تـكاد تـسبق الـفضاء مـشيته
إن إلــى ربــك مـنـتهاها
وفـي الإبـا نـقطة باء البسمله
وفــي مـحيطها لـه الـسياده
سـواه مـركزاً لـها ومـحورا
أثـبـت نـقطة مـن الـحسين
جـلّ عـن الأشـباه والـنظائر
بـالمعجز الباقي مدى الأحقاب
وسـرّ مـعى لـفظة الجلاله
فـمـا أجـلّ شـأنه وأرفـعا
وهـو مـثال ذاتـه كـما هي
كـل نـقوش لـوحه المكنون
كـأنـه طـوع بـنانه الـقلم
كـأنـه واسـطـة الـقـلادة
ونـسخة اللاهوت ذاتاً وصفة
بـالقبض والـبسط على العباد
في الأمر والخلق ولا غضاصة
روحان في روح الكمال اتحدا
لـه العروج في سماوات العلا
|
مخايل النبوة في الحسين
أنـت مـن الـوجودعين العين
شـبلك فـي الـقوة والـشجاعة
مـنـطقك الـبليغ فـي الـبيان
طـلـعتك الـغرّاء بـالإشراق
صـفـاتك الـغرّ لـه مـيراث
لـك الـهنا يـا غـاية الإيجاد
وهـو سـفينة النجاة في اللجج
سـلطان إقـليم الـحفاظ والإبا
رافـع رايـة الـهدى بـمهجته
بـه اسـتقامت هـذه الـشريعة
بـنى الـمعالي بـمعالي هـممه
بـنفسه اشـترى حـياة الـدين
أحـيى مـعالم الـهدى بـروحه
حـفّت ريـاض الـعلم بالسموم
فـأصبحت مـورقة الأشـجار
أقـعـد كــل قـائم بـنهضته
قـامـت بـه قـواعد الـتوحيد
وأصـبـحت قـومية الـبنيان
غــدت بـه سـامية الـقباب
أفـاض كـالحيا عـلى الـوراد
وكـضّه الـظما وفي طيّ الحشا
والـتهبت أحـشاؤه مـن الظما
وقــد بـكته والـدموع حـمر
تـفطّر الـقلب مـن الضما وما
ومـن يـدكّ نـوره الطور فلا
تـعجب مـن ثـباته الأمـلاك
لا غـرو إنـه ابـن بجدة اللقا
شـبل عـلي وهـو لـيث غابه
كـرّاته فـي ذلـك الـمضمار
سـطا بـسيفه فـغاضت الربى
قـام بـحق الـسيف بل أعطاه
كـأن مـنتضاه مـحتوم القضا
كـأنـه طـيـر الـفنا رهـيفه
أو صرصر في يوم نحس مستمر
|
فـكن قـرير الـعين بـالحسين
نـفسك فـي الـعزة والـمناعة
لـسانك الـبديع فـي الـمعاني
كـالبدر فـي الأنـفس والآفاق
والـمجد مـا بين الورى تراث
بـمـدّه الـخـيرات والأيـادي
وبـابها الـسامي ومَـن لجّ ولج
مـليك عـرش الـفخر اماً وأبا
كـاشف ظـلمة الـعمى ببهحته
بـه عـلت أركـانها الـرفيعة
مـا اخـضرّ عود الدين إلا بدمه
فـيـا لـها مـن ثـمن ثـمين
داوى جـروح الدين من جروحه
لـو لـم يـروّها دم الـمظلوم
يـانـعـة زاكـيـة الـثـمار
حـتى أقـام الـدين بـعد كبوته
مــذ لـجأت بـركنها الـشديد
وعـزمـه عـزائـم الـقـرآن
مـعـاهد الـسـنّة والـكـتاب
مـاء الـحياة وهـو ظام صادي
ريّ الـورى والله يقضي ما يشا
فـأمطرت سـحائب القدس دما
بـيض السيوف والرماح السمر
تـفـتّر الـعـزم ولا تـثـلّما
يـندكّ طـود عـزمه من البلا
ومــن تـجـولاته الأفــلاك
قـد ارتقى في المجد خير مرتقى
نـعم وكـان الـغاب في إهابه
تـكـوّر الـليل عـلى الـنهار
بـالدم حـتى بـلغ السيل الزبى
مـا لـيس يـعطي مـثله سواه
بـل القضا في حدّ ذاك المنتهى
يـقضي عـلى صـفوفهم رفيقه
كـأنهم أعـجاز نـخل مـنقعر
|
الرأس الكريم
وفـي الـمعالي حـقها لما علا
يـتـلو كـتاب الله والـحقائق
قـد ورث الـعروج في الكمال
هـو الـذبيح في منى الطفوف
هـو الـخليل الـمبتلى بالنار
تالله مـا ابـتلى نـبيّ أو وليّ
لـه مـصائب تـكل الألـسن
أعظمها رزء على الإسلام
ضـلالة لا مـثلها ضلاله
وسـوقها مـن بلد إلى بلد
وأفظع الخطوب والدواهي
ويسلب اللب حديث السلب
تـحمّلت أمـية أوزارهـا
وأدركـت من النبي ثارها
واعـجبا يدرك ثار الكفرة
فـيا لثارات النبي الهادي
|
على العوالي كالخطيب في الملا
تـشهد أنـه الـكتاب الـناطق
مـن جـدّه لـكن على العوالي
لـكـنه ضـريـبة الـسيوف
والـفرق كـالنار عـلى المنار
في سالف الدهر بمثل ما ابتلي
عـنها فـكيف شاهدتها الأعين
سـبي ذراري سـيّد الأنام
سبي بنات الوحي والرساله
بـين الملا أشنع ظلم وأشد
دخولها في مجلس الملاهي
يا ساعد الله بنات الحجب
وعـارها مذ سلبت أزارها
وفي ذراريه قضت أوتارها
من أهل بدر بالبدور النيّرة
بـما جنت به يد الأعادي
|
* ادب الطف - الجزء التاسع219_ 222