الحاج محمد الحسن بن الحاج محمد صالح كبة البغدادي. ولد في شهر رمضان سنة 1269 في الكاظمية هو ابن القصر والثروة والنعمة فأصبح ابن العلم والشعر والأدب والثقافة. كان مثالاً للبر والاحسان والعطف والحنان وهو تلميذ الميرزا حسن الشيرازي1 ثم الميرزا محمد تقي الشيرازي، له أكثر من عشرة آلاف بيت شعر وقد نشر أكثره في (العقد المفصل) تأليف السيد حيدر الحلي وفي ديوان السيد محمد سعيد الحبوبي وفي ديوان السيد حيدر الحي.
توفي سنة 1336، كان مجلس آل كبة ندوة العلم والأدب وملتقى الأشراف وأرباب الفكر مضافاً إلى أنه مجتمع التجار فكان الحاج مصطفى ممن تدور عليه رحى التجارة في بغداد ورئاسة الجاه والمال وهو أخو المترجم له.
استوطنت هذه الاسرة مدينة بغداد ولهم يد بيضاء في تشجيع الحركة العلمية والأدبية، وكانت مواسم أفراحها وأتراحهم مضامير تتبارى بها شعراء العراق، ومن مشاهيرهم في القرن الثالث عشر الحاج مصطفى الكبير المتوفى سنة 1232 هـ واشتهر بعده ولده الحاج محمد صالح المولود سنة 1201 هـ وكان على جانب عظيم من الورع والنسك، له حظ وافر من العلوم العربية وقسط من علوم الدين غير أن مزاولته للتجارة صرفه عن مواصلة الدراسة، وكان محباً للعلم والأدب والعلماء والشعراء لهم عليه عِدات يتقاضونها شهرياً وسنوياً، ومن أعماله الخالدة الحصون والمعاقل والملاجئ التي بناها للزائرين وقوافل المسافرين بين بغداد وكربلاء، وبين كربلاء والنجف، وبين بغداد والحلة، وبين بغداد وسامراء، وكانت وفاته سنة 1287 هـ وحمل باحتفال عظيم إلى النجف ودفن مع ابيه المصطفى في مقبرة لهم قرب باب الطوسي، وهذه دواوين معاصري آل كبة تطفح بمديحهم والثناء عليهم، كديوان السيد حيدر والشيخ صالح الكواز والشيخ حمادي نوح والسيد مهدي السيد داود والملا محمد القيم والشيخ عباس الملا علي النجفي وأمثالهم.
وقد ألّف السيد حيدر الحلي كتاباً جمع فيه ما قيل في هذه الاسرة لحدّ سنة 1275 هـ وسماه (دمية القصر)
والحاج محمد حسن ابن الحاج محمد صالح عالم كبير ومجتهد يؤخذ عنه الرأي الفقهي هذا بالاضافة إلى النماذج الأدبية التي قدمناها، نشأ ببغداد ورباه والده تربية عالية ولما هاجر إلى النجف انكبّ على التحصيل واتصل بالشيخ اغا رضا الهمداني والشيخ عباس الجصاني وأخذ عنهما ثم هاجر إلى سامراء يحضر حوزة السيد المجدد الشيرازي وبعد وفاة السيد لازم أبحاث الشيخ ميرزا محمد تقي الشيرازي وهو مثال عالٍ في التقى والورع والتضلع في الفقه والاصول وعلى جانب كبير من رياضة النفس حتى قال معاصروه ومعاشروه أنه لم يكلّف كل أحد بأي أمر حتى ا لزوجة والخادم وكان يتولى اموره بنفسه، ففي كل ليلة يستمر في مراجعة دروسه إلى منتصف الليل. وبعد فهو صاحب الثورة العراقية التي أكسبت العراق إستقلاله، وبفتواه المباركة نهض العراق واستبسلت العشائر حتى أرغموا الانكليز على إعطاء العراق استقلاله، لقد كان تلميذه ومرافقه الحاج محمد حسن كبة يتلقى منه دروساً عملية تزيد وتنمو معه كلما ازداد تعلقاً باستاذه هذا وأخذ منه سيرة صالحة وسريرة طيبة وقد أجاز بالفتوى ورواية الحديث. له مؤلفات تبلغ الستين.
