بسم الله الرحمن الرحيم
الصدق:
يقول قدوة العرفاء وإمام المؤمنين الإمام الصادق(عليه السلام): "إن الله عز وجل لم يبعث نبياً إلا بصدق الحديث وأداء الأمانة إلى البرّ والفاجر"1.
لعل الصدق هو أهم مسألة في الوعظ والتبليغ. والواعظ لا ينبغي أن يخرج عن مسير الصدق، لا بل يجب أن يتحدث بالصدق بكل وجوده ويجب عليه أن يبتعد عن المطالب الكاذبة والضعيفة والخلافية.
يتحدث العالم الكبير الشيخ عباس القمي متوجهاً إلى الوعاظ والمبلغين طالباً منهم الابتعاد عن الكلام الكاذب والافتراء على الله وحججه وعلماء الدين، فلا تضف على الحديث شيئاً ولا تدلس فيه..."2.
أما العارف الإلهي المرحوم الميرزا جواد ملكي التبريزي فاعتبر أن الواعظ قد يصاب بآفات عديدة وهي في الواقع آفات اللسان التي دفعت الكثير من العظماء إلى السكوت خوفاً منها... وعلى الواعظ مراعاة كافة الأمور من أجل الحصول على الصدق والإخلاص بالإضافة إلى أن عليهم مراقبة ألسنتهم. ثم يقول لهم: لا تنسبوا شيئاً لله تعالى من دون دليل، ولا تتحدثوا بشيء من دون علم ومعرفة. وعندما تعظون الآخرين فلا تعتبروا أنفسكم بعيدين عن ذلك..."3.
ويتحدث السالك والعارف بهاري همداني (رحمه الله) في ذم الوعاظ والمبلغين الذين لا يهتمون بصدق حديثهم:
"... إن بعض الذين يتقنون تركيب الكلمات هم في الواقع أساتذة لا بل من أبرع الأساتذة في التشبيهات والاستعارات وتزيين الألفاظ وكل ذلك من أجل ترغيب الناس وتحصيل المريدين من العوام.. ولهذا السبب يلجؤون إلى خلط الآيات والروايات بعضها ببعض ويستعملون الكلمات الخارجة من قوانين الشرع والعقل وقد يقومون بنقل الحكايات الغريبة والمستهجنة والكاذبة (حرصاً فيه من حصول وقع كلماته ومقالته في الصدور) ثم ينقلون بعض الشبهات التي لا يجوز نقلها حيث يصعب إزالتها عن الأذهان... وهؤلاء ضررهم أبقى وأدوم وفسادهم أكثر وأعظم، بل هم أشرّ الناس وأخزاهم من الخناس..."4.
يتضح من خلال ما تقدم أن الصدق من الأمور الهامة في التبليغ والوعظ، والصدق عامل تأثير على المخاطبين وسبب جذبهم إلى الدين والمبلغ الواقعي هو الذي يعمد إلى ذكر الروايات الصحيحة السند والقصص الحقيقية والمراثي التي تحمل العبر والتي لم تلوث بالأكاذيب والمطالب الضعيفة.
يقول عبد الله بن خبيق: "لكل تاجر رأس مال ورأس مال صاحب الحديث الصدق"5.
ويعتقد العلامة الراغب الأصفهاني أن حدود الصدق في أن يطابق الكلام باطن وعقيدة وضمير الإنسان وكذلك أن يطابق ما أخبر عنه. وإذا زالت إحدى هذه الأمور فلا يبقى الكلام صادقاً... والصدق أحد أركان بقاء العالم، فإذا زال زال العالم، وهو أساس جميع الفضائل ونتيجة التقوى فإذا زال أصبحت أحكام كافة الأديان باطلة. لذلك يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ﴾6.
