بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الإمام الصادق عليه السلام: "إن
الله تعالى خلق خلقاً من خلقه، انتجبهم لقضاء حوائج فقراء شيعتنا، ليثيبهم على ذلك
الجنة. فإن استطعت أن تكون منهم فكن"1.
إن الاهتمام باحتياجات المحتاجين ومساعدة المعوزين ورفع حاجاتهم المعنوية والمادية
وإزالة الآلام التي تحيط بهم من جملة المسائل الأخلاقية التي ينبغي أن يتحلى بها
المبلغين وهي من جملة الصفات البارزة لهداة البشر.
ينبغي على المبلغ أن يعمل بعدد من الخيارات والاتجاهات
والأولويات في مسيرة هداية البشر:
1 ـ أن لا يكتفي أثناء التبليغ والهداية بالخطابة فقط، بل عليه أن يستفيد وبشكل
مستمر من الأساليب والطرق الجديدة. ينبغي أن لا يكتفي بالمحاضرة والخطابة ذات الطرف
الواحد؛ بل عليه أن يكون بشكل عملي بين الناس بالأخص أصحاب الحاجات ليتمكن من جذب
قلوبهم فيمكنه هدايتهم وارشادهم وحل مشاكلهم.
2 ـ بما أن المبلغين يعيشون مع الناس وبالأخص مع الطبقات المحتاجة والفقيرة فهم
قادرون على تحسس آلامهم، وهنا الأفضل أن يجعلوا رفع هذه المشكلات من جملة الفرائض
الواجبة عليهم. طبعاً يعود هذا الأمر إلى القدرات والامكانيات المادية والروحية
للمبلغ.
يقول العالم الرباني الملا أحمد النراقي رحمه الله: "مما
لا شك فيه أن رفع احتياجات أخوة الإيمان يؤدي إلى سرورهم، وأما ثواب جعل الأخ في
الدين مسروراً فلا حد له. وقد قيل بأن إفراح قلب أفضل من اعمار بلد..."2.
رفع حاجات المحتاجين:
يقول العارف الكامل بهاري الهمداني رحمه الله: "من جملة
الأمور التي ينبغي على المبلغ والعالم رعايتها، أن يكون سنداً للمسلمين عند وجود
المشكلات، وكل من ساهم في رفع مشكلات الناس صح أن نطلق عليه ملجأ الأنام وملاذ
الإسلام وكذلك عبارة حجة الإسلام لأن في أفعاله وأقواله حجة على المسلمين وإلا لكان
حجة خالياً من الوجه"3.
وفيما يلي نشير إلى نماذج عملية من سيرة وسلوك العلماء
والعرفاء:
1 ـ يتحدث الملا محمد صالح البرغاني ويقول: قال والدي: "رأيت
في المنام أن رسول الله ص قد جلس وقد اجتمع حوله العلماء، وقد تقدمهم ابن فهد
الحلي، تعجبت من أن جميع العلماء مع تلك العظمة والشهرة والمقام كيف يجلسون في مكان
متدنٍ وابن فهد الحلي يجلس في مكان أعلى منهم، مع أن ابن فهد لم يكن مشهوراً كما
العلماء الآخرون. سألت الرسول الأكرم ص عن سبب ذلك فأخبرني بأن العلماء الآخرون
عندما كان يقصدهم الفقير كانوا يعطونه إذا كان بين أيديهم شيء من أموال الفقراء
وإلا فكانوا يردونه، أما ابن فهد فلم يرد فقيراً على الاطلاق حتى أنه كان يعطي من
ماله إذا لم يكن بين يديه شيء من أموال الفقراء، لذلك احتل هذه المرتبة"4.
2 ـ كان الشيخ عباس الطهراني رحمه الله يولي أهمية كبيرة للفقراء ورفع حاجياتهم.
كان بعض الأوقات يخاطب المتمولين ويقول: هل يمكنكم اعطائي مئة تومان وسأعيدها لكم
في الوقت المناسب؛ كان يأخذ الأموال ويعطيها للفقراء والمحتاجين 5...
3 ـ لم تكن علاقة الإمام الخميني رحمه الله بالناس علاقة عادية، بل كانت عبارة عن
علاقة العشق... كان الإمام رحمه الله يحترق لأجل الناس وكان يرجو لهم حياة سعيدة إذ
لم يميزه عن الوالد الرحيم والرؤوف أي شيء. كان الإمام يبكي بعض الأوقات عندما
يشاهد الفقر والبؤس يبث من التلفاز 6...
رحيم كاركر
1- جامع السعادات،
ج2، ص308.
2-معراج السعادة، ص387 ـ 388.
3- تذكرة المتقين، ص130.
4- موقظي أقاليم القبلة، ص211.
5-عارفان سالكان، ص80.
6-مقاطع من الأبعاد الروحية والأخلاقية والعرفانية للإمام الخميني رحمه الله، ص37.