فقد كتب رسالة في الطهارة وفي الصلاة والصوم وشرح كتاب الحج من دروسه التي تلقاها وله حاشية على المكاسب وحاشية على المعالم والفوائد الرجالية والرحلة المكية أُرجوزة نظمها لما سافر للحج سنة 1292.
وفاته بالنجف الأشرف في أواخر شعبان ومدفنه بمقبرتهم الشهيرة بباب الطوسي. خلف أولاداً ثلاثة: محمد صالح، رشيد، معالي محمد مهدي كبة، وأربعة عشر بنتاً.
من شعره في الحسين:
والـدهر شـيمته الـغرائب يـصفو الزمان من الشوائب يـا ذا الـزمان فمن أُعاتب أولـيـتها الـشمّ الأطـائب مـية الـذمار بـها تـطالب الـطف أنـسانا الـمصائب يـصول كـالليث المحارب لـدى الـوغى حلو المشارب بـريَ الـيراع لـخطّ كاتب مـادت بـهم من كل جانب من فيض الدما حمرٌ خواضب سـوى الـصمصام صاحب الـكـتائب بـالكتائب تلك المصونات الغرائب مـكبلاً فـوق النجائب والخضارمة الهواضب |
عـجباً وتـلك من العجائب ويــل الـزمـان وقـلّـما مـــا أنــت إلا آبــقٌ فـلـكم وكـم مـن غـدرة أفـهـل تـراتك عـند حـا إن الـشـهيد غــداة يـوم لـم أنـس سـاعة أفـردوه قــرم رأى مـرّ الـمنون فـبـرى الـرؤوس بـسيفه فــالأرض مــن وثـباته حـيـث الـتـلاع الـبيض فـردٌ يـروع الجمع ليس له مَن للرعيل إذا تزاحمت مَـن ذا يردّ إلى الحمى من يطلق العاني الأسير أين الغطارفة الجحاجح |
منها:
أيـن الالى بوجوههـا وسيوفها انجلت الغياهب
أم أيـن لا أيـن السراة المنتمـون عـلاً لغالب
ومنها:
تدري بمن سرت الركائب حـواسراً والصون حاجب بـشجونهن بـدت غرائب من تحت أخمصها الكواكب ورهطه صرعى ضرائب الـعافين تمطر بالرغائب وقـد أُبـيح لـكل شارب ووجـه ديـن الله قـاطب |
سـرت الركائب حيث لا تـسري بـهنّ الـيعملات وغـرائب بـين الـعدى هـتـفت بـخـير قـبيلة قـوموا عـجالا فالحسين قـطعوا لـه كـفاً عـلى مـنعوه مـن ماء الفرات لا أضـحـك الله الـزمان |
* ادب الطف ـ الجزء الثامن305_ 312
1- السيد ميرزا حسن الشيرازي مرجع الطائفة الامامية في عصره، أذعنت له الملوك هيبة وإجلالا، مولده 1230 هـ بشيراز وهاجر إلى النجف عام 1259 هـ ودرس على الشيخ مرتضى الأنصاري فكان اللامع من تلامذته على كثرتهم وعند وفاة الشيخ رشح للرياسة. وانتقل إلى سامراء حيث اتخذها مقراً فازدهت به ازدهاء لم يسبق لها أن شاهدت مثله. وانتقل إلى جوار ربه سنة 1312 وكان يومه يوماً مشهوداً ارتجت له أرجاء العالم الاسلامي وحمل نعثه على الأكتاف من سامراء إلى النجف يتسلّمه فريق بعد آخر من عشائر العراق وبلدانه ودفن بجوار مشهد الامام أمير المؤمنين في مدرسته الواقعة ي الجهة الشمالية وقبره لا يزال يزار.