الصفحة الرئيسية
بحـث
تواصل معنا
Rss خدمة
 
  تحريك لليسار إيقاف تحريك لليمين

العدد 1644 23 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 26 تشرين الثاني 2024 م

ضياع القِيم في عصر الغَيبة

وللمظلوم عوناًالكلّ يحتاج إلى الصبر مراقباتمعاني الصبروَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ

العدد 1643 16 جمادى الأولى 1446 هـ - الموافق 19 تشرين الثاني 2024 م

التعبويُّ لا يُهزَم

كلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع تلامذة المدارس وطلّاب الجامعاتكلمة الإمام الخامنئيّ (دام ظلّه) في لقاء مع أعضاء مجلس خبراء القيادةالصبر ونجاح المسيرة
من نحن

 
 

 

التصنيفات
الكلام.. غرس القلوب
تصغير الخط تكبير الخط أرسل لصديق

                                               بسم الله الرحمن الرحيم

مقدمة:

يقول الفقيه المتقي إبراهيم ابن سليمان القطيفي: انطق بالكلمات التي تفيد يوم القيامة فقط، والتي يؤدي وجودها في صحيفة أعمالك إلى مزيد من الافتخار وابتعد عن الكلام الذي تخجل منه في ذاك اليوم1.

لعل من الأمور الهامة في التبليغ والوعظ الالتفات والدقة في الأقوال ومراقبة العبارات التي تخرج منا. ويجب أن يعلم المبلغ أن المستمعين قد وضعوا أشرف أعضاءهم تحت إرادته وتصرفه أي العقل ليتعلموا منه الآداب الدينية والتعاليم الفقهية والأخلاقية إذ أنهم يرغبون في اتقان البرنامج العملي للسعادة وطرق الهداية العملية.

يقول العارف الكبير الملكي التبريزي رحمه الله: على الوعظ أن ينظر إلى المستمعين على أنهم مرضى مبتلون بأمراض معنوية متنوعة وأن ينظر إلى نفسه وكأنه الطبيب المعالج وعليه أن ينظر إلى خطاباته ومواعظه على أنها أدوية يقدمها للمستمعين لأجل الشفاء من تلك الأمراض. ومن هنا ينبغي على الطبيب أن يكون شديد الاحتياط واليقظة في الأمراض التي يعالجها بالأخص وأن الأمراض مختلفة، وهذا يعني أن عليه أن يكون أكثر دقة من طبيب الأجسام لأن الروح أهم وأفضل من الأجسام2.

لعل من أبرز الأخطار التي ينطوي عليها الخطاب والموعظة، الغفلة عن آفات الحديث ومعايب الكلام. وأما نعمة الكلام فهو جوهر ثمين يجب الاهتمام بالحفاظ عليه.

يقول العلامة الأميني رحمه الله:"كنت قد شاركت في أحد المجالس المركزية في طهران حيث كانت أيام إقامة مجالس العزاء. نهضت في أواسط المجلس وخرجت، لأنني كنت اعتقد بحرمة الجلوس والاستماع إلى تلك الكلمات"3.

وفيما يلي نتحدث حول آفات الكلام من وجهة نظر العرفاء.

 آفات الكلام:
ألف ـ الافراط في الاخافة واعطاء الأمل.

يجب على المبلغ أن لا يكون مفرطاً في اخافة الناس ودفعهم للفرار والهرب من الرحمة الإلهية. وكذلك ينبغي عليه أن لا يطمئنهم إلى بقاءهم في أمان من الغضب والعذاب الإلهي، بل عليه أن يجعلهم في مقام متوسط بين الخوف والرجاء.
يقول أستاذ الأخلاق الملكي التبريزي رحمه الله: ينبغي على المبلغ أن لا يكون مفرطاً في اخافة الناس أو اعطاءهم الأمل حيث يؤدي هذا الأمر إما إلى حالة اليأس أو الغرور أو الغلو عند المستمعين4.

