الشيخ محمد سعيد الاسكافي ابن الشيخ محمود بن سعيد النجفي الشهير بالاسكافي شاعر مبدع وأديب له شهرته في عصره، ولد في النجف الأشرف 14 رجب 1250 هـ ترجم له صاحب الحصون المنيعة نقلاً عن (كنز الأديب في كل فن عجيب) تأليف الشيخ أحمد بن الحاج درويش علي الحائري البغدادي المتوفى 1322 فقال: الشيخ محمد سعيد ابن الشيخ محمود الشاعر، الجامع لاشتات المفاخر، كانت لابائه نيابة التولية والنظارة في الحضرة المنورة الحيدرية حينما كان الخازن لها هو المتولي للحكومة السنية في النجف برهة من الزمن وهو الملا يوسف، ثم تغيرت الأحوال بعد وفاة أبيه وابن عم أبيه فصرفت عنهم هذه التولية. توفي والده الشيخ محمود بعد ولادة المترجم له بسنتين وشبّ الصبي وترعرع وتدرج على الأدب والعلم باللغتين الفارسية والعربية ومن أوائل نظمه قوله:
وأخ وفـيٌ لا أُطـيق فـراقـه حكم الزمان بأن أراه مفارقي
بان الأسى مذبان وابيضت أسى لنواه سود نواظري ومفارقي
ومما يجدر ذكره أنه من اسرة تعرف بـ (آل الحاج علي الهادي) ولم يكن من آل السكافي (البيت النجفي المعروف) وإنما يتصل بالقوم من طريق الخؤلة، ومما يتحدث به المعمرون من أسرته التي أشرنا اليها أن أصلهم يرجع إلى الملوك البويهيين الذين ملكوا العراق في غرة القرن الرابع وأنشأوا العمارات الضخمة في النجف وغيرها من العتبات المقدسة، وإذا صحّ ذلك فهم من أقدم البيوت التي تقطن النجف زهاء الف عام، وتوجد عند بقيتهم صكوك رسمية (فرامين) يتوارثونها خلفاً عن سلف قد صودق عليها من قبل الشاهات الصفويين والسلاطين العثمانيين تدل على قدمهم في النجف ورسوخ قدمهم في خدمة الروضة العلوية.
وشاعرنا المترجم له نال هذه الملكة الأدبية بحكما لتربية وأثرها من خاله الذي نشأ ي حجره وهو الشاعر المعروف الشيخ عباس بن الملا علي المتوفى سنة 1276 ومن ثمة تجد شاعرنا هذا يسلك في شعره طريقة خاله في الرقة والجزالة وحسن السبك وسرعة البديهة.
وللشاعر ديوان جمعه في حياته وروى لنا الأخ الخاقاني في (شعراء الغرى) طائفة من روائعه، أقول واختار شاعرنا لنفسه أن يسكن في إحدى المدارس الدينية ويعيش عيشة طلاب العلم الروحيين فقضى شطراً من حياته في مدرسة (البقعة) بكربلاء المقدسة حتى ا ستأثرت بروحه الرحمة الالهية وحيداً لا عقب له ودون أن يتزوج وذلك ليلة الاربعاء سلخ ربيع الأول سنة 1319 هـ ودفن في صحن الإمام الحسين عليه السلام وكان عمره 69 عاماً.
من رثائه للحسين عليه السلام:
ولـلقلب مـني أسىً أن يذوبا فأجرى الدموع وأورى القلوبا فقد كان في الدهر يوماً عصيبا تـسدّ عـليه الفضاء الرحيبا وتـأبـى حـميته أن يـجيبا بـفتيان حرب تشبّ الحروبا له في الوغى الاسد بأساً مهيبا ووجـه الـمنية يبدي قطوبا وكـم حـطمت للعوالي كعوبا تضوّع من نشرها الترب طيبا بـنفسي أفـدي الفريد الغريبا فونـار حـشاه تـشبّ لـهيبا كـسته الأعاصير برداً قشيبا تجوب حزونا وتطوي سهوبا يـكاد بـنار الجوى أن يذوبا درى المصطفى بك شلواً سليبا على الترب خدك أمسى تريبا بـقاني الدما لك شيباً خضيبا بـأيدي العدى لك رحلاً نهيبا ت وقد كان عود قناتي صليبا وهيهات ما قد مضى أن يؤوبا |
يـقلّ لـدمعي دماً أن يصوبا لـما قـد ألـمّ بـآل الـنبي ولا مـثل يومهم في الطفوف غـداة حـسين وخيل العدى دعـته لـينقاد سـلس القياد فـهـبّ لـحـربهم ثـائـراً فـمن كـل لـيث وغىً تتقي وأروع يـغشى الوغى باسما فـكم ثـلمت لـلمواضي شبا إلـى أن ثوت في الثرى جثّما وأضـحى فريداً غريب الديار فـراح يخوض غمار الحتوف وأضحى بجنب العرى عاريا وسـيقت حـرائره كـالإماء ويـا رب نـادبة والـحشى أريـحانة المصطفى هل ترى يعز على المصطفى أن يرى يعزّ على المصطفى أن يرى يعزّ على المصطفى أن يرى ألانـت قـناتي يـد الـحادثا فـهـل لـليالي بـهم أوبـة |
ومن رثائه للحسين عليه السلام:
سـقاهن وجـافّ الـغمام إذا همى |
مـعاهدهم بـالسفح من أيمن الحمى |
* ادب الطف ـ الجزء الثامن 158_ 162