بسم الله الرحمن الرحيم
1- قبول نصائح الآخرين:
ينبغي على الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر قبول ما يقوله الآخرون فيهم بالأخص
العلماء والمفكرون وأن لا ينزعجوا من الارشاد والأمر بالمعروف الموجه إليهم.
وقد أوصى العلماء (ومن أبرزهم السيد عبد الله بشير) الأشخاص الآمرين بالمعروف
والناهين عن المنكر بعدم نسيان أنفسهم. وأن لا ينزعجوا إذا أمروا بالمعروف1...
ويعتبر الميرزا علي الشيرازي واحداً من النماذج الواقعية للعلماء العارفين الذين
كانوا يقبلون نصائح الآخرين بقلوب ملؤها القبول.
"كان الميرزا علي ينصح الآخرين ويوجه المواعظ إليهم وفي
الوقت عينه كان كثير الشوق لسماع نصائح الآخرين ليصحح أخطاءه.
ومع أن الميرزا كان على مستوى علمي عال وقد حاز درجات إيمانية كاملة، إلا أنه كان
يرى نفسه محتاجاً لنصيحة الآخرين بالأخص إخوة الإيمان والأصدقاء، فيستمع إلى الكلام
الحق.وكان لا يعتبر نفسه منزهاً عن الأخطاء بل يقول إنه عبد من عباد الله، حيث لن
يكون موفقاً من دون تأييد إلهي..."2.
2- الليونة والمداراة:
من جملة الأركان الأساسية للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر التعاطي الحسن، حسن
الأخلاق سواء في القول أو السلوك، الليونة والمداراة والنصائح المفيدة حيث تجعل هذه
الأمور الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ذو آثار ونتائج كبيرة.
أوصى العلامة النراقي (رحمه الله) فقال: "ينبغي للآمر
بالمعروف والناهي عن المنكر أن يكون حسن الخلق صابراً حليماً قوياً في نفسه، لئلا
ينزعج، ولا يضطرب إذا قيل في حقه ما لا يليق به. فإن أكثر الناس اتباع الهوى، فإذا
نهوا عما يميلون إليه شق ذلك عليهم، فربما أطلقوا ألسنتهم في حق الناهي، ويقولون
فيه ما لا يليق بشأنه، وربما تجاوزوا إلى سوء الأدب قولاً وفعلاً بالمشافهة. وأن
يكون رفيقاً بالناس، فإن الواعظ بالرفق والملاءمة أوقع وأشد تأثيراً في قلوب أكثر
الناس"3.
3- الابتعاد عن الغرور:
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مراتب متعددة من جملتها
اظهار المنع والانكار باللسان. يقول صاحب جامع السعادات:
الرابعة [مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر] الانكار باللسان: بالوعظ والنصح
والتخويف والزجر مرتباً الأيسر فالأيسر، إلى أن يصل إلى التعنيف بالقول والتغليظ في
الكلام. كقوله: يا جاهل! يا أحمق! لا تخالف ربك! وههنا شبكة عظيمة للشيطان ربما
يصطاد بها أكثر الوعاظ. فينبغي لكل عالم ناصح أن يراها بنور البصيرة، وهي أن يحضره
عند الوعظ والارشاد، ويلقي في قلبه تعززه وشرافته بالعلم، وذلة من يعظه بالجهل
والخسة. فربما يقصد بالتعريف والوعظ الاذلال والتجهيل، واظهار شرف نفسه بالعلم،
وهذه آفة عظيمة تتضمن كبراً ورياءً.
" وينبغي لكل واعظ دين ألا يغفل عن ذلك، ويعرف بنور
بصيرته عيوب نفسه وقبح سريرته. وعلامة براءة نفسه من هذه الآفة أن يكون اتعاظ ذلك
العاصي بوعظ غيره أو امتناعه عن المعصية بنفسه أحب إليه من اتعاظه بوعظه"4.
يقول العارف الكامل الإمام الخميني: "ينبغي أن يكون الآمر
بالمعروف والناهي عن المنكر في أمره ونهيه ومراتب إنكاره كالطبيب المعالج المشفق
والأب الشفيق المراعي مصلحة المرتكب... وأن يجرد قصده لله تعالى ولمرضاته واخلص
عمله ذلك عن شوائب أهوية نفسانية واظهار العلو، وأنه لا يرى نفسه منزهة ولا لها علو
أو رفعة على المرتكب. فربما كان للمرتكب ولو للكبائر صفات نفسانية مرضية لله تعالى
أحبه تعالى لها وإن أبغض عمله، وربما كان الآمر والناهي بعكس ذلك وإن خفي على نفسه"5.
4- إمتلاك العلم والمعرفة:
إن امتلاك العلم ومعرفة الضروريات واحد من شروط الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
حيث ينبغي أن يعلم الشخص أنواع المعاصي ويعلمها الناس. يقول الملا مهدي النراقي: "من
شروط وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر العلم بكونهما معروفاً ومنكراً ليأمن من
الغلط... فمن علم بالقطع الوجوب أو الحرمة وعدم جواز الاختلاف فيه من ضرورة الدين
أو المذهب أو الاجماع القطعي النظري أو الكتاب والسنة أو من قول العلماء، فله أن
يأمر وينهى ويحتسب به على كل أحد..."6.
رحيم كاركر
1-راجع: الأخلاق،
ص326 ـ 327.
2- الناصح الصالح، ص205.
3-جامع السعادات، ج2، ص325.
4- جامع السعادات، ج2، ص327 ـ 328.
5- تحرير الوسيلة، ج2، ص231.
6- جامع السعادات، ج2، ص321.