السيد محمد القزويني نجل الحجة الكبير السيد مهدي القزويني ، ينتهي نسبه الشريف إلى محمد بن زيد بن علي بن الحسين ، وأمه كريمة الشيخ علي ابن الشيخ جعفر الكبير. كان رحمه الله موسوعة علم وأدب فإذا تحدث فحديثه كمحاضرة وافية تجمع الفقه والتفسير والأدب واللغة والنقد والتاريخ مضافاً إلى الفصاحة واللباقة وعذوبة الحديث وقوة الذاكرة ، تزينه سمات العبادة والورع فمن مميزاته أن يأمر بتقسيم الحقوق وهي عند أهلها دون أن يتسلّمها بيده ، يحرص كل الحرص على مصلحة الامة والرأفة بالضعيف فلا تأخذه في الله لومة لائم. كتب عنه الشيخ محمد علي اليعقوبي في (البابليات) وباعتباره تتلمذ عليه ولازمه مدة لا تقل عن عشر سنوات فقد أعطى صورة صادقة عنه وهو متأثر به كل التأثر فذكر أنه ولد في الحلة سنة 1262 وفيها نشأ وحين راهق البلوغ.
هاجر للنجف الأشرف مع أخويه الكبيرين السيد ميرزا جعفر والسيد ميرزا صالح فدرس المعاني والبيان والمنطق على الكبير منهما وشطراً من الاصول عى الفاضلين الشيخ محمد والشيخ حسن الكاظميين والشيخ علي حيدر ثم رجع للحلة واشتغل بالتدريس فهذّب جملة من شباب الفيحاء وأعاد الكرّة للنجف لاستكمال الفضيلة مع أخويه المذكورين فاغترف من منهل الشريعة ما به ارتوى حتى أصبح معقد الأمل ونال رتبة الاجتهاد بشهادة المجتهدين وزعماء الدين.
وبعد وفاة والده السيد المهدي قدس الله نفسه وأخويه الكبيرين قام باعباء الزعامة الدينية في الحلة الفيحاء فكان المرجع في الأحكام الشرعية وموئلاً للمرافعات وفصل الخصومات وصلاة الجماعة في المسجد العام مواضباً على التدريس في الفقه والاصول وتربية النشء التربية الصالحة وقام باصلاحات عامة من تشييد مراقد علماء الحلة التي كادت أن تنطمس معالمها كمراقد آل طاووس في داخل البلد وخارجه ومرقد الشيخ المحقق أبي القاسم الهذلي ، وابن ادريس صاحب السرائر وابن فهد والشيخ ورام المالكي النجفي ، وآل نما ومقام الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالب في آخر بساتين (الجامعين) على طريق (الكفل) وتاريخ الفراغ منه جملة (ظهر المقام) سنة 1317 وبالقرب منه مرقد السيد عبد الكريم ابن طاووس صاحب (فرحة الغري) ، ومنها تجديد عمارة مشهد الشمس وكان السيد المترجم له يقيم فيه الجماعة منتصف شوال من كل عام وتعطل الأسواق والأعمال بأمره للحضور والصلاة هناك إحتفاء بذكر ذلك اليوم الذي ردّت الشمس فيه للامام عليه السلام.
خلّف كثيراً من الآثار العلمية منها منظومة في المواريث ، ورسالة في علم التجويد والقراءات ، ورسالة في مناسك الحج وغيرها وفي الترجمة ألوان من أدبه نثراً ونظماً تدلّنا على مواهبه ، اختاره الله ودعاه اليه فلبّى النداء فجر يوم الخميس خامس محرم الحرام أول سنة 1335 هـ في مسقط رأسه ـ الحلة ـ حُمل إلى النجف ودفن مع اسرته في مقبرتهم الواقعة في محلة العمارة.
وقال في جده الحسين عليه السلام
غـدت فـي أعـاديها تهان وتضرب |
بـنفسي بـنات الـمصطفى بعد منعة |
وقال في الحسين عليه السلام أيضاً
لطول انتظارك يابن الحسن |
أحـلما وكادت تموت السنن |
*ادب الطف ـ الجزء الثامن290_ 297