بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة:
تظهر أهمية الرسالة التي يحملها الصالحون في هذا العصر الذي سيطر عليه أصحاب الأخلاق والسلوك المنحرف بما يمتلكونه من وسائل وأدوات لبث سموم الفساد. ومن هنا على الصالحين العمل بشكل جاد لتوضيح الحقائق والمعارف الإلهية والعلوم المحمدية وفي جميع المجالات وبلغة واضحة ومفهومة ورصينة واستدلالية. واليوم لا يجوز السكوت، لأنه سيؤدي إلى جرأة الأعداء وانزواء الدين.
وتبرز الموعظة والخطابة كوسيلتين هامتين وعمليتين في ايصال ما نريد إلى الآخرين. وفيما يلي سننقل بعض عبارات أرباب المعرفة حول ما ينبغي أن تكون عليه الخطابة على أمل أن يكون هذا البحث مفيداً عند المبلغين الأعزاء.
أهمية الموعظة:
يتحدث المرحوم الشهيد مرتضى مطهري حول أهمية الموعظة ويقول: "الموعظة كلام يضفي على القلب ليونة ورقة ويزيل عنه القسوة، ويطفيء غضبه وشهوته، ويسكن الأهواء النفسانية، ويؤدي إلى صفائه وجلائه. لا يوجد أي شخص في غنىً عن الموعظة ولن نجد مجتمعاً لا يحتاج للموعظة. أما الموعظة الواقعية التي تؤثر في القلب فهي التي تأتي من الدين فقط. مواعظ الدين هي التي تستقر في القلوب وتضفي عليها الخشوع"1.
وحول أهمية الموعظة يتحدث صاحب كتاب سراج السائرين الذي اعتبر أن جميع الأنبياء والرسل كانوا من الناصحين ومن الذين كانوا يعملون لله وبأمر منه. وكانوا جميعهم من المشفقين والناصحين والمعتمدين وأحباء الله والأدلاء إلى الخير والمانعين من الشر وهم الذين يعملون لقيادة الناس إلى الدين والشريعة.
وهم أشخاص يعملون على تبديل وتحويل النمامين والمفسدين والحاسدين والمنافقين وأهل البدع والغل والغش والحرام2....
ماذا يجب أن نقول؟
يتحدث المرحوم آية الله الميرزا جواد ملكي التبريزي ويعتبر أن على المبلغ والواعظ أن يبذل همته في تصويب عقيدة الناس إلى تعظيم أمور الدين ومحبة الله تعالى والأنبياء والأولياء وينبغي عليهم التحدث مع الناس حول النعم الإلهية الكبيرة ويحذرونهم من غضبه وشدة عذابه.
وعلى المبلغ تعليم الناس آداب السلوك اللائق مع الله تعالى والأنبياء وعليهم ترغيبهم بعدم الاعتناء والاهتمام بالمظاهر الدنيوية وأن يطلبوا منهم الابتعاد عنها.
وعليهم تذكيرهم بحالات أصحاب تهذيب النفس وعباداتهم وشوقهم للقاء الله ولطفه وكرمه.
وعليهم الاشارة خلال كلامهم إلى طريقة الأنبياء وحقيقة العقائد الحقة وذلك بأسلوب سهل يسير بحيث يستأنس أهله ويهدي الأذهان الحقائق3.
يقول الأستاذ الشهيد مرتضى مطهري رحمه الله:
"ينبغي أن يكون هناك مجموعة مناسبة ولائقة تقوم بوعظ الناس، وتذكرهم بالله تعالى؛ ويخرجونهم من حالة الغفلة عن الموت؛ ويوجهونهم للانتباه إلى آثار ذنوبهم؛ ويحدثونهم عن القبر والقيامة ويصورون لهم العدل الإلهي و... وهذه أمور لازمة وضرورية ولا يستغني عنها أي مجتمع في أي وقت من الأوقات4.
يقول الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام حول مضمون كلام أئمة الجمعة والخطباء: "جُعلت الخطبة يوم الجمعة لأن الجمعة مشهد عام فأراد [الله] أن يكون للأمير سبب إلى موعظتهم وترغيبهم في الطاعة وترهيبهم من المعصية وتوقيفهم على ما أراد من مصلحة دينهم ودنياهم ويخبرهم بما ورد عليهم في الآفاق من الأحوال التي فيها المضرة والمنفعة5.