يتحدث العالم الكبير المحدث القمي ويقول: على الواعظ والمبلغ أن لا يجعل العاصين مغرورين، وعليه أن لا يتحدث بكلام يجعل الفاسقين يتجرأون في أعمالهم؛ فالفقيه الكامل هو الذي لا يساعد في يأس الناس من رحمة الله والبشارة الإلهية 5 وهو لا يساعد في الأمان من مكر الله6.

يتحدث العارف العامل بهاري همداني منتقداً بعض الوعاظ: البعض منهم يرفعون من مستوى الغرور عند العوام لجهة الرجاء وجرئتهم على المعاصي، وكلا ورب الكعبة فإن هؤلاء لا يسلكون مسلك الهداية7.وأما طريق الهداية فهو الذي يقيم التعادل بين الخوف والرجاء وهو الذي يهتم بعدم الافراط والتفريط فيهما.

ب ـ العقائد المنحرفة
يقول المرحوم الملكي التبريزي: ينبغي أن لا يساهم الخطيب في ايجاد عقيدة منحرفة عند الناس، حتى ولو كانت على شكل أن يبين شبهات الشيطان ويقدم الاجابات عليها بحيث يكون المستمعون عاجزون عن فهم الاجابات وهذا سيساهم في ظلالهم وكفرهم8.

يقول الشيخ محمد بهاري همداني رحمه الله:"البعض منهم ينقل شبهاتٍ غير جائزةٍ إذ من غير السهل اخراجها من الأذهان"9.

يقول المحدث القمي: "إذا كان المبلغ عاجزاً عن الاجابة الوافية والحسنة على الشبهات العقائدية، فالأفضل أن لا يدخل ذاك الأمر وأن لا يعمل على تخريب دين وعقيدة الناس"10.

ويقول الشهيد الأول: تحدث مع الناس على قدر فهمهم وامتنع عن الحديث بأمور يصعب عليهم هضمها11.
الواضح أن المعاصي التي تكون بسبب الكلام غير المقبول والبدع هي من الأمور المتعلقة بالمتحدثين. فلو انحرف شخص بسبب كلامٍ صدر عن آخر فإن المتحدث سيتحمل مسؤولية هذا الانحراف.

قيل أن أحد الأشخاص بدأ دعوة الناس فاجتمعوا حوله وبعد مدة أدرك أنه على خطأ وتاب ولكن توبته لم تقبل وقد أخبر الله تعالى أحد رسله أنه لن يقبل توبة هذا الشخص إلا إذا عمل على ارجاع الناس الذين انحرفوا بسبب كلامه إلى جادة الهداية والصواب.

ج ـ التفسير بالرأي والفتاوي الباطلة:
يقول الرسول الأكرم صلى الله عليه واله: "من قال في القرآن بغير علم فليتبوأ مقعده من النار"12.
ويقول الحاج عباس القمي في هذا الخصوص: على الواعظ أن لا يفسر القرآن برأيه. فقد جاء بسند صحيح عن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله والأئمة عليهم السلام عدم جواز تفسير القرآن إلا برواية صحيحة ونص صريح13.

ويقول في مكان آخر: إذا لم يكن مجتهداً فلا يفتي في الأحكام.

يقول السيد ابن طاووس في هذا الخصوص: "وأراد بعض شيوخي أنني أدرس وأعلم الناس وافتهم واسلك سبيل الرؤساء المتقدمين فوجدت الله جل جلاله يقول في القرآن الشريف لجدك محمد صلى الله عليه واله... ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين فما منكم من أحد عنه حاجزين أفرأيت أن هذا تهديد من رب العالمين لأعز عليه من الأولين والآخرين أن يقول عليه بعض الأقاويل فكرهت وخفت من الدخول في الفتوى حذراً أن يكون فيها تقول عليه وطلب رياسة لا أريد بها التقرب إليه فاعتزلت من أوايل هذا الحال قبل التلبس بما فيها من الأهوال واشتغلت بما دلني عليه العلم من العمل الصالح"14.

