الشيخ عبد الله بن معتوق القطيفي, هو العلامة الحجة المتولد في بلاد آبائه وأجداده (تاروت) حدود سنة 1274 هـ. من قرى القطيف. تتلمذ على والده ثم هاجر إلى النجف الأشرف سنة 1295 هـ. فدرس على فطاحل العلم حتى حصل على اجازة اجتهاد من الحجة السيد الكبير السيد أبو تراب وهناك اجازات من علماء آخرين.
كانت بلاد القطيف طوال رحلته إلى النجف تنتظره بفارغ الصبر ليكون المرشد والموجّه فطلع عليها كطلعة هلال فساسها بخلقه وسماحة نفسه وأصبح الأب الروحي لذلك القطر عنده تحل المشاكل وعلى يده تنتهي المنازعات ثم هو القدوة لهم في الأخلاق والآداب والكمالات وعلى درجة عالية من العبادة والتقوى. ترجم له في شعراء القطيف وذكر نماذج من أشعاره.
آثاره العلمية, كتب في الفقه حاشية على العروة الوثقى, ورسالة في علم الهيئة. كانت وفاته غزة جامدى الاولى ليلة الخميس سنة الثانية والستين بعد الثلثمائة والألف من الهجرة عن عمر قارب التسعين عاماً. اقيمت له الفواتح وأبّنه الشعراء والخطباء.
جاء في أنوار البدرين: ومن شعراء القطيف العالم الفاضل التقي الصدوق الأواه الشيخ عبد الله ابن المرحوم معتوق التاروتي, من الأتقياء الورعين الأزكياء, زاهداً عابداً تقياً ذكياً, قرأ رحمه الله في القطيف عند الفقير لله صاحب الكتاب علمي النحو والصرف, كما قرأ عند شيخنا العلامة ثم سافر إلى النجف الأشرف للاشتغال في العلوم وبقي فيها مدة من الزمان ثم انتقل إلى كربلاء واستقل بها وهو من العلوم ملآن إلى هذا الآن, له بعض التصانيف, على ما سمعت ـ ومن جملتها رسالة في الشك اسمها (سفينة المساكين) وهو كثير المكاتبة والمراسلة لنا كل آن, وقد اجازه كثير من علماء النجف الأشرف وغيرها من العرب والعجم, أدام الله توفيقه وسلامته وأفاض عليه أمداده ورعايته, ومن شعره في الرثاء:
لا مـرحباً بـك يـا محرم مقبلا
فـلقد فـجعت المصطفى وأسأت
وتـركت فـي قلب الزكية فاطم
لـلـه يـومك يـا مـحرم أنـه
وأمـاط أثـواب الـهنا مـن آدم
حـيث الحسين به استقل بكربلا
مـن عـصبة قدماً دعته لنصره
فـهناك جـاد بـفتية جـادت بأ
فـترى إذا حـمى الوطيس قلوبها
فـالوعد أعرب عن طراد عرابها
وغـدت تـنثر مـن امية أرؤسا
وتـعانق البيض الصفاح ولم ترد
حـتى إذا حان القضاء وغودرت
أمـسى الحسين بلا نصير بعدها
سـاموه ان يـرد الـمنية او بأن
فـغدا يـريهم فـي النزال مواقفاً
لـلـه صـارمـه لـعمرك أنـه
من ضربه عجبت ملائكة السماء
بالله لــو بـالشم هـمّ تـهليلت
|
بـك يـا مـحرم مقبلا لا مرحبا
قلب المرتضى والمجتبى بالمجتبى
نـاراً تـزيد مـدى الزمان تلهبا
أبـكى الملائك في السماء وأرعبا
فـغدا بـابراد الأسـى مـتجلببا
فـرداً تـناهبه الأسـنة والـظبا
فـعدت عـليه عـداوة وتـعصبا
نـفسها وجـالدت العدى لن تذهبا
أقسى من الصخر الأصم وأصلبا
والـبرق عن لمع البوارق أعربا
ولـها الـسما رعـباً تنثر أشهما
مـنها سـوى ورد الـمنية مطلبا
صرعى على تلك المفاوز والربى
والـقوم قـد سـدوا عليه المذهبا
