السيد مرزه ابن السيد عباس مشهور بشرف النسب والحسب ، ولد حوالي سنة 1265 بالحلة وتدرج على الكمال والأدب ، واسرة آل سليمان الكبير يتوارثون الشعر والنبوغ. كان ابوه العباس من وجوه هذه الاسرة وأعيان ساداتها ، وأبو السيد عباس هو السيد علاوي ـ جدّ المترجم له ـ زعيم مطاع في الحلة وأطرافها ، ترأس فيها بعد عمه وأبيه السيدين : علي والحسين ولدي السيد سليمان الكبير. وله مكانة سامية عند حكام الحلة وولاة بغداد وخاصة في عهد الوزير داود باشا ، وشاعرنا الذي نتحدث عنه نبعة من تلك الدرجة فهو أبو مضر مثال الاباء والسيادة حيث أنه من تلك القادة ، محترم الجانب له مكانة عالية في الأوساط ، يسحرك بحديثه ويعجبك بطلعته وهندامه ، شديد المحافظة على تقاليده ومعتقداته ، ساهم مساهمة كبرى في الثورة العراقية وجاهد الانكليز بيده ولسانه ، في طليعة الثوار المحاربين ، وعندما تدرس الثورة العراقية تعرف الموقف البطولي للسيد ميرزا حتى احرقت داره ونهب ما فيها وهو يواصل الهتاف بخطابه وبشعره باللغتين الفصحى والدارجة فقد كان فيهما وفي الخطابة المنبرية له القدح المعلّى ، يقول الشيخ اليعقوبي : وله باللغة العامية مطولات في أهل البيت بأوزان شتى من البحور الدارحة التي لا يكاد يجاريه فيها احد من معاصريه فقد كان يجيد فيها إجادة ابن عمه السيد حيدر الحلي في الفصحى.
تغيب المترجم له عن وطنه وكان أكثر سكناه في (الحصين) قرب الحلة ولما عاد وذلك سنة 1339 علم بوفاة ابني عمّيه : السيد عبد المطلب الحلي الحسيني والسيد حسين ابن السيد حيدر جزع لفقدهما فاختار الله له اللحاق بهما فودّع الحياة وعمره 74 سنة على التقريب. وتأتي في جزء آتٍ من هذه الموسوعة ترجمة ولده السيد مضر ، وكل آتٍ قريب.
قال في قصيدة يرثي فيها الحسين عليه السلام
فـالسيل قـدبلغ الـزبى وعـلاها
فـبـأي يــوم هـاشـم تـرقاها
مَـن يـوقدالحرب الـعوان سواها
نـهـبته بـيـض امـية وقـناها
أو غـادهـا واسـتنهضت حـلفاها
يــوم الـنـفير تـذكرت آبـاها
فـيه الـحسين وضـاق فيه فضاها
كـي لا تـذيق بـني النبي رواها
والـماء فـي يـدها بـلوغ مـناها
لـطليقها خـوف الـردى ولـقاها
لـلذل أو يـهوي صـريع ثـراها
يـوم الـلقا هو في الطلى أمضاها
فــوق الـبسيطة قبل أن يـغشاها
وبـسـيفه لـيل الـقتام ضـحاها
ورجـالـها فوق الـخـيول رمـاها
مـا بـين جـنبيه تـشبّ لـظاها
ويـجـيب داعـيه لأمـر قـضاها
وسـهـامها نـهباً وطـعم ظـباها
لـبـنات فـاطم كـهفها وحـماها
وبـكت مـلائكة الـسما لبكاها
تـشكو فصدّعت الصفا شكواها
والـنار لما أضـرمت بـخباها
مـن خدرها من ذا الذي أبداها
وتـناهبت أيدي العدو رداها
أنـى تـفرّ إذ الـعدى تـلقاها
بالسوط زجر في المتون علاها
أيـن الـشهامة يا ليوث وغاها
لا كـافل مـن قـومها يرعاها
لـلـشامتين بـهاوهم طـلقاها
أفـهل علمتم كيف كان سراها
ويـسب اخـرى قومها وأباها
|
حـتى مَ هـاشم لا يـرف لـواها
والخيل من طوال الوقوف قد اشتكت
سـل اسرة الهيجاء من عمرو العلى
مـا نـومها عـن كـربلا وعميدها
فـي يـوم حـرب فيه حرب ألّبت
واسـتنفرت جيش الضلال وقصدها
وسـرت بـه لـلطف حتى قابلت
وعـلى الـشريعة خيّمت بجموعها
ظـنـت بـعدة جـيشها وعـديدها
يـلوي الـحسين عـلى الدنية جيده
فـأبى أبـيّ الـضيم أن يعطي يداً
وسـطا بـعزم مـا السيوف كحدّه
وتـرى الـكماة تساقطت من سيفه
وأمـات شـمس نـهارها بـقتامها
وثـنى الـخيول على الرجال ولفّها
يـسطو ونـيران الـظما فـي قلبه
حـتـى دعـاه الله أن يـغدو لـه
فـهوى عـلى وجه الثرى لرماحها
ومـضى الـجواد إلى المخيم ناعياً
فبكت بنات المصطفى مذ جاءها
وفررن للسجاد من خوف العدى
دع عنك نهباً صيح في أبياتها
لـكن لـزينب والـنساء تلهفي
أُبرزن من حجب النبوة حاسراً
لـهفي لـربة خـدرها مذعورة
إن تـبكي أطفال لها أو تشتكي
مَن مخبر عني بني عمرو العلى
نـهضا فآل الـوحي بين عداكم
تـحدو حـداة اليعملات بثقلكم
وإلـى أبن هند للشئام سروا بها
ويـزيد يـهتف تـارة في أهله
|
*ادب الطف ـ الجزء الثامن339_ 341