ويتحدث المرحوم السيد عبد الله شبر فيعتبر أن أدنى مراتب الصدق أن يقول الإنسان الحق في جميع الحالات وكمال الصدق أن يمتنع الإنسان عن الكلام غير الصريح ما لم توجب الضرورة غير ذلك حتى لا يفهم خلاف ما أراد ويصبح إنساناً كاذباً... وأما أعلى مراتب الصدق فهو الصدق في مقامات الدين كالصدق في الخوف والرجاء وتعظيم الخالق والزهد والمحبة والتوكل وسائر مكارم الأخلاق....7
الناصحون الصادقون:
1 - كان العارف الملا عباس تربتي (رحمه الله) كثير الاحتياط أثناء الوعظ والخطابة. وكان في أغلب الأحيان يقرأ المواعظ والمسائل الدينية أو مصائب أهل البيت (عليهم السلام) من الكتب المعتبرة. وبالإضافة إلى رعايته الاحتياط في الوعظ والخطابة كان رحمه الله يأمر الآخرين بذلك... وكان يحضر المجالس والمواعظ فإذا استمع إلى مسألة غير صحيحة كان يختلي بالخطيب بعد تفرق الناس ويحدثه بالصحيح بشكل مؤدب...8.
2 - يقال إن أبا طالب الخزرجي وكان فقيهاً وعارفاً في القرن الرابع الهجري، كان يقيم مجالسه في شيراز، كان يصعد المنبر ويتوجه إلى الناس ويقول بصدق: لا أعلم ماذا يجب أن أقول أنا عاصي بين عصاة ثم يبدأ بالبكاء فيبكي الجميع...9، والنماذج كثيرة وكثيرة في هذا المجال حيث ترشدنا جميعها إلى ما كان يتمتع به هؤلاء من صدق وإخلاص وتواضع.
* رحيم كاركر
الصدق:
يقول قدوة العرفاء وإمام المؤمنين الإمام الصادق(عليه السلام): "إن الله عز وجل لم يبعث نبياً إلا بصدق الحديث وأداء الأمانة إلى البرّ والفاجر"1.
لعل الصدق هو أهم مسألة في الوعظ والتبليغ. والواعظ لا ينبغي أن يخرج عن مسير الصدق، لا بل يجب أن يتحدث بالصدق بكل وجوده ويجب عليه أن يبتعد عن المطالب الكاذبة والضعيفة والخلافية.
يتحدث العالم الكبير الشيخ عباس القمي متوجهاً إلى الوعاظ والمبلغين طالباً منهم الابتعاد عن الكلام الكاذب والافتراء على الله وحججه وعلماء الدين، فلا تضف على الحديث شيئاً ولا تدلس فيه..."2.
أما العارف الإلهي المرحوم الميرزا جواد ملكي التبريزي فاعتبر أن الواعظ قد يصاب بآفات عديدة وهي في الواقع آفات اللسان التي دفعت الكثير من العظماء إلى السكوت خوفاً منها... وعلى الواعظ مراعاة كافة الأمور من أجل الحصول على الصدق والإخلاص بالإضافة إلى أن عليهم مراقبة ألسنتهم. ثم يقول لهم: لا تنسبوا شيئاً لله تعالى من دون دليل، ولا تتحدثوا بشيء من دون علم ومعرفة. وعندما تعظون الآخرين فلا تعتبروا أنفسكم بعيدين عن ذلك..."3.
ويتحدث السالك والعارف بهاري همداني (رحمه الله) في ذم الوعاظ والمبلغين الذين لا يهتمون بصدق حديثهم:
"... إن بعض الذين يتقنون تركيب الكلمات هم في الواقع أساتذة لا بل من أبرع الأساتذة في التشبيهات والاستعارات وتزيين الألفاظ وكل ذلك من أجل ترغيب الناس وتحصيل المريدين من العوام.. ولهذا السبب يلجؤون إلى خلط الآيات والروايات بعضها ببعض ويستعملون الكلمات الخارجة من قوانين الشرع والعقل وقد يقومون بنقل الحكايات الغريبة والمستهجنة والكاذبة (حرصاً فيه من حصول وقع كلماته ومقالته في الصدور) ثم ينقلون بعض الشبهات التي لا يجوز نقلها حيث يصعب إزالتها عن الأذهان... وهؤلاء ضررهم أبقى وأدوم وفسادهم أكثر وأعظم، بل هم أشرّ الناس وأخزاهم من الخناس..."4.
