بسم الله الرحمن الرحيم

الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أهم الضروريات التبليغية لا بل من أبرز وظائف ومسؤوليات المبلغين.
ويحمل هذان الأصلان الأساسيان دوراً هاماً وأساسياً في ثقافة الإنسان المسلم حيث تتعلق بهما حياة ورقي المجتمع الديني وبهما يكون خير وسعادة الدنيا والآخرة.

يقول إمام العرفاء، الإمام الباقر عليه السلام: "إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، سبيل الأنبياء ومنهاج الصلحاء. فريضة عظيمة بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب وتُحَلّ المكاسب وترد المظالم وتعمر الأرض وينتصف من الأعداء ويستقيم الأمر فانكروا بقلوبكم والفظوا بألسنتكم وصكوا بها جباههم ولا تخافوا في الله لومة لائم.

فإن اتعظوا وإلى الحق رجعوا فلا سبيل عليهم إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق أولئك لهم عذاب أليم. هنالك فجاهدوهم بأبدانكم وابغضوهم بقلوبكم غير طالبين سلطاناً ولا باغين مالاً ولا مريدين ظفراً حتى يفيئوا إلى أمر الله ويمضوا على طاعته"¹.

يتحدث العالم الرباني مهدي النراقي حول أهمية "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" ويقول: "إن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبيل الأنبياء ومنهاج الصلحاء، فريضة عظيمة، بها تقام الفرائض وتأمن المذاهب وتحل المكاسب..."².

يتحدث الشهيد مطهري حول قيمة وضرورة هاتين الفريضتين الإلهيتين، يقول: "إن أصل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو أساس سائر الفرائض كما يعبر عنه الإمام الباقر عليه السلام. ويجعل هذا الأصل المسلمين يعيشون بشكل دائم حالة انقلاب فكري واصلاح مستمر ومواجهة متواصلة مع الفساد"³.

وقال أيضاً: "الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هو الأصل الوحيد الذي يضمن بقاء الإسلام. وفي الاصطلاح هو العلة "المبعثية". وفي الواقع لو لم يكن هذا الأصل موجوداً، لم يكن للإسلام وجود.

إذا أردتم العزة، ورغبتم أن يحسب لكم الآخرين الحساب، فلا تتركوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر"⁴.
"ليس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر موضوعاً يقبل الزوال، فهو موجود بشكل دائم وينبغي أن يكون على رأس الأمور. يجب أن يطرح بشكل دائم حتى لا يعتريه النسيان.

والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر أصل يخاطب الإنسان: أيها الشخص أنت مسؤول أمام الله تعالى من الناحية الشخصية والفردية، بل أنت مسؤول أمامه فيما يتعلق بالمجتمع"⁵.

التبليغ، تجلي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب على جميع أفراد المجتمع الإسلامي وترك ذلك من الذنوب الكبيرة، وتصبح هذه المسؤولية مضاعفة على رجال الدين والمبلغين. وفي الحقيقة لا مجال للانفكاك بين التبليغ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. التبليغ هو المجال العملي والواقعي لهاتين الفريضتين الكبيرتين والمبلغون هو دعاة الناس إلى المعروف ومحذروهم من المنكرات.

يعتبر صاحب كتاب جامع السعادات الأخلاقي أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من وظائف علماء الدين الأساسية حيث يؤدي تركها إلى الفساد: "ولذا ترى وتسمع أن في كل عصر نهض بإقامة هذه السنة بعض المؤيدين، من غير أن تأخذهم في الله لومة لائم، من أقوياء العلماء المتكفلين للإحاطة بها وإلقائها، ومن سعداء الأمراء الساعين في اجرائها وامضائها، فرغب الناس إلى ضروب الطاعات والخيرات وفتحت عليهم بركات الأرض والسماوات. وفي كل قرن لم يقم بإحيائها عالم عامل ولا سلطان عادل، إلا استشرى الفساد، واتسع الخرق، وخربت البلاد، واسترسل الناس في اتباع الشهوات والهوى، وانمحت أعلام الهداية والتقوى"⁶.

ويعتبر العالم الرباني السيد جعفر الكشفي أن الموعظة والتبليغ مرتبطان بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ويؤكد على أن الوعاظ والمذكّرين من العلماء هم طائفة تشتغل بوعظ الناس وأمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر. وأما معنى الموعظة فهي الأمر بالمعروف وترغيب الناس به وجعلهم يرجون رحمة الله. والمقصود من النهي عن المنكر، التخويف والتهديد والتحذير من سخط الله تعالى. يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام في هذا الخصوص: "ألا أخبركم بالفقيه حق الفقيه من لم يقنط من رحمة الله ولم يُرَخَّص لهم في معاصي الله ولم يترك القرآنَ رغبته إلى غيره"^{7 8}.

يقول العارف الكبير الإمام الخميني: "من أعظم أفراد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وأشرفها وألطفها وأشدها تأثيراً وأوقعها في النفوس سيما إذا كان الآمر أو الناهي من علماء ورؤساء المذهب أعلى الله كلمتهم أن يكون لابساً رداء المعروف واجبه ومندوبه، ومتجنباً عن المنكر بل المكروه، وأن يتخلق بأخلاق الأنبياء والروحانيين ويتنزه عن أخلاق السفهاء وأهل الدنيا، حتى يكون بفعله وزيه وأخلاقه آمراً ناهياً، ويقتدي به الناس..."⁹.

رحيم كاركر

^{1- فروع الكافي، ج5، كتاب الجهاد، باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ص56.
2- جامع السعادات، ج2، ص317.
3- مجموعة الآثار، ج2، ص248.
4- الملحمة الحسينية، ج2، ص45 و76.
5-المصدر نفسه، ص51 و53.
6-جامع السعادات، ج2، ص312 و313.
7- بحار الأنوار، ج2، ص48.
8- ميزان الملوك والطوائف، ص169.
9- تحرير الوسيلة، ج2، ص321.}