يقول الإمام السجاد عليه السلام في الدعاء الثامن من الصحيفة السجادية مستجيراً بالله من خطر الأعمال غير اللائقة: "أو أقول في العلم بغير علم". من الواضح أن تفسير القرآن بالرأي أو الافتاء من غير علم من جملة المهلكات الكبيرة.

يقسم صاحب كشف الظنون التفسير بالرأي إلى خمسة أقسام:
1 ـ الذي يفسر القرآن من دون الاطلاع على العلوم الضرورية والمتعلقة به.
2 ـ الذي يفسر الآيات المتشابهة التي لا يعلم حقائقها إلا الله تعالى.
3 ـ الذي يفسر القرآن بما ينطبق مع أحد المذاهب الفاسدة.
4 ـ الذي يفسر كلام الله بشكل قاطع ومسلم من دون دليل.
5 ـ الذي يفسر القرآن طبق سليقته ورأيه وهواه النفسي وقد نهت الروايات الشريفة عن ذلك15.

ينبغي على المبلغ أن يتأمل بدقة بهذه الأمور وأن لا يضيع دينه وآخرته بكلام غير صحيح. يقال أن البعض سأل المرحوم السيد محمد كاظم اليزدي حول عدالت أحد أئمة الجماعة، فقال: إذا كان لا يدعي الاجتهاد فهو عادل وإلا فلا16.

يقول المحدث القمي: عندما يعمد المبلغ إلى ذكر فضائل ومقامات الأنبياء والأئمة المعصومين عليهم السلام فعليه أن لا يتحدث بأمور تسبب النقص فيهم17.

يقول آية الله الميرزا جواد ملكي التبريزي: لا ينبغي أن يتحدث الواعظ بامور تؤدي إلى غلو المستمع أو تجعله غير معتقد بالأئمة والأنبياء18.

ويقول في مكان آخر: "حتى أنه لا يجب عليه أن يتحدث حول الثواب الكبير الذي جاء في بعض الروايات والذي يترتب على العمل الصغير إذ أن العقل يصعب عليه قبول ذلك، إلا إذا كان التوضيح مقروناً بقدرة الله تعالى، وعليه أن يبين سبب هذا الثواب الكبير للعمل الصغير حتى لا يبادر أي شخص لانكاره. وبهذا النحو لن يؤدي وعظه إلى انكار الروايات أو انكار أصل الثواب والعقاب، بالأخص في زماننا الذي ينشط فيه الكفار لايجاد الشبهات وتوجيه النقد للمسلمين العوام ليخرجونهم من الدين..."19.

رحيم كاركر


1-مجلة الحوزة، العدد 66، ص93.
2-المراقبات، ص289 ـ 290.
3- ملامح العظماء.
4-المراقبات، ص285.
5- مستفاد من كلام الإمام علي عليه السلام (أصول الكافي، ج2، ص36).
6- مجلة الحوزة، العدد 47، ص85.
7- تذكرة المتقين، ص104.
8- المراقبات، ص285.
9- تذكرة المتقين، ص104.
10- مجلة الحوزة، العدد 47، ص86.
11-المصدر نفسه، العدد 29، ص87.
12-مجمع البيان، ج1، ص27.
13-مجلة الحوزة، العدد 47، ص88.
14-المصدر نفسه، ص89 (نقلاً عن كشف المحجة، ص109).
15-مجمع البيان، المقدمة.
16-رجال العلم في ساحة العمل، ج2، ص199.
17-مجلة الحوزة، العدد 47، ص89.
18-المراقبات، ص285.
19- المصدر نفسه، ص287.

15-11-2012 | 05-23 د | 2014 قراءة


 
صفحة البحــــث
سجـــــــل الزوار
القائمة البريـدية
خدمــــــــة RSS

 
 
شبكة المنبر :: المركز الإسلامي للتبليغ - لبنان Developed by Hadeel.net