يتضح من خلال ما تقدم أن الصدق من الأمور الهامة في التبليغ والوعظ، والصدق عامل تأثير على المخاطبين وسبب جذبهم إلى الدين والمبلغ الواقعي هو الذي يعمد إلى ذكر الروايات الصحيحة السند والقصص الحقيقية والمراثي التي تحمل العبر والتي لم تلوث بالأكاذيب والمطالب الضعيفة.
يقول عبد الله بن خبيق: "لكل تاجر رأس مال ورأس مال صاحب الحديث الصدق"5.
ويعتقد العلامة الراغب الأصفهاني أن حدود الصدق في أن يطابق الكلام باطن وعقيدة وضمير الإنسان وكذلك أن يطابق ما أخبر عنه. وإذا زالت إحدى هذه الأمور فلا يبقى الكلام صادقاً... والصدق أحد أركان بقاء العالم، فإذا زال زال العالم، وهو أساس جميع الفضائل ونتيجة التقوى فإذا زال أصبحت أحكام كافة الأديان باطلة. لذلك يقول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ﴾6.
ويتحدث المرحوم السيد عبد الله شبر فيعتبر أن أدنى مراتب الصدق أن يقول الإنسان الحق في جميع الحالات وكمال الصدق أن يمتنع الإنسان عن الكلام غير الصريح ما لم توجب الضرورة غير ذلك حتى لا يفهم خلاف ما أراد ويصبح إنساناً كاذباً... وأما أعلى مراتب الصدق فهو الصدق في مقامات الدين كالصدق في الخوف والرجاء وتعظيم الخالق والزهد والمحبة والتوكل وسائر مكارم الأخلاق....7
الناصحون الصادقون:
1 - كان العارف الملا عباس تربتي (رحمه الله) كثير الاحتياط أثناء الوعظ والخطابة. وكان في أغلب الأحيان يقرأ المواعظ والمسائل الدينية أو مصائب أهل البيت (عليهم السلام) من الكتب المعتبرة. وبالإضافة إلى رعايته الاحتياط في الوعظ والخطابة كان رحمه الله يأمر الآخرين بذلك... وكان يحضر المجالس والمواعظ فإذا استمع إلى مسألة غير صحيحة كان يختلي بالخطيب بعد تفرق الناس ويحدثه بالصحيح بشكل مؤدب...8.
2 - يقال إن أبا طالب الخزرجي وكان فقيهاً وعارفاً في القرن الرابع الهجري، كان يقيم مجالسه في شيراز، كان يصعد المنبر ويتوجه إلى الناس ويقول بصدق: لا أعلم ماذا يجب أن أقول أنا عاصي بين عصاة ثم يبدأ بالبكاء فيبكي الجميع...9، والنماذج كثيرة وكثيرة في هذا المجال حيث ترشدنا جميعها إلى ما كان يتمتع به هؤلاء من صدق وإخلاص وتواضع.
* رحيم كاركر
1- أصول الكافي، ج2، ص104.
2- مجلة "الحوزة" العدد 47، ص83.
3- المراقبات، ص284.
4- تذكرة المتقين، ص104.
5- شرح المقامات الأربعين، ص107.
6- الذريعة إلى مكارم الشريعة، ص148.
7- الأخلاق، ص433.
8- الفضائل المنسية، ص116.
9- قصص العرفاء، ص113.
2- مجلة "الحوزة" العدد 47، ص83.
3- المراقبات، ص284.
4- تذكرة المتقين، ص104.
5- شرح المقامات الأربعين، ص107.
6- الذريعة إلى مكارم الشريعة، ص148.
7- الأخلاق، ص433.
8- الفضائل المنسية، ص116.
9- قصص العرفاء، ص113.