بسم الله الرحمن الرحيم
من معوقات الكتابة والتأليف الرئيسية التحجج بعدم وجود وقت لذلك. وعادة التحجج بضيق الوقت هي عادة يتمسك بها الكثير من الناس في العديد من شؤون حياتهم المهمة والأساسية، وهي ليست حكراً على مسألة الكتابة فقط.
وإذا أجرينا مسحاً تفصيلياً لنشاطاتنا خلال يوم كامل سنجد العديد من الساعات التي تذهب هباءً منثوراً، والتي لو قدر لنا الاستفادة منها يومياً لظهر لنا بعد مدةٍ من المثابرة انتاجاً علمياً مكتوباً وصالحاً للنشر.
بل إن عملية المسح هذه قد تظهر اهتمامنا ببعض النشاطات عديمة الفائدة، والتي يمكن استبدالها بالكتابة والتأليف.
فعلى سبيل المثال:
- كم من الوقت نمضي أمام بعض البرامج الرياضية ومشاهدة المباريات والنشرات التحليلية التابعة لها.
- كم من الوقت نهدر أمام نشرات الأخبار ومتابعة البرامج السياسية والحوارية، والتي يطل من خلالها أشخاص اعتادوا تكرار بعض الجمل والعبارات السياسية التي حفظوها عن ظهر قلب، وتفننوا في التعبير عنها بأشكال مختلفة.
- كم من الساعات نحرق أمام هواتفنا الذكية متنقلين من تطبيق إلى تطبيق، ومن دردشة إلى دردشة، وكل ذلك في أمور تافهة لا طائل منها.. والأمر نفسه نقوله فيما يتعلق بالجلوس امام مواقع الانترنت وخصوصاً مواقع التواصل الاجتماعي.
- كم من الوقت ننام؟ وهل فكرنا في استغلال أوقات مهمة كفترة الصباح الباكر، حيث يخلد العديد من الناس للنوم خلالها.
كبار المؤلفين والوقت:
هل تتوقع أن المؤلفين والكتّاب المهمين ليس لديهم معوقات ومشاكل كالتي لديك؟ العديد منهم كان يعاني من مشاكل صحية، وقسم منهم كان لديه مسؤوليات والتزامات عمل مرهقة، ولكن الفارق الأساسي بينك وبينهم أنهم كانوا يمتلكون الرغبة الشديدة في الكتابة، فكرسوا لها الوقت اللازم.
إختبر نفسك في أمور أخرى ترغب بها، ألا تخلق لها وقتاً بطريقة عجيبة!! الأمر نفسه يمكن أن تفعله مع الكتابة.
يُنقل أن العلامة المجلسي رضوان الله عليه صاحب كتاب بحار الأنوار الشهير، وهو مؤلَّف ضخم، يُنقل أن هذا العالم المثابر لم يترك التأليف في هذه الموسوعة الضخمة حتى في أسفاره، وكان يحمل معه في رحله أقلامه وأوراقه حتى لا ينقطع عن الكتابة، رغم ما في السفر في ذلك الزمن من مشقة بالغة، حيث لم تكن وسائل النقل المتطورة والمريحة متوفرة، وكلامنا عن القرن الحادي عشر الهجري، أي قبل نحو أربعمئة عام من الآن.
ويُنقل أن أحد الكتاب الأميركيين – وكان أديباً – التزم بالكتابة كل يوم الساعة الرابعة والنصف فجراً، فكان يجلس مع قلمه وأوراقه حتى الساعة السادسة صباحاً. لماذا؟ لأنه كان مضطراً إلى ذلك، حيث كان مشغولاً بالتزامات شاقة أثناء النهار إلى الليل، ولكن هذه الالتزامات لم تكن عذراً بالنسبة له، فكان أن فرّغ لنفسه هذا الوقت للكتابة والتأليف.
فإذن، في ختام كلامنا نؤكد أن مسألة الالتزام بوقت للكتابة والتأليف تحتاج إلى حزم ومثابرة منا، وقد تحتاج إلى شئ من الشجاعة لكسر بعض الأعراف الاجتماعية التي تعتبر من مضيعات الوقت الرئيسية في حياة الانسان. ولا يجب أن ننسى أن إدارة الوقت هي أحد مفاتيح النجاح المهمة لأي عمل نريد القيام به.
* فرع الإعداد في موقع المنبر