أما مضمون الموعظة والخطبة من وجهة نظر الإمام الرضا عليه السلام فيجب أن تكون على الشكل التالي:
1 ـ وعظ الناس وترغيبهم في الطاعة.
2 ـ ترهيبهم من المعصية الإلهية.
3 ـ اعلامهم بمصلحة دينهم ودنياهم.
4 ـ اطلاعهم على الحوادث والوقائع المؤثرة في مصيرهم.
الإمام الخميني ومضمون الخطاب:
1 ـ "إذا ظهرت البدع في الدين، فعلى العلماء عندها أن يظهروا علمهم وأن لا يدعوا الحيل والخدع وأكاذيب أصحاب البدع تؤثر في الدين والشعب وتحرفهم" 6.
2 ـ "هؤلاء المبلغون مكلفون، تكليفاً شرعياً ـ إلهياً أن يبلغوا أحكام الإسلام ويفهموها للناس"7.
3 ـ "إن تكليف جميع العلماء ـ سواء الخطابيون الذين يرتقون المنبر و... ـ أن يوضحوا للناس ثورة سيد الشهداء بشكل صحيح، وليخبروهم لماذا كانت الثورة، وما هي حقيقتها ومع من نهض الإمام"8.
4 ـ "عليكم تقوية ارشادكم ووعظكم في هذين الشهرين المباركين وتوضيح التعاليم الإسلامية للناس بشكل مكثف، إلى جانب القضايا السياسية وتوعيتهم بأن واقعة كربلاء التي تعد أهم القضايا السياسية، يجب أن تبقى حية"9....
5 ـ "تحدثوا لهم عن الإسلام... لا تتحدثوا عن الصلاة والصيام فقط فالإسلام ليس مقصوراً على الصلاة والصيام. تحدثوا عن الصلاة والصيام وتحدثوا عن أحكام الإسلام الأخرى. لماذا لا تقرأون لهم سورة البراءة؟ لماذا لا تقرأون لهم آيات القتال؟"10.
6 ـ "ينبغي علينا تعريف الناس بالتوحيد، وينبغي على العلماء الاعلام تعليم الناس التوحيد وتعريفهم بالمعارف الإلهية"11.
7 ـ "أنتم يا أبناء الإسلام العزيز! وجهوا الحوزات والجامعات للاهتمام بشؤون القرآن وابعاده المختلفة"12.
8 ـ "[المبلغون] مكلفون دعوة الناس إلى الصلاح، والدعوة إلى الاصلاح، والدعوة إلى الحقائق الإسلامية"13.
9 ـ "قولوا للناس الخير والشر ليتوجه الناس بفطرتهم نحو الخير ويهربوا من الشر"14.
نعم، يحمل العلماء والوعاظ مسؤولية ثقيلة. هؤلاء يجب عليهم تعليم الناس المعارف الإلهية والمكارم الإنسانية والفضائل الأخلاقية... وارشادهم إلى طريق الهداية والمعنويات.
يجب عليهم أن يقدموا فكر الوحي الخالص والكلام السماوي للمعصومين بأفضل أسلوب وأجمل طريقة وعليهم ارواء أرواح المشتاقين للهداية والمعنويات من كلام وتعاليم العرفاء الإلهيين وأن لا يغفلوا عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلقاً.
رحيم كاركر
1- ده ﮔفتار، الشهيد مطهري، ص261.
2-منتخب سراج السائرين، أحمد نامقي، انتشارات استان قدس رضوي، ص114.
3-المراقبات، المرحوم آية الله ملكي التبريزي، انتشارات أخلاق، ص290 ـ 291.
4-ده ﮔفتار، الشهيد مطهري، ص261.
5- وسائل الشيعة، ج5، ص39.
6 - 18/10/1357هـ.ش.
7 - 18/9/1360هـ.ش.
8 - 25/7/1361هـ.ش.
9 - 13/7/1367هـ.ش.
10- - 14/11/1363هـ.ش.
11- 5/6/1364هـ.ش.
12- 16/5/1365هـ.ش.
13- 4/8/1360هـ.ش.
14*14/1/1363هـ.ش - العلماء والحوزات العلمية من وجهة نظر الإمام الخميني قدس سره، تبيان الدفتر العاشر، ص117 ـ 186.