هناك جملة من النساء النابهات والأديبات الشهيرات اللاتي ترجمت لهن الكاتبة عائشة تيمور في (طبقات ربات الخدور) أما اللاتي هنّ في عصرنا أو قريبات من عصرنا ولهن المكانة المرموقة بالأدب والشعر والكتابة من بينهن صاحبة الترجمة العلوية (غزوة) المتوفاة سنة 1331 هـ. والحاجة هداية بنت العلامة الكبير الشيخ محمد حسن كبّة المتوفى سنة 1336 وقد ترجمنا له سابقاً له وذكرنا شهرة هذا البيت الرفيع الذي خدم الأدب والعلم أكثر من قرن، والحاجة هداية هي والدة الشاعرة (سليمة الملائكة ـ ام نزار) المتوفاة سنة 1373 هـ. والمصادف 1953 م. وجدة الشاعرة نازك الملائكة، والحاجة هداية تعيش اليوم في بغداد وتنظم الشعر العالي وقد وقفت على باقة فواحة من شعرها مدّ الله في حياة سليلة الأمجاد وسلالة الكرماء الأجواد.
والأديبة المصونة (آمنة الصدر) المعروفة بـ (بنت الهدى) فهي ما زالت تتحف المكتبة العربية بمؤلفاتها القيّمة وقد طبعت لها ما أنتجه قلمها وبيانها مما يستحق الدراسة.
أما الشاعرة غزوة فهي بنت السيد راضي ابن السيد جواد ابن السيد حسن ابن السيد أحمد القزويني، وجدها السيد جواد هذا هو أخو العلامة الكبير والمجتهد الشهير السيد مهدي الحلي القزويني صاحب تصانيف الكثيرة المتوفى سنة 1300 هـ. وامها العلوية نازي بنت السيد مهدي المذكور.
ولدت في الحلة في حدود سنة 1285 هـ. ونشأت في كنف أخوالها الأعلام وأنكبت على الدراسة فدرست العلوم العربية الفقهية وتتبعت مصادر الأدب والشعر بحكم بيئتها وتربيتها، فكانت تحفظ من أخبار العرب وقصصهم الشئ الكثير وتربّت بتربيتها جملة من نساء الاسرة وما يتعلق بها، وقد اقترنت بابن خالها السيد أحمد بن الميرزا صالح القزويني وهو عالم فاضل وأديب شاعر فوجهها بصورة أعمق وجعلها قابلة لهضم محاوراته العلمية في شتى المجالات.
وغزوة شاعرة مقبولة سريعة البديهة مشهود لها بطرافة الأدب وكان لها بذلك كل الفخر إذ أنها عاشت في عصر أشبه بالعصر الجاهلي وحكمه على المرأة ومما أعتقد أنها لم تشاهد في بلدها ومحيطها مَن تحسن الكتابة والقراءة ولا واحدة، وعزّت الكتابة والقراءة على الرجال آنذاك فما حال النساء.
توفيت رحمها الله في شعبان 1331 هـ. ودفنت في مقبرة الاسرة وأبّنها الشعراء بما يليق بها.
قالت في رثاء الامام سيد الشهداء أبي عبد الله الحسين عليه السلام من قصيدة:
أيـها الـمدلج فـي زيـافة قـصدت فـي سائقيها النجفا
إن توصلت إلى حامي الحمى فـي الـغريين فأبدي الأسفا
قـل لـه إن حسينا قد قضى في شفار الكفر محزوز القفا
* ادب الطف - الجزء التاسع 10_ 11