يـعطي الـدنية والابـي بذا ابى
مـن حـيدر بـمهند ماضي الشبا
مـا كـل يوماً في الكفاح ولا نبا
مـن فـوقه ويـحق أن تـتعجبا
دكـاً وصـيرها بـهمته هبا
|
ومن شعره في الرثاء
غـلـيل فــؤادي لا يـبردُ ونـار
وقـلبي من الوجد لا يستريح
لذكرى مصاب رمى العالمين
مصاب الحسين ابن بنت النبي
مصاب اصيبت به المكرمات
أصـيب بـه الدين دين الاله
اصـيب بـه المرتضى حيدر
اصـيب بـه الأنـبياء الكرام
فـمـن سـائل دمـعه بـغتة
|
الـجوى منه لا تخمدُ
وعـيشي مـا عشت لا يرغد
بـحزن مـدى الدهر لا ينفد
ومـن هـو في العالم المرشد
أصـيب بـه المجد والسؤدد
اصـيب بـه المصطفى أحمد
وفـاطم والـحسن والامـجد
قـديـماً فـحـزنهم سـرمد
ومــن واجـدٍ قـلبه مـكمد
|
ومن شعره في الرثاء
يـا ذوي الـعزم والحمية حزما
فـلقد أصـبحت أمـيمة سـوء
جـدعت مـنكم الانـوف جهاراً
فانهضوا من ثراكم واملأوا الأر
وأبـعثوا السابحات تسحب ذيلا
وامـتتطوا قُـبّها لـيوم نـزال
لـستُ أدري لمَ القعود وبالطف
ألـجـبنِ عـراكـم أم لــذلٍ
لا وحـاشـاكم وأنـتـم إذا مـا
إن زجرتم بأرضها العرب غضباً
أو تـشـاؤن خـسفها لجعلتم
أفـيـهنا الـرقاد يـوماً الـيكم
فـلعمر الـورى لـقد جـرّعتكم
يـوم أمـسى زعيمكم مستضاماً
حـولـه فـتية تـخال الـمنايا
وترى الحرب حين تدعى عروساً
ولـها الـروس إذ تـناثر مـهر
مـا ثـنت عـطفها مخافة موت
لـم تـزل هـكذا إلى أن دعتها
فـثوت كـالبدور يـتبع بـعضاً
وبـقي مـفرداً يـكابد ضـرباً
بـأبـي عـلة الـوجود وحـيداً
إن غـدا فـي الـعدا يكر تخال
حـالف الـمشرفيّ أن لا يـراه
وحـمـى ديـنـه فـلما أتـته
فـرماه الـضلال سـهماً ولكن
فـهوت مـذ هوى سماء المعالي
أد لـهمّ الـنهار وانخسف البدر
بـأبي ثاويا على الأرض قد ظلّ
مـا لـه ساتر سوى الريح منها
وبـنفسي حـرائراً ادهشت من
بـرزت والـفؤاد يـخفق شجواً
بـيدٍ وجـهها تـغطّيه صـوناً
|
لـخـطوب دهـاكـم أدهـاها
ثـوبها الـبغي والـرداء رداها
فـاشتفت إذ بـذاك كـان شفاها
ض جـياد الـعتاق تطوي فلاها
مـن دلاصٍ لـكم برحب فضاها
وانـتضوا مـن سيوفكم أمضاها
حـسـينٌ أقــام فـي مـثواها
أم لـخوفٍ مـن الحروب لقاها
ازدحمت في النزال قطب رحاها
أعـربت عن زجير رعد سماها
بـالـمواضي عـلوّها أدنـاها
وامــي أتــت بـظلم تـناها
كـربلا كـأس كـربها وبـلاها
يـصفق الـكف حـائراً بفلاها
دونـه كـالرحيق أُذبـلّ فـاها
خـطبتها الـصفاح مـمن دعاها
وخـضاب الأكـف سـيل دماها
لا ولا اسـتسلمت إلـى أعداها
حـكمة شـاء ربّـها أمـضاها
بـعضها أُفـلا فـغاب ضـياها
بـعدها مـن أمـية بشبل طاها
يصطلي في الحروب نار لظاها
الـموت يـسعى أمـامه ووراها
في سوى الروس مغمداً إذ يراها
دعــوة الـحق طـائعاً لـبّاها
حـل فـي أعـين الهدى فعماها
ونـال الـكسوف شمس ضحاها
لـهيب الـفؤاد فـي رمـضاها
قـد كـساه دبـورها وصـباها
هـجمة الـخيل بـعد فقد حماها
حـسرا بـعد خـدرها وخـباها
وبـأخرى تـروم دفع عداها1
|
* ادب الطف - الجزء التاسع264_ 267
1- رياض المدح والرثاء.