الشيخ محسن خطيب بارع وشاعر واسع الافاق خصب الخيال ، ولد سنة 1235 هـ ونشأ بعناية أبيه وتربيته وتحدر من اسرة عربية تعرف بآل أبي الحب ، وتمتُّ بنسبها إلى قبيلة خثعم ، وتدرج على نظم الشعر ومحافل الأدب وندوات العلم ، ولا سيما ومجالس أبي الشهداء مدارس سيارة وهي من أقوى الوسائل لنشر الأدب وقرض الشعر فلقد جاء في يوم الحسين عليه السلام من الشعر والخطب ما يتعذر على الأدباء والمعنين بالأدب جمعه أو الاحاطة به ، وشاعرنا الشيخ محسن نظم فاجاد وأكثر من النوح والبكاء على سيد الشهداء عليه السلام وصوّر بطولة شهداء الطف تصويراً شعرياً لا زالت الادباء ومجالس العلماء تترشفه وتستعيده وتتذوقه.
له من حفيده وسميّه الخطيب الشيخ محسن وانتخبت منه عدة قصائد وهي مدونة في الجزء الثاني من مخطوطي (سوانح الأفكار) وكتب عنه الشيخ السماوي في (الطليعة) فقال: محسن بن محمد الحويزي الحائري المعروف بأبي الحب كان خطيباً ذاكراً بليغاً متصرفاً في فنون الكلام إذا ارتقى الأعواد تنقّل في المناسبات ، إلى أن يقول: وله ديوان كبير مخطوط كله في الأئمة. توفي بكربلاء سنة 1305 ودفن بها ، وترجم له صاحب (معارف الرجال) فقال في بعض ما قال: كان فاضلاً أديباً بحاثة ثقة جليلاً ومن عيون الحفاظ المشهورين والخطباء البارعين ، له القوة الواسعة في الرثاء والوعظ والتاريخ وكان راثياً لآل رسول الله عليه السلام وشاعراً مجيداً ، حضرتُ مجلس قراءته فلم أر أفصح منه لساناً ولا أبلغ منه أدباً وشعراً. وكتب عنه صديقنا الأديب السيد سلمان هادي الطعمة في كتابه (شعراء من كربلاء) وجاء بنماذج من نظمه وقال: توفي ليلة الاثنين 20 ذي القعدة عام 1305 هـ ودفن في الروضة الحسينية المقدسة إلى جوار مرقد السيد ابراهيم المجاب.
أقول ويسألني الكثير عن إبراهيم المجاب ، فهو إبراهيم بن محمد العابد ابن الإمام موسى الكاظم عليه السلام ، وإنما سمي بالمجاب لأنه سلّم على جدّه الإمام فخرج رد الجواب من داخل القبر ، وأبوه محمد العابد مدفون في (شيراز) وسمي بالعابد لتقواه وعبادته ، وهكذا كل أولاد الإمام عليه السلام.
قال في الحسين
فـغطى السهل موجه والجبالا |
فـار تـنور مـقلتيَّ فـسالا |
وقال في قصيدة متضمناً الرواية التي تقول أن سبايا الحسين عليه السلام لما قاربوا دخول الشام دنت أمّ كلثوم بنت علي عليه السلام من شمر بن ذي الجوشن وقالت: يا بن ذي الجوشن لي اليك حاجة ، قال ما حاجتك قالت إذا دخلت بنا البلد فاحملنا في طريق قليل نظاره وتقدم إلى حاملي الرؤس أن يخرجوها من بين المحامل فقد خزينا من كثرة النظر الينا ، فأمر بعكس سؤالها بأن تجعل الرؤس في أوساط المحامل ويُسلك بهم بين النظارة
تـمدّ إلـى أعـدائها كفّ سائل |
وأعـظم شـيء أن ربة خدرها |
ويقول في مفاداة أبي الفضل العباس لأخيه الحسين عليه السلام وكأن الحسين يخاطبه
كلاهما قصب العلياء حاويها |
أبـوك كان لـجدي مـثل كونك لي |
*ادب الطف ـ الجزء الثامن56_ 58